لماذا يتصاعد التوتر بين إيران وألبانيا؟

لماذا يتصاعد التوتر بين إيران وألبانيا؟


05/02/2020

ترجمة: محمد الدخاخني


بعد الاغتيال الأخير للجنرال الإيراني قاسم سليماني في غارة جوية أمريكية بطائرة دون طيار وما نشأ عنه من تهديدات عسكرية بين البلدين، انتقد المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، هدفاً مفاجئاً: ألبانيا، وهي دولة صغيرة في البلقان على حافّة جنوب شرق أوروبا وعضو في حلف شمال الأطلسي. "هناك دولة أوروبيّة صغيرة ولكنّها شريرة تجمّع فيها الأمريكيّون والخونة المعادون لإيران من أجل التآمر ضدّ الجمهوريّة الإسلاميّة".

اقرأ أيضاً: ماهناز شيرالي: إيران دولة خارجة عن القانون
أصبحت ألبانيا محاصرة في الصراع المتصاعد بين الولايات المتّحدة وإيران. وفي الواقع، رحّب قادة في العاصمة الألبانيّة، تيرانا، باغتيال سليماني؛ فقاموا فوراً بطرد دبلوماسيّيْن إيرانيّيْن، بسبب مشاركتهما، حسبما ذُكر، في أنشطة تعتبر غير مقبولة في العرف الدّبلوماسيّ.

"تحالف راسخ"
لكن لماذا، بالضّبط، تنخرط ألبانيا في هذه المواجهة الأمريكية-الإيرانية؟ تعود هذه العلاقة إلى عدّة أعوام وتشمل أعضاء من مجاهدي خلق الإيرانيّة، وهي جماعة اتّخذت في الماضي من العراق مقرّاً لها وسعت لإسقاط النّظام الإيرانيّ. وبعد الإطاحة بالدكتاتور العراقي السابق صدام حسين، وجد أعضاء مجاهدي خلق أنفسهم عرضة للهجمات الصاروخية الإيرانية. وتعتبر القيادة الإيرانية الجماعة منظمةً إرهابيّة؛ مع ذلك، فإنّ الجماعة لها علاقات مع الولايات المتّحدة، التي رتّبت حينها منح ألبانيا، عضو حلف شمال الأطلسيّ وحليف واشنطن القويّ، اللجوء لأكثر من 3,000 عضو من مجاهدي خلق.

تعود العلاقة المتوترة بين إيران وألبانيا إلى عدّة أعوام حيث منحت الأخيرة أعضاء من مجاهدي خلق الإيرانيّة اللجوء

وفي عام 2013، توصّلت الولايات المتّحدة وألبانيا إلى اتّفاق إنسانيّ أُعيد بموجبه توطين الآلاف من أعضاء مجاهدي خلق في دولة البلقان. وفي الواقع، قال رئيس الوزراء الألباني، إدي راما، في أعقاب تهديدات خامنئي، إنّ إعادة التّوطين نتجت عن "التّحالف الرّاسخ" لبلاده مع الولايات المتّحدة.
ويعترف راما بأنّ قبول أعضاء مجاهدي خلق يشكّل خطراً على ألبانيا. ومع ذلك، قال إنّه خطر "يكرّم ويحافظ أيضاً على التّقاليد الألبانيّة" - ويعني بذلك الدّور السّابق للبلاد في حماية اليهود من النّازيين خلال الحرب العالميّة الثّانية. فلم تُرحّل ألبانيا يهوديّاً واحداً إلى ألمانيا النّازيّة.

أعضاء مجاهدي خلق يخشون على سلامتهم

يعيش أعضاء مجاهدي خلق في معسكر كبير شديد الحراسة بالقرب من مدينة دوريس السّاحليّة، على بعد حوالي 30 كيلومتراً (19 ميلًا) من العاصمة تيرانا. لكن الآن وقد تعهّدت إيران بالانتقام لمقتل الجنرال سليمانيّ، فإنّهم قلقون بشكل متزايد على سلامتهم. وبينما جرى تشديد أمن المعسكر، قال المستشار القانونيّ لجماعة مجاهدي خلق، بهزاد صفاري، لـ"دويتشه فيله" إنّ الجماعة لا تشعر بالأمان في أيّ مكان.

اقرأ أيضاً: إيران: انتخابات بلا معركة؟
وتابع: "إنّ إرهاب النّظام الإيرانيّ يشكّل تهديداً لنا في كلّ مكان في العالم. فالسّفارة الإيرانية في تيرانا، وتلك الموجودة في العواصم الأوروبيّة الأخرى، هي مراكز العمليّات الإرهابيّة الّتي يشنّها النّظام"، مضيفاً أنّ أجهزة الأمن الألمانيّة سبق وأكّدت أنّ عمليات التّجسّس الإيرانيّة استهدفت الجماعة.
ورحّبت المنظّمة بطرد ألبانيا دبلوماسيّين إيرانيّين. وأشاد صفاري بهذه الحركة، قائلاً "إنّها خطوة شجاعة ومشرّفة في مكافحة الإرهاب وحماية الأمن القوميّ الألبانيّ. وهي تحمي المنشقّين السّياسيّين الإيرانيّين في المنفى".

ألبانيا في المرمى

لكن حتّى قبل مقتل سليماني، تسبّبت إعادة توطين مجاهدي خلق في ألبانيا في توتّرات كبيرة بين الدّولة البلقانيّة وإيران. ففي تشرين الأوّل (أكتوبر) 2019، على سبيل المثال، كشفت الشّرطة الألبانيّة عن خليّة إرهابيّة تسيطر عليها إيران كانت تهدف إلى شنّ هجمات على أعضاء مجاهدي خلق في البلقان. وتعتقد الشّرطة الألبانيّة أنّ المجموعة جزء من فيلق القدس الإيرانيّ.

كشفت الشّرطة الألبانيّة عن خليّة إرهابيّة تسيطر عليها إيران كانت تهدف إلى شنّ هجمات على أعضاء مجاهدي خلق بالبلقان

ويقول رديون قريازي، وهو خبير أمنيّ ألبانيّ، إنّ هذا البلد البلقانيّ يتعرّض لتهديد متزايد من النّظام الإيرانيّ، والهجمات الإلكترونيّة والإرهابيّة تشكّل أكبر خطر. ووفقاً لقريازي، تمتلك إيران "موارد مستقرّة وذات خبرة" في هذا الصّدد. ويعتقد أنّ إيران يمكن أن تشنّ هجمات على الأراضي الألبانيّة، أو على القوّات الألبانيّة الّتي تعمل بوصفها جزءاً من البعثات الدّوليّة في الخارج، على سبيل المثال في الشّرق الأوسط وآسيا الوسطى.
ومن جانبه، يحذّر مستشار مجاهدي خلق، صفاري، من أنّ مثل هذه الهجمات تشكّل خطراً ليس فقط على ألبانيا ولكن على منطقة البلقان بأكملها. يقول: "إنّ استراتيجيّة إيران طويلة الأجل هي تحويل البلقان إلى بوّابة للأصوليّة والإرهاب في أوروبا".
وأثناء حديثه في مؤتمر أمنيّ في تيرانا، في وقت سابق من هذا الشّهر، حذّر الجنرال الأمريكيّ مايكل باربر من أنّ ألبانيا يجب أن تظلّ متيقّظة لأنّ إيران قد تستهدف جميع حلفاء الولايات المتّحدة. وفي إشارة إلى الاتّفاق الأساسيّ للكتلة العابرة للأطلسيّ بشأن الدّفاع المشترك، أكّد للبلاد أنّ الولايات المتّحدة وحلف شمال الأطلسيّ سيقفان إلى جانبها: "سيستجيب الحلف لأيّ هجوم على أيّ من أعضائه".


مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

آني روكي، لينديتا آرابي، دويتشه فيله

https://www.dw.com/en/iran-lashes-out-against-albania-after-soleimani-killing/a-52102170



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية