صاحب "إعلان عن قلب وحيد" يموت بنوبة قلبية في معرض القاهرة

صاحب "إعلان عن قلب وحيد" يموت بنوبة قلبية في معرض القاهرة


26/01/2020

في صباح أول يوم لانطلاق معرض الكتاب الدولي في القاهرة في دورته الـ51 بتاريخ 23 كانون الثاني (يناير) الجاري، سَقَطَ الكاتب الشاب محمد حسن خليفة (مواليد 1997) في أرض جناح هيئة القصور للثقافة، إثر تعرضه لأزمة قلبية مفاجئة؛ حيث أسعفه أصدقاؤه على الفور إلى "المستشفى الجوي"، لتوافيه المنية حال وصوله المستشفى.

والدة محمد حسن خليفة: فعل مثلما فعل أبوه عندما مات؛ إذ حلق شعره وذقنه وارتدى ثياباً جديدة، وبعدها بساعات مات

بدايةً أثار اختلاف الروايات حول أسباب وملابسات موت محمد حسن خليفة جدلاً واسعاً فور إعلان الوفاة، إذ أصدرت وزارة الثقافة المصرية بياناً نعت فيها وفاة خليفة بقولها: "تنعي وزارة الثقافة المصرية والهيئة المصرية العامة للكتاب وإدارة معرض القاهرة الدولي للكتاب ببالغ الحزن والأسى الكاتب الشاب محمد حسن خليفة، الذي وافته المنية في مستشفى القوات الجوية بعد إصابته بإغماءة أثناء تواجده في دار النشر التي أصدرت مجموعته القصصية الجديدة".
وأضافت: "وقد تبين أنّ سبب الإغماء أزمة قلبية تم نقله على إثرها للمستشفى على الفور، ووزارة الثقافة المصرية والهيئة والمعرض تشاطر أسرة الفقيد الألم والأحزان داعين الله، عز وجل، أن يتغمده بواسع رحمته ويلهم أحبته وذويه بالصبر والسلوان".

اقرأ أيضاً: رسمي أبو علي يترجل ضاحكاً
إلا أنّ الكاتبة الصحفية آية طنطاوي قالت من خلال منشور لها على الفيسبوك: "الزحمة كانت لا تحتمل في جناح قصور الثقافة، فجأة لقينا حد مستحملش الزحمة وأغمى عليه، طلع محمد حسن خليفة (...) لو عندنا ذرة إنسانية مش المفروض نسمح إن تنظيم جناح زي قصور الثقافة أو الهيئة يبقى غير منظم كده وهو مكربس كتب كتير في مساحة ضيقة جداً وأعداد الناس كبيرة والمكان فعلاً صغير جداً".
بالمقابل أكد المستشار الإعلامي لوزير الثقافة، في تصريحات لموقع "إرم نيوز"، أنّ "تقرير الوفاة قال إنّ الوفاة طبيعية" وإنّ "خال الكاتب صرح للأطباء بأنّ نجل شقيقته له تاريخ مع المرض ولديه مشاكل في القلب منذ فترة طويلة".
 "إعلان عن قلب وحيد"

مفارقة
المفارقة أنّ للكاتب الراحل، الذي لم يكمل من عمره الـ23 عاماً، مجموعة قصصية عنوانها "إعلان عن قلب وحيد"، وكان الكثير من أصدقاء محمد حسن خليفة يرون فيه شاباً محباً للحياة، إلا أنّه كثيراً ما تقاطعت كتابات خليفة مع موته المفاجئ.
صحيح أنّ عبارة "تنبأ بموته" باتت كليشيه، لكن خليفة قد يكون بالفعل قد تنبأ بموته حقيقة لا مجازاً؛ قبل أيام من وفاته نشر قصيدة طويلة له على صفحته على الفيسبوك، جاء فيها: "(...)الفتى شاب/ يود المغادرة/ لأيّ مكانٍ بعيد/ يترك فيه نفسه/ وينسى أمر القبلة/ وأحلام طفولته... /مكان لا تتذكره/ فيه الأرصفة/ ولا المقاهي/ ويختبئ في اللغة... / شابٌ يبحث عن نفسه/ يود قبلة/ أو رداء يَسكن فيه/ لَم تعد المساكن آمنة/ يشتاقُ لصورةِ/ عبوره للناحيةِ الثانية".

اقرأ أيضاً: أشهر 5 شعراء عرب قتلتهم قصائدهم
وقبل يوم من وفاته، نشر على صفحته على الفيسبوك أيضاً؛ مقطعاً صغيراً من قصة بعنوان "روحي مقبرة" والتي ستكون ضمن مجموعته القصصية "إعلان عن قلب وحيد"، يقول فيها: "علقت خبر موتي أمامي على الحائط، كل صباح ومساء كنت ألقي نظرة عليه، لأطمئن أنّ ورقة الجرنال التي كُتب فيها الخبر بخط كبير، وصفحة أولى، بعيداً عن الوفيات، مازالت سليمة، وتستطيع أن تقاوم معي الأيام القادمة".

"كان خليفة مثقفاً حقيقياً"
وقال الكاتب والصحفي خلف جابر، والذي كان صديقاً مقرباً من محمد حسن خليفة لـ"حفريات": "كان خليفة مثقفاً حقيقياً، وليس مدعياً، وكان محباً للقراءة، من قبل أن يكون كاتباً حتى. وعلى الرغم من صغر سنّه، إلا أنه كان يمتلك طاقة حقيقية سواءً على مستوى القراءة المتنوعة أو على مستوى الكتابة. يمتلك الكثير من الشغف تجاه الأدب والكتابة، ولو اختصرنا حياته في السنوات الأخيرة التي عاشها، فيمكننا القول إنّ محورها الأساسي كان الأدب. إذ كنا نحن أصدقاؤه كلما نراه، نجد بيده كتاباً مختلفاً، وكان الأدب والكتاب هما محور كلامه ونقاشاته معنا. كان يمتلك قدراً كبيراً من الصدق اتجاه أي شيء يفعله".

اقرأ أيضاً: الموت يطفئ كاميرا المخرج التونسي شوقي الماجري
أما الكاتبة الصحفية آية طنطاوي فقالت لـ"حفريات": "كل ما أستطيع قوله في هذه اللحظة؛ هو أنّ الموت يؤكد عبثية الحياة. شاب يستيقظ في الصباح الباكر، ويذهب بكل شغف ومحبة، ليشتري الإصدارات الجديدة من الكتب المدعومة في هيئة القصور والثقافة، أتخيله الآن، وكأنه كان يحلم في هذه اللحظة، لكن الواقع يقتل الحلم".

الحياة أثقلت قلبه
وأضافت: "مات الكاتب محمد حسن خليفة، لأنّ الحياة أثقلت قلبه، ولم يتحمل الازدحام والتدافع في جناح هيئة القصور والثقافة في معرض الكتاب في القاهرة. كان قد كتب على صفحته الشخصية على "الفيسبوك" أنه يعيش بين رفوف الكتب، قد أكون شاعرية في كلامي، لكنه عاش ومات وسط الكتب، وهذه أكثر حالة وفاة حزينة مرَّت علي. أشعر بكثير من القهر، لأني رأيته عندما حصلت الحادثة، لكنني لم أستطع أن أفعل شيئاً أمام موته".

الصحفية آية طنطاوي: هذه أكثر حالة وفاة حزينة مرَّت علي. أشعر بكثير من القهر، لأني رأيته عندما حصلت الحادثة

وفي تقرير بثته قناة "أم بي سي مصر" قالت والدة محمد حسن خليفة، إنّ خليفة كان ابناً حنوناً جداً وكان يحب أخوته كثيراً، وأكدت شغف ابنها بالقراءة والكتابة، وقالت والدة حسن إنّ ابنها كان دائماً يقول لها "بكرا اموت واستريح"، وكان تستغرب وتقول له "ليه بتقول كده يابني". كما أشارت والدة حسن، إلى أنه فعل مثلما فعل أبوه عندما مات، إذ حلق شعره وذقنه وارتدى ثياباً جديدة، وبعدها بساعات مات.
كان هناك شيء واضح في شخصية محمد حسن خليفة، هو أنّ الكتابة كانت بالنسبة له الطريقة الوحيدة للتعبير عمّا بداخله. صحيح أنّ أصدقاء خليفة أكدوا بأنه لم يكن يأتي على ذكر الموت أمامهم، وكان محباً للحياة، إلا أنّ كتابة خليفة كانت واضحة، عبارات مثل "لَم تعد المساكن آمنة" أو "العبور للناحية الثانية"، أو حتى عنوان مجموعته القصصية "إعلان عن قلب وحيد" كلها كانت إشارات واضحة عما يجول في داخله، وليتوقف أخيراً قلبه الوحيد.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية