لماذا وصفت حركة النجباء الجيش العراقي بـ "المرتزقة"؟

العراق

لماذا وصفت حركة النجباء الجيش العراقي بـ "المرتزقة"؟


20/08/2019

لا يبدو أنّ تصريحات قادة حركة "النجباء" العراقية ضد الجيش والحكومة العراقية، أمراً يسترعي الانتباه، ويثير معه دلالات جديدة أو يكشف عن توجهات مختلفة، فالحركة الشيعية، الموالية لإيران، تعمد باستمرار إلى الكشف عن ولائها الطائفي، وتبعيتها الإقليمية، والتصدي لأية محاولات تمس وتهدد تحالفاتها وأدوارها المحلية، في بغداد، والتي تقوم بها بالوكالة عن طهران، بالإضافة إلى ارتباطها العضوي بالمرشد الأعلى، علي خامنئي.
تطاول مستمر على الحكومة والجيش العراقيين
تنتمي حركة النجباء على مستوى المرجعية إلى "الولي الفقيه" في إيران، دون مواربة أو إخفاء لذلك، بالإضافة إلى إعلانها عن صلاتها بالعديد من التكوينات التنظيمية الشيعية، التابعة لطهران في المنطقة، وقياداتها، سيما حزب الله، في لبنان، وأمينه العام، حسن نصر الله، والأخير تصفه بأنه "النموذج المحمدي العربي الناصع لمقاومة الاستكبار".

مقتدى الصدر

وعلى المستوى الإقليمي، تشارك الحركة في عمليات ميدانية وعسكرية، تتماس، بشكل مباشر، مع الأهداف السياسية والطائفية لإيران، مثلما حدث في سوريا؛ إذ اشتركت عبر مقاتليها في السيطرة على الأجزاء الشرقية من مدينة حلب، شمال سوريا، نهاية العام 2016.

اقر أيضاً: معركة إيران… في العراق
وفي خضم هذه العملية العسكرية، أعلنت الحركة أنّ قائد فيلق القدس، التابع للحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، تفقد قطاعات عمليات مقاتليها العسكرية والميدانية، بالإضافة إلى حضوره اجتماع قادة الحركة.
وفي هذه الأثناء ظهر أكرم الكعبي، قائد التنظيم وزعيم الميليشيا، في مطار حلب، وهو يتفقد المقاتلين، ويقوم بالإشراف على المعركة، وقد رافقه قادة عسكريون إيرانيون، للتنسيق بشأن ما يجري في المنطقة، وخصوصاً، في العراق وسوريا.

حفلت ممارسات حركة النجباء بالحقد الطائفي ففي ريف حلب توثق مشاهد القتل والسحل ضد المواطنيين عبارات مشحونة بالكراهية المذهبية

خلال النصف الأول من الشهر الجاري، أطلقت حركة النجباء، على لسان قياداتها، عدداً من التصريحات التي يمكن توصيفها بـ"المسيئة"، تجاه الحكومة والجيش العراقيين، وأخرى، تحمل تهديدات مباشرة وصريحة، لمؤسساتها الشرعية، في حال عملت ضد مصلحة إيران.
ووصف القيادي بالحركة، يوسف الناصري، الجيش العراقي، بأنه "الجيش المرتزق"، وطالب بحله وإسناد مهامه إلى الحشد الشعبي، وعليه، يكون "الحشد الشعبي هو الجيش الأول في العراق، وليس رديفاً، وحتى يكون هو وزارة لحماية أمن ومستقبل العراق إستراتيجياً".
وأصدر المتحدث باسم حركة "النجباء"، نصر الشمري، هو الآخر، تهديداً إلى أي حكومة عراقية، تعمل ضد إيران، حيث سيصبح مصيرها السقوط، في غضون أسابيع، بحسب وصفه.
تنتمي حركة النجباء على مستوى المرجعية إلى "الولي الفقيه" في إيران

رأس حرب في المنطقة
وصرح المتحدث باسم الحركة، أثناء اللقاء بمستشار المرشد الإيراني للشؤون العسكرية، في طهران، اللواء يحيى رحيم صفوي، بأنّ الحركة تراقب عن كثب جميع القواعد العسكرية الأمريكية، على الأراضي العراقية، والتي يبلغ عددها 11 قاعدة.

اقرأ أيضاً: هل تعتزم إيران شنّ هجمات عسكرية في العراق؟

"تشكلت هذه الحركة من مجموعة من القيادات التي حاربت نظام صدام في السابق، والاحتلال الأمريكي، وقاومت في المدن العراقية كافة، من جميع النواحي العسكرية والفكرية والاجتماعية والسياسية".
يتحدث زعيم ميليشيا النجباء، أكرم الكعبي، عن بدايات تأسيس الحركة الشيعية، في العراق، والتي تعد أكبر فصائل الحشد الشعبي، قبل الانفصال عنها، وتعرف بصلاتها الوثيقة بالحرس الثوري الإيراني، وحزب الله اللبناني، على وجه الخصوص، فيما يعد الكعبي أحد أبرز مؤسسي جيش المهدي، قبل أن يتم حله، مع رجل الدين العراقي، مقتدى الصدر، بالإضافة إلى دوره المؤثر في تشكيل جماعة "عصائب أهل الحق"، والتي انفصل عنها هي الأخرى.
يتراوح عدد أفراد المقاتلين في حركة النجباء، بحسب بعض التقديرات الصحافية، بين 8- 10 آلاف مقاتل. وقد تأسس هيكل الحركة بعد الانفصال عن "عصائب أهل الحق"، من خلال اندماج الألوية العراقية التالية: "لواء عمار بن ياسر"، و"لواء الإمام الحسن المجتبى"، و"لواء الحمد".

اقرأ أيضاً: داعش يعزز قدراته في العراق وسوريا.. البنتاغون يكشف الأسباب
ثمة مقومات هائلة تحوزها حركة النجباء، على المستويين المالي والاقتصادي، وذلك، جنباً إلى جنب مع الإمكانيات السياسية والعسكرية، ومن ثم، بإمكانها فرض نفوذها، عبر وسائط عديدة، وفقاً لقدراتها ومواردها المتعددة؛ فهي تملك قناة تلفزيونية، تحت اسم "قناة النجباء الفضائية"، وكذلك منصة إلكترونية، تحمل الاسم نفسه، وتستهدف نشر أخبارها، وتقديم تغطيات تخص نشاطاتها، والترويج والدعاية لسياساتها.
نسخة مكررة من حزب الله اللبناني
وتعرف الحركة نفسها، عبر موقعها الإلكتروني بأنها "إحدى فصائل المقاومة الإسلامية في العراق، وتهدف إلى الدفاع عن المقدسات في سوريا والعراق". ويحدد أكرم الكعبي، قائد التنظيم، مواقع سيطرة وتمركز الحركة، من خلال لواء، في غرب العراق، المعروف بـ"اللواء الثاني"، الذي سبق وانخرط في المعارك ضد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، ولا يزال قائماً حتى الآن، ولواء آخر، هو "اللواء الثلاثون". بيد أنّ الأخير، وغالبية عناصره من الطائفة السنّيّة، قد جرى حله بقرار من الحكومة العراقية.

اقرأ أيضاً: الميليشيات المدعومة من إيران تتسلل إلى مراكز السلطة في العراق
يسجل العام 2013، بداية انخراط النجباء في الحرب الأهلية الدائرة في سوريا، بين النظام والمجموعات المسلحة من المعارضة، وقد شكل وجودها ضمن عدد من الألوية والفيالق الشيعية، التي تعمل تحت قيادة فيلق القدس والحرس الثوري، عاملاً حاسماً في العديد من المعارك الميدانية، سيما معركة القصير في حزيران (يونيو)، العام 2013، حيث ضاعفت من عدد مقاتليها، وقد نشرت في سوريا ألوية "عمار ابن ياسر"، و"الإمام الحسن المجتبى"، و"الجولان"، ونفذت من خلالهم عمليات ميدانية، في دمشق وحلب، وفي ريف المدينتين، شمالي البلاد، فضلاً عن تحرير قرى شيعية، مثل نبل والزهراء.

اقرأ أيضاً: ضربات إسرائيلية على أهداف إيرانية في العراق أم مجرد حريق بسيط؟
حفلت ممارسات حركة النجباء بالحقد الطائفي، خلال معاركهم وقتالهم في سوريا. ففي ريف حلب، توثق مشاهد القتل والسحل ضد المواطنين، عبارات مشحونة بالكراهية المذهبية مثل: "هذا هو ابن أمية.. وابن عائشة".

 

منظمة إرهابية
تعد حركة النجباء أول فصيل شيعي، يصنف من قبل الولايات المتحدة، على لائحة "المنظمات الإرهابية"، قبل عامين، إلا أنّ زعيمه الكعبي، يخضع للعقوبات الأمريكية، منذ العام 2008، على خلفية دوره في الهجمات التي كانت تستهدف القوات الأمريكية في العراق حينها.
وأشار الكونغرس الأمريكي، في تقريره الصادر العام 2017، على موقعه الإلكتروني، بعد حظر وتصنيف النجباء ضمن المنظمات الإرهابية، إلى أنّ "النجباء تتلقى التسليح والتدريب من فيلق القدس الإيراني، والاستشارة من جماعة "حزب الله" اللبنانية الموالية لطهران".

اقرأ أيضاً: مَن سيحتوي مَن: الدولة العراقية الهشّة أم الحشد الشعبيّ؟
واتهم التقرير أكرم الكعبي باستهداف المنطقة الخضراء، في وسط العاصمة العراقية بغداد، والتي تضم المقرات الحكومية والبعثات الدبلوماسية، إبان الاحتلال الأمريكي للعراق، عام 2008.
وبحسب الصحفي العراقي حسن الشريف، فإنّ حركة النجباء وغيرها من الميليشيات المدعومة من إيران، تستهدف من خلال التنيظمات الطائفية أن تتلاشى أمامها الدولة، وتضعف مؤسساتها، بل أنها تتجاوزها؛ إذ تعمل بسياسة مستقلة، وتنفذ أهداف طهران والولي الفقيه، محلياً وإقليمياً، بما ينعكس على العراق كدولة، ومستقبلها السياسي، الذي يضحى مرتهناً بأكثر من إرادة، تعصف بوحدة قرارها السياسي ومصالحها.
تصريحات قادة النجباء تستهدف النيل والسخرية من الحكومة والدولة وجيشها

تهديد للعراق ومصدر حماية لإيران
ويضيف الشريف في حديثه لـ"حفريات": "تصريحات قادة النجباء التي تستهدف النيل والسخرية من الحكومة والدولة وجيشها، ليست بالأمور الجديدة، فهذا التطاول متكرر، وعملياً تتحكم الميليشيات بالعراق وكأنه بلا سيادة. وفي مقدمة الضحايا لهذا الوضع القائم، منذ عدة سنوات، ليست الأهداف الأمريكية ومصالح الغربيين واستثماراتهم، كما يعتقد، إنما المواطن العراقي، في المقام الأول، والذي يشعر بالتهديد، وتتآكل مساحته الحقوقية والمدنية في وطنه".
وعليه، فإنّ الميليشيات التابعة لإيران، ليست مصدر حماية إلى أحد، ولكنها أحد مصادر التهديد الأخيرة، والمتبقية التي يواجهها سكان المدن العراقية، حيث تعرض الميليشيات كافة المواطنين العراقيين للخطر، عندما تخبئ صواريخ إيرانية كبيرة، في بلدات صغيرة مثل آمرلي. كما يوضح معهد واشنطن.

اقرأ أيضاً: على نهج داعش.. الميليشيات الإيرانية تهدّد المكوّن المسيحي في العراق
ويشير المعهد الأمريكي إلى أنّ ألوية الحشد الشعبي، والميليشيات الشيعية، لا تحتاج إلى مدفعية صاروخية لمهامها، في مكافحة التمرد ضد تنظيم الدولة الإسلامية، ناهيك عن احتياجاتها لصواريخ باليستية إيرانية، قصيرة المدى، الأمر الذي ينبغي الكشف عنه، وتفسير أسباب وجوده، ودوافعه. لذا، يبقى السبيل الوحيد لضمان عدم تصرف هذه القوات المدعومة من إيران، بشكل يلحق الضرر بالمصالح العراقية، هو إخضاعها لمتطلبات الرقابة نفسها، التي تعمل بموجبها القوات الأمريكية، سيما وجود عدد كبير من قوات الأمن العراقية النظامية من وزارات مختلفة، في كافة مواقع "الحشد الشعبي، بحيث لا يسمح لتلك الميليشيات بالسيطرة بشكل حصري على مهمات مربحة، مثل أمن المحطات النفطية البحرية، وحماية منشآت البنية التحتية الأساسية، ومراقبة الطرق السريعة ومراقبة الجمارك.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية