شهوة الانتصار تقود أردوغان لذبح المعارضة

تركيا

شهوة الانتصار تقود أردوغان لذبح المعارضة


04/07/2018

أمام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بعد فوزه بالأغلبية في الانتخابات الرئاسية والتشريعية، ولاية جديدة، مدتها خمس سنوات، في ظل نظام حكم رئاسي جديد، يؤسس فيه لحكم الفرد، الذي يمنح أردوغان، صلاحيات شبه مطلقة، تستهدف، كما تدل الوقائع، ذبح المعارضة والتنكيل بخصومه السياسيين.

وفي ظل النظام الجديد، يتم إلغاء منصب رئيس الوزراء، ويصبح بوسع الرئيس إصدار مراسيم لتشكيل وزارات، وإقالة موظفين حكوميين، بدون الحاجة لموافقة البرلمان، وهو ما اعتبره محرم إنجه، منافس أردوغان، بأنه "يشكل خطراً كبيراً على تركيا"، فبذلك، يكون النظام التركي "قد تبنّى بالكامل نظام حكم الفرد".

شهدت تركيا، خلال الفترة التي تلت محاولة الانقلاب، قمعاً شديداً للحريات

في ظل حالة الطوارئ

جرت الانتخابات، كما أضحى معلوماً، في ظل حالة الطوارئ، المفروضة منذ محاولة الانقلاب الفاشلة، في العام 2016، والتي قتل فيها نحو 240 شخصاً، في أقل تقدير، بالإضافة إلى حملة اعتقالات واسعة، للصحفيين، وسائر الخصوم السياسيين والحزبيين، للرئيس التركي.

وشهدت تركيا، خلال تلك الفترة، التي تلت محاولة الانقلاب، قمعاً شديداً للحريات، طالت مؤسسات صحفية وحقوقية، بعضها تعرض للإغلاق، وأخرى تم فصل العاملين منها تعسفياً.

اقرأ أيضاً: تركيا ما بعد فوز أردوغان.. ما شكل "العثمانية الجديدة"؟

وبحسب مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فإن تركيا اعتقلت نحو 160 ألف شخص، وفصلت عدداً مماثلاً، تقريباً، من الموظفين الحكوميين، منذ محاولة الانقلاب الفاشل، حيث وجهت السلطات اتهامات رسمية، لأكثر من 50 ألف شخص، وظلوا رهن الاحتجاز قيد المحاكمة.

وفي الوقت الذي ينتظر فيه الأتراك، الانتهاء من حالة الطوارئ، كما وعد أردوغان، لكن، يبدو أن الأخير دشن ولايته الجديدة، بحملة تصفية وثأر محمومة لخصومه السياسيين.

شبح فتح الله غولن!

السلطات في تركيا أصدرت، أول من أمس، أوامر بتوقيف نحو 68 ضابطاً، في القوات البرية، على خلفية الاشتباه بصلتهم، بجماعة الداعية، فتح الله غولن، الذي تتهمه أنقرة، بتدبير محاولة الانقلاب، قبل عامين.

وبحسب وكالة الأناضول، فإنّ بين الضباط المطلوب إيقافهم، 19 ضابطاً، في الخدمة، وآخرين، يحملون رتبة عقيد، وينتشر هؤلاء العسكريون في 19 إقليماً، من بينها العاصمة، أنقرة.

وذكرت الاتهامات المنسوبة لهم، بأنّ المشتبه فيهم على اتصال، من خلال خطوط هاتف أرضية، مع عناصر نشطة، في شبكة غولن، الذي يتهمها أردوغان بتدبير الانقلاب، قبل عامين.

في الوقت الذي ينتظر فيه الأتراك الانتهاء من حالة الطوارئ يبدو أنّ أردوغان دشن ولايته الجديدة بحملة تصفية

وفي ظاهرة جديدة، تترافق مع تصعيد الرئيس التركي، خطابه وعدوانه، ضد معارضيه وخصومه السياسيين، الذين يصفهم بـ"الإرهابيين" أو داعمين له، وتوعد بـ"سحقهم أسفل أقدامنا حتى يكون هناك سلام في بلادنا"، بدأت تنتشر حالات وفاة مفاجئة، داخل السجون التركية.

وتتهم تقارير حقوقية، النظام التركي وإدارة السجون، بوقوفهم المتعمد، وراء هذه الحوادث، وسوء معاملة المسجونين، بشكل تعسفي، وتعرضهم لعمليات تعذيب مختلفة.

وإلى ذلك، ذكرت وسائل إعلام رسمية ومحلية، في تركيا، أنّ الرئيس السابق، لجهاز استخبارات الشرطة التركية، في أنقرة، زكي غوفين، قد توفي جراء تعرضه لأزمة قلبية في محبسه بالسجن.

وكان غوفين، البالغ من العمر 48 عاماً، قد تعرض للحبس مع زوجته سيفدا، وهي قاضية سابقة، على خلفية اتهامه بارتباطه بالداعية الاسلامي، فتح الله غولن، إبان أحداث العام 2016.

فتح الله غولن

موت "غير معلن" في السجون التركية

الأمر ذاته يتكرر مع معتقلين في السجون التركية، منذ ذلك التاريخ، وفي المقابل، تعلن السلطات التركية، بأنها محض حالات انتحار، أو موت مفاجيء، على إثر تعرضهم لأزمة صحية، وأنّ الموقوفين يتعرضون للعناية الكاملة.

ووفقاً لتقرير أصدرته جمعية حقوق الإنسان، فإنّ ما يقرب من مائتي ألف سجين، يضطرون إلى النوم على الأرض؛ لأنهم لا يجدون لهم مكاناً، في هذه السجون المكتظة والتي تضاعف عدد المسجونين فيها، خلال العامين السابقين، بما لا يتناسب وإمكانياتها العددية، ومساحتها، التي لا تتعدى السعة القصوى لها 207:279 فرداً فقط.

وثق تقرير أصدرته جمعية حقوق الإنسان حالات لنحو أحد عشر سجيناً تعرضوا للقتل داخل السجون التركية في2017

وأوضح التقرير أنّ عدد السجناء، قد تضاعف لنحو 59.429، منذ مجيء حزب العدالة والتنمية إلى الحكم.

وأورد التقرير صنوف التعذيب، التي تمارس ضد الموقوفين في السجون التركية، مثل منعهم من الاتصال بذويهم، والتجريد من الملابس، والعزل، وغيرها.

ووثق التقرير، حالات لنحو أحد عشر سجيناً، تعرضوا للقتل، داخل السجن خلال عام 2017. كما أوردت مبررات الحكومة التركية، التي زعمت أنّ ثمة ثلاثة مساجين، من هؤلاء ماتوا محترقين، وثمانية منهم قد انتحروا، في حين توفي ستة مساجين، نتيجة تأثرهم بأمراض مختلفة، فضلاً عن اثنين آخرين، قضوا نحبهما على يد المساجين الآخرين.

حامد لـ"حفريات": القمع مستمر

ويشير الباحث في الشأن التركي، محمد حامد، إلى أنّ تهمة الارهاب أو الانضمام لمنظمة تابعة للداعية الإسلامي، غولن، والاتصال به، تبدو جاهزة، طوال الوقت، لكل المعارضين لأردوغان.

ويوضح لـ"حفريات" أنّ حملة القمع المستمرة، تمتد لخصوم أردوغان، سواء في صفوف الجيش أو الشرطة، وكذلك، من المدنيين، ومن المرشح استمرارها وتضاعفها، حيث ستتوسع داخل تركيا، عمليات القبض والتنكيل، بكل المعارضة، خاصة، وأن أردوغان، قد فاز، بنسبة مريحة، في الرئاسة والبرلمان، مع حزب الحركة القومية، ما سوف يولد المزيد من توسع يد الداخلية، في معاقبة الخصوم السياسيين للرئيس التركي.

اقرأ أيضاً: "من أنتم": من القذافي إلى أردوغان!

ويردف، الباحث في الشأن التركي، أنه منذ العام 2017، يتم تفريغ الجنائيين من السجون، مقابل إيداع السياسيين، فهناك 136 ألف جنائي، صدر بحقهم عفو رئاسي، وجرى الإفراج عنهم. مضيفاً، إلى عدة تقارير أوردتها الأمم المتحدة، عن التعذيب في السجون التركية، حيث أعلن نيلز ميلتسر، مقرر الأمم المتحدة، في جنيف، أنه تلقى تقارير عن الضرب، والصعق الكهربائي، والغمس في مياه مثلجة، بالإضافة إلى الحرمان من النوم والإهانات والاعتداءات الجنسية.

رئيس فرع منظمة العفو الدولية، في تركيا، يقبع في السجن

انتهاكات بالغة لحقوق الإنسان

وبحسب منظمة العفو الدولية، في تقريرها السنوي، فإنّ ضعف المجتمع المدني وحالة الطوارئ، مهدا الطريق، أمام انتهاكات بالغة لحقوق الإنسان، في تركيا، والتي يبدو أنها ستستمر في ظل وجود حالة الطوارئ.

وذكرت المنظمة الدولية، المدافعة عن حقوق الإنسان، أنّ هنا أكثر من 2200 مؤسسة تعليمية خاصة، و19 اتحاداً عمالياً، و15 جامعة، ونحو 150 وسيلة إعلام، تعرضوا للإغلاق.

وأشارت المنظمة في تقريرها، إلى أن رئيس فرع منظمة العفو الدولية، في تركيا، يقبع في السجن، منذ حزيران (يونيو)، من العام الماضي، في اتهامات تتعلق بالإرهاب أيضا.

اقرأ أيضاً: تركيا في عهد أردوغان: من الديمقراطية إلى الحكم المطلق


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية