هل تورط إخوان تونس بافتعال أزمة السلع الغذائية؟

هل تورط إخوان تونس بافتعال أزمة السلع الغذائية؟


17/03/2022

كشفت أزمة نقص السلع الغذائية في تونس عن احتمال تورط العديد من رجال الأعمال الإخوان والمحسوبين على حزب النهضة في صنع تلك الأزمة بغرض إثارة الشعب ضد الرئيس قيس سعيد.

وقد أطلق الرئيس قيس سعيد مؤخراً تصريحات مثيرة، حول استعداد الدولة التونسية لخوض حرب لا هوادة فيها مع رجال الأعمال الجشعين والمحتكرين والمضاربين في سوق السلع الغذائية، الذين يستهدفون رفع أسعارها أو تكديسها لزعزعة الأمن وسلامة الوطن، متهماً أطرافاً سياسية بالوقوف وراء محتكري الغذاء من أجل إسقاط مشروعه لإنقاذ البلاد من الفاسدين والمجرمين، وذلك خلال اجتماعه مع وزير الداخلية توفيق شرف الدين وقيادات أمنية في الوزارة.

وتشهد تونس منذ أسابيع ندرة نسبية في السلع والمنتجات الغذائية، أبرزها الدقيق والزيوت والأرز والخبز، وحسب  "فرانس 24" دفعت هذه الأزمة بعض المحال التجارية الكبرى إلى تحديد الكميات الممنوحة للمستهلكين من تلك السلع للأفراد، ممّا أثار قلق التونسيين وزاد إقبالهم على الشراء والتزود بكميات كبيرة خوفاً من اختفاء السلع، وقد اصطف العشرات من المواطنين أمام بعض المخابز والمحلات.

كشفت أزمة نقص السلع الغذائية في تونس عن احتمال تورط رجال أعمال إخوانيين ومحسوبين على حزب النهضة

وقال سمير الغرايري، ممثل عن المنظمة التونسية للدفاع عن المستهلك لصحيفة "العين" الإخبارية: إنّ "لوبيات الاحتكار وبارونات الفساد تقف وراء عدم التزود بشكل طبيعي بالمواد الغذائية الأساسية، وهذا ما أكده حجم الأطنان المحجوزة منذ انطلاق حملة التصدي للاحتكار، وذلك من أجل إرباك السوق". 

اقرأ أيضاً: قيادي سابق بحركة النهضة يفتح النار على الغنوشي... ماذا قال؟

ويرى بعض المحللين أنّ ما يحصل من اختفاء للمواد الغذائية من الأسواق ليس من قبيل المصادفة، ولكنّه بتدبير وبترتيب مسبق وبفعل فاعل، وأنّه نتيجة لتحالف رجال الأعمال الفاسدين والجشعين مع بعض قادة حزب النهضة، انتقاماً لاستبعادهم من الحياة السياسية في 25 تموز (يوليو) 2021.

وحول اشتباه تورط إخوان تونس في افتعال أزمة نقص السلع الغذائية، يقول الكاتب والباحث التونسي باسل ترجمان: "إنّ قضية احتكار المواد أو السلع الغذائية عملية مشتركة بين بعض رجال الأعمال الفاسدين والإخوان المسلمين في تونس"، مؤكداً في حديثه لـ"حفريات" أنّ "أزمة نقص السلع هي مشكلة مفتعلة وتمّت بترتيب بين رجال أعمال يرغبون في الربح السريع وبين رجال حزب النهضة المناوئين لمسار الإصلاح الذي بدأه الرئيس قيس سعيد، هذا التحالف الشرير يرغب في افتعال أزمة نقص السلع لدفع المواطنين نحو الغضب والانفجار والتظاهر احتجاجاً على عدم قدرتهم الحصول على أقواتهم، سواء بعدم وجودها أو بارتفاع أسعارها، بشكل أكبر بكثير من قدراتهم الشرائية".

باسم ترجمان: عناصر حركة النهضة يحملون حقداً  شديداً على المجتمع التونسي الذي خرج وأعلن رفضه لهم

وأضاف ترجمان: "إنّ جماعة الإخوان في تونس، أو في أيّ دولة كانت، لا يتحلون بأيّ قيمة وطنية أو أخلاقية، فقد كان من المفترض في مثل هذه الأحوال التي تشهد غلاء في السلع نتيجة للحرب الروسية الأوكرانية، أن يساهموا في تهدئة المواطنين، وأن يساندوا الدولة ويجنّبوا المجتمع الوقوع في الصراعات السياسية الاقتصادية، فالأزمة عالمية وتمسّ الوطن والمواطنين، ولا يد للحكومات فيها، ولكنّهم كما عرفناهم وعرفهم الجميع، انتهازيون لا يشغلهم الوطن ولا المواطن، لا يشغلهم إلّا حزبهم وجماعتهم، وفي سبيل الوصول إلى الحكم لا مانع لديهم من إشعال الفتن في تونس".

ويفسّر ترجمان هذا السلوك العدائي من الإخوان ضد الشعب التونسي والرئيس قيس سعيد قائلاً: "إنّ عناصر حركة النهضة يحملون حقداً شديداً على المجتمع التونسي الذي خرج وأعلن رفضه لهم، وبعد تأكدهم من استحالة قبول الشارع لهم مرة ثانية تحركت الأحقاد والرغبة في الثأر، وأرادوا انتهاز هذه الأزمة ليحققوا أمرين؛ الأوّل: الانتقام من المواطن التونسي، والثاني: إظهار الدولة عاجزة عن توفير احتياجات الشعب وغير قادرة على الوفاء بواجباتها".

شنّت الحكومة التونسية العديد من الحملات لمقاومة الاحتكار وكشفت عن حجز مواد مختلفة

وأضاف: "إنّ الأزمة مفتعلة، وعندما تحرّكت الدولة نجحت في كشف مخازن كبيرة للمحتكرين وحجز كميات كبيرة جداً من مواد غذائية أساسية تمّ إخفاؤها؛ إمّا بغاية المضاربة والربح، وإمّا لتهريبها لدول الجوار على حساب الشعب".

اقرأ أيضاً: بعد كشف جرائم النهضة... هكذا استغل الغنوشي أزمة أوكرانيا لإطفاء غضب التونسيين

وحول تلك الأزمة، يرى المحامي الدولي والناشط الحقوقي حازم القصوري أنّه لا سبيل لحلّ مشكلة احتكار السلع في تونس ورفع الأسعار بالشكل المبالغ فيه، إلّا بتطبيق القانون، والإسراع في إصدار قوانين تحمي المستهلك وتعاقب المحتكرين، متابعاً في تصريحه لـ"حفريات": "كان من المتوقع أن تشهد تونس موجة غلاء، لكن لم يكن من المتوقع أن يستغلّ بعض ضعاف النفوس الأزمة لتحقيق مكاسب سياسية ومالية".

وأكد المحامي التونسي "أنّ خرق القانون في مجال الاحتكار يُشكّل جناية تُعرّض أصحابها لعقوبات قاسية، فهم بخرقهم الأمن القومي الاقتصادي المرتبط بالأمن الغذائي هدّدوا سلامة المجتمع، وعرّضوا التونسيين للخوف وعدم الأمان".

وأضاف: "رغم أنّ الرئيس التونسي لم يُصرّح باتهام حركة النهضة بالضلوع في خلق تلك الأزمة، إلّا أنّ الشارع التونسي يعلم جيداً أنّهم متورطون حتى آذانهم، فهناك بارونات فساد لها ارتباط وثيق بالإخوان، تمكّنوا من إقامة علاقات اقتصادية وشبكة مصالح واسعة على مدى (10) أعوام حكموا فيها تونس".

حازم القصوري:  رغم أنّ الرئيس التونسي لم يُصرّح باتهام حركة النهضة إلّا أنّ الشارع التونسي يعلم جيداً تورطهم

 ويوضح القصوري سبب الأزمة "أنّ كلا الطرفين يريد العودة لما قبل 25 تموز (يوليو)، فمن ناحية يرغب الإخوان في العودة إلى المشاركة في الحكم، أمّا رجال الأعمال المتحالفون معهم، فيرغبون في العودة إلى عصور الفوضى الاقتصادية والفساد المالي والرشوة بحثاً عن مزيد من الأموال والأرباح، ومعلوم أنّ هذه الخطة هي ما دفعت الرئيس قيس سعيد ليوجّه التحذير وراء التحذير لكلّ الأطراف التي تريد التلاعب بالأمن القومي الغذائي".

وفي السياق ذاته، شنّت الحكومة التونسية العديد من الحملات لمقاومة الاحتكار، وكشفت عن حجز مواد مختلفة تتمثل في (171) طناً من الدقيق والمعجنات والأرز ومواد مدعمة مختلفة، و(31) طناً من السكر المدعم، و(243) طناً من المعجنات غير الصالحة للاستهلاك، إلى جانب حجز (34) طناً من الخضر والغلال، وأكثر من (5) آلاف لتر من الزيت النباتي المدعم، ونحو (2400) لتر من الحليب، و(227) طناً من حديد البناء، و(177) طناً من الحبوب والمواد العلفية، وأكثر من (643) ألف بيضة، وتعكس حصيلة هذه الأرقام تنامي حجم الاحتكار الذي أضحى تجارة مربحة للغاية".

اقرأ أيضاً: الغنوشي... سقطة جديدة تعكس حقيقته وفكره

وقد قام الرئيس التونسي بجولات تفقدية بنفسه للمخابز الشعبية، وأعلن عن نيّته إصدار مرسوم رئاسي يُجرّم الاحتكار، ويعاقب بالسجن كلّ من يتعمد إخفاء المنتجات والسلع والمضاربة بها، في خطوة اعتبرها المواطنون مهمّة، ومن شأنها حماية المستهلك ووضع حدّ للمساس بقوت التونسيين، وينصّ مشروع مرسوم مقاومة الاحتكار على إقرار عقوبات صارمة سالبة للحرية تصل أقصاها إلى (10) أعوام سجناً، ومصادرة كلّ ممتلكات المضاربين والمحتكرين من منازل ومخازن وسيارات وسلع.     




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية