شرق أوسط قيد التشكيل!

شرق أوسط قيد التشكيل!


01/04/2021

ناجي صادق شراب

تعتبر منطقة الشرق الأوسط وفي القلب منها المنطقة العربية من أكثر مناطق العالم استهدافاً من قبل القوى الإقليمية والدولية؛ لما لها من أهمية جيوسياسية في تحديد موازين القوى، ولقدراتها الاقتصادية الكبيرة ومنها النفطية، وما تشكله من قوة مالية. ولقد شهدت المنطقة كل أشكال الصراع بين القوى الإمبراطورية، ثم الصراع بين الدول الأوروبية بعد الحرب العالمية الأولى وما نتج عنها من سقوط الدولة العثمانية، وتقسيم المنطقة وفقاً لاتفاقية سايكس بيكو إلى دول قومية   قابلة للانفجار في أي وقت من خلال البنية الإثنية والمذهبية والطائفية والدينية في عدد منها، التي نرى تجلياتها اليوم، ثم الصراع بين القوتين العظميين بعد الحرب الكونية الثانية، أي الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، وسيادة سياسات الاستقطابات والتحالفات التقليدية.

 وأبرز أشكال الصراع اليوم هو بين القوى الإقليمية على الأرض العربية، نظراً لهشاشة النظام العربي، وبروز دور الفواعل على هامش الدول، إضافة إلى أن ظهور المنظمات الإرهابية أدى إلى انتشار ظاهرة الحروب الأهلية والتطرف.
 المنطقة العربية تعيش مرحلة انتقالية مفصلية، ففي غياب الدور العربي إلى أين تتجه الصراعات والتنافس بين القوى الإقليمية؟ وأية خريطة سياسية يمكن أن تبرز عنها؟ 
 فالي نصر، عميد كلية جون هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة، يقول في «الفورين بوليسي»: إن الصراع على الشرق الأوسط هو «صراع بين قوى ثلاث غير عربية (إيران وتركيا وإسرائيل)؛ والمنطقة العربية هي من تدفع ثمن هذا الصراع الجيوسياسي من مستقبلها ووجودها السياسي، وهذا الصراع سيحدّد شكل الخريطة الجيوسياسية للمنطقة. والحقيقة أن الصراع لم يعد صراعاً بين المعتدلين والمتشددين، أو بين السنة والشيعة، بل هو صراع بين قوى إقليمية صاعدة، ولها طموحات قومية تجبّ الطموحات العربية».
 والمفارقة التاريخية أن هذه القوى الثلاث تلاقت مصالحها في مرحلة تاريخية لضرب وإجهاض أية قوة عربية، بعد سلسلة من المؤامرات الأجنبية، بدءاً من العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، وضرب مشروع نواة الوحدة العربية بين مصر وسوريا عام 1958، وضرب قوة مصر العسكرية في عدوان 1967 باعتبارها الدولة المحورية والقيادية، ثم في عام 2003 في الحرب على العراق في أعقاب غزو العراق للكويت والذي مثل الضربة القاضية للأمن القومي العربي. ثم جاء ما يسمى «الربيع العربي» وبروز المنظمات الإرهابية، ليشكل مناسبة لهذه القوى الإقليمية؛ كي تحرك مشاريعها ومنحها الفرصة للتدخل والتغلغل في قلب المنطقة. وهذا الصراع كفيل بأن يحوّل المنطقة إلى منطقة هشة بعدد كبير من الكينونات السياسية التي تحكمها جماعاتٌ لا دولٌ ذات سلطة مركزية قوية قادرة على تحقيق التنمية والقوة.
 إيران الأكثر تغلغلاً ونفوذاً، تطوّر قوتها النووية، وتفعّل من دور الجماعات المؤيدة لها في لبنان وفلسطين واليمن والعراق، أما تركيا فتسعى الآن لإحياء الخلافة العثمانية، والعودة للمنطقة عبر أكثر من دولة في شمال العراق وسوريا، وإنشاء مناطق كاملة النفوذ، والسيطرة التركية، ولها أيضاً وكلاء يقومون بدور كبير مثل «الإخوان المسلمين»، وتختلف في علاقاتها عن إيران بعلاقاتها التقليدية مع الغرب وإسرائيل، كما تتنازع اليوم على غاز البحر المتوسط، ولها وجود عسكري في ليبيا، ما وضعها في مواجهة مع الدول العربية والأوروبية.
 أما إسرائيل- وهي دولة قوة نووية وتحول دون بروز أية قوة نووية في المنطقة، وهذا سبب مباشر للمواجهات والتصعيد العسكري مع إيران خصوصاً في سوريا ولبنان- فتعتبر المنطقة كلها تقع في نطاق مجالها الحيوي. ويبقى السؤال عربياً، كيف يمكن مواجهة هذا التنافس والصراع؟ وبأي آليات وخيارات؟ 
 هناك نواة لقوة عربية مثلثة الأضلاع تتكون من مصر والسعودية والإمارات، وتشارك فيها دول عربية أخرى تمثل الحل والرد على هذا الصراع الجيوسياسي قبل فوات الأوان.

عن "الخليج" الإماراتية


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية