تتعرض باكستان لموجة فيضانات كارثية، خلّفت مئات الضحايا، فوفقاً لأحدث تقرير عن الهيئة الوطنية لإدارة الكوارث (NDMA)، لقي نحو 1162 شخصاً حتفهم، جراء الفيضانات المدمرة التي اجتاحت البلاد، منذ 14 حزيران (يونيو) الماضي، وحتى أمس، كما أصيب نحو 3554 شخصاً، بينما نفقت أكثر من 30 ألف رأس من الماشية.
بدورها، تبذل الحكومة الباكستانية جهوداً جبارة لإغاثة المناطق المنكوبة، حيث أرسلت هيئة إدارة الكوارث في مقاطعة خيبر باختونخوا، المزيد من مواد الإغاثة إلى ضحايا الفيضانات في منطقة ناوشيرا، وبحسب المدير العام للهيئة، فإنّ إمدادات الإغاثة التي وصلت ناوشيرا، تشمل أكثر من 900 مرتبة، و800 بطانية، و200 فرشة بلاستيكية، و 50 مجموعة من أدوات النظافة، كما تمّ إرسال عشر مضخات نزح، ومئة بطانية أطفال إلى ضحايا الفيضانات.
وبحسب مدير الهيئة، فقد صُرفت تعويضات تقدر بنحو مئتين وعشرين مليون روبية، لإحدى عشرة منطقة متضررة، خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية.
وتقول حكومة السند إنّ 468 شخصاً لقوا مصرعهم، وأصيب نحو 14978 بجروح حتى الآن، في حوادث متعلقة بالأمطار في المقاطعة، وقال وزير إعلام السند، شارجيل إنام ميمون، في بيان رسمي، إنّ أكثر من 1.3 مليون منزل تضرر في مناطق مختلفة من المقاطعة، ونفقت حوالي 100 ألف رأس، وقال إنّ الزراعة تضررت على نطاق واسع بسبب الفيضانات التي تسببت فيها الأمطار، وأنّ المحاصيل على مساحة تزيد عن ثلاثة أفدنة في المقاطعة، قد دُمّرت بشدة، كما تأثرت 989 قرية بالأمطار المدمرة. ولفت إلى أنّ عمليات الإنقاذ والإغاثة جارية في المناطق المتضررة، وأنّه حتى الآن تمّ إنشاء 1910 معسكرات للإغاثة في المناطق المنكوبة.
دعاية سياسية وتجاهل لجهود الدولة
على الرغم من الجهود المبذولة من قبل الدولة، حاول الإخوان توظيف كارثة الفيضانات لصالح أجندتهم، وذلك على مستويين؛ الأول: تقديم المساعدات للمنكوبين، والقيام بدعاية سياسية واسعة، تحت الغطاء الخيري، والثاني: شن هجوم حاد على الحكومة، واتهامها بالتقصير والتسبب في تفاقم الكارثة.
على صعيد المستوى الأول، قال سراج الحق، أمير الجماعة الإسلامية الباكستانية، الذراع السياسية، إنّ مؤسسة الخدمات بالجماعة، قدمت أموالاً طائلة، لإعادة تأهيل وإغاثة ضحايا الفيضانات. وفي مؤتمر صحفي في جولبرج جرين، يوم الأحد الماضي، قال زعيم الإخوان إنّ الجماعة الإسلامية أرسلت أربعة كرور (40 مليون روبية) من المساعدات إلى المناطق المتضررة، وقد أظهر الناس، بحسب مزاعمه، ثقة غير عادية في الجماعة الإسلامية.
قال سراج الحق، أمير الجماعة الإسلامية الباكستانية، الذراع السياسية، إنّ مؤسسة الخدمات بالجماعة، قدمت أموالاً طائلة، لإعادة تأهيل وإغاثة ضحايا الفيضانات
وعلى المستوى الثاني، وبحسب الصحف المحلية الباكستانية، التي ضجت بتصريحات أمير الجماعة، شنّ سراج الحق هجوماً حاداً على الأحزاب التي تشكل الحكومة، وقال إنّهم متحدون بهدف الفساد، لكنّهم يقاتلون بعضهم بعضاً في الخفاء، زاعماً أنّ هذه الأحزاب متحدة في ضرب مصلحة باكستان، والمضاربة والاقتصاد الربوي، رغم أنّ المحكمة الشرعية حكمت مرتين ضد نظام الربا، الذي تصر عليه النخبة الحاكمة.
سراج الحق حاول تضخيم الكارثة، والمبالغة في نتائجها، مدعياً أنّ اقتصاد باكستان قد دُمر تماماً، وأنّ 4.5 مليون شخص، تضرروا من الفيضانات، بينما يقوم الحكام بجولات جوية ولا ينزلون إلى الأرض لمشاهدة المأساة، وعندما تصل الأموال الأجنبية، سيظهر الوزراء في كل قرية، بينما أعضاء مؤسسة الخدمات بالجماعة موجودون في كل مكان، وحتى الآن وقد تم جمع ملياري روبية.
شعبوية الخطاب ونغمة التحريض
وعليه، لم يكف أمير الجماعة الإسلامية، في كلّ جولاته الميدانية، عن تجاهل دور حكومة شهباز شريف، محاولاً تجاوز ذلك، والتأكيد على أنّ الشعب يواجه وحده الكارثة، بمساعدة الجماعة الإسلامية، ففي مؤتمر صحفي عقده سراج الحق في إسلام آباد، عاد ليؤكد أنّ الجماعة دعمت بسخاء ضحايا الفيضانات، وأنّ الضحايا شجعهم صدق ومحبة المتطوعين، كجزء من الروح الوطنية، والدعم الإنساني، وأنّه يجب نشر هذه الحقائق، بحسب زعمه، لأنّه لا يمكن ترك المتضررين تحت رحمة الوكالات الأجنبية.
سراج الحق: الحكومة أصدرت إعلانات فقط لضحايا الفيضانات حتى الآن، وأنّها لا تقدم للضحايا سوى كهوف لا تليق بإنسانيتهم
وقال سراج الحق، إنّ الحكومة أصدرت إعلانات فقط لضحايا الفيضانات حتى الآن، وأنّها لا تقدم للضحايا سوى كهوف لا تليق بإنسانيتهم، كما قال إنّ حكومتي المقاطعات والفدرالية في حالة حرب في الوقت الحالي، ما يمثل إهانة لباكستان على الصعيد الدولي، وأضاف: "لا تهينوا باكستان على المستوى الدولي، فهذا ليس وقت القتال مع بعضكم البعض".
كما ندّد أمير الجماعة الإسلامية بتحركات الحكومة على الصعيد الخارجي، قائلاً: "لا ينبغي للحكام التشهير بالبلد على المستوى الدولي، يجب على الجميع أن يجتمعوا لمساعدتنا". كما استخدم خطاباً دينياً محملاً بالأيديولوجيا الإخوانية، حيث قال في كلمة وجهها للمتضررين: "سيستمر الإسلام في خدمتكم عبر رجاله المؤمنين، وسيستمر النضال حتى يتم نقل الضحايا إلى منازلهم، مع التأكيد لجميع الضحايا أنّ الجماعة الإسلامية لن تتخلى عنهم. وأضاف: "إذا أخرج كبار المسؤولين الحكوميين زكاة ثرواتهم، فلا داعي لطلب المساعدة من منظمات دولية، لكنّ الحكومة تظل نائمة حتى حدوث مأساة".
ويمكن ملاحظة نغمة التحريض التي يستخدمها أمير الجماعة الإسلامية، حيث حدد عشر مسؤولين، زعم أنّ زكاة أموالهم فقط، قادرة على حل الأزمة التي تمر بها البلاد، محرضاً الشعب على التحرك، بعد أن نهبت البلاد على يد النظام المافياوي، بمساعدة صندوق النقد الدولي، بحسب وصفه.
مواضيع ذات صلة:
- الحرب الروسية الأوكرانية... هل بوسع باكستان والهند تحمّل البقاء على الحياد؟
- كيف جرى التنسيق بين إخوان باكستان وشهباز شريف لإسقاط الحكومة؟ ما دور واشنطن؟
- رئيس وزراء باكستان الجديد شهباز شريف يثمن دور الخليج... ماذا قال؟