
في خطوة وُصفت بالمقلقة إقليميًا، سمحت المحكمة العليا في بنغلاديش للجماعة الإسلامية بخوض الانتخابات المقبلة، بعد أكثر من عقد من الحظر، لتعود إلى الواجهة قوة سياسية ذات جذور إخوانية، وسط مخاوف من عودة التغلغل الأيديولوجي تحت غطاء الشرعية الانتخابية.
الجماعة الإسلامية، المرتبطة فكريًا بتنظيم الإخوان، كانت قد مُنعت من الترشح منذ 2013، بعدما قضت المحكمة بأن نظامها الداخلي يتعارض مع دستور الدولة العلماني. وبحسب تقرير لموقع "العين الإخبارية"، تعود الجماعة بدعم قضائي مثير للجدل، تزامنًا مع مناخ سياسي جديد تشكل بعد استقالة رئيسة الوزراء السابقة، الشيخة حسينة، في آب / أغسطس 2024.
الجماعة الإسلامية المرتبطة فكريًا بتنظيم الإخوان كانت قد مُنعت من الترشح منذ 2013 بعدما قضت المحكمة بأن نظامها الداخلي يتعارض مع دستور الدولة العلماني
ويرى الدكتور مجاهد الصميدعي، الباحث في "المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب"، أن القرار ليس مجرد إجراء قانوني، بل جزء من مشروع لإعادة تموضع الإخوان في جنوب آسيا. وقال إن بنغلاديش قد تتحول إلى نقطة ارتكاز بديلة للتنظيم بعد تضييق الخناق عليه في الشرق الأوسط.
الصميدعي حذر، في تصريح لموقع "العين الإخبارية"، من أن الشرعية الانتخابية تمنح الجماعة غطاء لبناء شبكات إعلامية وتعليمية وخيرية تخدم أجندات لا وطنية. واعتبر أن هناك تنسيقًا محتملاً مع جماعات مماثلة في ماليزيا والفلبين، ما يهدد استقرار المنطقة بأكملها.
الدكتور عمرو عبد المنعم، الباحث المصري في شؤون الحركات الإسلامية، أشار إلى أن التنظيم الدولي للإخوان يمتلك أذرعًا مالية ضخمة تسمح له بالتسلل إلى بنغلاديش عبر استثمارات معقدة ومموّهة.
وقال، بحسب المصدر ذاته، إن الجماعة الإسلامية قد تذوب تدريجيًا في التنظيم الدولي للإخوان، ما يمثل خطرًا كبيرًا على المؤسسات البنغالية.
التنظيم الدولي للإخوان يمتلك أذرعًا مالية ضخمة تسمح له بالتسلل إلى بنغلاديش عبر استثمارات معقدة ومموّهة
أما الدكتور هشام النجار، فرأى أن العودة السياسية للجماعة ليست حدثًا محليًا، بل بوابة لتوسيع نفوذ الإخوان في جنوب شرق آسيا. وأكد أن هذا التمكين يعيد سيناريوهات "الربيع العربي".
كما قال، للعين الإخبارية، إن رحيل الشيخة حسينة كان نتيجة مؤامرة دولية برعاية واشنطن لضرب العلاقة بين بنغلاديش والصين.
وقد سبق للجماعة الإسلامية أن شاركت في حكومة ائتلافية عام 2001، بعد حصولها على 17 مقعدًا برلمانيًا، فيما أكدت الجماعة في بيان لمحاميها، شيشير منير، أن القرار الجديد "سيسهم في ترسيخ نظام ديمقراطي وتعددي في البلاد".
لكن المراقبين الإقليميين لا يرون في هذه العودة خطوة ديمقراطية بقدر ما هي تحرك استراتيجي لإعادة تدوير المشروع الإخواني في وجه التحولات الإقليمية والدولية الراهنة.