ما تداعيات تصريحات ميشال عون ضد حزب الله؟

ما تداعيات تصريحات ميشال عون ضد حزب الله؟

ما تداعيات تصريحات ميشال عون ضد حزب الله؟


04/03/2024

ترجمة: محمد الدخاخني

في تصريحات لقناة (أو تي في) التلفزيونية التابعة لحزبه، انتقد الرئيس اللبناني السابق ميشال عون قرار "حزب الله" بالتدخل إلى جانب "حماس" في الصراع في غزة. وقد أدت تداعيات تصريحات عون إلى تعقيد المشكلة التي يواجهها "حزب" الله فيما يُسمّى باستراتيجية "وحدة الساحات". وتنص هذه الاستراتيجية على أنّ أعداء إسرائيل الرئيسين، وهم جهات فاعلة غير حكوميةـ "حزب الله"، و"حماس"، و"الجهاد الإسلامي"، و"الحوثيون" في اليمن، والميليشيات الموالية لإيران في العراق- سوف ينسِّقون عملياتهم ضد إسرائيل عند الحاجة.

أعلن عون: "لسنا مرتبطين بغزة من خلال معاهدة دفاع. إنّها الجامعة العربية التي يمكنها توحيد الجبهات، لكنّ جزءاً من الشعب اللبناني اختار "عدم الدخول في الحرب"… النصر هو انتصار دولة، وليس مجرد حزب واحد… القول إنّ المشاركة في حرب (غزة) تهدف إلى استباق هجوم إسرائيلي هو مجرد رأي. فالدخول في مواجهة قد لا يقلل من المخاطر، بل يزيدها، وترجمة التطورات في غزة وجنوب لبنان إلى صفقة رئاسية أمر غير مسموح به عندما يتعلق الأمر بسيادة (لبنان)".

وربما كانت نقطة عون الأخيرة تُعبِّر بشكل أفضل عمّا أزعجه. يبدو أنّ الرئيس السابق يعتقد أنّ "حزب الله" قد يحاول استخدام الصراع مع إسرائيل كوسيلة لجلب مرشحه المفضل، سليمان فرنجية، إلى منصب الرئيس. وهذا سيأتي على حساب جبران باسيل، صهر عون والشخص المفضل لديه لخلافته.

لكن بعيداً عن المشاكل السياسية، يشير عون هنا إلى نقطة كبرى، لقد اختطف "حزب الله" فعلياً حق الدولة في إعلان الحرب، ودفع لبنان إلى صراع محفوف بالمخاطر مع إسرائيل والذي قد يؤدي، إذا ساءت الأمور، إلى تدمير البلاد. علاوة على ذلك، أدلى عون بتصريحاته في وقت تتردد فيه أطراف كثيرة في انتقاد "حزب الله" في خضم المعركة في جنوب لبنان.

ولا بدّ أنّ منتقدي الرئيس السابق قد لاحظوا أنّه فشل في توجيه انتقادات مماثلة في عام 2006، عندما قام "حزب الله" بشكل أحادي أيضاً بإدخال لبنان في حرب مع إسرائيل. والسبب هو أنّه كان قد عقد للتو تحالفاً سياسياً مع الحزب في ذلك الوقت، وهو التحالف الذي أَمِلَ أن يصل به إلى الرئاسة. ولم يتوجَّه عون بالإدانة لـ "حزب الله" بعد أن أصبح رئيساً، لأنّه كان بحاجة إلى دعمه خلال فترة ولايته.

لكنّ هذا لا ينبغي أن ينقص من فحوى كلامه، وعلى "حزب الله" أن يفكر في تداعيات هذه التصريحات. معظم اللبنانيين، بما في ذلك العديد من أفراد الطائفة الشيعية، لا يريدون حرباً مع إسرائيل. لقد عانى لبنان كثيراً من الوجود الفلسطيني المسلح في الماضي، ورغم أنّ العديد من اللبنانيين يتعاطفون مع أهل غزة، فإنّهم لا يريدون أن يروا بلدهم يدفع ثمن هذا التضامن مرة أخرى.

في الوقت نفسه، أثار تقدم الصراع بين "حزب الله" وإسرائيل تساؤلات حول نهج "وحدة الساحات" من قِبل حلفاء إيران. فبعد هجوم "حماس" في 7 تشرين الأول (أكتوبر) بذل زعيم "حزب الله" حسن نصر الله قصارى جهده لشرح السبب وراء عدم استخدام حزبه لأسلحته الثقيلة ضد إسرائيل لتخفيف الضغط على "حماس". وقد قام الحزب، بدلاً من ذلك، بفتح جبهة محدودة على طول الحدود، ستخدماً أسلحة ذات مستوى أقل.

ورغم أنّ القيام بتصعيد كبير لم يكن قط جانباً صريحاً من استراتيجية "وحدة الساحات" - فالنقطة القوية في هذه الاستراتيجية تتلخص في الغموض الذي يحيط بكيفية تطبيقها ـ فمن الواضح أنّ "حماس" كانت تتوقع المزيد من "حزب الله". وفي تشرين الأول (أكتوبر) الماضي صرح خالد مشعل، الرئيس السابق لـ "حماس"، أنّه "عندما تُرتكب مثل هذه الجريمة البشعة ضد غزة، فمن المؤكد أنّ هناك حاجة إلى أشياء أعظم"، وهو ما يعني ضمناً من "حزب الله".

واضطر نصر الله، في أول خطاب له بعد هجوم "حماس"، إلى توضيح موقف "حزب الله" بشكل متوتر. وقال: إنّ الحزب سيدعم "حماس"، لكنّ الجبهة اللبنانية هي "جبهة دعم" لغزة. وقال أيضاً: إنّ أحد العوامل التي تحدد رد فعل حزبه هو الواقع في لبنان، ممّا يعني أنّ انهيار البلاد الاقتصادي جعله غير قادر على الصمود في وجه الأعمال العدائية الكبرى مع إسرائيل.

وما جعل كلام نصر الله مصدر حرج هو أنّ الأعداء في زمن الحرب لا يحبون توضيح مواقفهم لأنّها قد تكشف نقاط ضعفهم. وبالفعل، منذ أن أكد "حزب الله" أنّه يسعى إلى تجنب حرب شاملة، استغل الإسرائيليون ذلك لقتل قادة الحزب، وحتى اغتيال أحد كبار قادة "حماس"، صالح العاروري، في قلب معقل "حزب الله" في الضاحية الجنوبية لبيروت.

في ضوء ذلك، وبعد تصريحات عون، يجد "حزب الله" نفسه في وضع غامض. وقد أشار الرئيس السابق إلى أنّ الحزب لا يتمتع بإجماع حول تحالفاته وتصرفاته الإقليمية، في حين أظهرت جهوده لاحتواء العنف مع إسرائيل أنّ استراتيجية "وحدة الساحات" لها حدود واضحة للغاية بسبب نقاط الضعف المحلية في لبنان، ولا يمكن لأيٍّ من الأمرين أن يطمئن "حزب الله" في المستقبل.

هذا لا يعني أنّ "حزب الله" سيخرج ضعيفاً من الصراع في الجنوب. وقد ينجح في الحصول على تأييد إقليمي ودولي لفرنجية ضمن صفقة بعد الحرب. ومع ذلك فإنّ إيران، أكثر من "حزب الله"، هي التي خرجت من أزمة غزة وهي تبدو أقوى، بسبب قدرة حلفائها على فتح عدة جبهات في وقت واحد. وفي المقابل، فإنّ "حزب الله"، رغم كل نقاط قوته، يبحر عبر حقل ألغام من عدم اليقين.

مصدر الترجمة:

https://www.thenationalnews.com/opinion/comment/2024/02/28/a-certain-unity-strategy-of-hezbollah-is-posing-problems-for-the-party

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية