تطورات الأزمة الأوكرانية إلى أين؟‎

تطورات الأزمة الأوكرانية إلى أين؟‎


13/02/2022

يستمر منسوب التوتر بالارتفاع في العالم على وقع تزايد الحشودات العسكرية الروسية على 3 جبهات حدودية مع أوكرانيا، بالتزامن مع تحذيرات أطلقتها واشنطن، تفيد بقرب الغزو الروسي، وأيضاً مع إقدام العديد من دول العالم على سحب رعاياها وممثليها من أوكرانيا، وإغلاق شركات التأمين المجال الجوي الأوكراني. 

حصار على 3 جبهات

وحشدت روسيا ما يزيد عن 100 ألف جندي بالقرب من الحدود الأوكرانية في الأسابيع الأخيرة، وفقاً لتقديرات أمريكية، مما أثار مخاوف مسؤولي المخابرات الغربية والأوكرانية من أنّ الغزو قد يكون وشيكاً، معتبرين أنّ هذا الحشد يشكل تهديداً مباشراً لأوكرانيا.

اقرأ أيضاً: روسيا وأوكرانيا و"نورد ستريم 2": كيف تنطفئ أزمة أشعلها الغاز؟

وأنشأت روسيا نقاط ضغط على 3 جهات من أوكرانيا - في شبه جزيرة القرم في الجنوب، وعلى الجانب الروسي من حدود البلدين، وفي بيلاروسيا في الشمال.

وتم توجيه معظم الاهتمام إلى منطقتي دونيتسك ولوهانسك الانفصاليتين، حيث تخوض القوات الأوكرانية والانفصاليون المدعومون من روسيا صراعاً منذ عام 2014.

حشدت روسيا ما يزيد عن 100 ألف جندي بالقرب من الحدود الأوكرانية في الأسابيع الأخيرة

وتظهر صور الأقمار الصناعية التي حصلت عليها محطة "سي إن إن" أنّ قاعدة كبيرة في يلنيا، والتي كانت تحتوي على دبابات ومدفعية ومدرعات روسية أخرى، قد تم إفراغها إلى حد كبير، ويبدو أنّ المعدات قد تم نقلها بالقرب من الحدود في الأيام الأخيرة.

 

اقرأ أيضاً: أردوغان في العاصمة الأوكرانية: هل يحمل طوق نجاة أم يبحث عنه؟

وتزايدت المخاوف أيضاً بشأن حشد كبير للقوات الروسية في بيلاروسيا، الدولة المتحالفة بشكل وثيق مع موسكو والتي يمكن أن توفر وسيلة أخرى للدخول إلى أوكرانيا.

ويُعتقد أنّ انتشار الجيش الروسي في بيلاروسيا هو الأكبر هناك منذ الحرب الباردة، مع "توقع 30 ألف جندي قتالي، وقوات العمليات الخاصة (سبيتسناز) والطائرات المقاتلة بما في ذلك سو -35، وصواريخ إسكندر ذات القدرة المزدوجة وأنظمة الدفاع الجوي إس -400".

 تزايدت المخاوف أيضاً بشأن حشد كبير للقوات الروسية في بيلاروسيا، الدولة المتحالفة بشكل وثيق مع موسكو والتي يمكن أن توفر وسيلة أخرى للدخول إلى أوكرانيا

وأظهرت صور الأقمار الصناعية الجيش الروسي وهو يقوم بعمليات انتشار متقدمة في عدة مواقع في بيلاروسيا. وأظهرت صور أخرى إنشاء معسكرات بالقرب من الحدود مع أوكرانيا، على بعد مئات الأميال من مكان إجراء التدريبات.

كما أظهرت الأقمار الصناعية انتشاراً كبيراً للقوات والمعدات الروسية في شبه جزيرة القرم، حيث قدرت أنّ أكثر من 550 خيمة عسكرية ومئات المركبات قد وصلت شمال سيمفيروبول، عاصمة القرم، ثم حددت الصور انتشاراً جديداً لأول مرة الخميس بالقرب من بلدة سلفني على الساحل الشمالي الغربي لشبه جزيرة القرم، بما في ذلك المركبات المدرعة، وفق ما أورده موقع "سكاي نيوز".

واشنطن تحذر من اقتراب الغزو الروسي

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية قد كشفت في وقت سابق من يوم أمس، أنّ واشنطن أبلغت تل أبيب بموعد الهجوم الروسي المحتمل على الأراضي الأوكرانية، مشيرة إلى أنّ وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن أكد أنّ احتمال قيام روسيا بعمل عسكري ضد جارتها الغربية بات وشيكاً وعالياً بما يكفي لسحب الكثير من موظفي السفارة الأميركية في العاصمة الأوكرانية كييف، وهو ما أعلنته وزارته في وقت سابق.

ومع توالي التحذيرات الغربية بشأن قرب الهجوم المحتمل، قالت وسائل إعلام إسرائيلية إنّ واشنطن أبلغت تل أبيب أنّ الغزو الروسي لأوكرانيا قد يبدأ بعد غد الثلاثاء أو الأربعاء.

أظهرت صور الأقمار الصناعية الجيش الروسي وهو يقوم بعمليات انتشار متقدمة في عدة مواقع في بيلاروسيا

وكان بلينكن قد صرح خلال مؤتمر صحفي عقده في هاواي حيث التقى نظيريه الياباني والكوري الجنوبي، بأنّ المسار الدبلوماسي مع روسيا بشأن قضية أوكرانيا لا يزال مفتوحاً، وأوضح أنّ المطلوب هو أن تعمل موسكو على تهدئة الأوضاع.

وجاءت تصريحات بلينكن بعد ساعات من تحذير الرئيس الأمريكي جو بايدن نظيره الروسي فلاديمير بوتين خلال اتصال هاتفي بينهما أمس السبت، من أنّ واشنطن وحلفاءها سيكبّدون روسيا بشكل فوري كلفة باهظة إذا غزت أوكرانيا، وأنّ الغزو سيسفر عن معاناة إنسانية واسعة ويقلل من مكانة موسكو.

مع توالي التحذيرات الغربية بشأن قرب الهجوم المحتمل، قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن واشنطن أبلغت تل أبيب أن الغزو الروسي لأوكرانيا قد يبدأ بعد غد الثلاثاء أو الأربعاء

وقال البيت الأبيض في بيان إنّ بايدن بحث مع بوتين خلال اتصال استمر ساعة، مستجدات الوضع في أوكرانيا، في خطوة لنزع فتيل التوتر بشأن الملف الأوكراني.

من جهته، قال الكرملين إنّ بوتين اتفق مع بايدن على مواصلة الحوار، وأضاف أنّ الحوار بين الرئيسين كان متوازناً وعملياً، مشيراً إلى أنّ الرئيس الروسي استنكر خلال الاتصال مع بايدن ما وصفها بالمعلومات المزيفة حول الغزو الروسي المزعوم لأوكرانيا.

وكان مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، قد صرّح يوم الجمعة بأنّ التقديرات تشير إلى أنّ القوات الروسية قد تجتاح أوكرانيا قبل انتهاء الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين في 20 شباط (فبراير) الجاري.

دول العالم تسحب رعاياها من أوكرانيا

وفي ظل هذا التوتر القائم، تزايدت الخطوات من دول عديدة لتقليص بعثاتها الدبلوماسية في أوكرانيا، وتوالت التحذيرات للرعايا من السفر أو المكوث هناك في ظل المخاوف المتصاعدة.

وحثت 9 دول عربية رعاياها على تجنب السفر إلى أوكرانيا في الوقت الراهن، كما دعا بعضها الرعايا الموجودين هناك إلى المغادرة حفاظاً على سلامتهم.

وجاءت هذه التحذيرات في بيانات لوزارات الخارجية في الكويت وقطر والعراق والأردن وفلسطين ولبنان، ولسفارات السعودية والإمارات والمغرب في كييف.

كما أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية، السبت، أنّ باريس تنصح الفرنسيين بعدم السفر إلى أوكرانيا، من دون أن توصي رعاياها بمغادرة الأراضي الأوكرانية، بخلاف دول أوروبية أخرى.

وأوصت دول أوروبية أخرى، من بينها ألمانيا وإيطاليا وبلجيكا وهولندا، رعاياها بأن يغادروا أوكرانيا في سياق التوترات على الحدود الأوكرانية، بعدما أكدت واشنطن، أنّ غزواً روسياً لأوكرانيا قد يحصل "في أي وقت".

وأعلنت كندا، السبت، إغلاق سفارتها مؤقتاً في كييف، ونقل أنشطتها إلى مكتب في لافيف غرب البلاد، "بسبب تدهور الأوضاع نتيجة انتشار قوات روسية على الحدود".

بايدن بحث مع بوتين خلال اتصال استمر ساعة، مستجدات الوضع في أوكرانيا

وكانت واشنطن أمرت بمغادرة معظم موظفي سفارتها في كييف، السبت، وقد نقلت أيضاً موظفيها المسؤولين عن الخدمات الأساسية إلى لافيف الواقعة على بعد حوالي 70 كيلومتراً من الحدود مع بولندا.

وعلى صعيد آخر، أفادت وسائل إعلام روسية، اليوم الأحد، بأن شركات التأمين الغربية أخذت تفرض حصاراً على المجال الجوي لأوكرانيا الذي سيكون مغلقاً عملياً اعتباراً من يوم غد الإثنين، أمام حركة الطيران بمبادرة من شركات التأمين الغربية.

 في ظل هذا التوتر القائم، تزايدت الخطوات من دول عديدة لتقليص بعثاتها الدبلوماسية في أوكرانيا، وتوالت التحذيرات للرعايا من السفر أو المكوث هناك في ظل المخاوف المتصاعدة

وأضافت أنه: "اعتباراً من منتصف نهار يوم الإثنين تقريباً، لن تهبط ولن تقلع أي طائرة في أوكرانيا" موضحة أنّ أكبر شركات التأمين البريطانية التي تقوم بإعادة تأمين الشركات الدولية الأخرى، بعثت اليوم رسالة رسمية إلى جميع الشركات المالكة للطائرات في العالم، أشارت فيها بأنّ التغطية التأمينية في أوكرانيا لأي طائرة ستتوقف عن العمل في غضون 48 ساعة، لذلك يجب على هذه الطائرات مغادرة أوكرانيا خلال هذه الفترة، وفق ما أورده "مرصد مينا".

أوكرانيا تتوعد الروس

من جانبها، أكدت أوكرانيا أنها مستعدة لصد اجتياح روسي محتمل لأراضيها وتوعدت القوات الروسية بالجحيم، وذلك على لسان رئيس الوزراء دينيس شميهال، الذي قال إنّ جيش بلاده مستعد لصد العدو في أي لحظة على عكس ما حدث في 2014، في إشارة إلى احتلال روسيا جزيرة القرم الأوكرانية.

 

اقرأ أيضاً: أزمة أوكرانيا: روسيا تراقب بقلق وأمريكا تتأهب.. ما أبرز التطورات؟

وأضاف شميهال أنّ على الشعب الأوكراني أن يثق في دولته وجيشه وعدم الذعر والخوف، مؤكداً أنّ أوكرانيا متحدة مع شركائها في مواجهة التصعيد الروسي.

وبالتزامن، قال رئيس الأركان الأوكراني فاليري زالوجني، في بيان مشترك مع وزير الدفاع أولكسي ريزنيكوف، مخاطباً القوات الروسية "أهلاً بكم إلى الجحيم"، على حد تعبيره.

وجاء في البيان المشترك الذي نشرته وزارة الدفاع الأوكرانية أنّ 420 ألف جندي أوكراني، بمن فيهم القادة العسكريون، مستعدون للموت، وأنه تم تعزيز الدفاع عن العاصمة كييف.

القوات المسلحة الأوكرانية أصبحت مختلفة عما كانت عليه عام 2014

كما أكد البيان أنّ القوات المسلحة الأوكرانية أصبحت مختلفة عما كانت عليه عام 2014، وهي على كامل الاستعداد لصد أي عدوان، وجاهزة لكافة السيناريوهات، مشيراً إلى أنّ أوكرانيا تتمتع اليوم بدعم غير مسبوق من الشركاء الدوليين، ووصف هذا الدعم بأنه الأكبر منذ الاستقلال، خصوصاً في مجال الأسلحة الدفاعية.

وفي هذا الإطار، كشفت وزارة الدفاع الأوكرانية أنّ كييف استلمت حتى الآن ألفي طن من الأسلحة الحديثة، والذخيرة والدروع الواقية من الرصاص من مختلف البلدان.

يذكر أنه ومنذ نهاية العام 2021، تتوالى الاتهامات لموسكو بحشد أكثر من 100 ألف جندي على الحدود الأوكرانية بهدف شنّ هجوم أو غزو، لكن روسيا تنفي أي مخطط من هذا القبيل، مطالبةً في الوقت نفسه بضمانات خطّية لأمنها، بينها رفض انضمام أوكرانيا إلى الناتو، ووقف توسّع الحلف شرقاً، ما يرفضه الأخير.

لكن الصراع بين كييف وموسكو أقدم، وتعود جذوره إلى العام 2014، حين شهد الشرق الأوكراني حرباً بين القوات الأوكرانية وانفصاليين موالين لروسيا، اتُهم الكرملين برعايتهم ودعمهم عسكرياً ومالياً. وفي العام نفسه، ضمت موسكو شبه جزيرة القرم إلى أراضيها، لتشعل مزيداً من التوتر بين الطرفين.

ويعتبر الملف الأوكراني بمثابة "الشوكة" في خاصرة الروس، الذين يشككون دوماً في نوايا كييف، فيما تتخوف الأخيرة باستمرار من تكرار تجربة ضم جزيرة القرم واجتياح أراضيها، مكررة في الوقت عينه أنّ لها الحرية المطلقة بالانضمام للناتو، ما يشكل حساسية كبرى للكرملين.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية