قيادات "النهضة" الإخوانية أمام وحدة مكافحة الإرهاب.. حيثيات الإحالة وأدلة الإدانة

قيادات "النهضة" الإخوانية أمام وحدة مكافحة الإرهاب.. حيثيات الإحالة وأدلة الإدانة


05/04/2022

في تونس، واصلت حركة النهضة الإخوانية، هجومها الحاد على الرئيس، قيس سعيّد، واتهمته مرة أخرى بانتهاك الدستور، كما استنكرت محاكمة النواب الذين شاركوا في الجلسة الافتراضية لمجلس النواب المجمّد، وادعت الحركة أنّ قرار، سعيّد، بحلّ مجلس نواب الشعب، يأتي في إطار ما وصفته بمحاولة "استغلال القضاء؛ في ضرب الخصوم السياسيين".

حركة النهضة جدّدت رفضها القاطع، لقرار الرئيس قيس سعيّد بحلّ البرلمان، وبحسب وكالة الأنباء الألمانية، فإنّ الحركة ادعت أنّ حل مجلس نواب الشعب، يُعد "إمعاناً في تفكيك الدولة ومؤسساتها، وخرقاً جديداً للدستور، الذي ينص صراحة في فصله الثمانين، على بقاء البرلمان في حالة انعقاد دائم"، بحسب مزاعمها.

اقرأ أيضاً: تونس: هل تفضي الاتهامات الموجهة لحركة النهضة الإخوانية إلى حلّها؟

وعادت حركة النهضة وأصدرت بياناً، يوم الإثنين 4 نيسان (أبريل) الجاري، أكدت فيه رفضها قرار حلّ البرلمان، كما زعمت أنّ الجلسة الافتراضية يوم 30 آذار (مارس) الماضي، هي جلسة "قانونية وكاملة الشرعية، طبقاً للفصل الــ 80 من الدستور؛ الذي يقضي ببقاء مجلس نواب الشعب في حالة انعقاد دائم، كما يمنع حلّه". 

كما ادعت الحركة أنّ "تفكيك مؤسسات الدولة الديمقراطية، وتكريس الحكم الفردي المطلق، قد عزل بلادنا عن العالم، وسدّ أمامها أبواب التعاون مع الدول والمؤسسات الدولية، وفاقم من أزمتها الماليّة والاقتصادية، وضاعف من البطالة والفقر والغلاء، والعجز عن توفير الكثير من المواد الأساسية". ويبدو أنّ الحركة تتعمد انتهاج استراتيجيّة الإنكار، لاستبعاد مسؤوليتها الكاملة عن حالة الانسداد السياسي، التي أوصلت تونس إلى ما هي عليه الآن من أزمات.

قيادات النهضة أمام وحدة مكافحة الإرهاب

كان الرئيس التونسي قيس سعيّد، قد أصدر قراراً بحل مجلس نواب الشعب، في أعقاب الاجتماع الذي عقده مع مجلس الأمن القومي، وذلك إثر قيام البرلمان المجمّد، يوم 30 آذار (مارس) الماضي، بتنظيم جلسة افتراضية عامّة، للتصويت على إلغاء التدابير الاستثنائية، التي اتخذها الرئيس مساء يوم 25 تمّوز (يوليو) الماضي، ما اعتبره الرئيس التونسي، نوعاً من التآمر على أمن الدولة، وتدبير محاولة انقلابيّة.

 يبدو أنّ الحركة أدركت أخيراً صعوبة موقفها السياسي والقانوني، وقد باتت في المواجهة وحدها دون حلفاء، الأمر الذي ينذر بفتح الملفات الشائكة، وكشف كل أوجه التآمر الإخواني على الدولة التونسية

وبناء عليه، استدعت وحدة التحقيق في جرائم الإرهاب، نحو 20 نائباً، ممن شاركوا في الجلسة المذكورة، وأكّد رئيس البرلمان المنحل، راشد الغنوشي، أنّ النواب الذين جرى استدعاؤهم، هم أعضاء في حزب النهضة، وكذلك نواب آخرون، واصفاً في لقاء مع وكالة "رويترز" للأنباء، قرار حل البرلمان بأنّه غير دستوري، واعتبره خطوة جديدة تؤدي إلى تعميق الأزمة السياسية في تونس، وتدمر مؤسسات الدولة.

من جانبه، كشف زعيم كتلة النهضة بالبرلمان المنحل، عماد الخميري، أنّه تمّ استدعاؤه للتحقيق أمام وحدة مكافحة الإرهاب في القرجاني، يوم الخميس الماضي، زاعماً أنّه لم يقترف جرماً، وأنّه فقط كان يدعو إلى الالتزام بالدستور، وأنّه حذّر من مخالفة القوانِين، وبذل "السّعي لعودة المسار الديمقراطي، وترسيخ دولة المؤسسات". كما استنكر مثول النواب أمام جهات التحقيق، وأضاف: "ما الذي كان في مداخلاتنَا سوى الدعوة لحوار وطنيّ، وتغليب المصلحة العليا للبلاد، والرجوع عن هذا المسار الهلاميّ التعسفيّ؛ الذي بُني على المغالبة والتشفّي وتجاوز الدّستور، إذا كانت تلك خطيئتنا، فنحن متمسّكون بنهجنا في احترام الدستور، وفي الدعوة لاستئناف الحياة الدستورية، وفي ترسيخ مبادئ الديمقراطية والدعوة للحوار الوطني؛ كحلّ أصيل ووحيد للأزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسيّة، الغير مسبوقة التي تعيشها بلادنا".

اقرأ أيضاً: الرئيس التونسي يصفع "النهضة".. فهل حان أوان الحساب؟

هذا وكشفت تقارير متعددة، أنّ النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بتونس، أحالت راشد الغنوشي، وعدداً من النواب، إلى التحقيق، استجابة للأمر الذي أصدرته ليلى جفال، وزيرة العدل، الأربعاء الماضي، للوكيل العام لمحكمة الاستئناف، بفتح التحقيق ضدّ مجموعة من نواب بالبرلمان المنحل.

مناورة يائسة وتحريض

حركة النهضة أعلنت في وقت لاحق، استجابة رئيسها، راشد الغنوشي، لاستدعاء النيابة العموميّة، رغم تمسكه هو وبقية النواب بعدم دستورية أو قانونية القرارات التي اتخذها رئيس الجمهورية، بحسب زعم الحركة، وجّه الغنوشي عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي، فيسبوك، الشكر للمحامين الذين تجندوا للدفاع عنه وعن النواب، وذيّل الشكر بعبارة "ولا بد لليل أن ينجلي". في تحريض واضح على النظام القضائي في البلاد.

بدوره، وصف عماد الخميري، رئيس كتلة النهضة في البرلمان المنحل، التحقيق القضائي مع النواب، بأنّه "سابقة خطيرة في تاريخ تونس الحديث". زاعماً تمسك حركة النهضة بالفصل الــ 80 والفصل 68 من الدستور، قبل أن يقول في لهجة تصعيديّة: "لن تخيفنا هذه المحاولات اليائسة؛ لتركيع النواب، والتعدي على سلطة منتخبة، بل سنزداد إصراراً على التمسك باحترام الدستور، والدعوة للحوار؛ كآلية وحيدة؛ للخروج من الأزمة، ويقيننا متعين في أنّ بلادنا لا يمكن أن تسمح لأيّ كان، مهما كانت سلطته، أو علا شأنه، أن يضرب منجزات في الديمقراطية والحقوق والحريات، بذل فيها الشعب دماء طاهرة زكية، وأرواح عزيزة غالية، استشهدت من أجل عزة تونس ومناعتها، يسقط الانقلاب وعاشت تونس".

اقرأ أيضاً: تونس: الغنوشي انتهى سياسياً فهل تختفي "النهضة"؟

وأدانت الحركة في بيانها الصادر يوم 4 نيسان (أبريل)، ما وصفته بالمحاكمات السياسية الباطلة لنواب الشعب، الذين زعمت أنّهم مارسوا حقهم وواجبهم طبق الدستور والقانون، كما استنكرت ما ادعت أنّه "محاولات السلطة توظيف القضاء بعد حلّ مؤسساته، واستعماله لتصفية المخالفين السياسيين، والضغوط التي تسلّطها وزيرة العدل على القضاة؛ من أجل إدانة النوّاب والتنكيل بهم".

الحركة الإخوانية طالبت القوى السياسيّة والمدنية المختلفة بـ "الوقوف صفّاً واحداً؛ في مواجهة محاكمة النواب وكلّ المحاكمات السياسيّة، ومواجهة انقلابٍ لا يتوقّف عن تفكيك الدولة، وتخريب مكاسب الديمقراطية ومؤسساتها، ويدفع البلاد إلى العزلة والمجاعة والفقر".

موقف قانوني حرج 

يبدو أنّ الحركة أدركت أخيراً صعوبة موقفها السياسي والقانوني، وقد باتت في المواجهة وحدها دون حلفاء، الأمر الذي ينذر بفتح الملفات الشائكة، وكشف كل أوجه التآمر الإخواني على الدولة في تونس.

 

القصوري: تونس تحتاج اليوم، أكثر من أيّ وقت مضى، لدعم عربي واسع؛ للحسم نهائياً مع الإخوان

 

الناشط السياسي، والمحامي التونسي المختص بالقانون الدولي، حازم القصوري، خصّ "حفريات" بتصريحات، قال فيها: "إنّ تونس أخيراً تطوي العشرية السوداء للإخوان، بحل برلمانهم المزعوم، واصفاً قرار قيس سعيّد بالتاريخي، وبأنّه يدخل ضمن خانة تقرير مصير الشعب التونسي، والقطيعة مع أذيال الاستعمار الجديد، أصدقاء ماكين وبريمر، داعياً إلى اليقظة التامّة، في مواجهة الإرهاب الإخواني المحتمل".

حازم القصوري: تونس أخيراً تطوي العشرية السوداء للإخوان، بحل برلمانهم المزعوم

وطالب القصوري كذلك بالانتباه إلى دسائس الإخوان، وتفويت الفرصة عليهم، وسحب البساط من تحتهم، على الرغم من الزيارات المكوكيّة، التي قام بها بعضهم للغنوشي؛ لضخ الحياة فيه، من أجل العودة للحلبة السياسيّة، من خلال الاجتماع الافتراضي، رغبة في فرض الأمر الواقع بالقوة، فجاء القرار السيادي التونسي، تقويضاً للفكرة، وشلاً لقوتهم، وأضاف: "تونس تحتاج اليوم، أكثر من أيّ وقت مضى، لدعم عربي واسع؛ للحسم نهائياً مع الإخوان".

اقرأ أيضاً: تونس: الرئيس يحاصر "النهضة" من كلّ الاتجاهات

وحول إجراءات الإحالة من الناحية القانونيّة، قال القصوري: "يحال النواب المجمدون، في حالة تقديم أدلة دامغة، على وكالة الجمهوريّة؛ لتقرر في شأنهم ما تراه صالحاً، إلّا إذا رأت أنّ الأبحاث لم تستكمل، وتقوم بتمديدها؛ لمواصلة أعمال البحث والتقصي؛ بخصوص الخروقات التي تنسب إليهم، خاصّة وأنّ الأعمال التي اقترفوها، تدخل في إطار الجرائم الماسة بالتراب الوطني، ووحدة الدولة والمؤسسات".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية