تونس: الغنوشي انتهى سياسياً فهل تختفي "النهضة"؟

تونس: الغنوشي انتهى سياسياً فهل تختفي "النهضة"؟


30/03/2022

تواجه حركة النهضة الإسلامية في تونس أزمة آخذة في الاتساع، بعد أن تقرّرت إحالة الحركة، في شخص ممثلها القانوني راشد الغنوشي (زعيم النهضة)، إلى المجلس الجناحي بالمحكمة الإبتدائية بتونس، إثر ثبوت ضلوعها في الحصول على تمويل أجنبي لحملاتها الانتخابية.

كما تقرّرت إحالة أحد قياداتها، الذي ثبت ضلوعه في إبرام عقد الاستشهار، وهو صهر الغنوشي، رفيق عبد السلام أيضاً إلى القضاء بالتهمة نفسها.

خطوة قد تعجّل بحلّ الحركة وانتهائها أو اندثارها من المشهد السياسي التونسي كلياً، خصوصاً أنّها تواجه، منذ الإعلان عن الإجراءات الاستثنائية في البلاد، في 25 تموز (يوليو) الماضي، مجموعة من الاتهامات تتعلق بإفساد المجال السياسي، وتلقي تمويلات خارجية واختراق القضاء، فضلاً عن الاتهامات التي تتعلق بالإرهاب وملفّ الاغتيالات السياسية والتخابر مع جهات أجنبية.

الغنوشي يعدّ عماد الحركة، فيما يرى أغلب المحللين السياسيين بتونس أنّ الغنوشي هو الحركة بحدّ ذاتها، لكنه أصبح مثقلاً بالاتهامات، منها التخابر والتورّط في الاغتيالات السياسية، فضلاً عن تسفير الإرهابيين إلى سوريا، وتلقي تمويلات أجنبية.

النهضة في قلب الجريمة

ويؤكد مكتب الاتصال بالمحكمة الابتدائية بتونس؛ أنّه تم توجيه تهمة "الحصول على تمويل أجنبي لحملة انتخابية وقبول تمويل مباشر مجهول المصدر للأول، بمشاركة الثاني له في ذلك"، بعد أن وقع عرض القضية على القطب القضائي الاقتصادي والمالي والخاص.

الغنوشي يعدّ عماد الحركة، فيما يرى أغلب المحللين السياسيين بتونس أنّ الغنوشي هو الحركة بحدّ ذاتها، لكنه أصبح مثقلاً بالاتهامات، منها التخابر والتورّط في الاغتيالات السياسية

وبدأت التحقيقات القضائية مع حركة النهضة بشبهة الحصول على تمويل أجنبي خلال الانتخابات، منذ أشهر، بعد أن تمّ الكشف عن عقود (لوبينغ)، أي عقود مع جماعات ضغط خارجية، أبرمتها الحركة مع شركات أجنبية، للقيام بحملات لصالحها من أجل تحسين صورتها والتلاعب بالرأي العام، وذلك اعتماداً على ما كشفه التقرير الختامي لدائرة المحاسبات حول نتائج مراقبة تمويل الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها والانتخابات التشريعية لسنة 2019.

ويحظر القانون التونسي على الأحزاب السياسية قبول تمويل، مباشر أو غير مباشر، صادر عن أيّة جهة أجنبية ويمنع حيازة أموال بالخارج، ويرى أنّ البحث عن دعم أجنبي جريمة، كما يمنع مرسوم الأحزاب في تونس في فصله التاسع عشر تلقي أموال بشكل مباشر وغير مباشر، نقدية أو عينية صادرة عن جهة أجنبية.

كما يمكن وفق الفصل 28 من المرسوم ذاته، تعليق نشاط الحزب السياسي، في مرحلة أولى لمدة لا تزيد عن 30 يوماً، وفي مرحلة لاحقة يتم حلّ الحزب المعني بالتمويل الأجنبي بطلب من رئيس الحكومة.

اقرأ أيضاً: تونس: الرئيس يحاصر "النهضة" من كلّ الاتجاهات

هذا ويؤكد المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية في تونس؛ أنّه في 31 كانون الأول (ديسمبر) قُبض على الصندوق الأسود لحركة الإخوان في تونس، وأنّ دائرة المحاسبات وملف هيئة الانتخابات والتجاوزات فيها سُلمت للمحكمة الابتدائية في تونس.

في المقابل، تنفي "حركة النهضة" أيّة صلة لها بالجهات التي أبرمت "عقود اللوبيينغ" خارج التراب التونسي، معتبرةً ما قامت به تلك الجهات "مبادرات فردية لا علاقة لها بالحركة في تونس".

اقرأ أيضاً: هل تورط إخوان تونس بافتعال أزمة السلع الغذائية؟

وتُعدّ الاتهامات الجديدة بتلقي تمويل أجنبي ضربة للإسلاميين في تونس، وتهدّد بحلّ الحركة، فيما تصل عقوبتها إلى خمس سنوات سجناً.

هل انتهى الغنوشي سياسياً؟

وتشير الأحداث التي رافقت إجراءات 25 تموز (يوليو) إلى أنّ الغنوشي، الذي قضى سنوات طويلة من حياته، في المنفى بالخارج بسبب مخططاته الإرهابية للنيل من تونس واختراقها، انتهى سياسياً داخل حركته بعد أن حاول أكثر من 100 قيادي جمع إمضاءات لاستبعاده، وكذلك بالمشهد السياسي الذي تجاوزه.

هذا ويؤكّد المحلل السياسي عبد الجبار المدوري، في تصريحه لـ "حفريات"؛ أنّ الغنوشي خرّب حركة النهضة وفشل في قيادتها، كما فشل كرئيس للبرلمان، ولم تعد له أيّة شعبية، معتبراً أنّ النهضة انتهت ودخلت في مرحلة ما بعد الغنوشي، وأنّ تونس دخلت مرحلة ما بعد النهضة.

عبد الجبار المدوري: الغنوشي أصبح محاصراً ولم يعد بإمكانه التهرّب من المسؤولية

ويضيف المدوري؛ أنّ الغنوشي أصبح محاصراً ولم يعد بإمكانه التهرّب من المسؤولية لأنّ قضية التمويل الأجنبي قديمة، لم ينظر فيها القضاء سابقاً لأنّ الغنوشي وحزبه كانوا يسيطرون على المشهدين السياسي والقضائي، مشدّداً على أنّ القضاء تحرّر ومن غير المستبعد محاسبته عن كلّ الجرائم التي اقترفها بحقّ التونسيين، مرجّحاً أن يواجه قريباً أحكاماً بالسجن.

المحلل السياسي عبد الجبار المدوري لـ"حفريات": الغنوشي خرّب النهضة وفشل في قيادتها والنهضة انتهت ودخلت في مرحلة ما بعد الغنوشي وتونس دخلت مرحلة ما بعد النهضة

ويعتقد المحلل السياسي، باسل ترجمان؛ أنّ شخصية الغنوشي تحمل داخلها تناقضات كثيرة، وأنّه يقول عكس ما يؤمن به في ما يتعلق بالديمقراطية وحرية التعبير، خصوصاً أنّه ما يزال رئيساً لحركته منذ 40 عاماً، وأنّه طرد قيادات كثيرة بمجلس الشورى والمكتب التنفيذي، من أجل تعطيل عقد مؤتمر الحركة من أجل انتخاب رئيس جديد لها.

 

اقرأ أيضاً: تونس: تطورات في قضية "اللوبينغ''... وأدلة جديدة تدين حركة النهضة

ويؤكد ترجمان أنّ الغنوشي انتهى دوره سياسياً برغم المحاولات، بعد أن فقد ثقة التونسيين، بحسب نتائج سبر الآراء، بسبب كمية الكذب التي بنى بها شخصيته السياسية منذ دخل البلاد عام 2011، وطمأن حينها الشعب بأنّه لن يتولى أيّ دور سياسي، دون ذكر كمية الوعود التي أطلقها في حملاته الانتخابية، وتنكر لها لاحقاً.

 النهضة حديقة خلفية

ويقول ترجمان لـ "حفريات"؛ إنّ حركة النهضة تحوّلت إلى حديقة خلفية لعائلة الغنوشي وأصهاره وهو ما أزعج قيادات النهضة، كما أنّه انتهى شعبياً؛ فلم تعد له أيّة مصداقية مع الشعب ولا قدرة على البقاء في المشهد السياسي، لافتاً إلى أنّه يحارب اليوم من أجل البقاء ومن أجل استعادة أيّ دور في المشهد، معتبراً أنّ الزمن تجاوزه بشكل كبير، منذ 25 تموز (يوليو) الماضي.

وتؤكد أغلب القراءات السياسية بتونس على أنّ الغنوشي تهاوى كشخصية سياسية، وأنّ محاسبته على السنوات العشر الماضية التي سيطر فيها على الحكم، ومدّ خلالها أذرعه في مفاصل الدولة لتنفيذ أجنداته، باتت قريبة جدّاً، وسوف لن يكون له أي دور في المرحلة القادمة.

محمد بوعود: النهضة هي التي تلقت ضربة 25 تموز (يوليو)

من جانبه، يرى المحلل السياسي محمد بوعود أنّ النهضة هي التي تلقت ضربة 25 تموز (يوليو)، وهذه الضربة تسبّبت لها بكسور داخلية وفتوق يصعب رتقها، حيث إنّ مجلس شوراها، الذي كانت البلاد تحبس أنفاسها بانتظار قراراته، لم ينعقد منذ قرارات الرئيس، ومكتبها التنفيذي منحلّ تقريباً، ومكتبها السياسي غير موجود.

 

اقرأ أيضاً: قيادي سابق بحركة النهضة يفتح النار على الغنوشي... ماذا قال؟

ويضيف بوعود، في تصريحه لـ "حفريات": "لم يبقَ من النهضة غير راشد الغنوشي، الذي اختار أن يخوض معركته بأذرع جديدة من خارج حركته، عوّل عليها فيما يسمى "مواطنون ضدّ  الانقلاب"، واستغلّ بعض الأحداث، كإيقاف نائبه نور الدين البحيري، للعودة إلى المشهد الإعلامي ومحاولة إثبات أنّه ما يزال موجوداً وما يزال فاعلاً، خاصّةً من خلال البيانات المتباعدة التي يمضيها باسم راشد الغنوشي، رئيس البرلمان، وهو يعلم أنّ البرلمان مجمّد وأنّ صفة رئيسه لم تعد موجودة.

ويقول المحلل السياسي أنّ الغنّوشي أوكل مهمة الاتصال الخارجي لمن يعوّضه، ولم يسافر إلى الآن إلى أي مكان خارج البلد، وهو ما يعطي دليلاً على أنّ الرجل لم يعد يثق بعلاقاته الدولية، التي تفاخر بها أنصاره كثيراً، لافتاً إلى أنّ الرجل فقد الكثير من قوّة حركته وفقد الكثير من مواقع نفوذه، وفقد أيضاً الكثير من ثقة التونسيين والعالم في شخصه.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية