شمال غزة بلا مستشفيات... الجرحى ينزفون حتى الموت والشهداء لا يوجد من يدفنهم

شمال غزة بلا مستشفيات... الجرحى ينزفون حتى الموت والشهداء لا يوجد من يدفنهم

شمال غزة بلا مستشفيات... الجرحى ينزفون حتى الموت والشهداء لا يوجد من يدفنهم


كاتب ومترجم فلسطيني‎
27/10/2024

خرجت مستشفيات شمال قطاع غزة عن العمل بعد العملية العسكرية الأعنف التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في منطقة شمال غزة، وبالتحديد مخيم جباليا، حيث يعمل الجيش على تنفيذ خطة الجنرالات التي تهدف إلى تهجير السكان إلى جنوب غزة، لكنّ إصرار السكان على البقاء وعدم الخروج، دفع بالجيش إلى ارتكاب مجازر دامية وقتل كل من يتحرك في الشوارع.

وقد تعرض مستشفى العودة، والإندونيسي، وكمال عدوان، شمال غزة، لدمار وحرق في الأقسام واعتقال الكوادر الطبية واعتقال الجرحى وإتلاف الأجهزة الطبية والأدوية، في خطوة لإخراج المستشفيات عن العمل وإجبار السكان على النزوح، وهو ما أدى إلى وقوع كارثة خطيرة فى ظل تعرض مئات الجرحى للموت البطيء، لعدم توفر كوادر طبية ومنع الجيش الإسرائيلي المستشفيات من العمل.

المستشفى الإندونيسي في غزة

وتعج ساحة مستشفى كمال عدوان الذي واصل العمل حتى اقتحامه الجمعة الماضية بأعداد كبيرة من الشهداء، إلى جانب أنّ الأزقة والمنازل المحيطة بالمستشفى تنتشر فيها الجثث، وسط صعوبة تحرك طواقم الدفاع المدني والإسعاف للوصول إليهم ونقلهم، بعد أن منع الجيش الطواقم من التحرك في شمال غزة.

وحذرت مؤسسات حقوقية من الكارثة الخطيرة التي يتعرض لها شمال قطاع غزة من جريمة إبادة بحق السكان المدنيين، وإخراج المنظومة الصحية عن العمل، وقد أدانت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد" جرائم الإبادة في شمال قطاع غزة، وحصار المستشفيات وحرق أقسامها واعتقال الكوادر الطبية والجرحى، وقطع إمدادات الأوكسجين عن أقسام العناية المركزة، وهو ما أوقع كارثة إنسانية خطيرة، بعد فقدان عشرات المرضى حياتهم بعد توقف الخدمات الطبية عنهم. 

من جهته، أكد مدير مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة الدكتور حسام أبو صفية أنّ "المستشفى  يعاني من وضع كارثي خطير من حيث تراجع الخدمات المقدمة للمرضى، نتيجة تشديد الاحتلال حصاره على المستشفى ومنع وصول إمدادات الوقود والمستلزمات الطبية والكوادر الطبية إليه منذ بدء حصار مخيم جباليا، وتتكدس أقسام المستشفى الوحيد، الذي يعمل من ضمن (3) مستشفيات أغلقت في شمال غزة،  بأعداد كبيرة من الشهداء الذين قضوا نتيجة صعوبة التعامل مع إصاباتهم، في حين أنّ هناك المئات من المصابين ما زالوا ينزفون، ولا يمكن السيطرة على الأعداد الهائلة التي تتوافد، في ظل منع الاحتلال نقل المصابين إلى مستشفى الشفاء المعمداني في مدينة غزة".

وأشار مدير المستشفى، في حديثه لـ (حفريات)، إلى "أنّ طواقم الدفاع المدني والإسعاف توقفت عن العمل، بعد أن طلب الجيش من العاملين تسليم أنفسهم لأحد الحواجز التي أقامها الجيش شمال القطاع، وقد اعتقل الجيش عدداً من أفراد طواقم الدفاع المدني والإسعاف، في حين يمنع عمل الطواقم ويستهدف المركبات التي تتحرك لإغاثة المواطنين، الأمر الذي ضاعف معاناة المواطنين المحاصرين، الذين ينزفون حتى الموت مع اشتداد القصف العشوائي على منازلهم وأماكن تجمعهم".  

"طواقم الدفاع المدني والإسعاف توقفت عن العمل، بعد أن طلب الجيش من العاملين تسليم أنفسهم لأحد الحواجز التي أقامها الجيش شمال القطاع"

ولفت إلى أنّ "الجيش الإسرائيلي يمارس منذ (3) أسابيع حرب إبادة وتطهير عرقي ضمن خطة الجنرالات التي صادق عليها المستوى السياسي في شمال قطاع غزة، وبالتحديد في مخيم جباليا، وتقضي الخطة بحصار المخيم وتجويع السكان ودفعهم للنزوح إلى جنوب القطاع، لكنّ إصرار السكان على الثبات، وعدم الرضوخ لمحاولات التهجير، دفع بالجيش إلى ارتكاب مجازر دامية بحق النازحين داخل مراكز الإيواء والسكان المتواجدين في منازلهم، ويعمل على تدمير المنازل فوق رؤوس ساكنيها، إلى جانب قصف مراكز الإيواء بالقذائف المدفعية، وتنفيذ عمليات إعدام بحق عدد من الشباب الذين تم اعتقالهم من داخل مراكز الإيواء، إلى جانب انتشار جثث الشهداء فى شوارع مخيم جباليا والمناطق المحيطة".

وأوضح أنّ "الوضع خرج عن السيطرة داخل المستشفى، في ظل محاصرة الدبابات الإسرائيلية المستشفى من جميع الاتجاهات، وإطلاق النار تجاه أقسام وغرف المستشفى، ومنع خروج سيارات الإسعاف لنقل الإصابات من مراكز الإيواء والشوارع، بالإضافة إلى منع السيارات المدنية، والعربات التي تجرها الحيوانات، والتي تنقل المصابين من الوصول إلى المستشفى الوحيد الذي يعمل شمال قطاع غزة" .

وأضاف: "لا يوجد إمكانيات كافية لاستيعاب الكم الكبير من الإصابات التي توافدت منذ أيام إلى المستشفى، وذلك من حيث عدد الأطباء والممرضين، خاصة بعد أن تعمد الجيش اعتقال العشرات وقتل البعض منهم، إلى جانب أنّ هناك أصنافاً كثيرة من الأدوية اللازمة بدأت تشح من داخل مخازن المستشفى، وهناك رفض إسرائيلي بعدم السماح بوصول إمدادات الأدوية والوقود إلى المستشفى، رغم المناشدات المستمرة منذ بدء اجتياح المخيم وحصاره بضرورة تجنب استهداف المنظومة الصحية، وتوفير كافة احتياجاتها من دواء وكهرباء" .

وبيّن أنّه "بالنسبة إلى الإصابات التي كانت تأتي إلى المستشفى قبل اقتحامه، فإنّهم كانوا يتعاملون مع الحالات التي يمكن إنقاذها من الموت، والتي تكون ما بين طفيفة ومتوسطة، بينما الإصابات الحرجة، مثل الإصابات بالرأس وبتر في أجزاء من الجسم، فللأسف لا يمكن التعامل معها، نتيجة نقص الأدوية والكوادر الطبية المختصة، وبالتحديد جراحة العظام والدماغ، وأنّ أقسام العناية المركزة لا يوجد فيها أسرة كافية لاستيعاب حالات خطيرة أخرى، في حين هناك العشرات من المصابين في شوارع المخيم ينزفون ولا تستطيع سيارات الإسعاف الوصول إليهم، وننتظر وصولهم جثث هامدة في ظل حرمانهم من تلقي العلاج".

وتابع مدير المستشفى: "هناك خطر كبير من تفشى الأوبئة والأمراض الخطيرة داخل المستشفى، نتيجة تكدس أقسام المستشفى بالشهداء وصعوبة نقلهم للدفن داخل المقابر القريبة من المستشفى، ولم يعد هناك أيّ متسع داخل المستشفى لدفن الشهداء، فجميع الأماكن الفارغة في ساحة المستشفى تحولت إلى قبور، ونحاول نبش القبور ودفن الجثث فوق بعضها البعض، إلى جانب دفن الشهداء بين أزقة المنازل المحيطة بالمستشفى، وهذا الوضع الذي نمر به يعتبر الأسوأ، خاصة في ظل حالة الصمت العربي والدولي من التدخل لوقف جرائم الإبادة المتواصلة بحق المدنيين في شمال قطاع غزة".

وطالب "المجتمع الدولي ومنظمة الصحة العالمية بضرورة اتخاذ قرارات حاسمة لوقف المحرقة والإبادة المتواصلة بحق المدنيين في شمال قطاع غزة، وتجنب استهداف المنظومة الصحية التي يتعمد الاحتلال تدميرها منذ بداية حرب الإبادة".


 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية