كيف يتلاعب الإخوان بمسلمي أمريكا من أجل التصويت لبايدن؟

كيف يتلاعب الإخوان بمسلمي أمريكا من أجل التصويت لبايدن؟


02/11/2020

ينشط الإخوان المسلمون في أمريكا في دعم حملة المرشّح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية، جو بايدن، ضدّ خصمه الرئيس الحالي، دونالد ترامب، لأسباب خاصة بالجماعة في المقام الأول، لكنّهم يحولونها إلى أسباب تؤطر المجتمع المسلم في أمريكا.

ويهدف الإخوان إلى الخلاص من الرئيس ترامب، بسبب رفضه لخطة أوباما – الديمقراطيين، لتمكين الإخوان المسلمين من حكم البلاد العربية والإسلامية،  وتضييقه على نشاط المنظمات التي تتبع الإخوان المسلمين في أمريكا، وعجزهم عن بناء مجموعات ضغط على إدارته، ودعمه للدول العربية التي تخلّصت من هيمنة الإخوان.

يستهدف الإخوان الناخبين المسلمين عن طريق الاتصالات الهاتفية، والرسائل الإلكترونية، وزيارات طرق الأبواب، بما يشكّل انتهاكاً لخصوصية المسلم كمواطن أمريكي، كما أنهم يشوهون صورة ترامب

ولا يستطيع الإخوان حشد المسلمين باسم هذه الأسباب؛ لذلك يتوارون خلف خطاب مصطنع باسم "قضايا المجتمعات الإسلامية"، يقوم على فصل المسلمين عن الأمة الأمريكية، وتحويلهم إلى مجتمعات معزولة، تعاني من الاضطهاد والتمييز.

ومن خلال فكرة الأقلّية، يجد الإخوان المفتاح الذهبي للتغلغل في المؤسسات والإعلام، ويحصلون على تمييز إيجابي نتيجة توظيفهم في لعبة السياسة بين الحزبَين الكبيرَين؛ الحزب الديمقراطي، والحزب الجمهوري.

ثمة من يعتقد أنّ الإخوان نجحوا في التغلغل داخل أروقة الديمقراطيين، الذين يصوّرون أنفسهم على أنّهم الداعمون للأقليات، والدعاة للانفتاح، بينما الجمهوريون هم ممثلو العنصرية البيضاء، لكنّ الوجه الآخر لهذه اللعبة هو تعزيز انفصال المسلمين عن المجتمع الأمريكي، واستعداء نصف الشعب، من المؤيدين لترامب، لكلّ ما هو إسلامي، حين يرون الصوت الإسلامي منحازاً إلى التكتّل المؤسسي - الإعلامي ضدّ ترامب.

اقرأ أيضاً: لماذا يريد قادة الإخوان في أمريكا تقويض الحضارة الغربية؟

وفي سبيل الوصول لمراكز صنع القرار، وقادة الرأي العام، تحديداً المرتبطة بالديمقراطيين، والمؤسسات والشخصيات ذات الصلة، بما يعرف باسم الصوابية السياسية، أو "Political correctness" لبس الإخوان عباءة الحريات، فباتوا مناصرين لحقوق اليهود والمثليين والأقليات.

ولا لوم على المجموعات الإثنية والجنسية، لكن على الإخوان الذين يبدّلون جلدهم، كي يحققوا مصالح التنظيم الدولي للإخوان، ولولا هذه التقية لما فتح الحزب الديمقراطي بابه للإخوان، ولما حازوا هذا القبول في الإعلام، ولما استقبلتهم المنظمات اليهودية.

منظمة كير: ذراع الإخوان

عام 1992 أعلن ثلاثة من الشباب الأمريكي المسلم، تأسيس مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (كير)، وهم؛ نهاد عوض، وعمر أحمد، وكلاهما من أصل فلسطيني، والثالث، إبراهيم هوبر، كندي اعتنق الإسلام.

نهاد عوض، المدير التنفيذي لكير

وموّل المجلس في البداية عمر أحمد، الذي صار رئيساً لمجلس إدارته، وشغل نهاد عوض منصب المدير التنفيذي، وعُهدت إلى إبراهيم هوبز شؤون الاتصال، وهي مهمة كبيرة وخطيرة في الولايات المتحدة، التي تتولى الاتصال بالجهات الحكومية، والإعلام، والمنظمات المدنية، والأحزاب، وغير ذلك.

ووقع اختيارهم على واشنطن، كمقر للمجلس، ليكون قريباً من مركز صناعة القرار، بما يتيح لهم التغلغل في أروقة المؤسسات الأمريكية. وينشط المجلس في تأهيل المنتسبين، ودعمهم للالتحاق بدراسة المجالات الإعلامية، وفق رؤية محددة سلفاً، للانتشار إعلامياً، بما يخدم مصالح المجلس، ومن ورائه الإخوان المسلمين.

اقرأ أيضاً: الإخوان والانتخابات الأمريكية: فترة أوباما العصر الذهبي لجماعات التطرف

ويتّهم المجلس بتورّطه في تمويل جماعات مصنفة إرهابياً، مثل تنظيمَي القاعدة وحماس، والجماعات المسلحة في دول عربية وإسلامية مختلفة.

وحول تمويل المجلس، يقول الباحث السعودي في شؤون الجماعات الإسلامية، غيث التميمي: "يأتي التمويل بشكل أساسي من قطر، ثم من الإخوان المسلمين الكويتيين، وتركيا، وغيرهم من الإخوان المنتشرين في أمريكا وغيرها من الدول".

اقرأ أيضاً: بايدن أم ترامب.. هل تشهد أمريكا مفاجأة مدوّية في نتائج الانتخابات؟

وعن نشاط الإخوان بين المسلمين، يقول الناشط الليبي، المقيم في أمريكا، مفتاح فرج ياسين: "أغلب المسلمين القدامى نوعان؛ منفتح جداً، ومتعايش بشكل طبيعي، أو إخواني، أو شخص يرى أنّ الإخوان ممثلون جيدون للإسلام، فيتعاطف معهم، ويتردّد على المراكز الإسلامية، التي يتمّ توجيهه عبر أنشطتها، بما يخدم رؤية الإخوان، خصوصاً أنّ الإخوان اجتماعيون في أمريكا، وناجحون اجتماعياً".

إحدى فعاليات كير

وينخدع أغلب الأمريكيين بمؤسسة كير الإخوانية، حين يرونها على علاقة وطيدة بالإثنيات، والمجموعات الداعمة للحقوق الجنسية، وغيرها، وحول ذلك يقول المواطن الأمريكي، ستيفن ميلر: "ربطت كير نفسها بالمثليين والمثليات، وبقية المجموعات التي يكون مصيرها السجن في معظم دول الشرق الأوسط، أو حتى مصير أسوأ من ذلك، وذلك أمر غريب حقاً".

اقرأ أيضاً: الانتخابات الأمريكية: لماذا يسعى الإخوان لسرقة أصوات المسلمين؟

ويردف ميلر، لـ "حفريات": "كان لديّ صديق مثلي، يدعم مؤسسة كير، وعندما أخبرته بتناقض موقف القائمين عليها مع حقيقتهم في البلدان العربية، اضطرب صديقي، وأصيب بصدمة، لكن لا يفاجئني هذا، فهم يتبنون إزدواجية في الخطاب".

وتكشف الشهادة السابقة إتقان الإخوان للتلوّن والتخفّي من أجل تحقيق هدفهم، ببناء علاقات قوية مع مراكز التأثير وصنع القرار في أمريكا، لخدمة أهدافهم كجماعة الإخوان، لا لدعم اندماج المسلمين، كمواطنين أمريكيين.

لماذا بايدن؟

استفاد الإخوان من العلاقة الوطيدة التي تجمعهم بالحزب الديمقراطي، للتأثير في مجرى السياسة الأمريكية لصالح المؤيدين لهم، فدعموا بيرني ساندرز في الانتخابات التمهيدية للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي، ثم انتقلوا إلى دعم بايدن.

اقرأ أيضاً: "الإسلاموفوبيا" فخ غربي أم صناعة إسلامية؟

وفي ذلك يقول غيث التميمي، لـ "حفريات": "يدعم الإخوان الديمقراطيين في كلّ استحقاق انتخابي، فالحزب الديمقراطي هو من دعم الإخوان في عهد أوباما للوصول إلى السلطة في عدّة بلدان عربية، بعد أحداث 2011، وتجمعهم علاقة وطيدة؛ لذلك يقف الإخوان بكلّ قوة خلف بايدن".

النائبتان بالكونغرس؛ إلهان عمر، ورشيدة طالب

ويضيف مفتاح فرج ياسين، لـ "حفريات": "هناك توجه واضح للمراكز الإسلامية، خاصة منظمة كير، ذات الشبهات الإخوانية، لدعم بايدن، ضدّ ترامب، الذي شدّد الرقابة عليهم فحجموا أنشطتهم، وباتت حركتهم مقيدة، حتى إنّ الرؤوس الكبيرة من الإخوان انتقلوا إلى تركيا، بشكل مؤقت، هرباً من متابعة أنشطتهم".

الباحث السعودي في شؤون الجماعات الإسلامية، غيث التميمي لـ"حفريات": هناك طريقتان تستخدمها منظمة كير الإخوانية لحشد الأصوات لصالح بايدن والديمقراطيين؛ الأولى المال القطري، والثانية باستخدام الأيديولوجيا

ويردف ياسين: "الإخوان نشيطون جداً، ويتحرّكون كالنحل لحشد الدعم لهم، وتغيير الأفكار لصالحهم، ويتقرّبون إلى ذوي المراكز المهمة في الخارجية ومجلس النواب، وغيرها من مؤسسات الدولة، ويستغلون انفتاح الحزب الديمقراطي والحزب الليبرالي على الجميع، للحصول على الدعم، واستمالة العواطف والآراء لصالحهم، بنشر الأكاذيب حول مظلومية الإخوان في البلاد العربية، وتصوير أنفسهم كأنّهم ديمقراطيون، تعرّضوا للإقصاء على يد النظم الديكتاتورية في بلدانهم، حتى صار الحزب الديمقراطي حاضنة لهم".

خداع المسلمين للتصويت لبايدن

وتتلاقى مصالح الإخوان مع الديمقراطيين؛ لذلك يدعمون بايدن بقوة، وتقف المنظمات الإسلامية الإخوانية، مثل كير ، في صفّ بايدن، وتهاجم ترامب، وتصوّره على أنّه عنصري، يبغض المسلمين، بهدف تشويه صورته بين الأمريكيين المسلمين.

ويرى الإخوان في الحزب الديمقراطي سلّماً للوصول إلى مراكز صنع القرار، ويترشّحون على قوائم الحزب الانتخابية، مثلما فازت كلّ من؛ إلهان عمر، ورشيدة طالب في انتخابات مجلس النواب، بدعم كبير من الإخوان المسلمين.

اقرأ أيضاً: هل يكون بايدن طوق النجاة للإخوان المسلمين؟ وما هي وعوده للجماعة؟

ويمارس الإخوان كلّ أنواع الخداع للحشد لبايدن، ويوضحها الباحث السعودي في شؤون الجماعات الإسلامية، غيث التميمي، بقوله: "هناك طريقتان تستخدمها منظمة كير الإخوانية لحشد الأصوات لصالح بايدن والديمقراطيين؛ الأولى باستخدام المال القطري، والثانية باستخدام الأيديولوجيا".

أحد الدعاة في كير

ويردف التميمي، لـ "حفريات": "بالنسبة إلى استخدام الأموال؛ يذهبون إلى هيئات إعلامية وأكاديمية صغيرة، ويطلبون منهم بطرق مدروسة عمل توصية، أو تأييد، لصالح الديمقراطيين وبايدن، مقابل تقديم دعم، يتمثّل في تبرّع يلبّي ما ينقصهم، مثل بناء قاعات دراسية وغير ذلك".

اقرأ أيضاً: ماذا لو خسر ترامب.. هل تتحرك ميليشيات وتثير الفوضى

أما عن الطريقة الثانية، وهي التأثير في المسلمين أيديولوجياً، فيقول الباحث التميمي: "هذه الطريقة هدفها توجيه الرأي العام للمسلمين، عن طريق الدعاية الموجهة، بشكل غير مباشر، لصالح بايدن والديمقراطيين، ومن ذلك؛ إعداد استطلاعات رأي كاذبة، لا يوجد أساس علميّ لها، بهدف إظهار تأييد أغلب المسلمين لبايدن، حتى يشعر كلّ مسلم أنّ عليه اتباع رأي الأغلبية المسلمة، وآخر استطلاع للرأي، في تشرين الأول (أكتوبر)، أظهر أنّ 71% من المسلمين سيصوتون لبايدن، وذلك غير صحيح".

اقرأ أيضاً: مستقبل غامض للمسلمين الأمريكيين بعد الانتخابات.. ما علاقة الإخوان؟

ويؤكّد ما ذهب إليه التميمي، قول ستيفن ميلر، لـ "حفريات": "كمواطن أمريكي، أستغرب جداً من استطلاع الرأي، الذي يقول إنّ 71% من المسلمين سيصوتون لبايدن، كيف توصلوا لهذا؟!".

 كذلك أشار التميمي إلى استغلال الإخوان للمحاضرات الدينية في المساجد لمهاجمة ترامب، ووصمه بالعنصرية، حتى يظن المسلم أنّ تصويته له خطأ، وأنّ عليه دعم بايدن الذي يحظى برضا الدعاة.

اقرأ أيضاً: أمريكا والإخوان.. "عقد زواج عرفي" بين المصالح والمطامع

ويستهدف الإخوان الناخبين المسلمين عن طريق الاتصالات الهاتفية، والرسائل الإلكترونية، وزيارات طرق الأبواب، بما يشكّل انتهاكاً لخصوصية المسلم، كمواطن أمريكي.

وذكر التميمي؛ أنّ الإخوان يشوّهون صورة ترامب بكلّ ما لديهم، ومن ذلك حين نشر ترامب صورتين؛ واحدة لبايدن مرتدياً عمامة إيرانية، وصورة لنانسي بيلوسي مرتدية حجاباً إيرانياً، كسخرية منهما على ولائهما لإيران، لكنّ الإخوان أعادوا نشر هاتين الصورتين على أنّ ترامب يسخر من الإسلام والمسلمين.

ويقول التميمي: "هذه الأساليب هيَ ما جعلتهم ينجحون بإيصال مرشّحتين إلى الكونجرس، وهما رشيدة طالب، وإلهان عمر".

ويبلغ عدد المسلمين في الولايات المتحدة 3.45 مليون نسمة، وفق دراسة لعام 2017، ويقدر عدد من لهم حقّ التصويت بمليون ناخب، وفق دراسة لعام 2020.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية