الرئيس التونسي يصفع "النهضة".. فهل حان أوان الحساب؟

الرئيس التونسي يصفع "النهضة".. فهل حان أوان الحساب؟


03/04/2022

ثمّة تطور في مسار العلاقة بين إجراءات الخامس والعشرين من تمّوز (يوليو) الماضي، وحركة النهضة، عندما قرّر راشد الغنوشي، عقد جلسة افتراضية للبرلمان المجمّد؛ للتصديق من خلال ذلك على مشروع قانون يلغي القرارات الاستثنائية، التي اتخذها الرئيس التونسي، وإسقاط المراسيم الرئاسيّة.

على خلفية ذلك، قرّر سعيّد، المضي قدماً في إجراءاته، واتخاذ قرارا بحل مجلس النواب، بعد شهور من تجميده، بناء على الفصل 72 من الدستور؛ بهدف الحفاظ على الدولة ومؤسساتها، بعد تسجيل محاولة للانقلاب على مؤسسات الدولة وعلى أمنها، بحسب كلمة الرئيس قيس سعيّد إلى مواطنيه، نهاية آذار (مارس) الماضي.

وينص الفصل 72 من الدستور التونسي، على أنّ "رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة، ورمز وحدتها، يضمن استقلالها واستمراريتها، ويسهر على احترام الدستور".

اقرأ أيضاً: هكذا علّق اتحاد الشغل التونسي على قرار حل البرلمان

وشدّد الرئيس على أنّه ستتم ملاحقة كل المشاركين في جلسة البرلمان جزائياً، مشيراً إلى أنّ وزيرة العدل وبصفتها رئيس النيابة العامة، بادرت بفتح دعوى ضد هؤلاء أمام النيابة العمومية، مؤكداً أنّ اجتماع نواب البرلمان المجمّد، هو "تآمر مفضوح على أمن الدولة وعمالة للخارج". 

النهضة اقترفت جرماً سياسيّاً

من جانبه يذهب سرحان الناصري، رئيس حزب التحالف من أجل تونس، في تصريحات خصّ بها "حفريات"، إلى أنّ التحالف أصدر يوم التاسع والعشرين من شهر آذار (مارس) الماضي بياناً، أدان فيه دعوة راشد الغنوشي، لانعقاد مكتب المجلس، ونبّه فيه للجريمة السياسيّة التي تدفع نحوها حركة النهضة ومن والاها؛ بالدعوة لجلسات عامة، في مخالفة جسيمة للقانون وأعراف العمل التشريعي. وهو البيان الذي كرّر فيه توجيه الدعوة لرئيس الجمهورية بحلّ المجلس، والحكومة بتطبيق القانون.

يتابع الناصري حديثه بقوله إنّ أهداف الغنوشي من عقد اجتماع افتراضي، كانت موجّهة للرأي العام الدولي، لاستجداء دول أجنبية، وأهمها بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، مع استفزاز صريح لرئيس الجمهورية؛ لأخذ خطوة حل البرلمان، وتأكيد نظرية الانقلاب على الشرعية، وتكريس مبدأ الاستبداد.

اقرأ أيضاً: تونس: ماذا بعد حلّ قيس سعيد البرلمان؟

يضيف الناصري أنّ ذلك يعني كون الغنوشي يواصل ضرب السيادة الوطنية، واستقلال القرار الوطني؛ إثر تماديه ومن دعاهم واستجابوا له من النّواب المجمّدين، الذين عقدوا يوم  الثلاثين من آذار (مارس) الماضي جلسة عامة للمجلس المعلّقة أعماله، الأمر الذي يعتبر جريمة سياسية تهدّد السلم الأهلي والأمن القومي.

 

الناصري: أهداف الغنوشي من عقد اجتماع افتراضي، كانت موجّهة للرأي العام الدولي، لاستجداء دول أجنبية، مع استفزاز صريح لرئيس الجمهورية؛ لأخذ خطوة حل البرلمان، وتأكيد نظرية الانقلاب على الشرعية

 

يواصل رئيس حزب التحالف من أجل تونس تصريحاته، مؤكداً أنّه بعد إعلان رئيس الجمهورية عن حلّ مجلس النّواب، مساء الخميس الأخير من شهر آذار (مارس) الماضي، استجابة لإرادة شعبه؛ فإنّ التحالف من أجل تونس الداعم لقرارات 25 تمّوز (يوليو)، باعتبارها إنفاذاً لإرادة الشعب؛ للتخلّص من منظومة حكم نهبت البلاد وأجرمت في حق الشعب، تحت عنوان ديمقراطية مغشوشة، يعبّر عن مساندته لقرار حلّ المجلس، ويطالب رئيس الجمهورية بالإبقاء على روزنامة التصحيح المعلن عنها؛ لإنهاء حالة الاستثناء، ويدعو رئيس الجمهورية للإعلان قريباً عن حوار وطني؛ يشمل المنظمات الاجتماعية، والأطراف السياسية التي لم تتورط مع منظومة الحكم خلال العشرية السوداء، وتوسيع فرص التشاركيّة في صياغة مستقبل تونس وشعبها. 

ضغوط أمريكية

في سياق متصل، أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية إحاطة صحفية، من خلال نيد برايس، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، أعربت فيها عن انشغالها بشأن ما وصفته بالقرار الأحادي الجانب، الذي اتخذه الرئيس التونسي بحل البرلمان، وإزاء ما يتداول من أنّ السلطات التونسية تدرس اتخاذ إجراءات قانونية، بحقّ نواب في البرلمان.

أضاف البيان: "لقد أبلغنا المسؤولين التونسيين، باستمرار، بأنّه ينبغي أن تكتسي أيّ عمليّة إصلاح سياسي بالشفافيّة، وأن تشمل الجميع، وأن تجري بالتنسيق مع شتّى الأحزاب السياسية، والنقابات العمالية، ومكوّنات المجتمع المدني"، وطالب البيان بالعودة السريعة إلى الحكم الدستوري، ومن ضمن ذلك برلمان منتخب، بوصفه أمراً "بالغ الأهمّية لمنظومة حكم ديمقراطي، من شأنها أيضاً أن تؤمّن دعماً مستمرّاً واسع النطاق، للإصلاحات المطلوبة؛ لمساعدة الاقتصاد التونسي على الانتعاش".

 

مقني:  بيان الخارجية الأمريكية، بيّن جيداً أنّ واشنطن تشترط عودة الديمقراطية البرلمانية؛ لإسناد مساعدات اقتصادية لتونس، الأمر الذي لن يقبله الرئيس، باعتباره انتهاكاً لسيادة القرار الوطني

 

الصحفي التونسي نزار مقني، يشير إلى أنّ إجراءات رئيس الجمهورية، تأتي لتؤكد كونه سيكمل طريقه الذي سطره منذ شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي، وما قاله بيان الخارجية الأمريكية، يمثل مزيداً من الضغوط عليه؛ للذهاب لحوار وطني مع التيارات والأحزاب السياسية، ومنظمات المجتمع المدني، غير أنّه يرتأي أن يكون الحوار مقتصراً على مؤسسات المجتمع المدني، سيما اتحاد الشغل، واتحاد الأعراف، وهيئة المحامين، مشفوعاً ببعض الشخصيات الوطنية المستقلة.

اقرأ أيضاً: تونس على أبواب هدنة اجتماعية غير مسبوقة

يضيف استاذ الجيوبولتيك بالجامعة التونسيّة، في تصريحاته لـ"حفريات"، أنّ هذا الإطار قد لا تقبل به الإدارة الأمريكية؛ لأنّها تريد حواراً شاملاً، يضم كافة الأحزاب السياسيّة، ومن ضمنها النهضة، الأمر الذي ستنجم عنه إرهاصات جديدة، في سياق علاقة تونس بالغرب عموماً، وبالولايات المتحدة الأمريكية على وجه الخصوص.

اقرأ أيضاً: تونس: الغنوشي انتهى سياسياً فهل تختفي "النهضة"؟

يختتم نزار مقني  تصريحاته بقوله إنّ بيان الخارجية الأمريكية، بيّن جيداً أنّ واشنطن تشترط عودة الديمقراطية البرلمانية؛ لإسناد مساعدات اقتصادية لتونس، الأمر الذي لن يقبله الرئيس، باعتباره انتهاكاً لسيادة القرار الوطني.

من جهته، يشير الأمين العام للتيار الشعبي زهير حمدي، في حديثه لـ"حفريات" إلى أنّ قرار حل البرلمان، كان الرد الصائب على عملية التمرد التي يقودها راشد الغنوشي، ومجموعات الفساد المتحالفة معه، واعتبر أنّ عقد جلسة لنواب في برلمان مجمدة أعماله، وإصدار قوانين من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، وعلى شاشات فضائية أجنبية، هو إهانة للدولة والشعب، ومحاولة للإطاحة بالدولة في عقول ونفوس الناس؛ بغية إسقاط مؤسساتها لاحقاً، يحتم على الرئيس ردع هؤلاء، ولا خيار أمامه إلا حلّ البرلمان؛ باعتباره تحول إلى وفاق إجرامي، لإحداث الفتنة الأهلية في البلاد.

 

حمدي: جماعة الإخوان هدفها المرحلي خلق ازدواجية شرعية، ثم طلب التدخل الخارجي في المرحلة التالية، وفرض تقاسم السلطة، وإسقاط كل تتبع في الجرائم المرتكبة، وكل هذا تم بتغطية من قوى دوليّة

 

ويتابع الأمين العام لحزب التيار الشعبي تصريحاته، مؤكداً أنّ دعوة راشد الغنوشي، سبقتها مشاورات منذ فترة؛ استطاع من خلالها تأمين عدد من النواب، في شكل وفاق امتد لأهداف وغايات كل منهم؛ إذ يريدون غلق قوس 25 تمّوز (يوليو)؛  للإفلات من العقاب.

ويرى حمدي أنّ  جماعة الإخوان هدفها المرحلي؛ خلق ازدواجية شرعية، ثم طلب التدخل الخارجي في المرحلة التالية، وفرض تقاسم السلطة، وإسقاط كل تتبع في الجرائم المرتكبة، وكل هذا تم بتغطية من قوى دوليّة.

اقرأ أيضاً: تونس: الرئيس يحاصر "النهضة" من كلّ الاتجاهات

على خلفية ذلك، يؤكد زهير حمدي أنّ حزبه التيار الشعبي، أعلن رفضه التام للجلسة، وطالب الرئيس بالتدخل؛ بما له من صلاحيات لحماية وحدة الدولة، أرضاً ومؤسسات، مضيفاً: "نحن لا نقبل بتقسيم بلادنا، أو وضعها تحت الوصاية، مهما كان من يحكمها".

وبالتالي فإنّ قرار حل البرلمان، بحسب أمين عام حزب التيار الشعبي، في تلك اللحظة  كان ضرورة، لافتاً إلى أنّ الحزب طالب به منذ اليوم الأول، ولكن الرئيس كان سيبقي عليه مجمداً، إلى حين انتخاب مجلس جديد، بيد أنّ تصرف الغنوشي، وما كان سيترتب عليه، عجّل بحلّه؛ لتفادي الكارثة، واليوم المطلوب التسريع بالنقاش الشعبي العام أفقياً، مع كل فئات الشعب وفعالياته الوطنية، جهوياً ومركزياً، ومطلب التيار الشعبي، أن يشارك الجميع؛ من نخب ثقافية، وسياسية، وإعلامية، وأكاديمية، وطلاب، وقطاعات منتجة؛ فلاحين، وعمال، وصناع، وغيره، في بلورة إصلاحات سياسيّة عميقة، تنال الثقة في الاستفتاء يوم 25  تموز (يوليو) المقبل، ومن ثم الذهاب للانتخابات التشريعية، في موعدها يوم 17 كانون الأول (ديسمبر) 2022، وتنتهي المرحلة الاستثنائية.

أوان المحاسبة

أفاد مكتب راشد الغنوشي، رئيس مجلس النواب المنحل، أنّ وحدة التحقيق في جرائم الإرهاب، توجهت إليه باستدعاء للمثول أمامها يوم الجمعة، الأول من شهر نيسان (أبريل)، رفقة أكثر من ثلاثين  نائباً ممن شاركوا في الجلسة العامة الافتراضية للنواب السابقين؛ بشبهة ''تكوين وفاق، قصد التآمر على أمن الدولة الداخلي''.

 

المسدي: قرار الرئيس قيس سعيّد بحل مجلس النواب المجمّد، هو تعبير صادق، صادف وقت قطاف الرؤوس التي تمردت على تونس

 

يذكر أنّ وزيرة العدل ليلى جفّال، كانت قد وجهت يوم الأربعاء الأخير من آذار (مارس) الماضي، طلباً للوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بتونس، للإذن لوكيل الجمهورية؛ بفتح التتبع القضائي اللازم ضد عدد من النواب بالبرلمان المنحل، من أجل "جرائم تكوين وفاق"؛ بقصد "التآمر على أمن الدولة الداخلي".

ترى فاطمة المسدي، عضو مجلس النواب السابق، في تصريحاتها لـ"حفريات"، أنّ قرار الرئيس قيس سعيّد بحل مجلس النواب المجمّد، هو تعبير صادق، صادف وقت قطاف الرؤوس التي تمردت على تونس.

وتتابع المسدي مؤكدة أنّ ذلك يعكس بصدق نتائج ما تمناه  الشعب التونسي،  بعد قرارت  25 تمّوز (يوليو) العام الماضي، التي تراها قرارات في صورة ثورة.

وبحسب عضو مجلس النواب السابق، فإنّ قرار حلّ مجلس نواب الشعب، لبى دعوات الشعب التونسي، حيث أنّه أسقط منظومة الفساد، عبر تلك الإجراءات، في مواجهة عملية التآمر مع الخارج، التي قادها الغنوشي، ومجموعة من النواب؛ لتقسيم الدولة، وتنازع الشرعيات، لم يبق للرئيس، وهو الضامن الوحيد لوحدة الدولة دستورياً، إلّا أن يتخذ إجراءات يوم 30 آذار (مارس) الماضي؛ التي تنقذ تونس من المؤامرة، وذلك بحل البرلمان؛ للتخلص من شرعية مزيفة؛ يستعملها المتآمرون، كما أنّ المحاسبة ستطالهم جميعاً، لتقطف رؤوس الخيانة في حق الدولة التونسية، والحد من أيّ محاولة أخرى تهدد الأمن القومي.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية