كيف تُعيد الاستثمارات والتطبيع هندسة الأمن في القرن الأفريقي؟

القرن الأفريقي

كيف تُعيد الاستثمارات والتطبيع هندسة الأمن في القرن الأفريقي؟


12/08/2018

في أحدث مؤشر إلى انخراط دولة الإمارات العربية المتحدة في أعمال التنمية والاستثمار في منطقة القرن الأفريقي، تم الإعلان أول من أمس عن أنّ الإمارات بصدد التخطيط لبناء خط أنابيب لنقل النفط، سيربط بين إريتريا وإثيوبيا. وقال مسؤول إثيوبي إنّ خط الأنابيب سيمتد بين ميناء عصب الإريتري والعاصمة الإثيوبية أديس أبابا. وقد ذكرت هيئة الإذاعة الإثيوبية نبأ خطة بناء خط الأنابيب الجمعة؛ بعد اجتماع في أديس أبابا بين رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، ووزيرة الدولة الإماراتية لشؤون التعاون الدولي، ريم الهاشمي .

الهاشمي: الإمارات حريصة على استغلال فرص الاستثمار في إثيوبيا التي معدل نمو اقتصادها هو الأسرع في أفريقيا

وبدأت إثيوبيا، التي لا منافذ بحرية لها، اختبار استخراج النفط الخام من احتياطيات في جنوب غرب البلاد في حزيران (يونيو) الماضي، وستحتاج إلى حق عبور الأراضي الإريترية لتتمكن من تصديره، كما أفاد تقرير نشرته أول من أمس وكالة "رويترز" للأنباء، التي أشارت إلى اضطلاع دولة الإمارات الشهر الماضي بدور أساسي في مساعدة إثيوبيا وإريتريا على إنهاء حالة حربٍ استمرت عشرين عاماً.
فرص استثمار واسعة
وقالت الهاشمي، بعد الاجتماع مع آبي أحمد، إنّ الإمارات حريصة على استغلال فرص الاستثمار في إثيوبيا، التي يقطنها 100 مليون نسمة ومعدل نمو اقتصادها هو الأسرع في أفريقيا، وفقاً لما نقلته هيئة الإذاعة الإثيوبية.
وأفادت وكالة الأنباء الإماراتية "وام" أنه جرى خلال اللقاء بحث محاور التعاون الثنائي بين دولة الإمارات وجمهورية إثيوبيا خاصة بقطاعات الطاقة والبنية التحتية والاستثمار والمناطق الصناعية الحرة، إلى جانب الموضوعات المتعلقة بالطيران المدني؛ في ظل ما يشهده هذا القطاع في دولة الإمارات من تطور كبير، علاوة على تميز ناقلاتها الوطنية، خصوصاً طيران الإمارات و طيران الاتحاد.

اقرأ أيضاً: دور الإمارات في تسريع المصالحة بين إثيوبيا وإريتريا
وقد استخدمت إثيوبيا مصفاة نفط تقع في مرفأ عصب من أجل احتياجاتها الداخلية قبل اندلاع نزاع عسكري مع إريتريا عام 1998 حول ترسيم الحدود، أسفر عن نحو 80 ألف قتيل، قبل أن يتحول لاحقاً إلى حرب باردة مريرة، حسب ما ذكرت "وكالة الأنباء الفرنسية" أمس.

رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، ووزيرة الدولة الإماراتية لشؤون التعاون الدولي، ريم الهاشمي

من جانبه، قال فيتسوم أريجا مدير مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي لـ"رويترز" إنّ المباحثات مع الهاشمي تركزت على الاستثمار في قطاعات من بينها "التصنيع والزراعة والعقارات وأنابيب النفط والمنتجعات". وقال فيتسوم :"معظم ذلك يخضع للدراسة". ولأبوظبي قاعدة عسكرية في عصب تستخدمها في حرب اليمن، الواقع على الجهة المقابلة من البحر الأحمر.
تجدر الإشارة إلى أنّ العلاقات الإماراتية - الإثيوبية شهدت نشاطاً مكثفاً في الآونة الأخيرة وزيارات رسمية على مستوى عال على رأسها زيارة ولي عهد أبوظبي، الشيخ محمد بن زايد، منتصف حزيران (يونيو) الماضي أديس أبابا، وعقده جلسة محادثات رسمية مع رئيس وزراء إثيوبيا والتوقيع على عدد من مذكرات التفاهم التي تعنى بمجالات الاستثمار والتعاون الثقافي والمشاريع التنموية .
جني ثمار الاستقرار والمصالحة
وكان خبراء ومحللون أشاروا إلى أنّ الاتفاق الذي وقّعه رئيس وزراء إثيوبيا ورئيس إريتريا في أسمرة في وقت سابق من الشهر الجاري لإعلان إنهاء حالة الحرب بينهما؛ بوساطة إماراتية بين البلدين، يجعلهما مرشحين بقوة حالياً لجني ثمار الاستقرار المرتقب عبر منافع اقتصادية مباشرة.

اقرأ أيضاً: مَن يسعى لزعزعة الاستقرار في إثيوبيا والقرن الإفريقي؟
في هذا السياق، قالت الدكتورة أماني الطويل، رئيس وحدة الدراسات الأفريقية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إنّ هذه المنافع ستتجلى، مثلاً، من خلال رفع العقوبات عن إريتريا، التي قررت عام 2009 ، فضلاً عن قدرة إثيوبيا على توظيف ما تتوافر عليه من إطلالة قريبة على البحر الأحمر وقليلة التكاليف، بالإضافة إلى أنّ هذا الاستقرار سيدعم إثيوبيا فى طموحها بأن يكون لها قوات بحرية.
إعادة هندسة الأمن
وأضافت الخبيرة المصرية، عبر حوارها في برنامج وراء الحدث الذي بثّ على فضائية "الغد" (25/7/2018)، أنه سيكون هناك تدفق استثمارات خليجية في البلدين، من شأنها إعادة هندسة أمن القارة الأفريقية، وبما يدعم الأمن في منطقة الخليج. وأوضحت أن هذا الاتفاق يعطي ميزة تفضيلية لشركة موانئ دبي التي تستطيع أن تكون على السواحل الإريترية، وأشارت إلى أن الوساطة الإماراتية بين إريتريا وإثيوبيا تحقق وزناً إقليمياً للخليج في القرن الأفريقي.
زيارة الجبير أسمرة وأديس أبابا
إلى ذلك، وصل وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، إلى أديس أبابا الخميس الماضي واجتمع مع آبي أحمد، وذلك عقب زيارة خاطفة قام بها الجبير إلى أسمرة، سلّم خلالها رسالة من العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، للرئيس الإريتري، أسياس أفورقي، غير أنه لم يصدر إعلان عن تفاصيل الاجتماع.

جانب من اجتماع وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير،مع آبي أحمد، الخميس الماضي

وفي الشهر الماضي، نشرت "رويترز" تقريراً بأنّ إثيوبيا طلبت من السعودية إمدادات وقود لمدة سنة مع إرجاء السداد لمدة 12 شهراً من أجل تخفيف نقص مزمن في العملة الصعبة. وقال فيتسوم أريجا لـ "رويترز" إنّ نقصاً في الدولارات وعدم كفاية البنية التحتية للنقل تسببا أيضاً في أن إثيوبيا لها 1.6 مليون طن من البضائع عالقة في ميناء جارتها جيبوتي.

الاتفاق يعطي ميزة تفضيلية لشركة موانئ دبي التي تستطيع أن تكون على السواحل الإريترية

وفي السياق الإستراتيجي، قد يوفر الساحل الإريتري بديلاً جذاباً أو إضافياً عن جيبوتي. ونقل "معهد دول الخليج العربية في واشنطن" (13/7/2018) عن مسؤول أمريكي، لم يسمّه، قوله إنّ منافسة القوى العظمى في القرن الأفريقي يجب أن توفر أيضاً مكاسب اقتصادية للولايات المتحدة، وليس فقط مواجهة النفوذ الصيني لمجرد المواجهة، على الرغم من أنّ القطاع الخاص الأمريكي يتخلف كثيراً عن الشركات الخاصة الصينية والشرق أوسطية المدعومة حكومياً، وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة في شرق أفريقيا. وقد تعمل الإصلاحات الاقتصادية الإثيوبية والرغبة في إقامة شراكة مع مشغلي الموانئ الدوليين لتطوير بدائل لجيبوتي وزيادة التجارة على توفير المبررات الاقتصادية اللازمة.

اقرأ أيضاً: مسلسل أكاذيب "الجزيرة" يستمر: هكذا حُرّفت تصريحات رئيس وزراء إثيوبيا عن الإمارات
ويمكن أن يؤدي التطبيع بين إثيوبيا وإريتريا، وفق المعهد، إلى تعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والأمن في وقت تريد فيه واشنطن من شركائها تحمل المزيد من العبء، بصرف النظر عن انخراط المسؤولين الأمريكيين في الدبلوماسية بين إثيوبيا وإريتريا منذ كانون الثاني (يناير) الماضي، على الأقل، قبل تولي أبي منصبه.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية