ماذا يريد إسلاميو تونس من قيس سعيد؟

ماذا يريد إسلاميو تونس من قيس سعيد؟


29/09/2021

سهى الجندي

لم تكن زيارة وفد الكونغرس الأمريكي الى تونس قبل شهرين بريئة، والرسالة هي "نحن هنا". وأمس، قال المنصف المرزوقي في تعليق له على المظاهرات في تونس "الرسالة وصلت الى الجهات المعنية"، وهذا تهديد مبطن. نفهم من الجهات المعنية التي يشير اليها المرزوقي أنها أميركا، فهي لا تسمح لأحد أن يفشل مشاريعها. فالخطة تقضي بتسليم الإسلاميين الحكم في البلاد العربية، ليكونوا حائط صد ضد الصين وروسيا "الكافرتين"، ولكي يكونوا قنبلة موقوتة لإشعال حرب بين السنة والشيعة في الوقت المناسب اذا اتفقوا ضد اسرائيل، وأي جهة تعرقل مشروعها، ستدفع الثمن، وبالفعل، أرسلت أميركا أبي أحمد، بعد أن منحته جائزة نوبل للسلام، لكي يستكمل مشروع سد النهضة لضرب مصر، وقبل أيام، دعا البرلمان الأوروبي لمقاطعة إكسبو 2020 لضرب الامارات، واليوم، تشهد تونس مظاهرات احتجاجا على قانون الطوارئ الذي فرضه الرئيس التونسي قيس سعيد لإنقاذ البلاد من الفقر والوباء، وصرح المرزوقي أن الرسالة وصلت. الرسالة واضحة والجهات واضحة.

إن كل المآسي التي حدثت في البلاد العربية كانت نتيجة تدخل القوات الأجنبية في شؤونها المحلية في العراق وليبيا وسوريا، ولولا حكمة مصر وعدم استخدامها للقوة العسكرية، لأصبحت اليوم ركاما، فهل يرغب المرزوقي بجلب دبابات دولة أجنبية الى تونس لتهدمها على رؤوس شعبها؟

الإسلاميون يسعون الى السلطة حتى لو كانت النتيجة الفساد والفقر والفوضى واذا لم يحصلوا عليها، فلا مانع لديهم من جلب قوى العالم الى بلادهم لكي تهدمها، وكذا فعل الاسلاميون بجناحيهم الشيعي والسني، فهم يريدون أن يديروا البلاد بطريقتهم التي ثبت أنها تفتقر الى الرؤية والأدوات، ولا يهمهم انتشار الفساد والفقر والمرض. فمن وجهة نظرهم، الحياة دار بلاء والآخرة دار بقاء، فلا بأس أن يعيش الإنسان في شقاء ويصبر حتى يغدو كالحمار يحمل أثقالا على ظهره ولا يشتكي، لأنه في الآخرة سيحظى بالجنان وسبعين حورية، وعلى جميع الناس الامتثال لهذه الفلسفة سواء اقتنعوا أم لم يقتنعوا، لأن الإسلام كلمة مشتقة من الاستسلام، وهي تعني الرضوخ وعدم المجادلة، وإلا فهناك أحكام إسلامية يجب تطبيقها كالقتل وتقطيع الأطراف. هل هذا منطق من يريد خيرا للبلاد أم من يريد السلطة حتى لو كانت مقترنة بالخيبة والانحدار؟

لقد دفعت كل البلاد العربية التي تصدت للإسلاميين الثمن ولا تزال تدفع فالمشروع الأميركي ماض بقوة لأن الولايات المتحدة تخوض معركة اقتصادية قاسية جدا مع الصين التي توشك على الهيمنة الاقتصادية على العالم، وقد شكلت حلفا ثلاثيا مع بريطانيا وأستراليا للسيطرة على المحيط الهادئ وألغت أستراليا صفقة الغواصات مع فرنسا، بهدف نشر غواصات تسير بالوقود النووي في المحيط الهادئ لأنها تدوم طويلا ولا ينضب وقودها بسرعة. كما لا تريد أميركا أن تتحمل العناء والتكاليف في منطقة الشرق الأوسط، فكلفت الاسلاميين بالمهمة، وتركت لهم الساحة، فسحبت قواعدها من قطر وتركت الحكم لطالبان في أفغانستان، ودعمت الاسلاميين في الدول العربية بقوة بجناحيهم الشيعي والسني، وأي دولة تحاول إفشال مشروعها ستدفع الثمن، لأنها تمس بمصالحها في خضم الصراع مع الصين. وأغلب الظن أن الاسلاميين يدركون هذا جيدا، وهم ماضون في ذلك، ليس خيانة لشعوبهم، ولكنهم يؤمنون أنهم أكثر ذكاء من بقية البشر وسوف يستفيدون من هذا المشروع دون أن يدفعوا الثمن المطلوب منهم، وهو قتال الصين وروسيا بالنيابة عن أميركا، وهذا مستبعد، وإذا لم ينفذوا الرغبة الأميركية، فمن السهل تشريدهم وإبعادهم عن السلطة.

وفي جميع الأحوال، فقد أثبت الاسلاميون أنهم غير قادرين على الحكم الرشيد داخل بلادهم، وساءت الظروف كثيرا حين تسلموا الحكم في مصر وتونس والعراق، وتحالفهم مع الولايات المتحدة لا يخفى على أحد، وهذا الحديث ليس حبا في أنظمة الحكم العربية، ولكن الناس صاروا يتمنون الموت، بل وينتحرون من سوء الأحوال ولا مجال لتذاكي الاسلاميين الآن وفي هذه الظروف. وفي تونس، جاء رئيس نزيه وصادق ويسعى بكل عزمه لتصويب الأوضاع وإنقاذ الناس وتحسين ظروفهم، فلماذا يصر إسلاميو تونس على إفشاله سعيه؟

عن "ميدل إيست أونلاين"


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية