صدى خطاب نصرالله في إسرائيل ولبنان

صدى خطاب نصرالله في إسرائيل ولبنان

صدى خطاب نصرالله في إسرائيل ولبنان


04/11/2023

ضياء عودة

لم يكن خطاب زعيم حزب الله اللبناني، حسن نصر الله متناسبا مع المشاهد التسويقية والدعائية التي سبقته قبل أيام أو فيما يتعلق بالفترة الزمنية التي مرّت على حرب إسرائيل في قطاع غزة دون أن يظهر بتصريح أو إطلالة.

وبينما يرى مراقبون تحدثوا لموقع "الحرة" أنه "لم يقفز فوق موقف إيران" اعتبر آخرون أن عباراته "كانت مزانة"، في وقت ينظر محلل سياسي إسرائيلي إلى دلالات العبارات والسياقات التي أطلقها نصر الله على أنها "تبقي الأمور على وضعها"، وإعلانا ضمنيا بعدم الدخول إلى المعركة.

ودام خطاب نصر الله، وهو الأول منذ الحرب الإسرائيلية في غزة، حوالي الساعة والنصف، وبدأه بالتطرق إلى السياقات والأسباب التي شكّلت شرارة الهجوم المباغت الذي شنته حركة حماس في السابع من أكتوبر الماضي.

وبالتدريج اتجه زعيم حزب الله للحديث عن المواقف الدولية والإقليمية، إلى أن تناول قضية تتعلق بإيران، مكررا موقفها الذي ينفي صلتها بالهجوم وكذلك الأمر بالنسبة للحزب الذي يتزعمه، بقوله: "إيران لا تمارس أي وصاية على قوى المعارضة، وأصحاب القرار الحقيقيون هم قيادات المقاومة، ومجاهدوها الذين يخدمون أهدافها".

وربط نصر الله تصعيد تحركات قواته العسكرية جنوبي لبنان بنقطتين، الأولى بمسار العمليات العسكرية في غزة، والثانية بسلوك إسرائيل العسكري تجاه لبنان، معتبرا أن "الحزب دخل المعركة بالفعل منذ 8 من أكتوبر".  

وبينما أشار إلى أن ثلث الجيش الإسرائيلي على الحدود اللبنانية، وجزء مهم منه هو قوات نخبة، أعلن أن "كل الاحتمالات في جبهتنا اللبنانية مفتوحة، وكل الخيارات مطروحة، ويمكن أن نذهب إليها في أي وقت من الأوقات".

وحدد أيضا خلال حديثه هدفان، الأول يتعلق بـ"وقف الحرب والعدوان في غزة"، والثاني بأن "تنتصر غزة وتحديدا حماس"، وفق تعبيره.

"لم يقفز فوق موقف إيران"

وبوجهة نظر الباحث في الشؤون الأمنية والسياسية، العميد المتقاعد خالد حمادة "لم يتجاوز خطاب نصر الله ما كان متوقعا"، ويقول لموقع "الحرة": "منذ البداية كان معروفا أن خطابه لن يقفز فوق التصريحات الإيرانية، التي برأت طهران من أي دور في هجوم حماس بغزة".

ويرى حمادة أن "الخطاب كان محبطا ولم يتضمن أي رؤية لما يمكن أن يحصل وما هي خطط حزب الله للرد على ما يجري في غزة"، كما "لم يكن على مستوى من كان يراهن بأن نصر الله قادر على حماية لبنان، وحتى إن لم يكن هؤلاء من محور المقاومة والممانعة".

وخلال الساعة والنصف من الخطاب حاول نصر الله أن يقدم "صورة رتيبة لما يمكن تسميته مقاومة"، وفق حمادة، لكنه يضيف متسائلا: "هل يعني هذا ما يقوم به نصر الله يمكن أن يشكل تكتيكا مقاوما أو عملا عسكريا يمكن أن ينسب إلى حركات مقاومة؟".

ويتابع: "على حزب الله أن يبحث عن صيغة أخرى يقدم بها نفسه للجمهور اللبناني تختلف عن كل ما كان يطرحه سابقا".

لكن في المقابل يصف الكاتب والصحفي اللبناني، منير ربيع خطاب، نصر الله بأنه "كان مسؤولا ويسير بين النقاط، وحتى أن كلماته كانت مزانة بميزان الذهب"، حسب تعبيره.

ويقول ربيع لموقع "الحرة": "نصر الله لم يشأ إخافة اللبنانيين من الحرب واتساع أفقها، ولم يشأ طمأنة الإسرائيليين في نفس الوقت"، ولذلك أعلن الجهوزية الكاملة في حال حصلت أي تطورات.

"هو رد بشكل مباشر على الرد الغربي والأميركي بأن الهدف هو هزيمة حماس وإنهائها وعدم وقف إطلاق النار، ورد أيضا على كلام إسرائيل في سحق حماس وعدم وقف إطلاق النار".

واعتبر الكاتب اللبناني أن "نصر الله وضع خلال خطابه معادلة جديدة، وهي انتصار حماس والسعي لوقف إطلاق النار، في حال أراد الأميركيون أن يجنبوا المنطقة حربا إقليمية".

وفي حال لم يتحقق ذلك "ترك زعيم حزب الله مجاله مفتوحا للقيام بعمليات، انطلاقا من جنوب اللبنان وقوى محور المقاومة في مناطق مختلفة"، حسب ربيع.

كيف علّقت الولايات المتحدة؟

وقال مسؤول رفيع في البيت الأبيض لـ"الحرة" إن مسؤولي إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن "على علم بما جاء في خطاب زعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله لكنهم لا ينوون الانخراط في حرب كلامية".

وأكد المسؤول أن الولايات المتحدة لا تسعى إلى توسيع رقعة التصعيد الذي فرضته حماس على إسرائيل.   كما أضاف أن "واشنطن وشركاءها أوضحوا بجلاء أنه لا ينبغي على حزب الله أو جهات أخرى في المنطقة سواء كانت دولا أو مجموعات غير حكومية أن تستغل الصراع الدائر".

وحذر المسؤول من أن ذلك من شأنه أن يحول الصراع الحالي إلى حرب أكثر دموية من الحرب بين إسرائيل و لبنان في عام 2006، وشدد في ذات الوقت على أن الولايات المتحدة لا ترغب من أن يتسع هذا الصراع ليشمل لبنان، مضيفا أنه "من الصعب تخيل الدمار الذي سيلحق بلبنان".

"أبقى الأمور على وضعها"

وكانت إسرائيل قد بدأت توغلا بريا في غزة قبل أيام، وما تزال تواصل حملتها الجوية على القطاع المحاصر، وتؤكد في ذات الوقت على هدفين، الأول هو "تحرير الرهائن"، والثاني "تفكيك وإنهاء حماس بشكل كامل".

ولطالما هدد مسؤولون إسرائيليون خلال الأيام الماضية حزب الله من أي خطأ على حدودهم الشمالية، وقال رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو في تصريح سابق له بين عدد من جنوب الجيش الإسرائيلي: "أي خطأ سيكلفك ثمنا لا يمكنك حتى تخيله"، موجها تهديده لنصر الله.

ويعتقد المحلل السياسي الإسرائيلي، يوآف شتيرن أن "خطاب نصر الله أبقى الأمور على وضعها بحيث أنه يقول إن كل الإمكانيات مفتوحة، ولم يقل سندخل المعركة لحماية غزة".

ولم يكن خطابه تصعيديا بل "تحذيريا"، ويراه شتيرن أيضا في حديثه لموقع "الحرة" "إيجابيا بحد ذاته"، لأن عكس ذلك "كان من الممكن أن يقود إلى تصعيد سريع".

"كما يبدو ليس مصلحة في إيران وحزب الله في الدخول للمعركة عندما توجد في المنطقة بوارج أميركية".

ويضيف شتيرن: "حزب الله الآن قبل فكرة أن المعركة ستكون في غزة لوحدها"، وأن "التهديدات بالتدخل مع بدء إسرائيل هجومها البري اختفت بالكامل".

ويرى العقيد المتقاعد خالد حمادة أن "خطاب نصر الله كان محبطا لجمهوره".

ويقول أيضا إن حديثه عن المشاركة في الحرب انطلاقا من الجنوب اللبناني "لن يتمتع بأي نوع من المصداقية لدى مقاتلي حماس، والذين يخوضون معارك مختلفة الوتيرة والنوع، وذات أخطار مرتفعة".

لكن في المقابل يوضح الكاتب منير ربيع أن "نصر الله يعرف أن أمريكا لا تريد توسيع الحرب بينما إسرائيل غير قادرة على فعل ذلك".

ولديه أيضا، وفق ما يقول ربيع "معطيات حول المساعي العربية والدولية في سبيل الوصول إلى نوع من تفاهم حول إطلاق سراح الأسرى وفرض هدنة مؤقتة إنسانية".

وبمجرد إتمام ذلك "وحصول تفاوض مع حماس سيعتبر الأمر إنجازا وانتصارا للحركة من منطلق الاعتراف بها، ما سيخفف القدرة العسكرية على سحقها".

ويرى الكاتب ربيع أن "نصر الله يقرأ كل الظروف على أنها تصب في صالحه، طالما أن أميركا وإسرائيل لا تريدان أو ترغبان في توسيع الحرب في غزة".

"هو قادر على مراكمة الأرباح بالمعنى السياسي بعد الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار مهما طالت المعارك"، وفيما يتعلق بجبهة جنوب لبنان يعتقد ربيع أنها "قد تتوسع وتتصاعد العمليات فيها دون الانزلاق لحرب مفتوحة".

ولكن ما سبق مرهونا بنقطة تتعلق إما "بقلب الطاولة أو أي حصول سوء تقدير من إسرائيل وأميركا"، حسب كلمات ذات الكاتب. 

وحتى الآن "ليس هناك نية في إيران لتوسيع المعركة"، ويعتقد المحلل الإسرائيلي شتيرن أن "الوجود الأميركي بمثابة ردع لها وللأطراف المرتبطة بها".

ويوضح أن "خطاب نصر الله يمثل اعترافا ضمنا بأنه لن يدخل للمعركة"، وأنه "يعتقد كما يبدو أن إسرائيل ليس لديها نية في توسيع المعركة".

لكن إسرائيل كانت قد أقدمت على تجنيد كل قواتها في وقت كان الحضور الحشد العسكري الأميركي على أشده في المنطقة من أجل دعمها.

ولا يستبعد شتيرن وجود هناك نية إسرائيلية للقيام بمعركة واسعة في ظل "الفرصة الذهبية القائمة"، موضحا أن "الاستمرار بالوضع القائم يعني أن هناك تهديد مستمر لإسرائيل مع الحدود مع لبنان".

عن "الحرة"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية