ماذا يعني تشغيل التوربين الثاني لـ"سد النهضة"؟.. خبير يجيب

ماذا يعني تشغيل التوربين الثاني لـ"سد النهضة"؟.. خبير يجيب


14/08/2022

بعد (3) أيام من إعلان إثيوبيا تشغيل التوربين الثاني لسد النهضة دون التوصل إلى اتفاق ملزم مع دولتي المصب مصر والسودان، أشار عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية في جامعة القاهرة، إلى مشاكل فنية وتقنية في السد.

وقال شراقي في حوار لموقع "مصراوي": إنّ التوربين الثاني لسد النهضة كان من المفترض أن يتم تشغيله في 20 شباط (فبراير) الماضي مع التوربين الأول، غير أنّ المشاكل التقنية حالت دون تشغيله حينها.

وأوضح شراقي أنّ عملية التخزين الثالثة تمّت في (32) يوماً فقط، وانتهت فعليّاً في 11 آب (أغسطس)، والمياه عبرت الممر الأوسط، مشيراً إلى أنّ عملية التخزين توقفت؛ لأنّ "المياه في البحيرة أصبحت عالية المستوى".

شراقي: التوربين الثاني لسد النهضة كان من المفترض أن يتم تشغيله في 20 شباط  غير أنّ المشاكل التقنية حالت دون تشغيله حينها

وصرّح بأنّ المياه المخزنة في البحيرة بلغت (17) مليار متر مكعب؛ منها (8) مليارات تم تخزينها في العامين الماضيين، غير أنّ إثيوبيا تزعم أنّ المياه المخزنة بلغت (22) مليار متر مكعب.

التأثير على مصر والسودان

التخزين الثالث الذي ارتفع بـ (9) مليارات متر مكعب هو على حساب مصر والسودان، وفقاً لشراقي، الذي لفت إلى أنّه "لو كان هناك اتفاق بين الدول الـ3، لكان من الممكن معرفة كميات التخزين لتحديد السياسة الزراعية في مصر على أساس كمية المياه التي ستستقبلها البلاد".

وأكد أنّ السودان بحاجة لتنظيم السدود، حيث تكون الخرطوم على اطلاع حول كيفية تشغيل السدود وبداية التخزين ونهايته، مشدداً على أنّ تشغيل التوربين الثاني فيه مصلحة لمصر والسودان، مضيفاً أنّه "عند تشغيل التوربين يتم فتح البوابات، وتجري المياه في النهر".

والخميس الماضي أعلنت إثيوبيا تشغيل التوربين الثاني في حضور رئيس الوزراء آبي أحمد والرئيسة سهل وورك زودي وعدد من المسؤولين الحكوميين الكبار. 

 قنبلة موقوتة

بعد إعلان إثيوبيا عن اكتمال الملء الثالث لسد النهضة، تراجع العديد من السيناريوهات التي كانت تُطرح داخل الأوساط السياسية في كل من مصر والسودان، وقد تحوّل السد إلى "قنبلة موقوتة"، الأمر الذي وضع دولتي المصب أمام خيارات أضيق ممّا كان عليه الوضع قبل الملء الأخير، بحسب وكالة "سبوتنيك" الروسية.

ونقلت الوكالة الروسية عن أحمد المفتي مدير مركز الخرطوم الدولي لحقوق الإنسان، مؤسس الحركة الجماهيرية الحقوقية، قوله: إنّه بعد إعلان إثيوبيا عن اكتمال الملء الثالث لسد النهضة، ينبغي على السودان بصورة عامة اتخاذ مواقف تختلف عن المواقف التي اتخذتها منذ العام 2011، لأنّ الملء الثالث أكد فشل تلك المواقف.

 استدعاء السفير

من المواقف التي ذكرها المفتي استدعاء السفير الإثيوبي في الخرطوم فوراً لإبلاغه باحتجاج السودان الشديد على الملء الثالث الأحادي، ومطالبة إثيوبيا بإيقاف أيّ أنشطة في السد إلى حين الوصول إلى اتفاق قانوني ملزم بين الدول الـ3.

وشدد الحقوقي السوداني على ضرورة أن يبلّغ السودان رفضه القاطع لتحويل التزام إثيوبيا بحماية السد إلى السودان ومصر، لأنّ هذا التحويل يتعارض مع القانون الدولي ومع إعلان مبادئ سد النهضة.

 أرض السد

شدّد مدير مركز الخرطوم على ضرورة مطالبة السودان بالأرض المقام عليها السد بصورة جادة، لعدم وفاء إثيوبيا بالشرط الذي منَحت به الأرض لإثيوبيا بموجب اتفاقية 1902، التي تنص أنّه في حالة عدم إيقاف إثيوبيا لأنشطتها في السد، حتى يشعر مجلس الأمن الدولي بوجود تهديد للأمن والسلم الدوليين، هنا يتدخل بموجب الفصل السابع، ليوقف كل الأنشطة في السد إلى حين وصول الأطراف الـ3 إلى اتفاق.

التخزين الثالث الذي ارتفع بـ (9) مليارات متر مكعب هو على حساب مصر والسودان، وفقاً لشراقي

وأضاف أنّه يمكن النظر في إغلاق الحدود، وطرد العمالة الإثيوبية، على ضوء ما سوف تسفر عنه الخطوات السابقة، وأن يتم التنسيق مع مصر في مواجهة الملء الثالث.

 شقوق كبيرة

الإعلان الإثيوبي جاء غداة تحذير مصر، في رسالة إلى مجلس الأمن الدولي، من وجود شقوق تمتد في الواجهة الخرسانية للسد الفرعي المرتبط بسد النهضة الإثيوبي، مؤكدة أنّ هذا الأمر مثير للجزع بشكل خاص بسبب فشل إثيوبيا في الامتثال لواجب إجراء دراسات الأثر البيئي والاجتماعي الاقتصادي المطلوبة.

وخصصت الرسالة، التي بعثها وزير الري المصري محمد عبد العاطي، للحديث بشأن القرار الانفرادي لإثيوبيا بالملء الثالث لسد النهضة، وفقاً لموقع "مصراوي".

 خرق متكرر

أوضح وزير الري المصري أنّ هذا القرار يأتي في غياب اتفاق مصر والسودان وإثيوبيا على القواعد المنظمة لملء وتشغيل سد النهضة، ويتجاهل بذلك تجاهلاً تاماً بيان رئيس مجلس الأمن الصادر في أيلول (سبتمبر) 2021، ويُشكل خرقاً مادياً متكرراً لاتفاق إعلان المبادئ لعام 2015.

وأكد عبد العاطي في رسالته أنّ اتفاق إعلان المبادئ لا ينص على أنّ عمليتي بناء سد النهضة وتعبئته ستجريان في وقت واحد، ولا يوجد في الواقع أيّ لبس في أنّ المعنى العادي لنص الاتفاق مقروء في سياقه وفي ضوء موضوع الاتفاق، والغرض منه هو فعلاً مطالبة إثيوبيا بإبرام اتفاق ملزم قانوناً مع مصر والسودان بشأن القواعد التي تحكم ملء السد وتشغيله قبل بدء عمليات الملء والتشغيل.

وكان الرئيس السيسي قد قال بنبرة حاسمة، خلال افتتاحه مشروعات إنتاج حيواني في محافظة المنوفية في 13 حزيران (يونيو) الماضي: "كلامي مش كتير... محدش حيقرب من مياه مصر"، رداً على بدء إثيوبيا الملء الثالث لسد النهضة.

وفي نهاية آذار (مارس) 2021، شدد الرئيس السيسي على أنّ حصة مصر في مياه النيل "خط أحمر"، في تحذير فسّره الكثيرون على أنّه إيذان بعمل عسكري ضد سد النهضة.

واحتراماً لتطلعات أديس أبابا للتنمية والرخاء الاقتصادي، اقترحت مصر والسودان، خلال المفاوضات التي استمرت أكثر من عقدٍ دون أيّ نتيجة أو اختراق يُذكر، "نهجاً تعاونياً" لإدارة وتشغيل السد، بعيداً كل البعد عن القرارات الأحادية، غير أنّ إثيوبيا رفضت التجاوب مع المقترحات التعاونية، وعرضت مقترحاً ينص على التفاوض سنوياً على قواعد ملء وتشغيل سد النهضة وحصص دولتي المصب، وسط فيض من التصريحات لمسؤولين إثيوبيين ومواطنين يؤكدون فيها أنّ النيل "ملكهم"، وأنّ سد النهضة مبني على أرض إثيوبية، ولا يحق لمصر أو السودان التدخل في إدارته.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية