ماذا يقصد إخوان الجزائر بمشروع قانون تجريم التطبيع؟

ماذا يقصد إخوان الجزائر بمشروع قانون تجريم التطبيع؟

ماذا يقصد إخوان الجزائر بمشروع قانون تجريم التطبيع؟


30/11/2023

عادت حركة (السلم) الإخوانية في الجزائر لتطرح مشروع "قانون تجريم التطبيع"، فما خلفية وأبعاد هذه الخطوة؟   

في تصريحات صحفية، شدّد عبد العالي حساني شريف رئيس (السلم) أنّهم "متمسكون بمشروع تجريم التطبيع مع الكيان، صحيح أنّ الجزائر بكل مكوّناتها رئاسةً وشعباً وحكومةً وأحزاباً رافضة للتطبيع، لكنّ الحماية القانونية ضرورية لتحصين الأجيال القادمة".

واعتبر حساني شريف أنّ "طوفان الأقصى أسهم في إسقاط مشروع التطبيع إلى الأبد، لكنّ تجريم التطبيع حامٍ من أيّ تسرّب لمشروع التطبيع وتحركات جهات خفية"، مردفاً: "الذي نريده هو أن يتمّ إلغاء التطبيع من أذهان الجزائريين، والاقتداء بالتجربة الإندونيسية التي قامت بتجريم التطبيع وأدرجت ذلك في دستورها، وعليه سنعاود طرح مشروع قانون تجريم التطبيع على البرلمان الجزائري". 

بن شلابي: محاولة (السلم) الضغط لإعادة تمرير المبادرة في البرلمان غير متاحة في الظرف الحالي، بحكم أنّ مكتب مجلس النواب رفضها قبل وقت قصير

في مقاربته لهذا الطرح، قال الكاتب الصحفي يونس بن شلابي: "كي نكون واقعيين وأكثر موضوعية، نقول إنّ الدستور الجزائري في مادته (143) يكفل للنواب حق المبادرة باقتراح قانون في أيّ مجال مهما يكن موضوعه أو مجاله، وبذلك فإنّ ما أطلقته (السلم)، بصفتها حزباً سياسياً ممثلاً في البرلمان، يعتبر مبادرة متجدّدة بدأت مع العهدة التشريعية السابقة تزامناً مع موجة التطبيع في بعض الدول العربية كانون الثاني (يناير) 2021، وتجدّدت مع العهدة التشريعية الحالية أيار (مايو) 2022.

يونس بن شلابي: تختلف زوايا الرؤى بين الدول العربية في معالجة التطبيع بصفته موقفاً سياسياً قبل كل شيء

وأضاف: "من الجانب القانوني، يتضح أنّ رفض مكتب المجلس الشعبي الوطني (مجلس النواب) لاقتراح قانون يتعلق بتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني، يستند أساساً إلى المادة (14) من النظام الداخلي للمجلس، التي تمنح المكتب صلاحية البتّ في اقتراحات القوانين شكلاً، وذلك قبل إحالتها على اللجان الدائمة لدراستها وعرضها للمناقشة العامة".

محاولة ضغط غير متاحة 

ويشرح يونس بن شلابي لـ (حفريات): "ينصّ القانون العضوي المتعلق بتنظيم العلاقات الوظيفية بين الحكومة والبرلمان في مادته الـ (23) أنّه لا يقبل اقتراح قانون تمّ رفضه قبل أقلّ من (12) شهراً، وقانونياً نؤكد أنّ محاولة (السلم) الضغط لإعادة تمرير المبادرة في البرلمان غير متاحة في الظرف الحالي، بحكم أنّ مكتب مجلس النواب رفضها قبل وقت قصير، ونقول هذا حتى لا يتمّ استغلال المبادرة سياسياً، واتخاذ مواقف غير مبرّرة قانونياً من أيّ جهة كانت، وحتى لا نختلف في القضية رغم اختلاف الآليات والرؤى التي تساندها".

ومن الجانب السياسي عربياً ودولياً، يلاحظ يونس بن شلابي أنّ "مبادرة (السلم) باقتراح قانون يجرّم التطبيع ضمن المبادرات التي تمّ تمريرها في العراق وليبيا عام 2022، وتمّ تأجيلها قبل أيام في تونس، وهنا تختلف زوايا الرؤى بين الدول العربية في معالجة التطبيع بصفته موقفاً سياسياً قبل كل شيء".

ويسجّل يونس بن شلابي: "في الجزائر أكد رئيس مجلس النواب إبراهيم بوغالي أنّ مكتبه رفض اقتراح القانون شكلاً؛ بسبب أنّنا لا نعترف أصلاً ومبدئياً بهذا الكيان، وبالتالي فالموقف الجزائري من التطبيع ثابت تاريخياً وواضح سياسياً، ويؤكد ذلك تصريحات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون "القوية" تزامناً مع موجات التطبيع نهاية العام 2020".

الكاتب الصحفي الجزائري يلفت إلى أنّه من خلال قراءة تصريحات رئيس مجلس النواب الجزائري مقارنة مع نظيره التونسي، وتبرير الأخير "تأجيل قانون تجريم التطبيع بأنّه يضرّ بالمصالح الخارجية لتونس، وأنّه يرتبط بالأمن القومي الخارجي لبلدها، وله علاقة بالانتخابات"، يتضح أنّ "الموقف الجزائري ليس دبلوماسياً، بقدر ما هو ذو أبعاد تاريخية ويتعلق بقضية مركزية وجودية، ولهذا فإنّنا لا ننتظر محاكمات على أساس قانون يجرّم التطبيع، بل على أساس الخيانة والتجسس والمساس بأمن الدولة".

في الجزائر أكد رئيس مجلس النواب إبراهيم بوغالي أنّ مكتبه رفض اقتراح القانون شكلاً؛ بسبب أنّنا لا نعترف أصلاً ومبدئياً بهذا الكيان، وبالتالي فالموقف الجزائري من التطبيع ثابت تاريخياً وواضح سياسياً

دولياً، يقدّر يونس بن شلابي "صعوبة متابعة إجراءات توجيه الاتهام طبقاً لمقترح القانون السالف الذكر، بحكم أنّ الشركات متعددة الجنسيات تضمّ عمالاً يملكون أكثر من جنسية، والمطلوب في هذه الحالات حرمان حاملي جوازات السفر لهذا الكيان الغاصب، ومتابعة سلوكات وأفعال الأجانب والمواطنين الذين تربطهم علاقات مع الكيان وتضرّ بمصالح الدولة ومؤسساتها".

ويخلص إلى أنّ "تجريم التطبيع سياسياً في الجزائر "محسوم سلفاً"، ولم يتغير منذ الاستقلال، أمّا التجريم القانوني، فالواضح أنّ التعجيل بتمرير قانون مطاطي غير مضبوط الإجراءات، قد يُعتبر تقصيراً ومساساً بحرية الأفراد والجماعات من الجانب الإنساني، أمّا ما يتمّ تداوله من تجريم للعلاقات الاقتصادية والدبلوماسية والرياضية والثقافية وغيرها مع الكيان، فإنّ الجزائر متمسكة بذلك منذ الاستقلال".

الحسابات والمتغيرات

يرى الخبير السياسي هيثم رباني أنّ حركة (السلم) تريد من وراء هذه الخطوة "قطع الطريق على كل من يريد أن يهوّن من شأن كفاح الشعب الفلسطيني"، رابطاً ذلك بحزمة المتغيرات الجيو استراتيجية التي أحدثها "طوفان الأقصى" في 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. 

هيثم رباني: المتغيرات التي حدثت ستؤدي إمّا إلى حلّ الدولتين أو إلى حلّ الدولة الواحدة

ويشير رباني إلى "أنّ المتغيرات التي حدثت ستؤدي إمّا إلى حلّ الدولتين، وإمّا إذا رفضت الولايات المتحدة الأمريكية، فسننتقل إلى حلّ الدولة الواحدة، وكلاهما مأزق للكيان، ولا يمكن بأيّ حال من الأحوال إنقاذ هذا الكيان من ورطته التي وقع فيها، والخطأ الذي ارتكبه عام 1967 عندما ضمّ الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان السوري وشبه جزيرة سيناء المصرية".

ولاحظ رباني أنّ "الضفة الغربية تشكّل لحماً مسموماً للكيان، على اعتبار أنّه بنى فيها مستوطنات، في حين أنّها كانت المركز للدولة الفلسطينية، أخذها وهو الآن في إشكال ديمغرافي كبير وسياسي أمام الأمم المتحدة، على اعتبار أنّها أرض محتلة. 

وركّز رباني على أنّ خلفية مشروع (السلم) هي رغبة أهمّ واجهة إخوانية محلياً في "قطع الطريق على كل من يأملون إنقاذ الكيان المحتلّ، وقضاء غايات معيّنة اقتصادياً والتقرّب من الولايات المتحدة".     

مواضيع ذات صلة:

كيف وصف الناشطون أداء الإخوان في الجزائر؟

الجزائر: ما تداعيات الرسالة الإخوانية إلى الرئيس تبون؟

الجزائر: كيف رد الناشطون على دعوة الإخوان للتظاهر مجدداً لأجل غزة؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية