لماذا الاتفاق النووي مع إيران مؤجل؟.."بلومبيرغ" تجيب

لماذا الاتفاق النووي مع إيران مؤجل؟.."بلومبيرغ" تجيب


14/10/2020

بينما يتطلع العالم إلى انتخابات الولايات المتحدة التي ستجرى الشهر المقبل بحثاً عن مستقبل المواجهة مع إيران، يستعد المرشحون لتصويت آخر قد يكون محورياً، بحسب تقرير نشرته شبكة "بلومبيرغ" الأمريكية.

ففي حزيران (يونيو) المقبل، سينتخب الإيرانيون أيضاً رئيساً جديداً، حيث ينتهي عهد حسن روحاني، الذي رهن حياته السياسية على إبرام الاتفاق النووي مع القوى العالمية في عام 2015، وانقلب إرثه رأساً على عقب من قبل المتشددين في إيران، وبعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق قبل عامين.

 

"بلومبيرغ": سيكون لدى المتشددين في إيران حافز ضئيل للتخلي رسمياً عن اتفاق يمكن أن يشكل حتى الآن شريان حياة لاقتصاد إيران المدمر

 

وكما هو الحال دائماً، سيتم فحص المرشحين للرئاسة الإيرانية من قبل مجلس صيانة الدستور القوي، الذي يتم تعيين أعضائه من قبل المرشد علي خامنئي. لكن من المقرر أن يهيمن على المجال الانتخابي العسكريون والأصوليون الأقوياء الذين تصاعد نفوذهم منذ 2018، عندما تخلى الرئيس دونالد ترامب عن الاتفاق النووي، الذي تعهد روحاني بأنه سيكون تذكرة للقبول الدولي والازدهار الاقتصادي، وفقاً لـ"بلومبيرغ". هذا يعني أننا أمام احتمال عسكرة منصب الرئاسة في إيران، بعد عسكرة الاقتصاد والسياسة الخارجية الإيرانية.

 

وتسببت العقوبات الأمريكية المشددة في انخفاض صادرات النفط الإيرانية. لقد انخفض إنتاج النفط الخام إلى النصف منذ منتصف عام 2018 إلى أقل من مليوني برميل يوميًا.

وترى "بلومبيرغ" أنه، في الحقيقة، سيكون لدى المتشددين في إيران حافز ضئيل للتخلي رسمياً عن اتفاق يمكن أن يشكل حتى الآن شريان حياة لاقتصاد إيران المدمر.

 

سينتخب الإيرانيون رئيساً جديداً، حيث ينتهي عهد روحاني، الذي رهن حياته السياسية على إبرام الاتفاق النووي مع القوى العالمية في عام 2015

 

وفيما تشبثت الدول الأوروبية والصين وروسيا بالاتفاق، تتخوف إيران من رهاناتها على خسارة ترامب وفوز منافسه جو بايدن. في المقابل، فإنّ ثمة من يرى أنّ فوز ترامب يلعب لصالح توسيع نفوذ المتشددين، الذين يزداد وزنهم في إيران، ويهيمنون على مزيد من السلطات. ويقول سنام وكيل، نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "من المرجح أن نرى فصائل متشددة تتنافس على المنصب، وبالنسبة لها فإنّ فوز دونالد ترامب يمثل فرصة لأنه يمنحها فرصة لتوطيد سلطتها". وإذا فاز بايدن، فسيواجه النظام الإيراني خياراً آخر، وهو الحاجة إلى رئيس يحصل على صفقة، ولديه علاقات ويعرف التضاريس، كما نقلت "بلومبيرغ"، الأمر الذي يعني أنّ أي صفقة خاصة باتفاق نووي جديد مع إيران ستبقى، ربما، مؤجلة حتى الصيف المقبل.

أسماء المرشحين المحتملين

فيما يلي بعض الأسماء التي هيمنت على الساحة السياسية الإيرانية حول من سيكون الرئيس المقبل لإيران:

1محمد باقر قاليباف - رئيس مجلس الشورى الإسلامي الإيراني

محمد باقر قاليباف

قاليباف قائد سابق للشرطة، ومنخرط قديم في صفوف الحرس الثوري الإيراني، وعمدة طهران السابق. وبرغم تشدده فإنه براغماتي؛ فهو يقدم نفسه على أنه منفتح ومعتدل مع حرصه على إبقاء الطبقات الدينية راضية عن القيم المحافظة. لقد تم تلطيخه إلى حد ما بمزاعم الفساد، ولا يحبه الناخبون المؤيدون للإصلاح، لكنه دعم على نطاق واسع الاتفاق النووي. وبصفته عمدة لطهران، فإنه أشرف على المشاريع الكبرى التي تنطوي على استثمارات أجنبية في إيران، معظمها من الصين. وتقول "بلومبيرغ"عنه: إنه سياسي طموح قام بالفعل بثلاث محاولات لينال منصب الرئيس، وسعى في السنوات الأخيرة إلى تحسين صورته.

2حسين دهقان - مساعد خامنئي ووزير الدفاع السابق

حسين دهقان

قام دهقان ببادرة نادرة بإعلان ترشيحه علانية. من المحتمل، وفقاً لـ"بلومبيرغ" أن تكون محاولة لاختبار الفكرة مع الناخبين والطبقة السياسية، ولا سيما الدوائر المحيطة بخامنئي. والأرجح أنه إما حصل على موافقة ضمنية من المرشد الأعلى أو يعرف أنه سيحصل عليها.

خدم دهقان، القائد القديم في الحرس الثوري الإيراني وزمن الحرب الإيرانية العراقية، كلاً من الرؤساء الإصلاحيين والمتشددين. لكن قربه من روحاني والخدمة في عهد الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي منحه بعض المصداقية لدى الناخبين المعتدلين. قال إنه يريد "إنقاذ الناس من الوضع الحالي"، مما يشير إلى أنه يريد حل المواجهة بين إيران والولايات المتحدة.

اقرأ أيضاً: إيران ومتاهة القوقاز

لكن في تحليل نشره "المعهد الملكي للخدمات المتحدة" في بريطانيا جاء أنّ التزام دهقان الجامح تجاه المرشد الأعلى متجذر في نظرته الأصولية للعالم، وكما هي متجذرة في الحرس الثوري الإيراني، والتي تعتبر خامنئي الزعيم المعصوم ليس فقط لإيران، ولكن للمجتمع الشيعي بأكمله. لقد أوضح دهقان ذلك عندما أخبر مير حسين موسوي، المرشح الإصلاحي للرئاسة، بقبول نتيجة الانتخابات الرئاسية لعام 2009 "حتى لو كان محقاً تماماً" بشأن النتائج المزورة لأنها كانت إرادة المرشد الأعلى!!. وبينما تُظهر كل النخبة الإيرانية ولاءها الخطابي لخامنئي، إلا أنّ تفاني دهقان العملي لـ "ولاية الفقيه" هو ما يجعله خياراً جذاباً لزعيم أعلى حريص على تأمين إرثه، بحسب المعهد البريطاني.

3محمود أحمدي نجاد - رئيس سابق

محمود أحمدي نجاد

الرئيس الإيراني بين عامي 2005 و 2013، في ذروة التوترات بين الولايات المتحدة وإيران بشأن برنامج تخصيب اليورانيوم في البلاد، لا يزال خيار أحمدي نجاد بعيداً. وتعتمد محاولته للعودة مجدداً على تدقيق مجلس صيانة الدستور، الذي رفض محاولته الترشح للمرة الثالثة في عام 2017. وعلى الرغم من تجنبه من قبل المؤسسة السياسية لهجماته على القضاء، إلا أنّ أحمدي نجاد يحتفظ بأتباع دينيين محافظين يعتبرونه حصناً ضد الطبقات السياسية النخبوية. وفي ظل حكم أحمدي نجاد، من المرجح أن تدخل علاقات إيران مع الولايات المتحدة وأوروبا مرحلة أكثر مواجهة.

4سعيد محمد - قائد تكتل "خاتم الانبياء" للإنشاءات

 

محمد هو من قدامى أعضاء الحرس الثوري الإيراني ويدير مجموعة البناء والإنشاءات الخاصة به. مع وجود المئات من الشركات التابعة، بالنسبة للعديد من الإيرانيين، ترمز "خاتم الأنبياء" إلى نفوذ الحرس الثوري على الاقتصاد. بذل محمد جهوداً أكبر للتفاعل مع وسائل الإعلام والظهور العام أكثر من سابقيه، مما يشير إلى بذل جهد نشط لبناء ملف تعريف.

اقرأ أيضاً: محاكمة دبلوماسي إيراني ببلجيكا: سفارات طهران وكر لتصفية المعارضين

خلال فترة ولايته، حصل "خاتم الأنبياء" على المزيد من العطاءات من قبل وزارة النفط الإيرانية - مسح العقود التي تم التخلي عنها أو لم تعد متاحة للشركات الأجنبية التي كانت حكومة روحاني تأمل في جذبها. وفي حين أنه يفتقر إلى الخبرة السياسية أو الكاريزما، كرئيس، قد يسعى محمد إلى المزيد من تعزيز نفوذ الحرس الثوري الإيراني على الاقتصاد الإيراني.

5عزة الله ضرغامي

عزة الله ضرغامي

ضابط سابق آخر في الحرس الثوري الإيراني، ترك ضرغامي الجيش لمتابعة مهنة السياسة والإعلام. اشتهر بأنه الرئيس السابق لإذاعة الدولة الذي أشرف على فترة من الرقابة المشددة وزيادة الإنتاج الديني والمحافظ. إنه حليف مقرب لأحمدي نجاد، ونشط على وسائل التواصل الاجتماعي، ويخوض في نقاشات حول الحقوق الاجتماعية. وهو محافظ اشتبك مع روحاني بشأن قوانين إلزامية غطاء الرأس واللباس الإسلامي للمرأة.

الخلاصة

في النظام الديني الاستبدادي الإيراني، لا تعدو الانتخابات سوى واجهة شكلية، ومع ذلك فإنّ نتيجة السباق الرئاسي العام المقبل يمكن أن يكون لها تأثير كبير على إيران في حقبة ما بعد خامنئي.

اقرأ ايضاً:إيران وتركيا... الإسلام السياسي مأزوماً

لقد أوضح المرشد الأعلى، البالغ من العمر 81 عاماً، أنه سيفعل كل ما في وسعه لضمان استمرار رؤيته القومية والدينية المتشددة، ويبدو، بحسب "المعهد الملكي للخدمات العامة" في بريطانيا أنّ دهقان يتناسب مع مواصفات خامنئي الساعي لتأمين إرثه المتشدد على كل المستويات: إقليمياً وداخلياً.

الصفحة الرئيسية