كيف عمل الإخوان على نشر أفكارهم المدمرة بين المسلمين في أوروبا؟

كيف عمل الإخوان على نشر أفكارهم المدمرة بين المسلمين في أوروبا؟

كيف عمل الإخوان على نشر أفكارهم المدمرة بين المسلمين في أوروبا؟


25/03/2025

في تقرير بالإنجليزية على موقع (Middle East Forum)، حذّر فيليب كارل سالزمان، أستاذ الأنثروبولوجيا بجامعة ماكجيل، والرئيس السابق لمنظمة علماء من أجل السلام في الشرق الأوسط، من تداعيات تساهل حكومات أوروبا الغربية مع الإخوان، وجماعات الإسلام السياسي، عبر عقود مضت. ومضى يفكك بنية النشاط الإخواني للهيمنة على عقول المسلمين في أوروبا، ودفعهم نحو اعتناق الفكر المتطرف. 

ويرى سالزمان أنّ الإخوان، ومن على شاكلتهم، استفادوا من تزايد أعداد المسلمين في أوروبا، وفرضوا هيمنة نوعية على دور العبادة والمؤسسات الثقافية الإسلامية، ونجحوا إلى حد كبير في فرض أفكارهم الهدامة ونشرها بين المسلمين في أوروبا.

ووفقاً لمركز (بيو) للأبحاث، بلغت نسبة المسلمين في أوروبا في العام 2016 نحو 4.9% من إجمالي السكان. إلّا أنّ نسبة المسلمين تفاوتت بشكل كبير من دولة لأخرى، ففي دول مثل: بولندا، وجمهورية التشيك، وسلوفاكيا، ورومانيا، والبرتغال، ودول البلطيق الثلاث، بلغت نسبة المسلمين أقلّ من 1%. أمّا النسب في الدول الأخرى فكانت كما يلي: الدنمارك 5.4%؛ اليونان 5.7%؛ النرويج 5.71%؛ ألمانيا 6.1%؛ المملكة المتحدة 6.3%؛ هولندا 7.1%؛ بلجيكا 7.6%؛ السويد 8.1%؛ فرنسا 8.8%؛ بلغاريا 11.1%.

ولا تتوفر إحصاءات سكانية حديثة للعام 2025 بسهولة، لكن تشير الملاحظات السابقة إلى أنّه خلال الأعوام الـ (9) التي تلت تقرير (بيو)، أدى ارتفاع معدل المواليد المسلمين، بالإضافة إلى تدفق المهاجرين، إلى زيادة نسبة المسلمين في معظم الدول الأوروبية. وتوضح توقعات ستاتيستا للعام 2050 ما يلي: "بناءً على سيناريوهات الهجرة المختلفة المُقدّرة هنا، قد ترتفع نسبة المسلمين في ألمانيا إلى 19.7% من سكانها بحلول العام 2050، وهي نسبة أعلى من كل من المملكة المتحدة وفرنسا، حيث يُتوقع أن تبلغ نسبة المسلمين فيهما 17.2% و18% على التوالي".

محاولات الإخوان استغلال المسلمين

مع تزايد عدد المسلمين، بدأ الإخوان وجماعات الإسلام السياسي مجموعة من المحاولات الانتهازية لفصل المسلمين عن المجتمعات الأوروبية، ومنعهم من الاندماج، ثم ابتزاز السلطات البلدية والحكومية من خلال اتهامات بالعنصرية والترهيب بالتهديد بالعنف. والخطوة التالية مع تزايد عدد السكان هي السعي تجاه اكتساب نفوذ انتخابي، والدفع نحو إقرار قوانين تدعم سيادة الإسلام السياسي. 

مع تزايد عدد المسلمين، بدأ الإخوان وجماعات الإسلام السياسي مجموعة من المحاولات الانتهازية لفصل المسلمين عن المجتمعات الأوروبية

وأشار استطلاع رأي أجراه المعهد الفرنسي للرأي العام (IFOP) لصالح مجلة Le Point إلى الأثر الذي نجح الإخوان في تركه على المسلمين، حيث "يُبدي ما لا يقلّ عن 46% من المسلمين المولودين في الخارج في فرنسا، رغبتهم في تطبيق الشريعة الإسلامية في النظام القانوني للبلاد". ومن بين المسلمين المولودين في فرنسا، يعتقد 18% أنّ الشريعة الإسلامية يجب أن تكون قانون البلاد، وذلك بعد عقود من ترك جماعات الإسلام السياسي تعمل بحرية في البلاد دون رقابة حقيقية.

ويرى مراقبون أنّه إذا استمرت الأمور على ما هي عليه، وتركت جماعات الإسلام السياسي تعبث في أوساط المسلمين، وتصدر إيديولوجيتها المدمرة، فإنّها مسألة وقت فقط، بضعة عقود، قبل أن تصبح بريطانيا إمارة إسلامية يهيمن عليها الإخوان، وكذلك كل الدول الأوروبية، باستثناء المجر وبعض دول شرق أوروبا الأخرى، التي رفضت السماح لجماعات الإسلام السياسي بالعمل في أراضيها.

انتحار طوعي

بحسب تقرير ( Middle East Forum) أساءت دول أوروبا الغربية إلى ثقافتها، عندما بررت قبول تحركات الإخوان الذين نشطوا بكثافة في أوساط المسلمين دون رقيب، الأمر الذي أدى إلى زيادة معدلات الإرهاب، ذلك أنّه "منذ العام 2018، سجّلت السلطات السويدية ما يُقدّر بـ (500) تفجير، في حين ازدادت شيوع ما تصفه بعمليات إطلاق نار جماعية. وسجّلت البلاد رقمًا قياسيًا بلغ (124) جريمة قتل في عام 2020، وصُدم العديد من السكان في نيسان (أبريل) عندما أسفرت أعمال شغب عنيفة عن إصابة أكثر من (100) ضابط شرطة". وشهدت فرنسا حوادث طعن وقطع رؤوس على يد إرهابيين، بالإضافة إلى هجمات بشاحنات على حشود، وتعرضت ألمانيا، وكذلك بريطانيا، لهجمات بالسيارات والشاحنات، بالإضافة إلى حوادث طعن متكررة لمواطنين بشكل عشوائي في المدارس والاجتماعات العامة".

 سجّلت السلطات السويدية ما يُقدّر بـ (500) تفجير، في حين ازدادت شيوع ما تصفه بعمليات إطلاق نار جماعية

الفكر الإخواني وجرائم العنف الجنسي

يشتبك التقرير بشكل مربك مع تأثير جماعات الإسلام السياسي على انتشار جرائم الاغتصاب بنسب أعلى، ويُفسر ذلك بمنظور الشباب الذي يعتنق الفكر الإخواني المتطرف، والذي يرى أنّ النساء الأوروبيات سافرات، ويروّج أنّهن "عاهرات". وبموجب تلك الإيديولوجيا المدمرة، يُسمح للرجال المسلمين باستعباد الكفار، وجعل النساء الكافرات جواري لهم. وقد حاول بعض الشباب المتطرف، الذين أُلقي القبض عليهم بتهمة الاغتصاب، تبرير أفعالهم بالقول إنّ دينهم يُبيح ذلك، أو إنّ لهم حقًا في الغزو، وفقاً لما يروج له الفكر الإخواني.

وتحاول المؤسسات الإسلامية المعتدلة مواجهة الفكر الإخواني المتطرف، عبر شرح وسطية الإسلام، واحترامه للمرأة، وقدرة الفكر الديني الإسلامي على التطور والاتساق مع العصر، عكس ما يروج له أنصار الإسلام السياسي.

وتبدو المواجهة مفتوحة وأكثر حدة، حيث يسيء الإخوان ومن على شاكلتهم للإسلام؛ الأمر الذي منح اليمين الأوروبي المتطرف الفرصة للصعود، وممارسة خطاب التعميم لاضطهاد المسلمين واعتبارهم يمثلون خطراً على المجتمع.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية