ما دلالات إزالة الحزب التركستاني من قائمة الإرهاب الأمريكية؟ 

ما دلالات إزالة الحزب التركستاني من قائمة الإرهاب الأمريكية؟ 


11/11/2020

اتخذ قرار رفع الحزب الإسلامي التركستاني من قائمة الإرهاب الأمريكية، بعد نحو عقدين من تصنيفه ضمن المنظمات الإرهابية، عدة اعتبارات سياسية وإقليمية، تتصل بالصراع المحتدم بين الصين والولايات المتحدة؛ إذ تعمد الأخيرة إلى تضييق الخناق حول بكين، وسحب بطاقات الشرعية منها بخصوص عمليات القمع المستمرة ضد أقلية الأيغور، في إقليم شينغانغ الذي يتمتع بالحكم الذاتي.

الأيغور والدور الوظيفي 

ورغم قرار وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، الخميس الماضي، برفع الحزب الإسلامي من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، إلا أنّه ظل مصنفاً على قوائم الإرهاب الأممية، الخاصة بمجلس الأمن الدولي، وذلك بدعوى "أنّه لايوجد دليل على وجودها أو استمرار نشاطها، في حين تستخدمها بكين كذريعة لاستمرار انتهاك حقوق أقلية الأيغور"، وهو ما يبرز تناقضات مهمة ولافتة، حول الأسباب والدوافع التي جعلت إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تقوم بإنفاذ هذا القرار في ذروة الانشغال بالانتخابات الأمريكية، لاسيما وأنّ مقاتلي وعناصر الحزب الإسلامي ينشطون، بصورة كبيرة، في إدلب، وكذا مناطق شمال غرب سوريا، المعروفة بمنطقة خفض التصعيد الرابعة، حسب محادثات أستانا، ما يتعارض ومبررات بومبيو بعدم وجود أدلة على وجود الحركة، وكذا نشاطها.

لدى الحزب الإسلامي التركستاني عدة مسميات تنظيمية؛ مثل حركة تركستان الشرقة الإسلامية، أو الحركة الإسلامية التركستانية

وبحسب موقع الخارجية الأمريكية، فإنّ القرار يعود إلى 20 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي؛ حيث تم تصنيف الحزب التركستاني الذي يخوض قتالاً مسلحاً ضد الصين على قوائم الإرهاب، في العام 2002، من جانب الأمم المتحدة، وذلك عقب تفجيرات 11 أيلول (سبتمبر) العام 2001، في الولايات المتحدة، والتي قام بها تنظيم القاعدة. 

هناك وجود دعم هائل للدولة التركية لقومية الأيغور والحركة الإسلامية، ما يفسر وجود عدد كبير من الأيغور، في أنقرة، تقدر أعدادهم بنحو خمسين ألف شخص

بحسب مراقبين، فإنّ الصراع مع بكين يعد أحد المحددات الرئيسية التي تأتي في خلفية هذا القرار، بيد أنّه جاء كذلك بالتزامن مع المفاوضات الأخيرة بين واشنطن وحركة طالبان، حيث طالبت الأخيرة برفع الحزب التركستاني من لائحة العقوبات، خاصة وأنّ ثمة ترتيبات كانت تجري بخصوص عودة مجموعة من قيادات الحزب إلى أفغانستان، لاسيما وأنّ الحزب قام بمبايعة الحركة، بصورة رسمية، ما نجم عنه تعزيز العلاقات التنظيمية بينهما، بصورة كبيرة، مع انتقال العناصر المسلحة إلى سوريا، مطلع العام 2013، وعليه، طالبت واشنطن بعدم تنفيذ الحزب، في سوريا، أيّ هجمات ضد المصالح الأمريكية.

خريطة نشاط الحزب التركستاني

لدى الحزب الإسلامي التركستاني عدة مسميات تنظيمية؛ مثل حركة تركستان الشرقة الإسلامية، أو الحركة الإسلامية التركستانية، وقد أسس تلك الحركة حسن محسوم، أو حسن مخدوم، وكنيته أبو محمد التركستاني، والذي قتل في النصف الثاني من العام 2003، من خلال عملية نفذها الجيش الباكستاني. كما تأسس الحزب في إقليم وزيرستان، ويستهدف الحصول على استقلال إقليم شينغانغ، الذي كان يعرف باسم تركستان الشرقية، قبل ضمه إلى الصين، في العام 1949.

وبحسب الدكتور عبد السلام القصاص، الباحث في العلوم السياسية، فإنّ الأمم المتحدة صنفت الحزب التركستاني كمنظمة إرهابية، في ظل ظروف وسياقات دولية محددة، تمثلت في تصاعد العنف المسلح لتنظيم القاعدة، وهجماته على الولايات المتحدة، العام 2001، وهو ما تزامن مع ما عرف بالحرب الأمريكية ضد الإرهاب، وترافق ذلك مع رغبة واشنطن في منع تصدي الصين لها، لاسيما وأنّ الأخيرة كانت قد اتهمت أعضاء الحركة بشن عدة هجمات بسيارات مفخخة في منطقة شينغيانغ في التسعينات، إضافة إلى تورطها في قتل دبلوماسي صينى، في قيرغيزستان، في العام 2002.

الدكتور عبد السلام القصاص باحث في العلوم السياسية

ويضيف القصاص في حديثه لـ"حفريات": "تعرض مؤسس الحركة، أبو محمد التركستاني، للسجن ثلاثة أعوام، وذلك قبل أن يتمكن من الهرب إلى الصين، في العام 1997، حيث تنقل بعد تلك الفترة بين أفغانستان وباكستان على إثر التحاقة بحركة طالبان، وقد تم رصد لقائه بأسامة بن لادن، الزعيم السابق لتنظيم القاعدة، حيث تولى قيادة التنظيم في المناطق الخاضعة للإدارة الاتحادية في باكستان، حتى العام 2011، قبل أن يقتل في منطقة وزيرستان الشمالية، من خلال طائرة أمريكية، في آب (أغسطس) العام 2012.

اقرأ أيضاً: حركة طالبان بين واشنطن وموسكو.. كيف نقرأ المفاوضات؟

الصين والولايات المتحدة: إدارة الصراع والأدوار

وبحسب موقع "الحرة" الأمريكي، فإنّ الصين تعمد دائماً إلى اتهام الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية، بارتكاب أعمال عنف وهجمات إرهابية، مشيراّ إلى أنّها "ارتكبت نحو 200 هجمة بين عامي 1990 و2001، مما أسفر عن مقتل أكثر من 162 شخصاً، وإصابة نحو 440 بجروح متفاوتة"، كما كشفت الأمم المتحدة في تقارير أممية، أكثر من مرة، عن ورود معلومات موثقة بخصوص حملات اعتقال جماعية للأيغور، بينما دعت لإطلاق سراح أولئك المحتجزين في المعسكرات المعروفة باسم "إعادة التأهيل"، لكن الصين تنفي هذه التهم، وتعترف، فقط، باحتجاز بعض "المتشددين" لإعادة تثقيفهم.

كما أكدت مفوضية حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، تلقيها الكثير من التقارير الموثوقة التي تتحدث عن احتجاز نحو مليون شخص من أقلية الأيغور في "مراكز مكافحة التطرف"؛ إذ قالت غاي ماكدوغل، العضوة في لجنة الأمم المتحدة، للقضاء على التمييز العنصري، إنّها "تشعر بالقلق إزاء تقارير عن تحول منطقة الأيغور ذات الحكم الذاتي، إلى "معسكر اعتقال هائل"، فيما شبهت واشنطن تلك الأماكن بمعسكرات الاعتقال النازية".

د. عبد السلام القصاص لـ"حفريات": الأمم المتحدة صنفت الحزب التركستاني منظمة إرهابية، في ظل ظروف وسياقات دولية تمثلت في تصاعد العنف المسلح لتنظيم القاعدة

يتفق وذلك الرأي، معهد السياسة الاستراتيجية الأسترالي، والذي أوضح أنّ هناك 380 منشأة اعتقال في إقليم شينغيانغ، أي أكثر بحوالي 40 في المئة من التقديرات السابقة، حيث تشكل هذه الأقلية أغلبية سكان الإقليم، ويبلغ عدد السكان فيه نحو 9 ملايين نسمة ويتحدثون باللغة التركية، كما يشار إلى أنّ ذلك الإقليم يتمتع بأهمية إستراتيجية للصين، على خلفية وقوعه على طريق الحرير الغني بالثروات الطبيعية.

فتش عن أردغان

 وفي دراسته المعنونة بـ" المرتكزات الإستراتيجية للحزب الإسلامي التركستاني في سوريا"، يلفت الباحث أحمد العبد الله، إلى وجود دعم هائل للدولة التركية لقومية الأيغور والحركة الإسلامية، وهو ما يفسر وجود عدد كبير من الأيغور، في أنقرة، تقدر أعدادهم بنحو خمسين ألف شخص، بيد أنّ هذا الدعم والتضامن التراكي، قد تراجع مع تحسن العلاقات الصينية التركية، حيث تولت ألمانيا هذا الدور وأضحت الوجهة الأساسية للنشطاء الأويغور.

ومع صعود نجم رجب طيب أردوغان، في النصف الثاني من التسعينات، حيث كان عمدة إسطنبول، آنذاك، تزايد الاهتمام بالقومية الأيغورية، كما تم إطلاق اسم "ألبتكين"، أحد قادة المعارضة الأيغورية، على أحد الأقسام في جامع السلطان أحمد في المدينة، وقد أعلن: "ليست تركستان الشرقية موطن الترك وحسب، إنّما أيضاً مهد التاريخ والحضارة والثقافة الخاصة بالشعوب التركية، وتناسي هذا الأمر يؤدي إلى جهل بتاريخنا وحضارتنا وثقافتنا، شهداء تركستان الشرقية هم شهداؤنا، اليوم يجري العمل بصورة منهجية لفرض الطابع الصيني على ثقافة أبناء تركستان الشرقية". 

وهذا التعاطف الرسمي والشعبي التركي، ساعد أعضاء الحزب التركستاني في سهولة الانتقال من تركيا إلى سوريا، بحسب ما ورد في الدراسة المنشورة، والتي تشير إلى حصولهم على دعم من "الحكومة التركية التي تسهل وصول الإمدادات إلى مقاتلي الحزب في سوريا، حيث يعيش أكثر من عشرين ألف لاجئ إيغوري مع عائلاتهم في تركيا، كما أنّ هناك جمعيات خيرية تابعة لهم تؤدي الدور ذاته".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية