عملية "العلم الكاذب" إحداها... ما سيناريوهات الغزو الروسي المحتمل لأوكرانيا؟

عملية "العلم الكاذب" إحداها... ما سيناريوهات الغزو الروسي المحتمل لأوكرانيا؟


15/02/2022

بينما يحبس العالم كله أنفاسه خوفاً من تحوّل النزاع الروسي الأوكراني إلى صراع مسلح، تعكف المؤسسات العالمية على دراسة السيناريوهات المحتملة للغزو الروسي لأوكرانيا، ولا سيّما في ضوء أنباء غير رسمية عن انتشار مرتزقة روس في أوكرانيا في الأسابيع الأخيرة على علاقة بـ"جواسيس" موسكو.

:إقرأ أيضاً  تطورات الأزمة الأوكرانية إلى أين؟

ونقلت وكالة "رويترز" عن (3) مصادر أمنية غربية رفيعة المستوى قولها: إنّ عدداً من المرتزقة الروس على علاقة بـ"جواسيس" موسكو عزّزوا وجودهم في أوكرانيا في الأسابيع الأخيرة، ممّا أثار مخاوف بعض أعضاء الناتو من أنّ روسيا قد تحاول خلق ذريعة للغزو.

أنباء غير رسمية عن انتشار مرتزقة روس في أوكرانيا في الأسابيع الأخيرة على علاقة بـ"جواسيس" موسكو

وقالوا: إنّ مخاوفهم تعزّزت في الأسابيع الأخيرة من أنّ التوغل الروسي في أوكرانيا يمكن أن يسبقه حرب معلومات وهجمات إلكترونية على البنية التحتية الحيوية لأوكرانيا، مثل شبكات الكهرباء والغاز، مشيرين إلى أنّ روسيا قد تستخدم أيضاً المرتزقة لزرع الفتنة وشلّ أوكرانيا من خلال الاغتيالات المستهدفة واستخدام أسلحة متخصصة.

سيناريوهات الحلّ والحرب

تكشف الخطوة الأولى من الحرب جزءاً كبيراً من نهايتها، لذلك يعكف خبراء السياسية والأمن في العالم كله على طرح السيناريوهات المحتملة للحلّ والحرب فيما يتعلق بالأزمة الروسية الأوكرانية. وفي أحدث الخطوات الأوروبية لنزع فتيل الأزمة، يتوجه وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو اليوم إلى العاصمة الأوكرانية كييف، على أن يتوجه غداً إلى العاصمة الروسية موسكو، في محاولة لخفض التوتر على الحدود الروسية الأوكرانية، وفقاً لما أوردته وكالة نوفا الإيطالية للأنباء.

أقرأ أيضاً: روسيا وأوكرانيا و"نورد ستريم 2": كيف تنطفئ أزمة أشعلها الغاز؟

وفي حال فشل الدبلوماسية، فإنّ هناك عدداً من السيناريوهات المحتملة، تعتمد كلها على الكيفية التي يقرر بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنّه قادر على تحقيق أهدافه النهائية على أفضل وجه. ومن بين هذه الأهداف إحباط محاولات كييف والغرب للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو". أمّا عن الحرب المحتملة، فقد توقع الخبراء والولايات المتحدة الأمريكية عشرات السيناريوهات المحتملة للغزو الروسي لأوكرانيا، ومنها عملية "العلم الكاذب" لتبرير غزوها.

 عملية العلم الكاذب

تأتي مزاعم انتشار مرتزقة روس مرتبطين بـ"جواسيس" روسيا والهجمات الإلكترونية بعد يوم واحد من تحذير الولايات المتحدة الأمريكية الأحد الماضي من أنّ روسيا قد تشنّ عملية "العلم الكاذب" داخل أوكرانيا لتبرير غزوها.

قال المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي: إنّ روسيا تسعى لاختلاق ذريعة للغزو

ويقصد بـ"العلم الكاذب" (False flag) العمليات السرّية التي تستخدم التمويه، بحيث يظهر كأنّ مجموعة خططت وقامت بهذه العمليات غير المجموعة الحقيقية.

 

مسؤولون غربيون يعربون عن مخاوفهم من أنّ انتشار المرتزقة الروس قد يكون جزءاً من مخطط روسي لخلق ذريعة لغزو أوكرانيا

وقال مصدر أمني غربي: "من المرجح أن يكون المرتزقة الروس، بتوجيه من الدولة الروسية، متورطين في أيّ أعمال عدائية في أوكرانيا، بما في ذلك على الأرجح ذريعة للغزو المحتمل"، موضحاً أنّ المرتزقة ينتشرون من شركات عسكرية روسية خاصة تربطها علاقات وثيقة بجهاز الأمن الفيدرالي (FSB)، الخليفة الرئيسي للكي جي بي في العهد السوفييتي، ووكالة المخابرات العسكرية الروسية.

إقرأ أيضاً: أزمة أوكرانيا: روسيا تراقب بقلق وأمريكا تتأهب.. ما أبرز التطورات؟

ووفقاً لـ"رويترز"، من بين أولئك الذين تمّ نشرهم في الأسابيع الأخيرة ضابط سابق في GRU  عمل أيضاً في مجموعة مرتزقة شركة "فاغنر" شبه العسكرية. وقالت المصادر: إنّ هذا الضابط ذهب إلى دونيتسك، إحدى منطقتين بشرق أوكرانيا يسيطر عليهما الانفصاليون الموالون لروسيا منذ 2014

.

من جهته، علّق الكرملين على المزاعم قائلاً: إنّ روسيا لا تعزز وجودها على الأراضي الأوكرانية، وإنّ القوات الروسية لم تكن موجودة هناك، ولم تتواجد الآن.

 حرب المنطقة الرمادية

في ضوء المزاعم الغربية بانتشار المرتزقة الروس المرتبطين بـ"جواسيس" روسيا، أعربت الولايات المتحدة الأمريكية عن مخاوفها من أن تستخدم روسيا المرتزقة وقوات العمليات الخاصة وأساليب حرب المنطقة الرمادية الأخرى لنزع الشرعية عن كييف قبل الغزو.

وفي تصريحات سابقة، قال المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي: إنّ روسيا تسعى لاختلاق ذريعة للغزو، إلّا أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال: إنّ فاغنر ومجموعات خاصة أخرى لا تمثل الدولة الروسية، ولا تحصل على أجر منها، رغم أنّه يقول إنّ من حقهم العمل شريطة ألّا يخالفوا القانون الروسي.

مزاعم انتشار مرتزقة روس تأتي اتساقاً مع تحذيرات أمريكية من أنّ روسيا قد تشنّ عملية "العلم الكاذب" الوهمية داخل أوكرانيا لتبرير غزوها

والعام الماضي، فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على فاغنر، متهماً إيّاها بتأجيج العنف ونهب الموارد الطبيعية وزعزعة استقرار دول العالم.

وتنفي روسيا أنّها تخطط لضمّ جزء آخر من أوكرانيا، ويقول بوتين إنّ الغرب ينشر حالة من الهستيريا في محاولة فجة لإغراء روسيا بالدخول في حرب، بعد تجاهل مخاوف الكرملين بشأن توسع الناتو بعد الحرب الباردة.

 ضم دونباس

نقل موقع قناة "الحرّة" عن مجلة "فورين بوليسي" قولها إنّ من بين السيناريوهات المطروحة هو اعتراف روسيا بمنطقة "دونباس" المحتلة في شرق أوكرانيا أو ضمّها لروسيا.

من بين السيناريوهات التي طرحتها مجلة "فورين بوليسي" هجوم روسي محدود، مع قوة جوية محدودة، للاستيلاء على أراضٍ إضافية في شرق أوكرانيا

وقد اتخذ الحزب الشيوعي الروسي بالفعل خطوة تقديم مشروع قانون إلى مجلس الدوما الروسي يعترف بالدولة الانفصالية في دونباس، بطريقة مشابهة للطريقة التي اعترفت بها روسيا بأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، وهما منطقتان منفصلتان في جورجيا.

إقرأ أيضاً : الأزمة الأوكرانية.. روسيا تخالف التوقعات الدولية بهذه الخطوة

وهذا من شأنه أن يسمح للكرملين بتجنّب المزيد من التصعيد العسكري، ويبقى مع ذلك يحقق "فوزاً". وقد تأمل القيادة الروسية أيضاً في دفع أوكرانيا إلى سوء تقدير مماثل للخطأ الذي ارتكبه في عام 2008 الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي، الذي اختار محاربة الانفصاليين المدعومين من روسيا في أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، وبالتالي تزويد الكرملين بذريعة للقيام بعمل عسكري إضافي مع الإنكار لأيّ مسؤولية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: إنّ فاغنر ومجموعات خاصة أخرى لا تمثل الدولة الروسية، ولا تحصل على أجر منها

مشكلة هذا السيناريو بالنسبة إلى موسكو أنّه سيزيد من تحجّر الوضع الراهن، وسيفقد روسيا السيطرة على السياسة الداخلية في أوكرانيا، كما أنّه لا يمنع الولايات المتحدة الأمريكية وحلف شمال الأطلسي من الردّ بعمليات نشر جنود إضافيين على طول الجناح الشرقي للحلف، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى نوع من المعضلة الأمنية التي يريد الكرملين تجنبها.

 الاستيلاء على ميناء ماريوبول

ومن بين السيناريوهات التي طرحتها مجلة "فورين بوليسي" هجوم روسي محدود، مع قوة جوية محدودة، للاستيلاء على أراضٍ إضافية في شرق أوكرانيا وفي دونباس، ربما كامتداد للاعتراف أو الضمّ الكامل. وفي هذا السيناريو ستستولي روسيا على ماريوبول، وهو ميناء أوكراني رئيسي على بحر آزوف، فضلاً عن خاركيف، وهي مدينة كبرى ذات أهمية رمزية باعتبارها عاصمة الجمهورية الاشتراكية السوفييتية الأوكرانية السابقة. كما يمكن لروسيا أن تحاول إصدار نسخة أكثر طموحاً وتوسعاً من هذا الهجوم من خلال القيام بتشكيل كماشة من الشرق والجنوب بقوة برية وجوية وبحرية، ويمكنها كذلك شنّ عملية برمائية للاستيلاء على أوديسا، أهم ميناء في أوكرانيا، ومن ثم الدفع نحو القوات الروسية المتمركزة بالفعل في ترانسنيستريا، وهي منطقة منشقة عن مولدوفا.

 ومن شأن مثل هذه الخطوة أن تحرم أوكرانيا من الموانئ الاقتصادية الحيوية على طول ساحلها الجنوبي، وتجعل أوكرانيا غير ساحلية، وتحلّ المشاكل اللوجستية التي تواجهها روسيا منذ فترة طويلة فيما يتعلق بتوفير الإمدادات، بما في ذلك المياه، لشبه جزيرة القرم، إلّا أنّ ماركو دي ليدو، كبير المحللين في معهد الدراسات الدولية في إيطاليا، قال لـ"حفريات" سابقاً: إنّ تلك الخطوة صعبة، إن لم تكن مستحيلة، نظراً لطبيعة التضاريس هناك.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية