طائرات الدرون... وسيلة دفاعية أم أداة إرهابية جديدة؟

طائرات الدرون... وسيلة دفاعية أم أداة إرهابية جديدة؟


07/07/2021

أصبحت الطائرات المسيّرة عن بُعد، خاصة تلك التي تستخدم للأغراض العسكرية، تشكل خطراً داهماً، فإلى جانب استغلالها في جمع المعلومات من وراء حدود الدول، فهي قادرة أيضاً على شن "هجمات انتحارية"، وهي، وفق محللين، أداة "إرهابية جديدة" قادرة على الاستهداف بشكل دقيق والتسبب بأضرار كبيرة جداً.

وتُعدّ نسبة المخاطرة في الطائرات المسيّرة متدنية، وسعرها زهيد مقارنة بغيرها من الوسائل العسكرية، وممّا يزيد من خطورتها أنها تتحول إلى طائرة انتحارية مفخخة، قادرة على حمل كميات من المتفجرات، وفق تحليل أوردته شبكة "سكاي نيوز".

ويكمن الخطر أيضاً في صعوبة اكتشافها من قبل الرادارات التقليدية، خاصة الطائرات المسيّرة الحديثة التي تتمتع بقدرات على التخفي.

وعسكرياً، تُستخدم عدة أنظمة للتصدي للطائرات المسيّرة، كأنظمة الدفاع الجوي "باتريوت" أو "إس 400"، أو غيرهما، لكنّ استخدام هذا الأسلوب مكلف جداً، فكلفة صاروخ باتريوت تصل إلى مليون دولار، مقارنة بطائرة لا تكلف أحياناً أكثر من 500 دولار.

ويمكن إسقاط هذه الطائرات المسيّرة باستخدام الصواريخ المُطلقة من مروحيات حربية ومن طائرات مقاتلة، إلا أنّ هذا الأسلوب لا يفي بالغرض أحياناً، ومكلف أيضاً.

نسبة المخاطرة في الطائرات المسيّرة متدنية، وسعرها زهيد مقارنة بغيرها من الوسائل العسكرية

ولهذه الأسباب، تعمل الدول حول العالم على تطوير منظومات دفاع للتصدي للطائرات المسيّرة.

فالولايات المتحدة وضعت جهازاً جديداً مضاداً للطائرات المسيّرة على مركباتها العسكرية، وهو مزود برادار وكاميرات لرصد هذا النوع من الطائرات.

وفي حال اكتشاف طائرة معادية، يرسل الجهاز ترددات راديو للتشويش عليها وإسقاطها، مثل النظام الذي تم استخدامه لإسقاط طائرة إيرانية اقتربت من سفينة حربية أمريكية في مضيق هرمز.

ومثل النظام ذاته الذي استخدمته قبل يومين الولايات المتحدة لإسقاط طائرة كانت تستهدف سفارتها في بغداد، حسبما نقلت الحرّة.

 

عدة أنظمة تستخدم للتصدي للطائرات المسيّرة، كأنظمة الدفاع الجوي "باتريوت" أو "إس 400"، أو غيرهما، لكنها مكلفة جداً

 

هذا، واكتسبت الطائرات المسيّرة "بدون طيار" أهمية كبيرة في المواجهات العسكرية في الشرق الأوسط، لا سيّما بعد الهجوم الأخير الذي استهدف مبنى تابعاً لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية الأسبوع الماضي؛ إذ كان المبنى المستهدف مصنعاً لإنتاج أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم للمفاعلات الإيرانية، ما يعكس أهمية وخطورة مثل هذا الهجوم الذي تم بالرغم من وجود حراسة مشددة على المبنى.

وبعد الحادث قررت وكالة الطيران الإيرانية تسجيل كل الطائرات الصغيرة بدون طيار، في غضون 6 أشهر، بحسب ما نقلت وكالة إرنا، بهدف حصر تلك الطائرات من أجل منع تكرار الحادث.  

ومؤخراً نشرت وكالة أنباء "رويترز" تقريراً يكشف تكوين الحرس الثوري الإيراني فصائل جديدة في العراق، قوامها مئات المقاتلين الذين يعملون ضمن صفوف الحشد الشعبي.

أنظمة الدفاع الجوي "باتريوت"

وأفاد التقرير أنه تم تأكيد هذه الرواية من قبل عدد من المسؤولين الأمنيين العراقيين، وقادة في ميليشيات تابعة لطهران، وكذلك أكثر من مصدر دبلوماسي وعسكري غربي، وأنّ عناصر الفصائل الجديدة تلقوا تدريبات على يد مستشارين إيرانيين ومن ميليشيا حزب الله في لبنان، وشملت التدريبات التي تلقوها كيفية إطلاق الطائرات المسيّرة.

وتعمل هذه المجموعات في الخفاء، وقادتها غير معروفين حتى للميليشيات الشيعية الأخرى، لأنهم يخضعون مباشرة لضباط فيلق القدس، وتُتهم تلك المجموعات بالوقوف وراء الهجمات التي شهدتها القواعد العسكرية الأمريكية في العراق.

وأعلن القائد العام للحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي أنّ بلاده تمتلك طائرات مسيّرة يصل مداها إلى 7 آلاف كيلومتر.

 

تقرير يكشف تكوين الحرس الثوري الإيراني فصائل جديدة في العراق تلقوا تدريبات على الطائرات المسيّرة على يد مستشارين إيرانيين ومن حزب الله

 

وقال "سلامي" خلال مراسم أقيمت في 27 حزيران (يونيو) الماضي: "نمتلك طائرات مسيّرة بمدى 7 آلاف كيلومتر ويمكنها الهبوط في أي مكان"، وفي السابق كان أكبر مدى لطائرة "شاهد 171" المسيّرة 4400 كيلومتر.  

وبحسب تقرير لموقع "axios" الأمريكي، فإنّ محادثات جرت بين الولايات المتحدة وإسرائيل نهاية الشهر الماضي حول مكافحة الطائرات المسيّرة، مع تزايد شن ميليشيات موالية لطهران هجمات بالطائرات المسيّرة خلال الأسابيع الماضية.

وتمكنت شركة إسرائيلية من تطوير تكنولوجيا يمكنها تحديد مسار الطائرات المسيّرة واختراق نظم تشغيلها، والتحكم بها عن بُعد.

وفي سياق يتعلق بالمخاوف الدولية حول إمكانية وقوع بعض الأسلحة المتقدمة في أيدي الإرهابيين، كما هو الحال مع طائرة "الدرون"، صدرت تقارير استخباراتية في أيار (مايو) الماضي سلطت الضوء أكثر على الطائرات بدون طيار وأفردت لها حيزاً كبيراً في صفحاتها، فهي خطر حقيقي على الأمن العالمي مستقبلاً، إن لم توازنها أسلحة أخرى تحدّ من خطورتها، في حال توسع استخدامها من قبل منظمات إرهابية وميليشيات تؤرق مضاجع إقليم الشرق الأوسط.

الخطر المتنامي دفع قائد القيادة المركزية الأمريكية كينث ماكنزي للتحذير من خطورة الطائرات المسيّرة الصغيرة التي تستخدمها الجماعات الإرهابية وميليشيات موالية لإيران لاستهداف القوات الأمنية في العراق، حسبما أوردت شبكة "سي إن إن".

 

شركة إسرائيلية تمكنت من تطوير تكنولوجيا يمكنها تحديد مسار الطائرات المسيّرة واختراق نظم تشغيلها، والتحكم بها عن بُعد

 

ورغم ميزة الطائرات بلا طيار بأنها تقلل الاعتماد على الجنود في عمليات الاقتحام والهجوم المضاد، وبالتالي تقليل الخسائر البشرية وتحقيق عدة أهداف استراتيجية في زمن قياسي، لكن إن استطاع الإرهابيون أصحاب الإيديولوجيات المعقدة تطوير هذا السلاح المتقدم وإدخال تحديثات عليه باستمرار، فإنّ الخريطة الجغرافية للحرب ضد الإرهاب ستتغير ملامحها، وسيصبح العالم بأسره في مأزق أمني حقيقي.

التصريح الأمريكي وفقاً لظروف المنطقة يمثل جرس إنذار للدول التي يعاني بعضها من إرهاب جماعات متطرفة وميليشيات موالية لإيران، كما هو الحال في العراق واليمن، خاصة ميليشيات الحوثي التي تمتلك هذا السلاح بالفعل وتستخدمه ضد المصالح الاستراتيجية لاستهداف دول الجوار يومياً، كما تفعل مع المملكة العربية السعودية وتهدد أمن منطقة حيوية واقتصادية للعالم.

ومع إعادة تموضع السياسة الخارجية الأمريكية في ظل إدارة بايدن -مثل الانسحاب من أفغانستان- ربما تتنفس جماعات متشددة كطالبان وداعش وبقايا القاعدة الصعداء، وتحاول الحصول على أسلحة متطورة كالطائرات المسيّرة.

وفي ضوء أزمة الطائرات المسيّرة، أصبح لزاماً مراقبة كل ما هو جديد في عالم تطوير "الدرونز"، وتكثيف العمليات الاستخباراتية لقطع دابر الإرهابيين والميليشيات من الحصول على أي تطور تكنولوجي خاص بها، كتنظيم داعش الإرهابي الذي أثبت أنه يختلف عن التنظيمات المتطرفة الأخرى، من حيث مواكبة التكنولوجيا في الترويج لدعايته، والقدرة على استقطاب عناصر جديدة عبر منافذ إلكترونية متعددة.

وأوضح مقال تحليلي نشر في موقع "فوربس" نهاية العام الماضي أنّ الجماعات الإرهابية مثل داعش والقاعدة بإمكانها استخدام الطائرات المسيّرة "درونز" بديلاً ناجعاً عن العبوات الناسفة التقليدية، خلال معاركها ضد جيوش نظامية، التي فقدت معظم تأثيره.

وبناء على ذلك، بدأت التنظيمات الإرهابية تلجأ إلى أسلوب جديد تمثل في الطائرات المسيّرة، وذلك كما فعل داعش في العام 2016، عندما استخدم طائرات درونز مروحية ورخيصة ومتوفرة تجارياً لإلقاء قنابل يدوية على دوريات التحالف الدولي، مرجحاً الموقع أن تتبنى الجماعات المتطرفة هذه التكتيكات المتعلقة بالدرون وتحسنها.

وفي سوريا، يخوض "اللاعبون" الخارجيون منافسة غير معلنة لاختبار طائرات مسيّرة (درون) في مناطق مختلفة، في وقت يسعى السوريون، من النظام والمعارضة، لتطوير إمكانات "المسيّرات" المتوفرة لديهم.

وكتب علي درويش وخالد الجرعتلي تقريراً تفصيلياً عن الطائرات المسيّرة في سوريا لموقع "عنب بلدي" السوري المعارض، مشيرين إلى أنّ النظام السوري "لا يملك طائرات مسيّرة متطورة، لكنّ استخدام الروس وإيران و(حزب الله) اللبناني لهذا النوع من الطائرات، وفّر استطلاع معلومات أكبر تتضمن صوراً دقيقة للمواقع في مناطق سيطرة المعارضة"، إذ يستخدم النظام طائرات "فانتوم"، وهي مخصصة للتصوير، ولا تتمتع بمدى (كيلومتر واحد) ومدة (نصف ساعة) طيران طويلين.

انسحاب أمريكا من أفغانستان ربما يتيح لجماعات متشددة كطالبان وداعش وبقايا القاعدة الحصول على الطائرات المسيّرة

في المقابل، تملك فصائل المعارضة طائرات مسيّرة يطلق عليها اسم "الطيران المكبسي" للاستخدامات البسيطة، إذ لا تستطيع التحليق على علوّ مرتفع، ما يمكّن من إسقاطها بنيران عربات "الشيلكا" أو مدافع "عيار 23 مليمتراً"، ولم تأخذ الطائرات المسيّرة التي تملكها الفصائل دوراً بارزاً في عملية الرصد والاستطلاع على خطوط الجبهات، بعكس الطائرات التركية الداعمة لهذه الفصائل، "لكنّ استخدام بعض الفصائل للطائرات المسيّرة على خطوط الجبهات يعطي معلومات جيدة عن القواعد ومواقع سلاح قوات النظام وانتشارها، ويرصد خط الجبهة بعمق كيلومتر واحد، أمّا الطائرات المسيّرة "المذخرة"، فلم تستخدمها الفصائل العسكرية للمعارضة لضعف إمكانياتها تكنولوجياً".

وجاء استخدام تركيا لهذا النوع من السلاح بعد مقتل أكثر من 30 جندياً بقصف لقوات النظام، وعدم قدرة أنقرة على استخدام سلاحها الجوي، بسبب حظر الطيران الذي فرضته روسيا على سوريا.

وقال الخبير العسكري: إنّ دخول "بيرقدار" التركية في المعارك قلب الموازين، إذ كان النظام قد سيطر على مساحات واسعة من أرياف إدلب وحماة وحلب، ولا يمكن التشويش على "بيرقدار" لأنها تعمل بالارتباط بالأقمار الصناعية ولا يمكن قطع الاتصال عنها، ومدعمة بنظام التوجيه الثنائي إضافة إلى قيادتها العمليات.

 

موقع "فوربس": الجماعات الإرهابية مثل داعش والقاعدة بإمكانها استخدام الطائرات المسيّرة "درونز" كبديل ناجع للعبوات الناسفة

 

وفي الإطار ذاته اعتمد التحالف الدولي بقيادة أمريكا على الطائرات المسيّرة في عمليات اغتيال قادة في الجماعات المتطرفة، وعلى رأسها تنظيم "حراس الدين" فرع "القاعدة" في سوريا.

وقتلت الطائرات المسيّرة خلال 5 أشهر بين أيار (مايو) وأيلول (سبتمبر) عام 2020 11 قائداً عسكرياً ومقاتلاً شمال سوريا، بعضهم مستقلون يعملون في مجال التدريب، وآخرون قادة من تنظيم "حراس الدين"، إضافة إلى أشخاص لم تُعرف هويتهم.

واستخدم فصيل "جند الأقصى" التابع لـ"القاعدة" لأول مرّة طائرات من دون طيار في معاركه لقصف قوات النظام السوري عام 2016، وأظهر تسجيل مصوّر بثه المكتب الإعلامي لـ"جند الأقصى" "تذخير" طائرة "درون" في قصف قوات النظام بريف حماة الشمالي، وجاء استخدام الطائرة في قرية معردس، في أثناء محاولة قوات النظام استعادة مواقع فقدتها في المنطقة.

أمّا في العراق، فقد أثارت حادثة اغتيال قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني  قاسم سليماني، وزعيم هيئة الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس، المقرب من إيران، بطائرة من دون طيار تابعة للولايات المتحدة، أثارت الكثير من ردود الفعل، فقد طالب الخبراء الأمنيون العراقيون بضرورة سنّ قانون لحماية سماء العراق، لكي لا تُجرّ البلاد إلى حرب بالوكالة.

حينها أُثير الحديث عن الفوضى التي يتسم بها المجال الجوي العراقي، وقد بدأ العراق تاريخه مع الطائرات المسيَّرة منذ الحرب العراقية الإيرانية في ثمانينيات القرن الماضي، وكانت إيران قد طوَّرت طائرة استطلاع من دون طيار لاستخدامها في حربها ضد العراق.

وبعد الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003، انتشرت الطائرات المسيّرة الأمريكية في العراق بشكل كبير، واستمر الأمر عندما طلبت العراق مساعدة الولايات المتحدة في محاربة تنظيم "داعش"، فاستخدم التحالف الدولي بقيادة واشنطن الطائرات من دون طيار، في تحديد وضرب أماكن مقاتلي التنظيم الإرهابي.

في معركة العراق ضد داعش أمدّت الجمهورية الإيرانية الجماعات المسلحة العراقية المقربة منها بالطائرات المسيَّرة، التي عملت على تطويرها، حتى باتت قادرة على حمل صواريخ ومواد متفجرة، ممّا يشكل في الوقت الراهن تهديدات على المصالح الأمريكية في العراق.

وفي غزة، أثارت الطائرات المسيّرة والمعروفة باسم طائرات شهاب، التي أطلقتها حركة حماس في الحرب الأخيرة، قلق الجيش الإسرائيلي.

وأدى استخدام كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس للطائرات المسيَّرة الانتحارية إلى رفع الصراع المسلح بين الحركات الفلسطينية وإسرائيل إلى مستوى جديد، حسبما ورد في تقرير لموقع  .Eurasian Times 

وتطلق حماس على أشهر طائراتها المسيَّرة اسم طائرات شهاب، وقد نشرت فيديو لعملية إطلاقها، وتفيد تقارير بأنها قد تحمل رأساً حربياً يصل وزنه إلى 30 كيلوغراماً، ويمكن أن تطير بسرعة 250 كيلومتراً في الساعة، ويُعتقد أنها مبرمجة بإحداثيات GPS وصور الأقمار الصناعية للعثور على هدفها.

يُذكر أنّ الابتكار في أنظمة الطائرات بدون طيار يسير بوتيرة سريعة مدفوعة بالطلب التجاري والاستهلاكي، نتيجة لسهولة شراء طائرات الدرونز من الإنترنت، وسرعة وصولها إلى المستهلك، وسهولة ضبط عملية إعطاء الأوامر للطائرات من قبل أجهزة الحاسب الصغيرة، والتحكم في نظام تحديد موقعها وارتفاعها، كما أنها تقلل من الاعتماد على الجنود في عمليات الاقتحام والهجوم المضاد، وبالتالي تقليل الخسائر البشرية.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية