ماذا تعرف عن "المحمديّين"؟

أديان ومعتقدات

ماذا تعرف عن "المحمديّين"؟


11/11/2017

لا هي جماعة سلفية ولا صوفية، وإنما خليط من الاثنتين معاً. يطلق عليها "المحمديون"، أو "جمع إنسان محمد"، وهي جماعة إسلامية، بلغ عدد مريديها حوالي 3 ملايين في مصر، ينتشرون في الساحات والمراكز الثقافية على مستوى الجمهورية، تأسست عام 1875 على يد محمد الدندراوي، وأصبحت مثل دولة، لها سلطان، وأمراء، وقادة، وبيت مال، مركزها الرئيسي في أسوان وقنا والأقصر، وفي الخرطوم، وشعارهم "الله أكبر نحن المحمديون ولله الحمد"، حاملين شعار "جهادنا اليوم اجتهاد في العلم وجهد في العمل"، قائلين إنّ "حربنا مع أعداء الوحدانية ميدانها الفكر وسلاحها الكلمة".

مركزهم الرئيسي في المعادي الجديدة بالقاهرة مصر، وهو "دندرة" الثقافي العام، وهذه الجماعة ليست فقط لقبائل وعائلات الأسرة الدندراوية؛ بل هي للآلاف من الرجال والسيدات.
أعداد غفيرة منهم يصلون صلاة خاصة، تسمى "العظيمة"، وكلما ذكر اسم النبي، هتفوا، وهم يدعون أنّ ذلك جائز شرعاً؛ عملاً بمذهب الإمام الشافعي.

ملابس أتباعهم بيضاء وبعمائم مميزة، تتدلى منها الذؤابة إلى الصدر؛ بحجة الاتصال بين العقل والقلب، يعتقدون أنّ النبي خلق من نور، وأنه ليس ببشر، وأن الطريق الحقيقي لعودة الدين هو التخلّق بأخلاقه دون تكوينه فقط.

شعار الجماعة هو "نحن نعلم بالسياسة ولا نعمل بها"، ولما سألتُ أحد قياداتهم في مركزهم الرئيسي بالمعادي الجديدة، أنّ ذلك كان منهج السلفيين من قبل وبعدها تحولوا للسياسة، أكد لي أنّهم يقبلون داخل صفوفهم بعض السلفيين، كما يقبلون أفراداً من جميع الاتجاهات، طالما يعتقدون أنّ الرجوع لدولة الإسلام يمر بطريق الاقتداء بالنبي في مظهره وتكوينه معاً.
لا يهتم "المحمديون" بالدعاية والإعلان عن أنفسهم في وسائل الإعلام؛ بل يتحاشونها، ولا يؤمنون بمخالطة الرجال بالنساء، لكنهم لا يستثنون النساء من محافلهم، فلهنّ مكانهنّ الخاص، ولا توجد بينهن منتقبات، بل لهن زي نسائي أبيض مثل الرجال ومعه حجاب أبيض أيضاً.
المبادئ التي يؤمن بها المحمديون أربعة: أولها أنّ المجتمع المسلم لا تفرقه الأنساب وأنه تحت إطار قبيلة واحدة فقط، وثانيها أنّ "جمع إنسان محمد" يجمعه الشمول، ويجمع كل المتناقضات الإنسانية، ويجمع كل الأشخاص المؤمنين بمنهجهم، المبدأ الثالث أن تعكس ملامح كيانهم الاتصال بمنهج النبي؛ حيث لا ينفصل النهج عن السلوك، والرابع أنّ ملامح كيانهم بعيدة عن التحرر وفي ذات الوقت عن الجمود.

يؤمن المحمديون، بأربعة مبادئ؛ أولها أنّ المجتمع المسلم لا تفرقه الأنساب وأنّه تحت إطار قبيلة واحدة فقط

أما عن الانتساب لهم فيكون عن طريق علاقات وجدانية روحية، أولها الاتصال بالخالق، والعلاقة بالنبي، والعلاقة بإمام المحمديين، العباس الدندراوي، الذي سيكون هو بمثابة الوالد الروحي له.
أنشأ المحمديون ساحات بمصر متعددة، بلغت 76 ساحة، وعدد من المراكز الثقافية بلغ نحو 60 مركزاً ثقافيّاً، منها في دول لبنان وماليزيا وسوريا وسنجابور السودان والمغرب والجزائر، ويترأسهم الآن، الأمير هاشم بن الأمير فضل.
يجتمع المحمديون 4 مرات في العام الواحد، الأول على مستوى القرية أو الحي، وهو ما يسمى بمؤتمر الساحات الصغرى؛ حيث تتزاور فيه جموع الساحات المتقاربة جغرافيّاً، واللقاء الثاني هو المؤتمر العام للساحات الكبرى، وتكون على مستوى الوطن، ويقام بالقاهرة بمناسبة الاحتفال بالإسراء والمعراج، واللقاء الثالث - وهو المؤتمر العام للساحات الكبرى- ويقام بقرية دندرة، مسقط رأس الأسرة الدندراوية، بمناسبة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف؛ حيث تناقش فيه سائر التوصيات مع وفود الساحات الكبرى، التي تأتي من مختلف دول العالم.

لا يهتم المحمديون بالدعاية؛ بل يتحاشونها، ولا يؤمنون بمخالطة الرجال بالنساء، لكنهم لا يستثنون النساء من محافلهم

"الوثيقة البيضاء"هي خلاصة الفكر الدندراوي، قالوا في بدايتها: "إنها علامة رجاء في عالم يحتاج إلى رجاء"، فضلاً عن "إننا جمع يحقق مظهر تماسك بنيان مجتمع المسلمين وجوهر تلاحم نسيج أمة الإسلام، مخترقاً الحواجز الأربعة: حاجز "التغاير بالأفكار الطائفية"، وحاجز "التنافر بالفوارق الطبقية"، وحاجز "التفاخر بالعصبيات القومية"، وحاجز "التناحر بالحدود الإقليمية".
ولـ "جمع إنسان محمد" أمير، هو الأمير هاشم، والذي تولى الإشراف على مشاريع الجمع، بعد وفاة الأمير فضل، وهو من أغنى رجال التعالم؛ حيث يستثمر أموال الجمع في البترول، وشركات نفط ضخمة في السودان والسعودية، ينفق من خلالها على كل الساحات، كما أنّ للجمع مجلس شورى يتم اختياره من الأفراد الموثوق فيهم.

قرية دندرة المصرية معقل المحمديين وإليها ينسب قادتها


رغم كثرة المنتسبين للأسرة الدندراوية، ورغم كثرة أعداد الدندراوية في مصر، فإنّ جماعتهم غير معترف بها قانوناً؛ لأنها ليست طريقة صوفية فتخضع للمجلس الأعلى للطرق الصوفية، ولا هي جمعية خيرية فتخضع لقانون الجمعيات، ولا هي حزب سياسي فتحصل على رخصة الحزب السياسي، لكنها لا تتعرض للمساءلة القانونية، ولا المساءلة الأمنية، وتنعقد اجتماعات ساحاتها ومؤتمراتها تحت غطاء قانوني.
ولـ "المحمديون" لائحة عرفية، منها أنّه إذا ارتكب الدندراوي خطأ اعتُبر خروجاً على النظام العام، فإنّه يخضع لعدة عقوبات: تجنب - إيقاف - إسقاط - سحب انتساب.. وكل ذلك لا يتم إلا بعد إجراء المحاكمة للدندراوي في حضور ساحته، وحضور ممثلين عن جميع ساحات الجمهورية، ويتم سؤاله في الغالب من الأمير هاشم، ويكون السؤال علنيًّا، والإجابة علنية أيضًا.
وقد قال لي أحدهم: إننا نظام ولسنا تنظيماً كجماعة الإخوان، والإمارة لدينا ليست إمارة خلافة أو إرث، إنما بيعة أفراد الأسرة لأميرهم، وهو ما يمثل الشورى في الإسلام.

 

 


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية