فيروس كورونا منذ يومه الأول: هل أخفت الصين حقيقة نشأة الوباء؟.. تسلسل الأحداث

كورونا

فيروس كورونا منذ يومه الأول: هل أخفت الصين حقيقة نشأة الوباء؟.. تسلسل الأحداث


08/04/2020

بعد 76 يوماً من الحجر الصحي تنفّس المحجورون في ووهان الصينية الصُّعداء؛ حيث سُمح للسكان في الصين بمغادرة المدينة التي بدأ منها فيروس كورونا قبل انتشاره عبر أنحاء العالم، وأعيد فتح الطريق السريع، وبدأت رحلات الطيران، والقطارات في مغادرة المدينة مرة أخرى.

بعد 76 يوماً من الحجر الصحي تنفس المحجورون في مدينة ووهان الصنية الصعداء وبدأوا بالتنقل والسفر

وأشادت السلطات بتلك اللحظة باعتبارها نجاحاً لها، لكن سكان المدينة كان لهم تجربة مختلفة لما اعتبر أكبر إغلاق في تاريخ البشرية، وفق ما نقلت شبكة "سي إن إن".

وأصبح بإمكان سكان المدينة، الذين لم يعودوا حاملين لفيروس "كوفيد-19"، السفر إلى أنحاء الصين الأخرى.

تحمّلتْ ووهان أحد أكثر قيود الحجر الصحي وأقساها في العالم؛ في البداية كان يسمح للناس بالخروج لشراء الغذاء، ولكن مع حلول منتصف شهر شباط (فبراير) الماضي، لم يسمح لأحد بمغادرة مجمّعه السكني.

لم تتوقف الانتقادات؛ الداخلية والخارجية، للسلطات الصينية مع قرب تعافيها من فيروس كورونا المستجد، فحتى اللحظة هناك من يوجه الانتقادات واللوم للسلطات الصينية؛ بسبب كتم المسؤولين أصوات أطباء أبدوا مخاوف من انتشار الفيروس منذ أيامه الأولى، مؤكدة، تلك الأصوات، أن السلطات مازالت تحاول فيما يبدو كتم الانتقادات الموجهة إليها.

تحذيرات مبكرة

وفي سياق متصل بالممارسات الصينية ومسؤوليتها عن الوباء، بيّنت دراسة نشرها موقع medRexiv في 13 آذار (مارس) 2020، على ألسنة 12 عالماً من جامعات بريطانية وصينية وأمريكية، بأنّ "الصين لو لم تتأخر في إقرار الإجراءات الكفيلة بمنع تفشي العدوى ومن ذلك التباعد الاجتماعي، لأسبوع أو أسبوعين أو ثلاثة، لكان بالإمكان خفض عدد الإصابات بنسبة قد تصل على التوالي إلى 66 بالمئة، 86 بالمئة، أو 95 بالمئة"، وفق ما نشرت "فرانس 24".

اقرأ أيضاً: تنمر وسرقات وعنصرية... كورونا ينال من أخلاق البشر

كما أنّ المعلومات الجديدة التي نشرتها يومية "لوموند" الفرنسية، أول من أمس، تفيد بوجود تحذير مبكّر لطبيب صيني يدعى غاو فو يعود إلى تاريخ 4 آذار (مارس) 2019، وجاء فيه أنّ هناك "فيروسات جديدة مماثلة لفيروس سارس [متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد] ستظهر في المستقبل" دون تحديد الموعد المرتقب لظهور هذا المرض "المجهول" أو تداعياته المحتملة.

حتى اللحظة هناك من يوجه الانتقادات للسلطات الصينية بسبب التكتم على الفيروس منذ أيامه الأولى

واكتفى فو، وهو المدير العام للمركز الصيني للمراقبة والوقاية من الأمراض، بالطمأنة من أنّ هذا المرض "لن يتسبب في حدوث وباء مماثل (لفيروس سارس)".

لكن، وبعد أشهر، وتحديداً في 30 كانون الأول (ديسمبر) 2019، وبينما كان فو نفسه يتصفح بعض المنتديات الإلكترونية المتخصصة، للتأكد من أنّ الوضع تحت السيطرة، أصيب هذا الطبيب بالصدمة، حيث بدأ الأطباء في مدينة ووهان، عاصمة مقاطعة هوبي (وسط)، والتي تحصي 11 مليون نسمة، بالتحدث عن وجود التهاب رئوي "مجهول".

وحسب ما أوردته يومية "لوموند" الفرنسية في مقالها، فقد تواصل فو حينها مع اللجنة الصحية في ووهان، التي أكدت له ما يتم تداوله في الأوساط الطبية، لكنه عجز عن إخطار السلطات في بكين بشكل فوري، بسبب خلل في النظام الحاسوبي الوطني للإبلاغ عن الأمراض المعدية، ما مهّد الطريق أمام انتشار واحدة من أخطر الأوبئة التي شهدتها الإنسانية في التاريخ المعاصر.

وفي نفس الفترة، تداولت الأوساط الطبية، ومستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي في ووهان، أنباء عن تفشي حالات من الحمى في سوق "هوانان" للحيوانات. وسرعان ما سجلت مصلحة الأمراض التنفسية في المدينة التي تعتبر الأكثر اكتظاظاً في البلاد، إقبالاً محسوساً لمرضى يعانون من الحمى والسعال، فيما لم تعط الأدوية المستعملة عادة لعلاج مثل هذه الحالات، أية نتيجة تذكر.

اقرأ أيضاً: هلوسات بصدد "كورونا"

وفي السياق، أشارت الطبيبة، آي فان، مديرة قسم الإسعاف والطوارئ في المستشفى المركزي لووهان، إلى استقبال مريض في قسم الأمراض التنفسية بتاريخ 28 أيلول (سبتمبر) 2019، ومريضين آخرين في 16 و27 كانون الأول (ديسمبر) 2019. وأظهرت التحاليل لاحقاً، أنّ المرضى مصابون بما اصطلحت عليه فان "كورونا - سارس" وأنّ العدوى تنتقل عبر اللمس أو التواجد على مسافة قريبة من المصابين.

دراسة تؤكد بأنّ الصين لو لم في إجراءات بمنع تفشي كورونا لكان بالإمكان خفض عدد الإصابات

ورغم أنّها باتت رسمياً على علم بظهور الفيروس، قررت اللجنة الصحية لمدينة ووهان التحفظ على هذه المعلومات الهامة لا بل الخطيرة؛ حيث أخطرت الدكتورة فان في رسالة بأنّه "لا ينبغي نشر هذه المعلومة للجمهور. وفي حال وقوع أي ذعر، سيتعين عليك العثور على الشخص المسؤول"، وفق "لوموند".

وفي 31 كانون الأول (ديسمبر) 2019، أبلغت الصين منظمة الصحة العالمية، عن نوع جديد من فيروس كورونا  nCOV، وأنه قد تم عزل المرضى، وأنه لا دليل على تفشي العدوى بين البشر، حسبما قالت المنظمة في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني.

ونشرت سلطات ووهان بناء على أمر من بكين، بياناً مطمئناً، يشير إلى اكتشاف 27 إصابة محتملة بالالتهاب الرئوي الفيروسي في سوق (هوانان)، لكن "لحد الساعة، لم تسمح التحقيقات من إثبات انتقال (العدوى) بين البشر، أو وجود عدوى في الوسط الطبي".

اقرأ أيضاً: أثرياء التكنولوجيا "يتسابقون" لتخليص البشرية من كورونا.. فهل ينجحون؟

في المقابل، أكدت الطبيبة فان، أنّ قسم الطوارئ في مستشفى ووهان، استقبل في 1 كانون الثاني (يناير) 2020، صاحب إحدى العيادات الخاصة القريبة من سوق الحيوانات، والذي عانى من الحمى، ما اعتبرته دليلاً دامغاً على أنّ العدوى بين البشر ممكنة. وبناء عليه، أمرت فان فريقها الطبي باستخدام الكمامات الواقية، وقبعات طبية، وبغسل اليدين بشكل مستمر.

وفي الثاني من الشهر ذاته، أبلغ مدير مكتب "فحص الانضباط" في المستشفى المركزي لمدينة ووهان، الطبيبة فان، بأنّ عليها التحفظ على كافة المعلومات الخاصة بالإصابات الأخيرة بالالتهاب الرئوي الفيروسي. وقال في هذا الصدد "بصفتك مديرة، كيف أمكنك نشر إشاعات خاطئة؟ عودي إلى قسمك وأخبري الجميع، بشكل فردي، بالتوقف عن الحديث عن هذا الالتهاب الرئوي. لا تخبري أحداً، بمن فيهم زوجك".

وشعرت الطبيبة الصينية حينها، بأنها مهددة إما بالإقالة أو حتى بالزج بها في السجن. وبرغم المخاوف، أخبرت فان زوجها تشونغ نانشان في 20 كانون الثاني (يناير) الماضي بالحقيقة الكاملة، والذي ساهم في نشر خبر انتقال عدوى فيروس كورونا بين البشر في ربوع الصين، حسب نفس المصدر.

من هو المصاب رقم صفر؟

على الرغم من أنّ أول تحذير فعلي حول انتشار فيروس كورونا يرجع إلى نهاية 2019، لكن لا أحد على يقين حول التاريخ الفعلي لظهور الوباء، فيما أشارت المعلومات الرسمية في الصين، إلى أن المصاب رقم صفر بفيروس كورونا هو إم شين M.Chen والذي أصيب في 8 كانون الأول (ديسمبر) 2019 وتماثل للشفاء، لكن هذه الحالة لا علاقة لها بتفشي العدوى في سوق هوانان للحيوانات وفق ما أفادت به جريدة لوموند.

من جهتها، قالت يومية "سواث تشينا مورنينغ بوست" الصينية الناطقة بالإنجليزية، إنّ المصاب رقم صفر شخص عمره 55 عاماً والحالة ترجع إلى تاريخ 17 تشرين الثاني (نوفمبر) 2019، مشيرة إلى أنّ العدوى بدأت في الانتشار بنسبة 1 إلى 5 إصابات يومياً، وذلك وفق بيانات رسمية.

صحيفة "ديلي ميل" الإنجليزية تنشر معلومات تؤكد أنّ فيروس كورونا تسرب من أحد المختبرات الصينية في ووهان

وسرعان ما بدأ الفيروس في التفشي بوتيرة أكبر، ففي 31 كانون الأول (ديسمبر) الماضي بلغ عدد الإصابات 266، ثم 381 في اليوم التالي، بحسب أرقام نشرها أطباء صينيون.

في المقابل، لم تعلن السلطات الصينية في 11 كانون الثاني (يناير) 2020 سوى عن إصابة 41 شخصاً وعن حالة وفاة واحدة فقط، كما تحفظت بكين على نتائج كافة التحاليل التي أجرتها مختبراتها على الأقل في تلك الفترة، حيث إنها أبدت تعاوناً دولياً كبيراً لاحقاً، لم يجعلها في منأى من الانتقادات.

وبرغم تبلور موقف معين حول فيروس كورونا في الصين، لم يتم حظر الفعاليات الثقافية التقليدية بمناسبة حلول العام القمري الجديد، وشارك 40 ألف شخص في احتفالية أقيمت في ووهان بتاريخ 18 كانون الثاني (يناير) 2020.

وفي نفس اليوم، حذرت لجنة طبية أرسلتها بكين إلى المدينة، من احتمال وقوع "مأساة"، وأوصت بإقرار الحجر الصحي في ووهان، والذي أقر في 22 كانون الثاني (يناير)، لكن، بعد أن غادرها خمسة ملايين شخص، من المرجح أنّهم ساهموا في تفشي فيروس كورونا في ربوع الصين ثم حول العالم.

وفي رويات أخرى حول نشأة فيروس كورونا قالت شبكة "الحرة" إنه في عام 2004، أدى تسرب من مختبر صيني إلى تفشي فيروس "سارس"، ما أسفر عن مقتل شخص وإصابة 9 آخرين، وقالت الحكومة الصينية وقتها إنّ التسرب كان نتيجة إهمال، وعوقب خمسة من كبار المسؤولين في المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها.

وبعد نحو 16 عاماً من الحادث، تشير المعلومات إلى أنّ فيروس كورونا الذي أصاب أكثر من 1.3 مليون شخص، قد يكون سببه كذلك تسرب من أحد المختبرات الصينية في مدينة ووهان مركز تفشي الفيروس، وفقاً لصحيفة "ديلي ميل" الإنجليزية.

اقرأ أيضاً: أبعد من مرض.. وباء كورونا يهدد لقمة عيش الملايين

فقد كشفت مصادر حكومية إنجليزية رفيعة المستوى للصحيفة، أنّ أغلب المعلومات العلمية تؤكد أنّ فيروس كورونا انتقل إلى البشر في سوق الحيوانات الحية في مدينة ووهان الصينية، إلا أنّ إمكانية تسربه من مختبر المدينة وارد جداً.

وقال أحد أعضاء لجنة الطوارئ التي يقودها رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون "كوبرا" إنّ أحدت المعلومات الاستخباراتية لم تستبعد أنّ الفيروس انتشر بعد تسربه من مختبر مدينة ووهان.

وأضاف عضو اللجنة، الذي يتلقى معلومات سرية من الأجهزة الأمنية البريطانية عن الفيروس، أنّ بداية تفشي الفيروس من مدينة ووهان التي تعد موطناً لمعهد علم الفيروسات، وهو المختبر الذي يعد الأكثر تقدماً في علم الفيروسات في الصين، ليست صدفة.

اقرأ أيضاً: خبير جزائري يشرح حقيقة دواء الكورونا

وأشار إلى تقرير نشرتهُ صحيفة الشعب اليومية التي تديرها الحكومة الصينية، في 2018، والذي أكد أنّ بكين قادرة على إجراء تجارب على الكائنات الحية الدقيقة المسببة للأمراض الشديدة مثل فيروس إيبولا المميت.

كما أشار إلى تقارير محلية تفيد بأنّ مركز ووهان لمكافحة الأمراض أجرى تجارب على حيوانات مثل الخفافيش لفحص انتقال الفيروسات التاجية، وأنّ الفيروس تفشى بعد أن هاجمت الخفافيش العاملين في المعهد وأصابتهم، وثم نقلوا العدوى إلى باقي سكان المدينة.

وأضاف المصدر الحكومي إلى أنّ العلماء في معهد علم الفيروسات أول من اقترح أن جينوم الفيروس كان 96 % شبيه بجينوم شائع في الخفافيش، وهذه كذلك ليست صدفة.

وعلى الرغم من نفي حكومة بكين هذه المعلومات، أصدرت عدة قوانين جديدة تدعو إلى تحسين إدارة الفيروسات وإنشاء مرافق لضمان "السلامة البيولوجية".

اقرأ أيضاً: فيروس كورونا: كيف يغيّر الخوف من الوباء نفسية وسلوك البشر؟

بدورها أكدت السفارة الصينية في لندن أنّ هذه التقارير تتجاهل تماماً التضحيات الضخمة للصين وشعبها في مكافحة الفيروس، مشيرة إلى أنّ الصين اتخذت إجراءات أكثر فعالية وصرامة لاحتواء الفيروس، وتبادلت الخبرات مع البلدان الأخرى.

وما يزال المصدر الحقيقي لفيروس كورونا مثار جدل عالمي حتى الآن، من حيث أسبابه ومصدره، وما يزال هذا الوباء الذي أصاب العالم بالشلل؛ حيث إجراءات العزل والحجر الصحي والحظر وتزايد حالات الإصابات والوفيات، محط أنظار العالم أجمع الذي يتسابق لاكتشاف لقاح لعلاجه.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية