مؤتمر دولي يتسبب بصراع إخواني جديد.. ما موقف شباب الجماعة؟

مؤتمر دولي يتسبب بصراع إخواني جديد.. ما موقف شباب الجماعة؟


14/03/2022

تعقد جماعة الإخوان (جناح محمود حسين) مؤتمراً دولياً جامعاً، يوم الجمعة المقبل الموافق 18 آذار (مارس) في مدينة إسطنبول التركية، تحت عنوان "أصالة الفكرة واستمرارية المشروع".

وقالت الجماعة، في بيان خاص، إنّ المؤتمر سيؤكد على الثوابت والأصول والمنهج والحركة ووحدة الجماعة، وعمقها وارتباط الفروع بالأصل المتجذر في مصر.

هل الانقسام حقيقي؟

ويأتي هذا المؤتمر مع تصاعد الصراع على القيادة في جماعة الإخوان بين جبهتي محمود حسين وإبراهيم منير؛ إذ يسعى الأول لانتزاع الشرعية من الثاني، وانتزاع القيادة منه، وتقديم نفسه باعتباره الممثل الرسمي والوحيد لجماعة الإخوان، لذا فقد استبق مؤتمر مجموعة إبراهيم منير نهاية هذا الشهر بمؤتمره في مدينة إسطنبول.

وأفادت مصادر من داخل الجماعة أنّ محمود حسين يحاول من خلال هذا المؤتمر التأكيد على ارتباط الداخل بالخارج، وتأكيد شرعيته باعتباره الممثل الوحيد للتنظيم، وذلك من خلال قائمة من المدعوين، إلا أنّ منير قام بعملية تحريض كبير لعدد من ممثلي الدول كي يعتذروا عن الحضور، وهو ما تم بالفعل من قبل محمد أحمد الراشد، وخالد مشعل، وغيرهما.

استخدمت الجماعة وسائل جديدة في الاستقطاب والاستلاب والتجنيد، عن طريق اللجنة التي تم استحداثها، وأطلق عليها لجنة التربية والتدريب على مهارات القيادة

ويكشف الصراع الدائر على إقامة مؤتمر دولي عن تفاقم أزمة الجماعة وبروز أكثر من ممثل لها داخل مصر، وهو ما حدا بالبعض أن يؤكد على أنّ الجماعة يمكن أن تصنع تلك الانقسامات، أو على الأقل تمررها وتضخّم من شأنها، من أجل تمرير جناح على حساب آخر، أو تغيير سياسات بعينها، أو ترويج ضعفها أمام خصومها للعودة بعد ذلك في إطار واستراتيجية مستجدة.

اقرأ أيضاً: خطاب منير: هل تمتد انقسامات الإخوان إلى تيارات أخرى داخل الجماعة؟

وقال د. محمد البشاري، الأمين العام لهيئة المجتمعات المسلمة، في تصريح خاص لـ "حفريات": إنّ الجماعة تستند إلى جملة من المنطلقات أهمها على الإطلاق إيمانها دائماً بما يسمى (العمل المرحلي) استناداً لسيرة الرسول، صلى الله عليه وسلم، والمرحلة المكّية، التي كان العمل فيها سرّياً ثم تحول فيما بعد إلى مرحلة علنية، اختلفت جذرياً عن الأولى، التي سمحت بالكمون والسرّية الشديدة والتغيرات السريعة، وأيضاً في النموذج الإخواني، خاصة فرعه المصري، تختلف حركية التنظيم ما بين (فقه التمكين) و(فقه الاستضعاف) الذي سيسمح لها بصناعة انقسامات بعينها، وإن كانت الانقسامات الحالية هي الأشد في تاريخها، لكن رغم تلك الأسباب فإنّ التجربة التاريخية تؤشر إلى أنّ التنظيمات العقائدية والإيديولوجية تضعف وتتراجع لكنها لا تموت، وتعمل على التَّكيف مع البيئة الجديدة، ويظل أتباعها يحاولون إحياء التنظيم؛ وتؤشر التجربة التاريخية لتنظيم الإخوان المسلمين منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وتجربة حركة حماس منذ تسعينيات القرن الماضي على حالة الضعف والنهوض وإعادة إحياء التنظيم من جديد.

ويتابع البشاري: إنّ ما يحدث داخل جماعة الإخوان المسلمين اليوم، يشير إلى أنه يمرّ بمرحلة شيخوخة، ولكن لا بد أن ننوه هنا أنّ ما يحدث اليوم لتنظيم عمره الـ 100 عام، ما هو إلّا أمر طبيعي ربما لخلافات بين قيادات التنظيم، سواء القيادات العليا التي تدير التنظيم أو حتى الوسطى، وقواعد التنظيم، خاصّة في ظل خروج محاسبات من قواعد التنظيم الوسطى والشابّة لقيادات التنظيم التاريخيّة، وحمّلتهم جميع الأخطاء التي تعرّض لها التنظيم، وبالتالي فقد بات اليوم يمرّ بمرحلة تآكل حقيقي، وهذه الخلافات توضع في خانة الخلافات الحادّة والتي تعدّ من أكبر الخلافات التي مرّ بها التنظيم منذ نشأته الأولى على يد مؤسسه حسن البنا، ولذلك قد يؤدي هذا الخلاف إلى اختفاء التنظيم مؤقتاً خلال سنوات قليلة، خاصّة وأنّ هذا الخلاف يتصاعد بصورة كبيرة قد ينهي في آخر مطافه الهياكل التنظيميّة التي تمّ استحداثها والتي لا تتبع القائم بأعمال المرشد إبراهيم منير.

كيف تقاوم الجماعة الانقسام؟

وبينما يتزايد الصراع ويحاول كل طرف إثبات شرعيته، يتوقع البعض أن يعلن محمود حسين عن مجموعة من الإجراءات التي تدعم شرعيته، ومن بينها تقديم مبادرة للمصالحة مع النظام المصري، أو وضع خطة للمّ شمل الجماعة.

أطلق بعض شباب الجماعة منصات موازية يتحركون من خلالها من أجل تحقيق الأهداف الاستراتيجية للمشروع الإخواني، لا سيما بعد فشل القيادة القديمة في وقف حالة الصراع

ويحاول فريق، على رأسهم يوسف ندا والحاج محمد البحيري وحلمي الجزار، وضع حل لمشكلة الانقسام الحالي المعقدة، واتضحت استراتيجيتهم في مجموعة من الخطوات أهمها: عزل المشكلات عن التنظيم العالمي، وتطبيق خطة هيكلية جدية تعتمد على اللامركزية في العمل؛ أي انتهاء زمن التنظيم الصارم، إلى أن تكون الجماعة كتيّار، وتخفيف الشحنة الأيديولوجية، وتكليف الشباب بالأدوار الرئيسية، وخلق نخب داخل المجتمع المصري داخلياً، وبين الجاليات خارجياً، واستخدام وسائل إعلامية مستجدة لتطبيق ذلك، واستخدام التقية، واختراق المؤسسات ومنظمات المجتمع المدني، والسيطرة على المراكز الدينية خارجياً.

اقرأ أيضاً: الإخوان وتركيا: المتاجرة بالشعارات باسم فلسطين

وخلال هذه الفترة استخدمت الجماعة وسائل جديدة في الاستقطاب والاستلاب والتجنيد، عن طريق اللجنة التي تم استحداثها، وأطلق عليها لجنة التربية والتدريب على مهارات القيادة (لجنة الموارد البشرية)، وكذلك خلق إعلام جديد عقب إعادة تقييم وبناء الإعلام القديم، وفي هذه العملية الإعلامية الجديدة خلطة ذات طابع إنساني أو اجتماعي، واستخدام جيل من الشباب أكثر تطوراً، وهذا يتضح في التكليفات الجديدة خلال هذا العام؛ حيث تولى معظمها جيل من الشباب.

من جهة أخرى أطلق بعض شباب الجماعة منصات موازية يتحركون من خلالها من أجل تحقيق الأهداف الاستراتيجية للمشروع الإخواني، لا سيما بعد فشل القيادة القديمة في وقف حالة الصراع، عبر تأسيس أكاديميات تربوية عدّة، تهدف لمخاطبة كل القواعد التنظيمية وإعادة التنظير لأفكار البنا وقطب، واستثمار مواقع التواصل الاجتماعي في استقطاب عناصر جديدة، كبديل للوسائل القديمة من اختراق الجامعات والنقابات والمدارس التي كانت تنتهجها.

محمد البشاري: ما يحدث اليوم لتنظيم عمره الـ 100 عام، ما هو إلّا أمر طبيعي ربما لخلافات بين قيادات التنظيم، سواء القيادات العليا التي تدير التنظيم أو حتى الوسطى، وقواعد التنظيم

ولا تزال الجماعة تستخدم الرعاية الاجتماعية والحقوقية، عبر تأسيسها شبكة واسعة من المؤسسات الاجتماعية رسمية خاضعة للقانون وتعمل تحت وصاية السلطة السياسية للدول المقيم بها قيادات التنظيم (مدارس، مشروعات خدماتية، جمعيات خيرية، مستشفيات)، وتبتغي من خلالها تحقيق هدفين رئيسيين. الأول؛ تأسيس قاعدة تنظيمية شديدة الترابط وزيادة القاعدة الشعبية التي يمكن للجماعة أن تحشدها. وثانياً؛ قاعدة اجتماعية واسعة تشكل محاضن آمنة في لحظات الأزمات التي تمر بها بين الفينة والأخرى.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية