الجوع يضرب إيران.. هل يصلح هذا الكلام ليكون عنوانًا لما آلت اليه واحدة من أكثر البلدان ثروات وموارد؟
لِمّ لا وقد جاء هذا الكلام على لسان “جهان صنعت” وهي الصحيفة الإيرانية الرسمية الناطقة باسم عالم الصناعة الإيرانية ؟
تقرير الصحيفة يقول بأن قرابة 20% من الإيرانيين كانوا في عام 1979 تحت خط الفقر، ولكن في عام 1988 وصل هذا الرقم من الفقراء إلى حوالي 40%، وفي عام 2021، وصل عدد السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر إلى حوالي 60%.
هو خطأ نصف قرن .. هذا ماتقوله “جهان صنعت” وهي تحكي عن الفقر المدقع الذي يطال هذه النسبة من السكان، في حين يعصف التضخم بالاقتصاد الإيراني، وسط فساد مستشرٍ في ظل التدهور التاريخي لقيمة العملة.
إنه الفساد، والاختلاسات المالية الضخمة إلى حد إقرار النائب الأول للرئيس الإيراني إسحاق جهانجيري بتفشي الفساد في بلاده وهو الفساد المتصل بمقربين من رأس نظام ولاية الفقيه .
بيانات رصدتها وزارة الخارجية الأمريكية تقول بأن إجمالي ثروات المسؤولين الإيرانيين المتورطين بشبهات فساد تتخطى مليارات الدولارات، حيث كان آخرهم محافظ البنك المركزي الأسبق محمود بهمني (مقيم خارج إيران) المتهم بالاستيلاء على نحو 2.7 مليار دولار أمريكي من عوائد تصدير النفط الخام ومكثفات الغاز الإيرانية قبل سنوات، واعتبرت الخارجية الأمريكية عبر حسابها الرسمي باللغة الفارسية على موقع تويتر أن وجوه الفساد في إيران عديدة من بينهم يحيي رحيم صفوي القائد السابق لمليشيا الحرس الثوري والمستشار الخاص للمرشد الإيراني علي خامنئي.
وتتجاوز حصيلة ثروة صفوي مليارات الدولارات (غير محددة) حصل عليها نتيجة التلاعب في الأسواق المحلية، إلى جانب استخدامه ممارسات تجارية غير عادلة بغية تحقيق أرباح طائلة.
وتعتبر شركة سباهان لتكرير النفط (مستقلة) التي يديرها مصطفى صفوي شقيق مستشار خامنئي أحد أبرز أشكال الفساد في إيران، لكونها تحظى بدعم مباشر من مليشيا الحرس الثوري الإيراني..
ويستشري الفساد في جميع مفاصل المؤسسات الرسمية والموازية الإيرانية، حيث يتجاوز حجم ثروة مرشد نظام ولاية الفقيه علي خامنئي 200 مليار دولار أمريكي، في حين يقل أجر العامل الإيراني عن دولار واحد يوميا.
ويمتلئ ملف الفساد في إيران بالكثير من وجوه المسؤولين الآخرين، أشهرهم مكارم شيرازي الملقب بـ”سلطان السكر”، حيث أغرق الأسواق على مدار عدة سنوات مضت في مقابل تحقيق ثروة قدرت بـ100 مليون دولار أمريكي.
وعلى مستوى المسؤولين الإيرانيين البارزين المتورطين بشبهات فساد ضخمة، يأتي حسن فيروز آبادي الرئيس السابق لهيئة الأركان العامة للجيش الإيراني المتهم بالاستيلاء على فيلا أثرية مساحتها 10 الآف متر مربع منذ ربع قرن، حيث كانت تعود ملكيتها للنظام البهلوي الملكي الذي حكم البلاد منذ عشرينيات القرن الماضي حتى عام 1979.
وحصل آبادي المقرب من خامنئي على الفيلا المذكورة بناء على إذن من الأخير باعتبارها مكتبا سريا لمباشرة مهام عمله من هناك، دون وجود ثمة وثائق تتيح له الاستحواذ على هذا المبنى التاريخي.
ويبرز اسم صادق آملي لاريجاني رئيس السلطة القضائية الإيرانية السابق ضمن قائمة الفاسدين بإجمالي ثروة تتجاوز 300 مليون دولار، حصل عليها نظير اختلاس أموال عامة في حساباته المصرفية.
ويُتهم لاريجاني بجنى ثروة عبر فتح حسابات بنكية سرية بغية جمع كفالات المالية للمتهمين قضائيا في جرائم قتل.
الفقر والجوع والفساد، وسيضاف الى هذا الثالثوت “كبت الحريات” لابد ودفع الشارع الإيراني للتظاهر والاحتجاج، وكعادتها ذهبت الصحافة العربية الموالية لنظام الملالي إلى إحالة الاحتجاجات الشعبية الإيرانية لـ “المؤامرة” محرّضين على إنهاء هذه الاحتجاج بالعنف.
تمامًا كما كان حال هذه الصحافة بمواجهة “ثورة السوريين” التي وصفوها بـ “منتّج مؤامرة الخارج”، كما لو أن الخارج هو الذي أجاع وافقر الناس، تمامًا كما لو أن ناهبي البلاد وفاسدوها لم يجعلوا الرغيف حلمًا والناس يفترشون الأرصفة، فيما لصوص البلاد يلتهمون البلاد.
عن "مرصد مينا"