قبل عرضه في رمضان المقبل.. لماذا هاجم الإخوان مسلسل "الاختيار2" وطاقمه؟‎

قبل عرضه في رمضان المقبل.. لماذا هاجم الإخوان مسلسل "الاختيار2" وطاقمه؟‎


03/02/2021

شنّت اللجان الإلكترونية التابعة لجماعة الإخوان المسلمين المُصنّفة كتنظيم إرهابي في مصر وعدد من الدول العربية والغربية، هجوماً إلكترونياً واسعاً على مسلسل "الاختيار 2"، المُتوقع عرضه في رمضان المقبل، والذي يتناول تضحيات ضباط الشرطة المصرية منذ عام 2013 وحتى عام 2020، وذلك بعد تسريب مقطع فيديو من كواليس تصوير المسلسل يظهر فيه النجم أحمد مكي يرتدي زي ضابط في القوات الخاصة المصرية، خلال عملية أمنية.

السبب وراء الهجوم الإخواني الشرس على مسلسل (الاختيار) وطاقم عمله، هو توفيره فرصة للتعرّف على عوالم التنظيمات الإرهابية من الداخل وتعرية أكاذيبها

وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين، نشاطاً ممنهجاً للجان الإخوانية، التي نفذت حملة استهداف وتحريض ضد المسلسل، ومخرجه بيتر ميمي، وبطله أحمد مكي، الذي وصفوه بـ "عميل العسكر"، الأمر الذي قابله ناشطون مصريون بحملة أخرى دافعوا فيها عن المسلسل وطاقمه، مشيرين إلى أنّه "ملحمة وطنية تتمثل في عمل فني يؤجج المشاعر ويوقد روح الانتماء والبطولة في نفوس النشء"، مستذكرين تورّط الإخوان في خداع الشباب وتجنيدهم لاستهداف عناصر الأمن والجيش المصري.

وكان الجزء الأول من المسلسل، والذي لعب بطولته الفنان "أمير كرارة" قد عُرض في رمضان الماضي، ولاقى العمل الدرامي الذي يتناول بطولات ضابط مصري في مواجهة الجماعات الإرهابية في سيناء، شعبية واسعة.

ووثّق الجزء الأول من "الاختيار" الحوادث الإرهابية التي ارتكبها عناصر الإرهاب على أرض سيناء بحق رجال الجيش والشرطة، بل واستهدف فيها المدنيين في بعض المناطق؛ فتصدّر اسم المسلسل ونجومه محرك البحث "غوغل"، ومواقع "فيسبوك" و"تويتر" آنذاك.

ما الذي يخشاه الإخوان في العمل الدرامي؟ 

يرجّح الخبراء بأنّ السبب وراء الهجوم الإخواني الشرس على المسلسل وطاقم عمله، هو توفير العمل التلفزيوني فرصة للتعرّف على عوالم التنظيمات الإرهابية من الداخل، وما يسودها من قواعد تنظيمية وهيكلية صارمة، تحث على الانضمام للتنظيم عبر التضليل وتزييف الحقائق واللعب على الوتر الديني، وتجعل الخروج من التنظيم أمراً شديد العسر؛ إذ تعمل هذه التنظيمات على انتزاع ميزة "الاختيار" لدى أعضائها وإلغاء الإرادة والحرية. 

ويؤكد الباحث المصري في شؤون الجماعات المتطرفة، عمرو فاروق، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنّ خشية تنظيم الإخوان الإرهابي من مسلسل "الاختيار 2"، يرجع إلى قناعتها بأنّ مشاهد هذا العمل الدرامي ستدفع باتجاه تفكيك بنيتها الفكرية والتنظيمية التي أرستها منذ ثلاثينيات القرن الماضي.

وتوثّق مشاهد "الاختيار" حالة التزييف والخداع التي يعيشها أبناء جماعة الإخوان وتنظيمات العنف المُسلّحة، واستغلالهم والسيطرة عليهم نفسياً وذهنياً تحت شعارات السمع والطاعة والولاء والبراء، والانجراف بهم تجاه العمل المُسلّح، فضلاً عن توظيفهم الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة لخدمة الأهداف السياسية التي تصب في نهاية الأمر لتحقيق مصالح جهات وعناصر خارجية تعمل ضد الدولة المصرية.

وفي هذا السياق، يقول فاروق إنّ "الجماعة الإرهابية (الإخوان) بلجانها وقطاعاتها الداخلية تحرّكت على مدار 90 عاماً لاستقطاب وتجنيد فئات المجتمع فكرياً وتنظيمياً تجاه مشروعاتها في احتكار الخطاب الديني والوصاية على الشريعة والهيمنة على سدة الحكم، بالتالي فإنّ الأعمال الدرامية التي تفضح أكاذيبهم تُشكّل خطراً داهماً على مشروعهم، بما يجعلهم يتحركون بتلك الطريقة".

وأضاف الباحث في شؤون الجماعات المُتطرفة: "تعتمد جماعة الإخوان في بناء هيكلها التنظيمي ودوائرها، على الخطاب العاطفي داخل المجتمع لضمان اختراق مؤسسات الدولة والتغلغل في أركانها وأروقتها لتطويعها في خدمة مشروعها".

اقرأ أيضاً: الحرمان العاطفي لدى السلفي الجهادي وحورياته المُغريات!

وأكّد أنّ هذا الخطاب يهدف بالأساس إلى "تدمير الولاء للدولة الوطنية مقابل الولاء للفكرة الدولية التي تمثلها الجماعة بفروعها المنتشرة عبر التنظيم الدولي في أكثر من 80 دولة عربية وأوروبية، ملتحفة بعباءة الدين زوراً وبهتاناً، ولهذا فإنّ أي عمل يواجه مخططهم يسبب لهم حالة احتقان شديد".

ومثّلت دراما "الاختيار" نوعاً جديداً من معركة الوعي الفكري في مواجهة التنظيمات الإرهابية التي تمارس البروباغندا وتخدع الشباب، الذين يجدون أنفسهم لاحقاً منقلبين على أوطانهم، الأمر الذي يتطلب مساراً ضمن خطوط عريضة وواضحة تشكل مشروعاً قومياً يسعى لتصحيح المفاهيم، وإيقاف حالة الخداع والانتهازية الدينية التي تمارسها جماعات التطرف بمختلف أسمائها.

حملتان على مواقع التواصل الاجتماعي

ودشنت بعض الحسابات المحسوبة على الإخوان عدة وسوم منها "مكي عميل العسكر"؛ حيث غرّدوا مهاجمين مسلسل الاختيار وطاقم عمله، سيما صاحب القاعدة الجماهيرية العريضة الفنان أحمد مكي.

مثّلت دراما (الاختيار) نوعاً جديداً من معركة الوعي الفكري في مواجهة التنظيمات الإرهابية التي تمارس البروباغندا وتخدع الشباب، الذين يجدون أنفسهم لاحقاً منقلبين على أوطانهم

وسارع بعض المغردين المحسوبين على الإخوان لمهاجمة مكي متهمينه بـ "تزوير التاريخ"؛ إذ علّق حساب يحمل اسم "عمرو جابر" قائلاً: "كنت بحبك وبحترمك هتطلع تزور تاريخ إحنا حضرناه وكتبناه وهنحفظه لأولادنا، بس على العموم شكراً لانك أسقط نفسك بنفسك، وماتطلعش كبير ولا حاجة بالعكس طلعت حاجة صغيرة".

وختم تغريدته بوسم "مكي عميل العسكر".

واتهم بعض المغردين متابعي المسلسل بـ "المُغيبين"، رغم أنّ الجزء الأول منه حقّق نجاحاً ساحقاً وتابعه مختلف أطياف الشعب المصري؛ حيث غرّد حساب يحمل اسم " أيمن الحياري" قائلاً: اللي شاف مسلسل الاختيار 1 هو اللي هيشوف الاختيار 2...هيتكلموا عن فض اعتصام رابعة، المغيبين بس هما اللي هيتفرجوا... هتغيب مغيب؟! يعني تحصيل حاصل!".

اقرأ أيضاً: "الاختيار".. ضربة درامية للإرهاب

وختم محرضاً على عدم متابعة الجزء الثاني بالقول: "لا شفت الاختيار 1 ولا هشوف الاختيار 2 !!".

فيما غرّد البعض ساخرين من أحمد مكي؛ فقد نشر حساب يحمل اسم "أشرف" صور لمكي وعلّق عليها قائلاً: "كنت فاكره كبير، طلع حزلؤم (وهي شخصية يؤديها مكي في أحد أعماله السينمائية)".

 

ووفق الصور المتداولة؛ فإنّ الفنان أحمد مكي شارك في تصوير مشاهده الخاصة بواقعة قسم شرطة "كرداسة" بالمسلسل، التي أسفرت عن مقتل 13 من الضباط وأمناء الشرطة والجنود في آب (أغسطس) 2013.

في المقابل، دشّن مغردون مصريون وسم "مكي بيحب مصر"، ووسم "تحيا مصر"، حيث علّقوا مدافعين عن النجم مكي، معتبرين أنّه يؤدي مهمة وطنية في تجسيده شخصية الضابط المصري الغيور على وطنه.

واستنكر مجموعة من المغردين هجوم ما أسموه "الذباب الإخواني" على مكي، مشيرين إلى رعب الإخوان من ظهور الحقيقة وافتضاح أكاذيبهم ودجلهم؛ إذ غرد حساب يحمل اسم "تحيا مصر"، بالقول: "احمد مكي الفنان الجميل نزل صورته من كواليس مسلسل الاختيار 2 وحصلت حالة هيجان عند يتاما البنا وعملوا هاشتاج  مكي عميل العسكر".

وأضافت صاحبة الحساب: "بتنقهر من أي عمل وطني يُجسّد بطولات رجالة مصر ويفضح اجرامكم؟، طيب الاختياااار الاختيار وموتوا بغيظكم".

وشدّدت مجموعة أخرى من المغردين على حب أحمد مكي الذي ازداد بعد مشاركته في هذا العمل الدرامي؛ إذ علّق حساب يحمل اسم "عمرو السيد أحمد" قائلاً: "أنا في العادي بحب أحمد مكى جداً ومثال لي في أمور كثيرة وحبيته أكتر لما اشترك في مسلسل الاختيار".

وختم قائلاً: "بحبك يا مكي".

كما شاركت شريحة من المغردين على الوسم الذي أطلقه الإخوان "مكي عميل العسكر"، مؤكدين على "عمالتهم" إذا ما كانت لأجل مصر ومستقبلها، وغرّد حساب يحمل اسم "هند سالم" بالقول: "عميلة لبلدي وافتخر"، وأضافت "لو بتحب بلدك انزل ب تحيا مصر"، في إشارة منها إلى وسم "تحيا مصر" الذي دشنه الناشطون للتصدي لحملة التشويه والتحريض الذي تشنها لجان الإخوان الإلكترونية.

الهجوم الإخواني.. دعاية مجانية للمسلسل

ويرى العديد من المراقبين والناقدين الفنيين أنّ الهجوم الإخواني على المسلسل الجديد، هو دعاية مجانية تقدّمها الجماعة الإرهابية للمواطن المصري، الذي سيلتف حول العمل لمتابعته بعد النجاح الساحق الذي حقّقه المسلسل في الجزء الأول.

ومنذ سقوط حكم الإخوان في مصر والتنظيم يعيش حالة من التخبّط والفراغ الفكري والتنظيمي، فضلاً عن عجزه عن إعادة ترتيب هيكله الداخلي في ظل تجفيف الاستقطاب والتجنيد للعناصر الجديدة، لا سيما في قطاع الشباب الذي كان يُمثّل المخزون الاستراتيجي لبقاء الجماعة.

دأبت جماعة الإخوان على إرهاب كل من يختلف معها عبر الاغتيالات الجسدية، وهي تلجأ الآن للإرهاب المعنوي بعد كسر شوكتها، ولم تعد تقوى إلّا على الإرهاب من خلال الذباب الإلكتروني

وفي هذا السياق، يرى اللواء محمد نور، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، أنّ جماعة الإخوان قد "دأبت على إرهاب كل من يختلف معها منذ نشأتها، وذلك عبر تنفيذ سلسلة اغتيالات جسدية لمعارضيها، وهي تلجأ الآن للإرهاب المعنوي بعد كسر شوكتها، ولم تعد تقوى إلّا على الإرهاب من خلال الذباب الإلكتروني المنتشر في أكثر من موقع دون أي تأثير حقيقي على أرض الواقع"، مشيراً إلى أنّ الجماعة "أعلنت شهادة وفاتها في التأثير على المواطن بعد تبين جرائمها على مدار الأعوام الماضية".

الجدير بالذكر أنّ مسلسل "الاختيار" ليس العمل الدرامي الأول الذي يهاجمه الإخوان؛ فقد هاجموا سابقاً مسلسل "الجماعة"، الذي ألّفه الراحل وحيد حامد وتمّ إنتاجه في أواخر عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، لمجرد أنّه تعرّض لنشأتهم، ووصل الأمر بهم حينها إلى مهاجمة كل الفنانين الذين شاركوا في العمل واتهامهم بأبشع الاتهامات، كما يفعلون اليوم مع المسلسل الجديد.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية