في خضم حرب ضروس بين حليفته روسيا، وأوكرانيا التي تولى بنفسه الحشد ضدها، ألمح رمضان قديروف، زعيم جمهورية الشيشان الروسية، إلى نيته التنحي، في توقيت بالغ الدقة، ولا سيّما أنّ القوات الشيشانية تشارك في الحرب الروسية الأوكرانية، ممّا أثار تساؤلات حول ما إذا كان هدف قديروف الحقيقي من هذا الإعلان التنحي أو الضغط على الكرملين لتحقيق بعض المطالب أو المكاسب.
وفي مقطع فيديو على قناته الرسمية على تطبيق تليغرام، قال قديروف أمس: إنّه يستحق استراحة "غير محددة وطويلة" من منصبه، مضيفاً: "أدركت أنّني كنت جالساً في وضعي لفترة طويلة... أعتقد أنّ وقتي قد حان [لترك السلطة]"، على حدّ قول إذاعة الحرية الأوروبية "راديو ليبيرتي".
ويحكم قديروف، البالغ من العمر (45) عاماً، الشيشان بقبضة من حديد منذ عام 2007، وهو أطول زعماء منطقة روسية خدمة، وأحد أقوى الشخصيات في روسيا، ومن غير الواضح ما الذي سيفعله إذا تنحى عن منصبه.
ألمح رمضان قديروف إلى نيته التنحي في توقيت بالغ الدقة، ولا سيّما أنّ القوات الشيشانية تشارك في الحرب الأوكرانية
يتمتع قديروف بعلاقات وثيقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ويلتقي بزعيم الكرملين بانتظام، وقد التقيا آخر مرة في 5 آب (أغسطس) في سوتشي.
دور رئيسي
لعب قديروف دوراً مهمّاً في الترويج للحرب الروسية في أوكرانيا، وجنّد مقاتلين للقتال إلى جانب القوات الروسية المنخرطة في الحرب في أوكرانيا.
وساعد قديروف، الذي يواجه اتهامات بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، في جمع المقاتلين للحرب في أوكرانيا حيث يواجه الكرملين مشاكل في القوة البشرية، ممّا قد يمنحه بعض النفوذ.
وبحسب ما ورد، سافر قديروف إلى أوكرانيا في آذار (مارس)، حيث يُعتقد أنّ أفراد من قوة المجموعات العسكرية الخاصة به يقاتلون إلى جانب القوات الروسية النظامية. فقد نشرت قناة تلفزيونية، تسيطر عليها إدارة قديروف في الشيشان، مقطع فيديو على تليغرام، في 13 آذار (مارس)، تقول فيه إنّ الزعيم الشيشاني موجود في أوكرانيا، دون ذكر مكان تواجده بالضبط أو التوقيت.
تنحٍ أم خدعة؟
تلميح قديروف بترك الساحة في هذا التوقيت البالغ الدقة بالنسبة إلى الرئيس الروسي، الذي يواجه عقوبات دولية استهدفت الاقتصاد الروسي ووصفت بأنّها الأشد إيلاماً على الإطلاق، لم تكن الأولى، فقد أدلى الزعيم الشيشاني، وفقاً للإذاعة الأوروبية، بتعليقات مماثلة في الماضي، ليبقى في منصبه، ممّا أثار تساؤلات حول ما إذا كان إعلانه غير المتوقع "خدعة".
وقد عبّر إيفان كليشز، خبير القوقاز ومرشح الدكتوراه في معهد يوهان سكيت للدراسات السياسية في إستونيا، عن تشككه في نوايا قديروف، قائلاً: "أنا متشكك، لقد قال أشياء مثل هذه في الماضي".
عبّر إيفان كليشز، خبير القوقاز ومرشح الدكتوراه في معهد يوهان سكيت للدراسات السياسية، عن تشككه في نوايا قديروف
وعادة ما يفعل قديروف هذا عندما يريد الحصول على شيء من بوتين، لكنّ محللين قالوا إنّ توقيت هذا الإعلان، الذي يأتي وسط أكبر حرب في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، "غير معتاد".
ووصف أنطون بارباشين مدير التحرير في المنصة التحليلية "ريدل روسيا"، في تغريدة على تويتر، التوقيت بأنّه "غريب"، مضيفاً: "سيكون ضد الأجواء العامة لروسيا الآن، رسالة النظام برمّته هي البقاء في مكانه بسبب (الحرب في أوكرانيا)".
فوج "المؤللة"
تأتي تصريحات قديروف بعد ساعات من إعلانه الانتهاء من تشكيل فوج القوات المؤللة رقم (78) الذي سُمّي على اسم أحمد خادجي قديروف، وهو جزء من فرقة القوات المؤللة (42).
ونقلت وكالة "سبوتنيك" الروسية عن قديروف قوله: "إنّه لمن دواعي سروري أن أبلغكم بأخبار سارة، تمّ الانتهاء من تشكيل فوج البنادق المؤللة رقم (78)، الذي سُمّي على اسم الشخصية السياسية البارزة، بطل روسيا أحمد خادجي قديروف. الفوج جزء من فرقة القوات المؤللة (42)، وابتداء من اليوم يمكن للعسكريين في الوحدة الجديدة البدء في خدمة كاملة".
وفي الوقت الذي تحتاج فيه روسيا إلى قوة بشرية للانضمام إلى صفوفها في الحرب مع أوكرانيا، أعلن قديروف في تموز (يوليو) تشكيل (4) كتائب بعدد هائل من الأفراد المجندين حصرياً من مواطني جمهورية الشيشان، ممّا يعزز التكهنات بأنّ إعلان نيته الاستقالة قد يكون "خدعة" للضغط على الرئيس الروسي للحصول على بعض المكاسب والمطالب.