بدأت مبادرات التعاون التكاملي بين السعودية والإمارات تأخذ مجالها التنفيذي على أرض الواقع، في إطار شراكة إستراتيجية، تستهدف ترسيخ الأمن الاقتصادي لكلا البلدين، وتطوير التعاون الثنائي عبر تقريب التشريعات في كلا البلدين، لتكون أكثر استجابة في إدارة الأزمات، خصوصاً المتعلقة بأمن الإمدادات وتسيير الطوارئ والسيطرة على المخاطر.
عقدت اللجنة التنفيذية لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي اجتماعها الأول للإعلان عن المبادرات الجاهزة للإطلاق في إطار "إستراتيجية العزم"
وقد عقدت اللجنة التنفيذية لمجلس التنسيق السعودي -الإماراتي اجتماعها الأول للإعلان عن المبادرات الجاهزة للإطلاق في إطار "إستراتيجية العزم"، ولتنفيذ الرؤية المشتركة للتكامل بين البلدين.
وتضم اللجنة 16 عضواً، من بينهم 7 وزراء من الجانب الإماراتي، برئاسة محمد القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء، من الجانب السعودي محمد التويجري وزير الاقتصاد والتخطيط.
وأعلنت اللجنة عقب اجتماعها في أبو ظبي أمس عن إطلاق 7 مبادرات إستراتيجية، وعلى رأسها العملة الافتراضية المشتركة لتجسد التكامل الثنائي في مجالات الخدمات، والأسواق المالية، والطيران، وريادة الأعمال، والجمارك، وأمن الإمدادات وغيرها.
العملة الافتراضية الإلكترونية
فقد تم خلال الاجتماع إطلاق العملة الافتراضية الإلكترونية التجريبية، ويقوم مشروع العملة الافتراضية على تجربة تقنية "بلوك تشين" في إنشاء عملة رقمية موحدة بين البلدين واستخدامها بين البنوك المشاركة في المشروع بشكل تجريبي، وتعتمد العملة الافتراضية على استخدام قاعدة بيانات موزعة بين البنكين المركزيين والبنوك المشاركة، بهدف دراسة العملات الرقمية وكيفية إصدارها وتداولها، وفهم التقنيات المستخدمة والتأثيرات الفنية والتشغيلية على البنية الحالية، وذلك لتحديد تأثير إصدار عملة مركزية رقمية على السياسات النقدية.
اقرأ أيضاً: باكستان تدير بوصلتها السياسية صوب السعودية والإمارات لتحاشي إيران
وكان محافظ المصرف المركزي الإماراتي، مبارك راشد المنصوري، قد صرّح الشهر الماضي بأن المصرف يعمل بالتعاون مع مؤسسة النقد العربي السعودي (المصرف المركزي السعودي) على مشروع مشترك فريد من نوعه يستفيد من تقنية "البلوك تشين" (قاعدة البيانات التسلسلية) وتقنيات التشفير لإصدار عملة رقمية مشتركة مقبولة في التعاملات العابرة للحدود بين البلدين، ومن المتوقع الانتهاء من النموذج الخاص بهذه العملة العام الجاري 2019. وأكد المنصوري، كما نقلت صحيفة "الاتحاد" الإماراتية، أنه قد تكون هذه المرة الأولى التي نشهد فيها هذا النوع من التعاون في هذا المجال من السياسات. وأعرب عن أمله أن يؤدي نجاح هذه المبادرة إلى تشجيع قيام حالات مشابهة من التعاون على مستوى منطقة دول مجلس التعاون الخليجي وعلى مستوى العالم ككل.
اقرأ أيضاً: هكذا هزمت السعودية والإمارات المشروع الطائفي في اليمن
وكان موقع "نيوز. بتكوين. كوم" أكد في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي أنّ الإمارات صارت مقراً رئيسياً وعالمياً لتقنية "البلوك تشين" وتَبَني العملات الرقمية، كما نقلت صحيفة "البيان" الإماراتية.
تسهيل انسياب الحركة في المنافذ
وتم كذلك إطلاق مبادرة تسهيل انسياب الحركة في المنافذ، يُصار من خلالها التنسيق في التعاون الجمركي لضمان انسيابية الحركة في المنافذ الجمركية عبر اعتماد "نظام المسار السريع" والتنسيق الثنائي لتطبيق المشغل الاقتصادي المعتمد. وتعزز المبادرة مفهوم الشراكة بين الجمارك والمنشآت التجارية، بالإضافة إلى تعزيز أمن سلسلة الإمدادات العالمية، وتوفر مزايا أكثر لتسهيل التجارة بين البلدين. ويبلغ حالياً عدد الشركات المدرجة في برنامج المشغل الاقتصادي 41 شركة من المملكة العربية السعودية و 40 شركة من دولة الإمارات العربية المتحدة، كما أوردت صحيفة "البيان" الإماراتية.
منصة سعودية-إماراتية لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة
وجرى إنشاء منصة مشتركة تتيح للشركات السعودية والإماراتية المسجلة في المنصات المعتمدة من قبل الدولتين من الاستفادة من المشتريات الحكومية المخصصة، وفتح المجال للمنشآت الصغيرة والمتوسطة من البلدين للمنافسة والمعاملة بالمثل على المشتريات الحكومية الاتحادية من خلال منصة المشتريات الحكومية الاتحادية للبرنامج الوطني الوطنية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة وفق الإجراءات المتبعة في الإمارات، ومن خلال منصة "اعتماد" السعودية وفق الإجراءات المتبعة في المملكة.
برنامج الوعي المالي للصغار
وتهدف مبادرة برنامج الوعي المالي للصغار إلى رفع كفاءات الوعي المالي وتعزيز مفاهيم الادخار والإنفاق الذكي لدى الذكور والإناث ما بين 7 أعوام و 18 عاماً بممارسة العمل التجاري وتمكينهم من المهارات الريادية، ومحاكاة عالم الأعمال؛ بما يخدم مبادرة تطوير ونشر برامج ومحتوى ثقافة العمل الحر، ويتضمن البرنامج مرحلتين:
يقوم مشروع العملة الافتراضية على تجربة تقنية "بلوك تشين" في إنشاء عملة رقمية موحدة بين البلدين
الأولى، تتمثل بتزويد الصغار بالمهارات المالية والشخصية اللازمة من خلال دورات تدريب مخصصة.
أما المرحلة الثانية فتتمثل بالتطبيق العملي؛ حيث يُقام معرض التاجر الصغير للوعي المالي يعرض من خلاله المشاركين مشاريعهم من خلال تجربة شخصية حقيقية تحاكي واقع الأعمال والاستثمار مما يترك فيهم بالغ الأثر في معرفة قيمة المال وأهمية ادخاره واستثماره، واكتشاف توجهاتهم وأهدافهم الحياتية وبناء مهارات مالية وشخصية متعددة.
تمرين مشترك لاختبار منظومة أمن الإمدادات
ويهدف التمرين المشترك لاختبار منظومة أمن الإمدادات اختبار منظومة أمن الإمدادات وسلاسل الإمداد في القطاعات الرئيسية في البلدين أثناء أزمة أو كارثة والوقوف على نقاط التحسين ووضع خطة تنفيذ لمعالجتها، حيث سيساهم التمرين المشترك في بناء آلية للتواصل المباشر والتحكم والسيطرة على المخاطر بين وحدة المخاطر الوطنية والهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، والتنسيق خلال أوقات الطوارئ، بالإضافة إلى مشاركة الخبرات والمعرفة والتجارب المتعلقة بأمن الإمدادات وإدارة المخاطر بين البلدين.
تعزيز تجربة المسافرين من ذوي الهمم
ويتم من خلال مبادرة تعزيز تجربة المسافرين من ذوي الهمم (ذوي الحاجات الخاصة) توحيد الإجراءات والتسهيلات والتشريعات الخاصة بأصحاب الهمم وتسهيل سفرهم من خلال خلق مطارات صديقة لذوي الهمم في البلدين، وتوحيد إجراءات السفر، والتشريعات الخاصة بذوي الهمم في البلدين، بالإضافة إلى تعزيز التعاون بين البلدين في مجال تطوير الخدمات المقدمة للمسافرين من ذوي الهمم، ومن المقرر أن يتم تطبيق المعايير المعتمدة للمسافرين من ذوي الهمم بشكل مشترك بين البلدين، وتدريب العاملين بالمطارات على تطبيق المعايير السليمة التي تكفل حقوق المسافرين من ذوي الهمم، بالإضافة إلى تطوير الأنظمة والمعايير واللوائح الخاصة بإجراءات سفر الشريحة المستهدفة.
السوق المشتركة للطيران المدني
وتهدف السوق المشتركة للطيران المدني إلى تحقيق التكامل والتعاون الشامل في قطاع الطيران المدني في المجالات الحيوية ومنها الملاحة الجوية، والسلامة والأمن، والتحقيق في الحوادث الجوية، ويعتبر سوق الطيران المشترك مرحلة متقدمة من مراحل التكامل الاقتصادي باعتبار أنّ كلا البلدين من أكبر الاقتصاديات في المنطقة، حيث سيكون هذا السوق من أكبر أسواق الطيران في العالم، وسينعكس إيجاباً على الناتج القومي لكلا البلدين، كما سيكون له أثر كبير في النمو الاقتصادي من خلال التقارب في التشريعات الخاصة بالطيران المدني بين البلدين، كما أوردت صحيفة "البيان".
اقرأ أيضاً: ما الذي تفعله السعودية والإمارات في المنطقة ؟
يذكر أنّه جرى إنشاء "مجلس التنسيق السعودي –الإماراتي"، ضمن اتفاق بين الإمارات والسعودية في حزيران (يونيو) عام 2016، وجرى التوقيع على اتفاق إنشاء المجلس بحضور العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهد أبوظبي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في جدة.
ومن ضمن أهداف المجلس الرئيسية، تحقيق رؤية مشتركة تتمحور في إبراز مكانة الدولتين في مجالات الاقتصاد والتنمية البشرية والتكامل السياسي والأمني العسكري، وصولاً لتحقيق رفاه مجتمع البلدين.