ليبيا على صفيح ساخن.. مناورات الإخوان إلى أين؟

ليبيا على صفيح ساخن.. مناورات الإخوان إلى أين؟


21/06/2021

وضعت التهديدات التي أطلقها، خالد المشري، رئيس ما يسمي بمجلس الدولة في ليبيا، والمحسوب على الإخوان المسلمين، متغيراً جديداً على صعيد مساعي التسوية، ومسارات الأزمة الليبية؛ حيث حذر المشري، من تداعيات إجراء الانتخابات الرئاسيّة بالتصويت الشعبي المباشر قائلاً إنّ "التصويت المباشر من الشعب للانتخابات، وفق القاعدة الدستورية، بصلاحيات واسعة، واحتمالية رفض بعض الأطراف نتائج الانتخابات، قد يسفر عن صراع أعنف"، مضيفاً: "مجلس الدولة متمسك بإجراء الاستفتاء على الدستور، قبل الانتخابات".

الدفع تجاه المحاصصة الانتخابية

ويضغط الإخوان بقوة، من أجل منح البرلمان صلاحيّة اختيار رئيس الجمهورية، لضمان الانخراط ضمن عملية محاصصة سياسية، يمكن من خلالها الفوز بالمنصب، أو المساومة لنيل وعود سياسيّة، والهيمنة على عدد من المناصب السياديّة.

من جهة أخرى، كشف رئيس المفوضية العليا للانتخابات، عماد السايح، عن مناورات خالد المشري، وكذا أعضاء المجلس الأعلى للدولة، والذي يسيطر عليه الإخوان المسلمون، وذلك من أجل عرقلة الاستحقاق الانتخابي، المقرر في  24 كانون الأول (ديسمبر) المقبل، تحت غطاء المطالبة بالاستفتاء على الدستور أولاً.

اقرأ أيضاً: ليبيا: ما حقيقة فتح الطريق الساحلي؟

السايح، أكّد بشكل مباشر، أنّ "مجلس الدولة الذي يستميت الآن، في طلب إجراء الاستفتاء أولاً، وإجراء الانتخابات بالتصويت غير المباشر، هو ذاته من رفض إجراء الاستفتاء للدستور في العام 2018، عندما طلب مجلس النواب ذلك".

استهداف الجيش الوطني الليبي

هذا وقد أكّدت تقارير، أنّ الجماعة تنوي ممارسة ضغوط على الجيش الليبي في مؤتمر برلين-2، وتوجيه اتهامات تزعم من خلالها أنّ قيادته لم تلتزم بمخرجات برلين-1، وجنيف، فيما يتعلق بالايقاف الفوري لإطلاق النار، كما تتواصل المساعي الإخوانية، من أجل عزل الدبيبة والمنفي عن قيادات الجيش الوطني، بهدف حصار الأخير سياسيّاً، مثلما فعلت بمنعهما من حضور العرض العسكري، الذي أقامه الجيش في بنغازي للاحتفال بالذكرى السابعة، لنجاح معارك عملية الكرامة، التي طردت الميليشيات من الشرق الليبي كله، وبالفعل لم يحضر الرجلان العرض العسكري، بسبب التهديدات التي تعرضا لها من الإخوان، الأمر الذي يفسر زيارة الدبيبة إلى الجزائر، وسفر المنفي إلى تونس، بالتزامن مع العرض العسكري.

يضغط الإخوان بقوة، لمنح البرلمان صلاحيّة اختيار رئيس الجمهورية، لضمان الانخراط ضمن عملية محاصصة سياسية، يمكن من خلالها الفوز بالمنصب، أو المساومة لنيل وعود سياسيّة

من جهته، يعلق مدير المعهد الوطني للإعلام في بنغازي، باهر العوكلي على استهداف الإخوان للجيش الوطني، مؤكداً أنّ "تسخير الجماعة أذرعها الإعلامية؛ لتشويه القوات المسلحة، ونعتها بألفاظ مجحفة، لتعطيل إعادة بناء المؤسسة العسكرية، يأتي في ظل خطة طويلة الأمد، تتضمن أيضاً تشويه وإرهاب الشخصيات الوطنية".

السياسي البرقاوي، محمود الكزة، يرى في تصريحات خصّ بها "حفريات"، أنّ الإخوان كانت لهم مواقف متعددة، لعرقلة التسوية السياسية، إبان السياسي على حكومة وحدة وطنية توافقية، لتباشر أعمالها، ابتداء من رفضهم استمرار مفاوضات لجنة 5 + 5، إلى استنكار تصريحات وزيرة الخارجية، نجلاء المنقوش، بوجوب خروج كل القوات الأجنبية، وانتهاء برفضهم القاطع لاعتماد ميزانية الجيش، ضمن بند ميزانية وزارة الدفاع، وبناء على ما تقدم، فإنّ الإخوان، وكل من يقف إلى جانبهم أو يؤيدهم، مازالوا يسعون جاهدين، لعرقلة أيّ مبادرة تحمل حلولاً لتسوية الأزمة الليبية، ضمن طياتها.

اقرأ أيضاً: متى تسحب تركيا قواتها من ليبيا؟

الكزة، أكّد كذلك أنّ الإخوان عارضوا كل مبادرات السلام، وحاولوا إجهاض التسوية بشكل مستمر ومتواصل، حيث وقفوا ضد مبدأ المثالثة، الذي نصّت عليه مبادرة القاهرة، ووقفوا ضد عودة المؤسسات إلى مكانها، وكانوا حجر عثرة أمام التوصل إلى مصالحة حقيقية، مع نشر خطاب الكراهية، الذي يؤجج الصراعات بشكل دائم، ربما يدفع بالبلاد إلى حرب أخرى، ترهق الجميع، بما في ذلك دول الجوار.

محمود الكزة: الإخوان عارضوا كل مبادرات السلام، وحاولوا إجهاض التسوية بشكل مستمر، حيث وقفوا ضد عودة المؤسسات إلى مكانها، وكانوا حجر عثرة أمام التوصل إلى مصالحة حقيقية

كما أنّ حزب العدالة والبناء، الذراع السياسي للإخوان، مايزال يؤكد في كل بياناته، على أهمية الوجود العسكري التركي، وهو الأمر الذي يباركه مجلس الإفتاء، التابع للمفتي المعزول الصادق الغرياني.

ويلفت الكزة، إلى أنّ المستفيد دوماً من حالة التشظي والانقسام، هم الإخوان، مؤكداً أنّهم وراء الخلاف الحالي بين المنفي، وبين مجلس النواب، بسبب اعتماد الميزانية؛ حيث هدد المنفي بتجميد المجلس، الذي ينازع الإخوان على المناصب السيادية، هذا الصراع قد يؤدي إلى تأجيل الانتخابات التشريعية، ومن هنا يجد الإخوان متنفساً جديداً للمساومة وممارسة كل أشكال الانتهازية السياسية، واستدعاء الحليف التركي، من أجل البقاء في المشهد السياسي، وتصدره إن أمكن، وعليه يظل الإخوان عثرة أمام أيّ تقدم قد يحدث في مسارات التسوية، ولا أمل من تحقيق سلام فعّال، طالما أنّ هذا الجسم يتغلغل في مفاصل الدولة، بأذرع سياسية ودينية وميليشياوية مؤدلجة.

الإرهاب أداة الإخوان لعرقلة التسوية

من جهة أخرى، أكّد اللواء، أحمد المسماري، الناطق باسم الجيش الوطني الليبي، أنّ "التفجير الذي استهدف نقطة أمنية بـ"سبها"، كان رسالة الإخوان، ومفادها أنّ هذا ما سيكون عليه مصير ليبيا، لو ذهبت للانتخابات". رافضاً التصديق على الرواية التي تتهم تنظيم داعش الإرهابي بتنفيذ الهجوم، قائلاً: "ننتظر نتائج التحقيقات، بالمنطقة العسكرية في "سبها" حول الحادث، الذي يحمل سمات التنظيمات الإرهابية".

ولفت المسماري إلى أنّ "الإخوان يريدون السيطرة على "سبها" والمنطقة الجنوبية"، بالتحالف مع التنظيمات والجماعات الإرهابية، مشيراً إلى أنّ "تلك الجماعات لديها موالون في الجنوب، يؤمّنون لهم الإعاشة والمواصلات".

اقرأ أيضاً: هل أعاد "داعش" تنظيم صفوفه في ليبيا؟

المسماري أكّد أنّ "الإخوان لا يمكن أن يرضوا بانتخابات تقصيهم"، وأضاف: "الآن الإخوان يريدون قاعدة دستورية، حسب رؤيتهم ومطالبهم للوصول إلى رئاسة ليبيا". وتابع: "الإخوان لن يرضوا أبداً بالانتخابات، خاصّة انتخابات مباشرة، إلا حسب شروطهم وحسب قواعدهم"، مضيفاً: "أعتقد أنّ الإخوان سيضعون، ليست العصا في الدولاب، بل سيضعون المفخخات والألغام أمام الدولاب، وهذا ما حدث في "سبها" خلال الأيام الماضية، حتي لا تجري هذه الانتخابات".

وعلى الصعيد الميداني، تجددت الاشتباكات، صباح الجمعة الماضي، في مدينة العجيلات التي تقع إلى غرب طرابلس، على إثر خلاف بين ميليشيات تتبع تنظيم الإخوان، واستخدمت الأسلحة المتوسطة والثقيلة فيها، وسط أنباء عن سقوط قتلى وجرحى.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

الصفحة الرئيسية