كيف نقرأ لقاء وزيري خارجية روسيا وتركيا في الدوحة؟

كيف نقرأ لقاء وزيري خارجية روسيا وتركيا في الدوحة؟


17/03/2021

 يأتي الاجتماع الروسي- التركي في قطر في سياق واسع أصبح يشكّل عنواناً للقضية السورية، وهو البحث عن تسوية سياسية، تختلط اتجاهاتها ومواقف الأطراف الفاعلة فيها، ومن بينها روسيا وتركيا، لكنها تجري تحت عنوان التوافق على بقاء الرئيس الأسد قائداً لسوريا، هذا التوافق الذي كان أحد أبرز محطات وتحوّلات الثورة منذ عام 2016، بعد الدخول العسكري إلى سوريا.

اقرأ أيضاً: هل تعود سوريا إلى الجامعة العربية من البوابة الخليجية؟

ووفقاً لهذا السياق، جاء اجتماع الدوحة بين وزيري خارجية روسيا وتركيا، بالتزامن مع تأكيدات خليجية متجددة قدّمتها السعودية والإمارات حول ضرورة عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ويبدو أنّ الهدف منه انتزاع تنازلات من تركيا في الملف السوري، في إطار تعاطي أنقرة مع قضية اللاجئين السوريين، واللجنة الدستورية، وعلاقاتها مع المعارضة السورية، وخاصة الفصائل الجهادية الإسلامية في إدلب وريفي حماة وحلب.

جاء اجتماع الدوحة بين وزيري خارجية روسيا وتركيا، بالتزامن مع تأكيدات خليجية متجددة قدّمتها السعودية والإمارات حول ضرورة عودة سوريا إلى الجامعة العربية

ورغم البيان الختامي وتصريحات وزير خارجية قطر بعد اللقاء بأنّه لا حلول عسكرية للأزمة السورية، إلّا أنّ نتائج الاجتماع تبدو غير واضحة، إذا ما استثنينا التصريحات الدبلوماسية التي تؤكد بعبارات فضفاضة على الحلول السلمية، ولكن واستناداً لمحطات تاريخية فإنه لا يمكن تقييم الاتجاهات المستقبلية للموقفين الروسي والتركي تجاه الأزمة السورية إلّا في ظلّ معطيات يعبّر عنها العديد من المحطات التي شهدتها الأزمة منذ 10 أعوام خلت.

اقرأ أيضاً: الإمارات تطلق النداء الأخير لإنقاذ سوريا

فتجارب "أستانا" و"سوتشي" ولقاءات الرئيسين "بوتين ـ أردوغان" تؤكد أنّ عوامل الثقة بين الجانبين تكاد تكون معدومة، وأنّ هواجس علاقة الطرفين مع واشنطن كانت أحد أبرز محددات العلاقة، ثم إنّ كثيراً من الاتفاقات والهدن التي تمّ التوافق عليها لم تصمد على الأرض في سوريا، ولعلّ الأهمّ في هذه المرحلة هو السياسات التركية الجديدة بعد وصول الديمقراطيين إلى الحكم، والتي تتسم بتبريد ملفات الصراع التي تشكّل تركيا طرفاً فاعلاً فيها، بدءاً من ليبيا وشرق المتوسط وشمال العراق، إضافة إلى التحالف العربي بقيادة السعودية ومصر والإمارات.

اقرأ أيضاً: خط بحري مع سوريا: إيران تتمدّد إقليمياً أمام أنظار واشنطن

مؤكد أنّ تلك السياقات والمعطيات تؤكد حقيقة أنّ الموقف التركي لم يعد كما كان خلال قيادة ترامب للبيت الأبيض، الذي قدّم، ضمن حسابات الصفقات، غطاءات دبلوماسية للرئيس أردوغان وسياساته، وتدرك أنقرة أنّ تلك الغطاءات لم تعد قائمة اليوم مع بايدن، وأنها ستكون تحت ضغوطه، وهو ما يدعو لاستخلاص مفاده أنّ تركيا في طريقها لتقديم المزيد من التنازلات في سوريا، لكنها لن تكون بالمطلق، بل ستكون في ظل فضاءات الاستراتيجيات الأمريكية القادمة.

الموقف التركي لم يعد كما كان خلال قيادة ترامب، الذي قدّم، ضمن حسابات الصفقات، غطاءات دبلوماسية للرئيس أردوغان وسياساته

الاتجاهات الجديدة للقيادة التركية ربما يتفاوت التعاطي معها دولياً وإقليمياً وعربياً، فعلى الصعيد الدولي ستبقى محكومة بشكوك عميقة من قبل روسيا والصين اللتين تدركان أنّ العلاقة مع أنقرة ستبقى محكومة لتطلعات أردوغان لاستخدامهما ورقة في مفاوضاته مع واشنطن وتحسين صورته معها، فيما لم تأخذ أوروبا، وخاصة باريس، هذا السيل من التصريحان الدافئة لأردوغان على محمل الجد، وما زال الكثير من العواصم الأوروبية ينظر إلى أنقرة بوصفها تمارس الابتزاز ضد الأوروبيين في قضايا نشر العثمانية الجديدة، وحروب الكراهية الدينية على أراضيها، وابتزاز أوروبا في قضيتي تدفق اللاجئين السوريين وعناصر داعش الذين يحملون جنسيات أوروبية، بالإضافة إلى ملفات أخرى سياسية وأمنية.

اقرأ أيضاً: إيران ووهم التغيير الديموغرافي في سوريا

وإذا كان الرئيس أردوغان يتطلع للعب أدوار جديدة في الإقليم عنوانها الاقتراب أكثر من إسرائيل، واستخدام ورقة حماس للضغط لإنجاز السلام، بالتزامن مع لعب أدوار ضد القيادة الإيرانية في إطار الاستراتيجية الأمريكية، فإنّ تساؤلات تُطرح وعلى نطاق واسع حول حقيقة تقاربه مع الدول العربية، وتحديداً المملكة العربية السعودية ومصر، ومدى التعامل بجدّية مع طروحاته من قبل الرياض والقاهرة، وخاصة أنّ سياسات أنقرة تجاه الدول العربية خلال الأعوام الـ4 الماضية أوجدت ملفات خلافية معقدة وشائكة، وليس بالإمكان حلّها بين عشية وضحاها، لعلّ في مقدمتها علاقة أنقرة مع الإسلام السياسي، وعنوانه جماعة الإخوان المسلمين والتنظيمات الإرهابية، إضافة إلى ملفات سياسية أخرى لا تقلّ تعقيداً عن هذا الملف.  



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية