لماذا يفشل اللبنانيون في التحالف ضد هيمنة حزب الله؟

لماذا يفشل اللبنانيون في التحالف ضد هيمنة حزب الله؟

لماذا يفشل اللبنانيون في التحالف ضد هيمنة حزب الله؟


17/05/2023

ترجمة: محمد الدخاخني

من سوء حظّ الثّقافة السّياسيّة اللبنانيّة أنّه عندما تكون البلاد في مأزق، يميل الفاعلون السّياسيّون إلى انتظار حلّ يأتي جزئيّاً من الخارج. لقد مضى أكثر من ستّة أشهر على ترك ميشال عون الرّئاسة، وما زالت القوى السّياسيّة اللبنانيّة تنتظر القوى الإقليميّة والدّوليّة للتّوصّل إلى توافق على من يخلفه.

الشّيء الوحيد الذي بدا غير متوقّع هو المصالحة السّعوديّة الإيرانيّة الأخيرة. وقد افترض اللبنانيّون، بسبب المصالحة، أنّ تحسين العلاقات بين الرّياض وطهران سيسهّل انتخاب البرلمان اللبنانيّ لمرشّح توافقيّ. لكن للوصول إلى هذا الاستنتاج، لم يكن لديهم أيّ حافز لدفع العمليّة بأنفسهم إلى الأمام.

وبحسب ما ورد، تسبّب هذا الموقف السّلبيّ في استياء الدّول التي لها مصالح في لبنان، لا سيما تلك التي تدعم الأحزاب المعارضة لـ«حزب الله». هناك بعض المبرّرات لذلك، حيث إنّ «حزب الله» وحليفه الشّيعيّ الرّئيس، «حركة أمل»، توقّعا التّقارب السّعوديّ الإيرانيّ من خلال تأييد مرشّحٍ للرّئاسة، وهو النّائب والوزير السّابق سليمان فرنجيّة، مقرّب، أيضاً، من النّظام في سوريا.

هل يخلف فرنجية عون؟

من خلال القيام بذلك، ربما افترض «حزب الله» و«حركة أمل» أنّه بالنّظر إلى حصول تقارب بين السّعوديّين والإيرانيّين، فإنّهما سيُحاولان إيجاد حلّ وسط بشأن خليفة عون. في هذه الحالة، كان من المنطقيّ أن يكون لديهما بطاقة تفاوض، وبالتّحديد فرنجيّة، من أجل المطالبة بالمزيد للتّخلّي عنه. في الوقت نفسه، من خلال الاتّحاد على مرشّح - مع فشل خصومهما في الاتّفاق على مرشّح من بينهم - سيكون لديهما ميزة مع استمرار المأزق.

انتهت ولاية الرئيس اللبناني الأسبق ميشال عون التي دامت 6 سنوات في 31 أكتوبر 2022

إنّ الفوضى بين الكُتَل النّيابيّة المعارضة لـ«حزب الله» فاضحة. في حين أنّ عدداً من هذه الكُتَل دعمَ في البداية ميشيل معوّض مرشّحاً، فإنّه لم ينجح قطّ في حشد كل معارضي «حزب الله» أو تأمين تصويت الثّلثين الذي يحتاجه للفوز في الجولة الأولى من التّصويت. في الواقع، مع مرور البرلمان بجولات متتالية على مدى أسابيع متتالية، خسر معوّض تدريجيّاً الأصوات، حتّى أصوات كتلة وليد جنبلاط الرّئيسة.

ربما افترض «حزب الله» و«حركة أمل» أنّه بالنّظر إلى حصول تقارب بين السّعوديّين والإيرانيّين، فإنّهما سيُحاولان إيجاد حلّ وسط بشأن خليفة عون، وهو فرنجية

فيما يُعتبَر برلماناً لا تمتلك فيه أيّ كتلة أغلبيّة مطلقة بشكل فعليّ، فإنّ دعم كتلة جنبلاط ضروريّ لأيّ شخص يسعى للحصول على أغلبيّة. لا يمكن لفرنجيّة أن يأمل في الفوز من دون دعم جنبلاط، ولا يمكن لأيّ شخص يقف ضدّ فرنجيّة أن يأمل في الفوز من دون دعم جنبلاط. ولهذا السّبب سعى الأخير إلى وضع نفسه في صورة «صانع الملوك» في شباط (فبراير)، موضّحاً أنّ الرّئيس المُقبِل لا يمكن أن يكون فرنجيّة أو معوّض.

ومع ذلك، فإنّ كلّ ما فعله جنبلاط هو تعزيز الفراغ الموجود اليوم في صفوف المعارضة. ومع تقويض معوّض، تجد المعارضة نفسها متّحدة حول لا أحد، ممّا يسمح لـ«حزب الله» و«حركة أمل» بتصوير فرنجيّة باعتباره المرشّح الجّاد الوحيد في السّاحة.

جنبلاط واضطراب المعارضة

لكنّ جنبلاط ليس وحده المسؤول عن اضطّراب المعارضة. لقد برزت مشكلتان أخريان: أوّلاً، عدم قدرة ما يسمّى بـ«كتلة التّغيير»، المكوّنة من برلمانيّين إصلاحيّين مستقلّين، وكثير منهم من المجتمع المدنيّ، على الموافقة على مرشّح يعكس وجهة نظرهم. ثانياً، حقيقة أنّ العديد من المعارضين لـ«حزب الله» يرفضون اتّباع خطى زعيم القوات اللبنانيّة، سمير جعجع - وكتلته المسيحيّة هي العدوّ الرّئيس لـ«حزب الله» في البرلمان.

وقف جعجع وراء معوّض إلى حدّ كبير، لكن جهوده لتصنيب نفسه على أنّه منظّم أولئك الذين يتحدّون «حزب الله» لم تَجِد صدى جيّداً لدى العديد من حلفائه المحتملين. من ناحيته، يتّخذ جنبلاط موقفاً أقلّ عدائيّة تجاه «حزب الله» ويرفض اتّباع مقاربة جعجع. أمّا بالنّسبة إلى «كتلة التّغيير»، فإنّ العديد من أعضائها يعتبرون جعجع ممثلاً آخر للطّبقة السّياسيّة الفاسدة التي يرفضونها، بينما يأتي بعض أعضائها من خلفيّات سياسيّة عارضت تقليديّاً القوّات اللبنانيّة.

ابتُليت كتلة التّغيير بمشكلات كبيرة خاصّة بها. في العام الماضي، واجهت خلافات داخليّة وعكست قلّة نجاعة. وعلاوة على ذلك، فإنّ انعدام قدرتها على تحديد مرشّح إصلاحيّ واحد للرّئاسة يمكنها أن تؤيّده وتتوحّد حوله يُعدّ مدعاة للحرج.

ومع ذلك، جزءٌ من المشكلة خارج عن سيطرة الكتلة. فقد طلب بعض المرشّحين الجادّين من الكتلة عدم تأييدهم علناً، مخافة أن يقوّض ذلك فُرصَهم، لاحقاً، عندما يكون هناك بحث عن مرشّح توافقي. لكن كلّ هذا يعني أنّ الكتلة مستعدّة للظّهور بمظهر متردّد وانقساميّ بشأن قضيّة وطنيّة حيويّة لا يستطيع الإصلاحيّون تحمّل الصّمت بشأنها.

أفادت تقارير إعلاميّة لبنانيّة بأنّ وسطاء عراقيّين، على رأسهم رئيس الوزراء السّابق مصطفى الكاظمي وعمّار الحكيم، يسعون للتقريب بين السعودية وحزب الله

ليس من الواضح أين يقف لبنان اليوم. يرى بعض المراقبين أنّه بمجرّد أن يتحدّث السّعوديّون مع «حزب الله» سنشهد انفراجة. وقد أفادت تقارير إعلاميّة لبنانيّة، في الآونة الأخيرة، بأنّ وسطاء عراقيّين، على رأسهم رئيس الوزراء السّابق مصطفى الكاظمي وعمّار الحكيم، سعوا إلى التّقريب بين الجانبين. لم ينجم الكثير عن جهود الوساطة هذه، ولكن بالطّريقة نفسها التي تحدّث بها السّعوديّون مع الحوثيّين في اليمن، من الوارد أنّهم قد يوافقون على فعل الشّيء نفسه في لبنان.

في ضوء ذلك، من المنطقي أن يجتمع خصوم «حزب الله» حول مرشّح لضمان عدم الالتفاف عليهم من خلال مفاوضات قد تجري بين السّعودية و«حزب الله». وفي أوائل شهر أيار (مايو)، وردت تقارير تفيد بأن مثل هذه المبادرة جارية بفضل النّائب المستقلّ غسان سكاف. ومع ذلك، فإنّه من المشكوك فيه أن ينجح هذا الأمر، في وقت تستمرّ فيه الانقسامات العميقة بين معارضي «حزب الله».

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

مايكل يونغ، ذي ناشونال، 10 أيار (مايو) 2023




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية