كيف جاءت ردود الفعل على تعيين نجلاء بودن رئاسة الحكومة التونسية؟

كيف جاءت ردود الفعل على تعيين نجلاء بودن رئاسة الحكومة التونسية؟


30/09/2021

دخلت نجلاء بودن، التي كلّفها الرئيس التونسي قيس سعيّد بتشكيل حكومة جديدة، التاريخ في تونس كأول امرأة تتولى قيادة الحكومة في البلاد، بعد سيرة مهنية حافلة بالتدريس في الجامعة التونسية والعمل الإداري في وزارة التعليم العالي.

وتنتظر حزمة من الملفات والقضايا العاجلة الحكومة التونسية المزمع تشكيلها خلال الأيام المقبلة برئاسة بودن؛ أبرزها الملف الأمني والأزمة الاقتصادية والأوضاع الصحية في البلاد.

اقرأ أيضاً: الغنوشي يعلق على استقالات النهضة .. ماذا قال؟

ويفسر مراقبون، وفق شبكة "سكاي نيوز"، اختيار بودن، ذات الخلفية الأكاديمية والاقتصادية دون أي انتماءات سياسية، بأنه مقصود بغرض إيجاد حلول عاجلة للأزمات المتفاقمة في البلاد، والتي يتقدمها الوضع الاقتصادي، ويجمع آخرون على أنّ تعيينها في هذا الظرف بالذات ستكون له تداعيات إيجابية على مسار القطع مع المنظومة الإخوانية.

ويقول الخبير الاقتصادي التونسي حسن بالي: إنّ هناك مجموعة من التحديات تواجه الحكومة المقبلة في تونس، مشيراً إلى أنّ الرئيس قد أوضح هذه المهام في حديثه مع بودن عقب قرار تكليفها، موضحاً أنّ ملف مكافحة الفساد وتطهير مؤسسات الدولة من الفاسدين، واتخاذ إجراءات عاجلة لضبط منظومة الاقتصاد، ستكون بلا شك على رأس أولويات الحكومة.

اقرأ أيضاً: الغنوشي... الدرويش والسلطة

ويشير بالي إلى أنّ تونس تمر بمرحلة انتقالية مفصلية في تاريخها، لكنها تعول في الوقت ذاته على الصلاحيات الممنوحة لرئيسة الوزراء وحكومتها، للتعامل مع الأوضاع الراهنة والبدء بشكل عاجل في إقرار منظومة للإصلاح الاقتصادي والمالي، وتنمية الإنتاج المحلي، ومراقبة الفساد وتعقب الفاسدين.

ويؤكد بالي على ضرورة أن تلتزم الحكومة باتفاقياتها مع الدول المانحة والمستثمرين وصندوق النقد الدولي، والالتزام بالإجراءات الصحيحة لضمان تعافي الاقتصاد بأقصى سرعة ممكنة، لأنّ منظومة الاقتصاد ستؤثر بدورها على كافة الأوضاع داخل البلاد.

 

مراقبون: اختيار بودن دون أي انتماءات سياسية مقصود بغرض إيجاد حلول عاجلة للأزمات المتفاقمة في البلاد والتي يتقدمها الوضع الاقتصادي

 

وفي ردود الأفعال الأولية على تكليف الرئيس سعيّد لبودن بتشكيل الحكومة، دعا الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي إلى العمل المشترك للخروج من الأزمة الحالية التي تعيشها البلاد.

وقال الطبوبي خلال اجتماع نقابي: إنّ الاتحاد سيواصل النضال السلمي من أجل تعديل بوصلة الخيارات الوطنية، وفق تعبيره، وأضاف أنّ عهد الخوف والسكوت قد مضى، مؤكداً على أنّ الجميع شركاء في الوطن، وفق ما أوردت وكالة الأنباء الرسمية.

وقد رحبت بتعيين "بودن" عدّة أحزاب سياسية ومنظمات نسوية، واعتبرته "ضربة أخرى تتلقاها منظومة الأخونة والفساد والإرهاب والعمالة"، التي زعمت أنّ "حكومة نجلاء بودن غير شرعية".

وأكدت حركة "مشروع تونس"، ضرورة أن "تكون الحكومة المقبلة مصغرة العدد، ويقع اختيار أعضائها بناء على الكفاءة العالية، حتى تكون قادرة على القيام بالإصلاحات الضرورية لتجاوز الأزمة الاقتصادية بتونس".

اقرأ أيضاً: حركة "النهضة" تختنق: هل انتهى الغنوشي سياسياً؟

ودعت الحركة في بيان نشر أمس عبر صفحتها على فيسبوك إلى "ضرورة التسريع في فتح ملفات الفساد والإرهاب والاغتيالات والتهريب بكل جدية وإحالتها إلى القضاء، وكذلك قرارات محكمة المحاسبات ذات الصلة بالانتخابات والتمويل غير المشروع للأحزاب والانتخابات، وإنفاذ القانون على الجميع دون استثناء، حتى لا تتواصل سياسة الإفلات من العقاب، ولا تبقى محاربة الفساد مجرد شعارات".

وجددت الحركة تبنّيها شعارات 25 تموز (يوليو) الشعبية لإنقاذ البلاد من الأخطار المحدقة بها على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والصحية، وانخراطها في الخط الشعبي والوطني، لإنهاء منظومة حكم 2014، مذكرة بأنها "كانت أول من نادى بتغيير دستور 2014 والذهاب إلى الجمهورية الـ3.

 

بالي: ملف مكافحة الفساد وتطهير مؤسسات الدولة من الفاسدين وضبط المنظومة الاقتصادية ستكون بلا شك على رأس أولويات الحكومة

 

ورحّب "حزب الأمل" بتولي نجلاء بودن رئاسة الحكومة التونسية، مؤكداً أنه "فخرٌ للتونسيين، وأمر يعزز ويتوج المسيرة التحررية للمرأة التونسية".

وأكد الحزب في بيان صدر أمس أنّ "هذا الاختيار يجب ألّا يحجب مقياسي الكفاءة والمقدرة القيادية اللذين يتقدّمان كل المقاييس الأخرى في الميدان السياسي"، مشيراً إلى أنّ "تكليف نجلاء بودن لم يكن موضوع تشاور مع المكونات السياسية والمدنية، في ظرف تعرف فيه تونس أزمة للشرعية الدستورية وتوقفاً لعمل مؤسسات الدولة".

واعتبر رئيس حزب الائتلاف الوطني التونسي ناجي جلول أنّ تكليف امرأة بتشكيل الحكومة من قبل الرئيس قيس سعيد أمر جيد جدّاً، نظراً لمكانتها في المجتمع التونسي.

وأوضح جلول "أنّ توجه رئيس الجمهورية إلى اختيار الذكاء التونسي والجامعة التونسية، خاصة أنها متمرسة في وزارة التعليم العالي، اختيار ممتاز"، متمنياً لها النجاح "لأنّ في ذلك نجاح لتونس"، وفق قوله.

اقرأ أيضاً: قرارات جديدة للرئيس قيس سعيد.. والغنوشي يرد

وأكد الأمين العام للتيار الشعبي محمد زهير حمدي أنّ تعيين أول امرأة تونسية على رأس الحكومة خطوة مهمة على درب تحقيق مطالب الشعب، وضربة أخرى تلقتها منظومة الأخونة والفساد والإرهاب والعمالة، وفق تعبيره .

وقال حمدي في تدوينة نشرها على حسابه بـ"فيسبوك": إنّ "رئيسة الحكومة ذات مستوى علمي مرموق، وخريجة أكبر المدارس العالمية، ومعروفة بالجدية ونظافة اليد، وهما صفتان مطلوبتان في هذه المرحلة، وكونها امرأة فهذا سبق تونسي محمود ومهم جداً".

وأضاف: "نتمنى أن يكون كل الفريق الحكومي بالكفاءة والنظافة نفسها، والأهم هو البرنامج الذي ستعتمده لإخراج البلاد من الأزمة في مرحلة صعبة للغاية في تاريخ تونس".

 

أحزاب سياسية وتكتلات ومنظمات ترحب بتعيين بودن، وتعتبرها ضربة أخرى تتلقاها منظومة الأخونة والفساد والإرهاب

 

بدورها، أكدت رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية راضية الجربي أنّ تعيين امرأة في منصب رئاسة الحكومة هو بمثابة بعث رسالة للداخل والخارج بأنّ هناك إرادة سياسية تؤمن بقدرات المرأة وكفاءتها، وأنه لدينا قيادات تؤمن بالمساواة التامة بين المرأة والرجل.  

 وأضافت: "مرّة أخرى، تونس تضرب المثل في مجال تشريك المرأة في مواقع القرار".

 بالمقابل، دعت كتلة حركة النهضة في البرلمان التونسي أمس رئيس الحركة "راشد الغنوشي" ومكتبه للانعقاد، وذلك لاتخاذ الإجراءات الضرورية لعودة البرلمان للعمل.

واعتبر القيادي بحزب "تحيا تونس" وليد جلاد أنّ تكليف امرأة بتشكيل حكومة أمر مهم على المستوى الرمزي -وفق تعبيره- مستدركاً أنّ الأهم هو أن يكون لديها برنامج اقتصادي واجتماعي لإنقاذ تونس من الأزمة التي تواجهها.

 وقال جلاد في تصريح لإذاعة موزاييك إف إم: "إنّ استناد رئيس الجمهورية قيس سعيد في قرار التكليف إلى الأمر رقم 117 المتعلق بالإجراءات الاستثنائية يطرح إشكالاً بخصوص مسألة الشرعية"، وفق تعبيره.

 وقالت الكتلة البرلمانية لحزب النهضة التونسي: إنها دعت رئيس البرلمان ومكتبه للانعقاد من أجل اتخاذ الإجراءات الضرورية لعودة المؤسسة البرلمانية للعمل، تطبيقاً لأحكام الدستور ونظامها الداخلي.

 

النهضة تعبّر عن رفضها من ناحية مبدئية تجميع كلّ السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية بيد شخص واحد، واستغلال ذلك لفرض خيارات بعينها

 

 وفي بيان صادر عنها، أوضحت الكتلة أنّ دعوتها جاءت عقب اجتماع أعضائها صباح أمس، واعتبرت الكتلة أنّ القرار الرئاسي رقم 117، وهو الأمر الرئاسي المتعلق بالتدابير الاستثنائية الذي استند عليه الرئيس بتكليف بودن، هو "تعطيل فعلي لدستور الجمهورية التونسية، ونزوع بيّن نحو الحكم الاستبدادي المطلق، وانقلاب مكتمل الأركان على الشرعية الدستورية وعلى المسار الديمقراطي".

 وعبّرت الكتلة عن رفضها من ناحية مبدئية تجميع كلّ السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية بيد شخص واحد، واستغلال ذلك لفرض خيارات بعينها.

 ودعت الكتلة في بيانها جميع الكتل البرلمانية والشخصيات المستقلة والقوى الوطنية لتوحيد الصف والتعالي على الخلافات والتجاذبات السياسية للدفاع عن قيم الجمهورية والديمقراطية وحماية البلاد من أخطار هذا التمشي، المعمق للانقسام المجتمعي، والمهدد للسلم الاجتماعي، والمقوض للوحدة الوطنية حول الدستور.

ورفض بيان الكتلة محاكمة النواب والمدنيين أمام المحاكم العسكرية، مطالباً بإنهاء قرارات الإقامة الجبرية المتعلقة ‎بعدد من النواب والوزراء السابقين باعتبارها قرارات سلطوية تعسفية وغير قانونية.

 ونجلاء بودن رمضان من مواليد 1958، وهي أستاذة التعليم العالي في المدرسة الوطنية للمهندسين بتونس، مختصّة في علوم الجيولوجيا، وتشغل حالياً خطّة مكلفة بتنفيذ برامج البنك الدولي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي.

 وقد تمّ تعيينها مديرة عامة مكلفة بالجودة بوزارة التعليم العالي عام 2011

.

 وشغلت منصب رئيسة وحدة تصرف حسب الأهداف بالوزارة ذاتها، وكُلّفت بمهمة بديوان وزير التعليم العالي السابق شهاب بودن عام 2015.

 ولم تنخرط بودن في الحياة السياسية، وهي من الشخصيات المستقلة، ولم يعرف لها أي انتماء سياسي، لا قبل ثورة 2011 ولا بعدها.

 وكان الرئيس تونسي قيس سعيد قد أعلن أمس تكليف "نجلاء بودن" بتشكيل الحكومة الجديدة.

 وقرار سعيد جاء وفقاً للأمر الرئاسي 117 لعام 2021، والمؤرخ في 22 أيلول (سبتمبر) 2021، والمتعلق بالتدابير الاستثنائية.

 يشار إلى أنّ تكليف رئيسة للوزراء يأتي بعد شهرين من عزل الرئيس سعيد للحكومة السابقة، وتجميد أنشطة البرلمان، استجابة لمطالب الشعب التونسي.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية