قيرغيزستان: اتهامات للسفارة التركية باختطاف معارض لأردوغان

قيرغيزستان: اتهامات للسفارة التركية باختطاف معارض لأردوغان


15/06/2021

تتصدر قضية اختفاء رئيس مجلس إدارة مجموعة سابات التعليمية التركية في قرغيزستان، المواطن من أصل تركي، أورهان إيناندي، الشأن العام في البلاد، بعد أنّ اتّهمت زوجته وأصدقاؤه المخابرات التركية بخطفه وإخفائه في سفارة أنقرة في العاصمة بيشكيك.

وليست هذه الحالة الأولى لاختطاف المخابرات التركية لمعارضين في الخارج، واستخدام السفارات كمراكز تجسس واحتجاز، خصوصاً في البلاد التي تملك أنقرة نفوذاً كبيراً فيها، مثل قيرغيزستان التي تتطلع لمساعدة أنقرة في خلافها الحدودي مع طاجيكستان.

اختفاء أورهان

في 31 من أيار (مايو) الماضي، اختفى المواطن القيرغيزي من أصول تركية، أورهان إيناندي، من أمام منزله في العاصمة بيشكيك، واتّهمت زوجته المخابرات التركية بالضلوع في الحادثة واخفاء زوجها في السفارة التركية، التي يحتشد أمامها العشرات بشكل متواصل للمطالبة بالإفراج عن إيناندي.

وعثرت الشرطة في على سيارة إيناندي على بعد عدة مبانٍ من منزله، ووُجدت إطاراتها مفرغة من الهواء، وبداخلها معطفه وحافظة نقوده وأوراق تخصه، وكانت أبوابها الأربعة مشرعة.

مدير مؤسسة سابات المختطف، أورهان إيناندي

وفتحت الشرطة تحقيقاً واسعاً للبحث عن إيناندي، وكلف الرئيس صدير جاباروف، لجنة الدولة للأمن القومي ووزارة الداخلية بتكثيف البحث للعثور على إيناندي، الذي يحمل الجنسيتين التركية و القرغيزية.

وفي السياق ذاته، احتج رئيس لجنة الأمن والدفاع في برلمان قيرغيزستان، سامت إسماعيلوف، على اختطاف المدير السابق لمؤسسة التعليم التركية "سابات"، وقال إنّ اختطاف إيناندي، يزعزع سمعة البلاد، ويؤثر سلباً على مناخ الاستثمار والسياحة، داعياً إلى تكثيف العمل للإفراج عن إيناندي، كما طالب أعضاء في البرلمان وزير الداخلية بإلقاء تصريح حول الحادثة، وفق ما نشرته جريدة "زمان" التركية.

اتهمت زوجة المعارض التركي، السيدة ريحان إيناندي المخابرات التركية بالوقوف وراء اختفاء زوجها، وقالت إنّ مصادر أخبرتها أنّها شاهدت زوجها في محيط السفارة التركية

وكانت السلطات التركية اتهمت إيناندي مع آخرين في عام 2019 بتهمة الانتماء إلى منظمة فتح الله غولن، التي تصنفها تركيا إرهابية، وجاء اسمه في تقرير نشره موقع "نورديك مونيتور" في الثامن من الشهر الماضي ضمن تسريبات حول أوامر صدرت من الإدعاء العام في تركيا بمراقبة عدد من الأشخاص المنتمين إلى الحركة في دول أجنبية، ومن بينها قرغيزستان.

اقرأ أيضاً: سياسات أردوغان التي شوّهت مكانة تركيا وعلاقاتها

وذكر تقرير لمنظمة "هيومان رايتس ووتش" أنّ نائب وزير الشؤون الخارجية في قيرغيزستان، أيبيك أرتيكباييف، أكد في جلسة استماع برلمانية في السابع من الشهر الجاري، أنّ الحكومة التركية طلبت في عام 2019 تسليم إيناندي، ورُفض طلبها. وأشار أرتيكباييف إلى استعداد الوزارة للتواصل مع السفارة التركية، إذا قدمت وزارة الداخلية طلبًا للتحقيق في ادعاء ريحان إيناندي بشأن مكان وجود زوجها.

اقرأ أيضاً: أردوغان والتضحيّة بكل شيء من أجل الخلود السياسي

وتقوم حركة الخدمة بدور كبير في مجال التعليم والثقافة في دول وسط آسيا منذ عقود، وتحظى باحترام كبير من الشعوب والحكومات، وتخرج من مدارسها عشرات الآلاف من الطلاب المتفوقين الذين يحتلون مراكز مهمة في هذه الدول، ما جعل هذه الدول ترفض طلبات أردوغان بتسليم المؤسسات التي يديرها محسوبون على حركة الخدمة.

وكر الجواسيس

ومنذ عام 1995 استقر أورهان إيناندي البالغ من العمر 53 عاماً في قرغيزستان، وأنشأ وأدار مجموعة "سابات" التعليمية التي تضم عدد من المدارس وجامعة دولية، وهو مواطن تركي، وحصل على الجنسية القرغيزية عام 2012.

أورهان إيناندي وزوجته التي تقود حملة موسعة للبحث عنه

وأنشأت حركة الخدمة المجموعة التعليمية بعد استقلال قرغيزستان عن الاتحاد السوفييتي السابق، وأصبحت المجموعة حكومية وظلت الحركة تديرها.

وذكرت تقارير عديدة أنّ السلطات التركية تستخدم موظفي السفارات والقنصليات للتجسس على المعارضين في الخارج، ومراقبة تحركات المنتمين إلى حركة الخدمة، وذكر موقع "نورديك مونيتور" أنّ الدبلوماسيين الأتراك يراقبون المدارس التي تديرها حركة الخدمة، لمعرفة من يرسل أبناءه إليها.

المحلل السياسي التركي، جودت كامل، لـ"حفريات": من المتوقع حدوث أزمة دبلوماسية بين تركيا وقرغيزستان، بسبب الضرر الذي وقع على قرغيزستان جراء تعرض سمعتها الأمنية للتشويه

واتهمت السيدة ريحان إيناندي المخابرات التركية بالوقوف وراء اختفاء زوجها، وقالت في حوار لموقع "TTR" التركي؛ أنّ عدداً من المصادر أخبروها أنّهم شاهدوا زوجها في محيط السفارة التركية، وذكرت أنّ شخصاً على صلة السفارة أخبرها أنّ زوجها يتعرض لضغوط لدفعه للتنازل عن جنسيته القرغيزية ليتسنى لتركيا طلب ترحيله، وأبدت خوفها من تعرضه للتعذيب.

وعبرت عن قلقها الشديد من الوضع الصحي لزوجها، الذي تعرض للإصابة بفيروس كورونا، وتضررت 85% من رئتيه، وظل لمدة شهرين في العناية المركزة، وكان قريباً من الموت.

اقرأ أيضاً: بهذه الطريقة يضلل أردوغان مواطنيه ويخدعهم

وتجمع العشرات من نشطاء حقوق الإنسان وأصدقاء إيناندي حول السفارة التركية مشكلين سلسلة بشرية لمنع خروج أية سيارات، خوفاً من تهريبه إلى مكان آخر، وقالت زوجته لموقع "TTR" أنّ إحدى سيارات السفارة حاولت الخروج، لكنّ المتظاهرين تصدوا لها، وطالبوا بتفتيشها فلم يستجب قائد السيارة لهم، وعاد مرة أخرى إلى مبنى السفارة.

أزمة دبلوماسية

وأجرى رئيس قرغيزستان زيارة مقررة سلفاً إلى تركيا في التاسع من الشهر الجاري في ظل الأزمة المكتومة بين البلدين بسبب اختفاء إيناندي، ولم تنشر وسائل الإعلام التركية شيئاً حول تناول الأزمة بين زعيمي البلدين.

وتوقع المحلل السياسي التركي، جودت كامل، حدوث أزمة دبلوماسية بين تركيا وقرغيزستان، بسبب الضرر الذي وقع على قرغيزستان جراء تعرض سمعتها الأمنية للتشويه، بعدما باتت عاجزة عن حماية مواطنيها في نظر الرأي العام المحلي والدولي.

شكل متظاهرون سلاسل بشرية أمام السفارة التركية خوفاً من تهريب إيناندي لمكان آخر

وحول أسباب خطف إيناندي، قال كامل في حديثه لـ"حفريات"؛ بعد كل ما تسبب فيه رئيس المافيا التركية، حليف أردوغان السابق، سادات بكر من فضائح لنظام أردوغان، بعد الكشف عن إرسال الأسلحة إلى المقاتلين السوريين وتدريب المسلحين السوريين تحت شركة صادات الأمنية، قامت المخابرات التركية بخطف أحد أبرز كوادر حركة الخدمة في قرغيزستان لصرف الأنظار عن سادات بكر بقضية جديدة، لكن عملية الخطف فشلت بسبب انتباه السلطات القرغيزستانية، فاحتجزوه في السفارة.

وتحظى القضية بتغطية دولية واسعة، وطالب عضو البرلمان الأوروبي، النائب الإيطالي فولفيو مارتوسيلو، حكومة قيرغيزستان باتخاذ جميع الخطوات اللازمة للعثور على إيناندي.

اقرأ أيضاً: جديد سادات بكر: أحد أقارب أردوغان متورط في دعم جبهة النصرة

وقال مارتوسيلو؛ "نحن نشاهد بقلق بالغ الاختطاف غير القانوني للمعلم التركي أورهان إيناندي في قيرغيزستان على يد تركيا بسبب صلاته بحركة فتح الله غولن. على تركيا الامتناع عن أي محاولة لإبعاد إيناندي".

ومن جانب آخر، أغلقت السفارة التركية في قرغيزستان حسابها على منصة "تويتر"، ولم تصدر أية تصريحات تركية رسمية حول الاتهامات، بينما يشن الإعلام التركي حملة إعلامية لقلب الحقائق؛ وذلك باتهام المخابرات في قرغيزستان بخطف إيناندي.

ومنذ عام 2014 بدأت الحكومة التركية في خطف المعارضين من الخارج وإعادتهم للمحاكمة، وذكر تقرير رسمي أنّ السلطات أعادت 116 شخصاً من عدة دول وهي؛ أذربيجان ومولدوفا وكوسوفو وأوكرانيا وباكستان وماليزيا والجابون وكينيا.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية