ليبيا.. ألغام تركية

ليبيا.. ألغام تركية


14/02/2021

على الرغم من إعلان نائبة الممثل الأممي في ليبيا ستيفاني وليامز يوم 5 فبراير (شباط) الجاري عن الاتفاق على تشكيل السلطة التنفيذية المؤقتة في ليبيا، واختيار محمد المنفي رئيساً للمجلس الرئاسي، وموسى الكوني وعبد الله اللافي عضوين، بينما يترأس الحكومة عبد الحميد دبيبة، ورغم الارتياح الداخلى والدولي والإقليمي الذي تركه هذا الاختيار، لأنه فتح الأبواب الموصدة أمام الحل السياسي في الأزمة الليبية المستعصية، إلا أن المخاوف ما زالت قائمة من العراقيل التي يمكن أن تحبط كل الآمال المعلقة على هذا الإنجاز، وهي عراقيل داخلية تتعلق بتشكيل الحكومة قبيل 29 من الشهر الجاري، والتسليم السلس للسلطة، وتأمين الثقة للحكومة من قبل مجلس النواب المنقسم، وتحقيق المصالحة الوطنية، وتوحيد القوات المسلحة، ووضع دستور جديد للبلاد، وقانون انتخابي يضع أسس الانتخابات المقررة في نهاية العام الحالي، وكلها خطوات يجب أن تتحقق خلال الفترة الانتقالية من الآن حتى موعد الانتخابات. 

 وعلى الرغم من أهمية هذه الخطوات، إلا أن العقبة الأصعب تتمثل في انسحاب القوات التركية وجماعات المرتزقة التي أتت بها من شمال سوريا؛ لأن لا قيمة لأي خطوة إذا لم تصب في اتجاه تكريس وحدة واستقلال وسيادة ليبيا، وتحرير البلاد من الوجود الأجنبي. إن أية خطوة ناقصة تعني أن الأزمة باقية ويمكن أن تزداد تعقيداً، فالحل يجب أن يكون شاملاً وكاملاً، بخطوات محسوبة ومتدرجة، ويأخذ بالاعتبار حقيقة أن الحل الداخلي هو في نهاية المطاف رهن توقف الخارج عن التدخل المباشر وغير المباشر في الشأن الداخلي.

 الشعب الليبي في هذه المرحلة الانتقالية لا يريد إلا أن يتحرر، ويتخلّص من الارتهان للفوضى الأمنية وسطوة الميليشيات بمختلف أشكالها، وتحرير أرضه، وانتشاله من براثن الفقر والعوز.

 «مجموعة الأزمات الدولية» ترى أن ما تحقق حتى الآن مجرد «مكاسب هشة» تحتاج إلى تفعيل سريع، ويقتضي ذلك سرعة إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية. ويبدو أن تركيا المقصودة بذلك بدأت تمارس لعبة التسويف للتهرب من هذا الالتزام، فبعد أن اتصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بكل من المنفي ودبيبة معلناً الاستعداد لتسهيل مهمتهما، عاد وأعلن أن تركيا «تسحب قواتها إذا انسحبت القوات الأجنبية منها أيضاً»(!) من دون أن يحدد هذه القوات. 

وبعد ذلك أعلن المتحدث باسمه إبراهيم قالن: «إن القوات التركية ستظل في ليبيا ما دام الاتفاق العسكري قائماً وما دامت الحكومة الليبية متمسكة بهذا الاتفاق»، في إشارة إلى الاتفاق الذي أبرمه أردوغان مع فائز السراج العام 2019. ثم زعم ياسين أقطاي مستشار أردوغان أن الحكومة الليبية الجديدة «تدعم دور أنقرة، ولا تعارض الوجود العسكري التركي»، وهذا يعني أن أنقرة بدأت تلغيم الطريق أمام السلطة الانتقالية لإفشال مهمتها، متذرعة بحجج واهية للإبقاء على قواتها ومرتزقتها.. وكأنها تطفئ بصيص نور أطل من نهاية النفق.

عن "الخليج" الإماراتية



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية