ثلاثة مراكز تجعل السعودية والإمارات ومصر تحتل الصدارة في مكافحة التطرف

ثلاثة مراكز تجعل السعودية والإمارات ومصر تحتل الصدارة في مكافحة التطرف


12/08/2018

أصدر المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية كتابا جديدا يحمل عنوان “مكافحة التطرف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”، من تأليف كبار خبراء مكافحة التطرف الإيطاليين، لورينزو فيدينو، وباولو ماغري، وجينا كونسيغلي.

وتحدث المؤلفون عن الجهود الحكومية العربية لمكافحة التطرف، وسلطوا الضوء على جهود استثنائية متميزة من قبل 3 حكومات عربية هي السعودية والإمارات ومصر. ويرى مؤلفو الكتاب الصادر عن المعهد الإيطالي أن حكومات المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وجمهورية مصر، عملت على مكافحة التطرف لمعالجة عوامل الجذب الأيديولوجي، التي تستخدمها الجماعات المتطرفة في تجنيد الآلاف في صفوفها. واتخذت هذه الحكومات تدابير هامة للسيطرة على محتوى الرسائل الدينية التي تصل إلى مواطنيها.

وبما أن جزءا كبيرا من نجاح التنظيمات الإرهابية اعتمد على الإنترنت، لم تقتصر الجهود الحكومية على مكافحة التطرف في الميدان، بل شملت كذلك الفضاء الإلكتروني. وعند الحديث عن الجهد المتميز الاستثنائي، لا بدّ من تسليط الضوء على هذه الدول الثلاث التي افتتحت مراكز متخصصة في مكافحة التطرف، بغرض استهداف المحتوى الذي تقدمه الجماعات المتطرفة عبر الإنترنت. وقد كللت هذه الدول جهودها بإطلاق مراكز مكافحة تطرف، حملت الأسماء التالية: مركز “صواب” في الإمارات، ومركز “اعتدال” في السعودية، و”مرصد الأزهر” في مصر بتمويل إماراتي.

قامت المراكز المذكورة بتحدي ومجابهة المحتوى المتطرف، وجمعت معلومات ديموغرافية حول عناصر التنظيمات الإرهابية على الإنترنت، وحللت الاتجاهات، ونشرت روايات مضادة للفِكر الأيديولوجي المتشدد. وفي بعض الأحيان، تعاونت هذه المراكز في نشر “هاشتاغات” تروج للتسامح والاعتدال على مواقع التواصل الاجتماعي.

وردا على استخدام بعض المساجد كمنابر تدعو إلى التطرف، عملت الحكومات الثلاث على تصويب أوضاع تلك المساجد، وسحب رخص الأئمة المتطرفين، وكذلك تقديم مقترحات حول خطب دينية تدعو إلى التسامح بين الناس. وقد شرعت المعاهد الدينية التي تديرها الحكومات الثلاث في إجراء حملات توعية متميزة، من خلال استضافة حوارات دينية مع المجتمعات المحلية، عملت خلالها على تنظيم حملات التسامح والاعتدال في الإسلام، وذلك في المدارس والمساجد والأماكن الرياضية.

كما افتتحت مراكز تدريب لتعليم الأئمة طرق تصميم الفتاوى، ومواجهة التفسيرات المتطرفة للإسلام، سواء كان ذلك في المساجد أو حتى داخل المجتمعات. وبالإضافة إلى هذه التدابير، قامت الحكومات الثلاث بتوسيع قوانين مكافحة الإرهاب، وأعطت صلاحيات واسعة لإلقاء القبض على الإرهابيين وإدانتهم.

وتُعتبر دولة الإمارات نموذجا متطورا للوسطية ومكافحة التطرف العنيف؛ فقد تبنت خلال السنوات القليلة الماضية استراتيجية واسعة لتطوير البنية التحتية القانونية لمواجهة التطرف، ودفعت مؤسساتها التعليمية إلى تبني نظم الإسلام المبنية على تعزيز الحوار والتسامح والوسطية والاعتدال، إلى جانب برامج تدريبية جديدة للأئمة، إدراكًا منها بمخاطر استخدام الدين في تعزيز الأيديولوجيات المتطرفة. وقد أطلقت الإمارات العام 2013 مركز هداية لمكافحة التطرف العنيف، الذي أجرى أبحاثًا وتحليلات معمقة شملت كل جانب من جوانب التطرف العنيف، وأنشأت بموجبه برامج لبناء القدرات، وتحسين الحوار، والتواصل داخل المجتمعات.

وقد ركّز “هداية” كذلك على تحسين دور الشباب والنساء والمعلمين وقادة المجتمع المدني، وقدّم توصيات لإصلاحات اجتماعية مهمة، مثل مذكرة أبوظبي التي صدرت عام 2014. ركزت هذه المذكرة على أهمية مكافحة التطرف العنيف في قطاع التعليم، وقدمت تفاصيل هامة حول تكييف مكافحة التطرف العنيف في المدارس الابتدائية والثانوية، دون علمنة الأنظمة التعليمية فيها.

تبنت الحكومة السعودية عددا من المبادرات لتعزيز اعتدال الخطاب الديني في البلاد، فقد أنشأت معهدين حكوميين لمواجهة الفِكر المتطرف، وأطلقت حملات توعية عامة، وشرعت في إصلاح مناهجها الدينية وفق رؤيتها لعام 2030، كما وسّعت قانون مكافحة الإرهاب في عام 2014 وعام 2017.

وفي عام 2016، افتتح السعوديون مركزا للحرب الأيديولوجية داخل وزارة الدفاع، عمل على مواجهة الروايات المقدمة من قبل المنظمات الإرهابية. وفي عام 2017، أطلقت السعودية المركز العالمي لمكافحة الفِكر المتطرف، الذي حمل اسم “اعتدال”. وقد عمل “اعتدال” على جمع دول العالم للمشاركة في جهد موحدٍ لمحاربة التطرف عبر الإنترنت. وقد شرع المركز السعودي بالفعل في تحقيق رؤيته المتمثلة في محاربة الأيديولوجيا المتطرفة وتعزيز الاعتدال، وكذلك مكافحة الأيديولوجيا المتطرفة بشكل استباقي نشط، بالتعاون مع حكومات ومنظمات ذات صلة.

كما أطلقت الحكومة السعودية حملات توعية عامة، عملت على تثقيف المواطنين حول مخاطر الانضمام إلى المنظمات الإرهابية. وبثت الحكومة إعلانات حول حملاتها عبر التلفزيون والمدارس والمساجد والأماكن الرياضية لتحذير المواطنين من مخاطر الفِكر الأيديولوجي العنيف. وفي سعيها نحو كبح المتطرفين عن استغلال دور العبادة في الترويج للفِكر المتطرف، فرضت الحكومة قيودًا على بعض الأئمة، الذين لعبوا دورا في تصدير التطرف، وجمعوا تبرعات نقدية لصالح أعمال ليست خيرية.

في فبراير 2014، أصدرت الحكومة السعودية مرسومًا ملكيًا يهدد بحبس أي مواطن يقاتل في الخارج لمدة تتراوح بين 3 سنوات و20 سنة، وأيضا أولئك الذين يقدمون الدعم المعنوي أو المادي للمنظمات الإرهابية داخل المملكة أو خارجها. وفي العام 2017، وسّعت الحكومة السعودية مرة أخرى نطاق القانون، ليجعل العقوبات المفروضة على دعم العمليات الإرهابية أكثر شدة.

منذ قدومه إلى السلطة، دعا الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى إصلاحات دينية كبيرة. وتحت قيادته، ضغطت الحكومة لإجراء تغييرات في المؤسسات الدينية الرئيسة الثلاث – دار الإفتاء، ووزارة الأوقاف، وجامعة الأزهر. في عام 2015، أطلقت دار الإفتاء المصرية مبادرة لتأسيس أمانةٍ عامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم. من خلال إنشاء مركز عالمي، هدفت دار الإفتاء المصرية إلى الحدّ من الفتاوى المتطرفة الصادرة عن رجال الدين المتشددين، فضلًا عن مواجهتها بالسبل كافة.

ومن أجل تنظيم الفتاوى الدينية وضمان ابتعادها عن الأيديولوجيات المتطرفة، من المتوقع أن يصوت البرلمان المصري خلال الفترة القصيرة المقبلة على مشروع قانون يسمح فقط لرجال الدين المتخصصين بإصدار الفتاوى، بما يشمل رجال الدين من مجلس علماء الأزهر الكبار، ودائرة الإفتاء، وإدارة الفتوى العامة التابعة لوزارة الأوقاف. كما قامت دار الإفتاء بتدريب رجال الدين على إصدار فتاوى جديدة من خلال مراكز تدريبية عالمية. وبالإضافة إلى هذه الجهود، أرسلت دار الإفتاء علماء مسلمين إلى مجتمعات تعتبر أرضية خصبة للتطرف، أجروا فيها مناقشات دينية، أما وزارة الأوقاف، فقد أجرت إصلاحات على المساجد التي تروج لوجهات نظر أيديولوجية متطرفة.


عن "العرب" اللندنية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية