
في تقرير جديد له، سلّط موقع (نورديك مونيتور) الضوء على شبكة إخوانية جديدة، مقرها إسطنبول، ذات امتداد دولي، وتعمل على تعزيز الأجندة السياسية للجماعة، من خلال تصدير الإيديولوجية الإسلامية المتطرفة، على النهج الإخواني، وفي بعض الأحيان يجنح هذا التنظيم نحو تأييد العنف والجهاد المسلح باسم الدين.
الشبكة التي تعمل تحت اسم المنظمة العالمية لنصرة نبي الإسلام (IOSPI) هي في الواقع مجموعة تابعة لجماعة الإخوان المسلمين، تسعى إلى الاستفادة من الاحتجاجات الإسلامية التي أشعلتها حملات التشهير ضد النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ والتخفي خلف ذلك للحصول على تأييد المسلمين الذين يحبون نبيهم.
تجنيد وعمل ضدّ الأنظمة العربية
تسعى الشبكة إلى تجنيد أتباع جدد لصالح الإخوان، والعمل على دعم أردوغان، للسماح للجماعة بالتحرك الواسع، وتوسيع نطاق حكومته، وتعزيز حملات النفوذ العالمي لتركيا، وجمع الأموال من خلال استغلال حساسيات المجتمعات المسلمة لأغراض سياسية.
ولا يبدو أنّ المنظمة مسجلة رسمياً بموجب القانون التركي، إذ لا يوجد لها أيّ سجل لدى وزارة الداخلية التي تشرف على إنشاء جميع الجمعيات في تركيا، وتجري التحقيقات عندما يكون ذلك ضرورياً.
وتكشف الصور المسربة من اجتماع عقد مؤخراً في مقر مؤسسة سوسيال دوكو (النسيج الاجتماعي) ـ المعروفة بتشجيع الجهاد العنيف - عن اتجاه IOSPI وجهودها لتنمية العلاقات مع الجماعات الجهادية؛ لتعزيز أجندتها، والعمل على توسع نفوذها في الخارج.
وقد استضاف اللقاء، الذي عقد في شباط (فبراير) الماضي، نور الدين يلدز، وهو رجل دين تركي متعصب، دعا إلى الجهاد المسلح، وألهم قاتل السفير الروسي في تركيا في عام 2016. وقد تم حماية يلدز من العواقب القانونية من قبل حكومة أردوغان، على الرغم من دوره في تطرف ضابط الشرطة التركي مولود ميرت ألتينتاش، الذي اغتال السفير الروسي أندريه كارلوف في أنقرة. ولم يستجوب المدعون الأتراك يلدز قط، على الرغم من أنّ القاتل كان يحضر خطبه الخاصة بشكل متكرر. كما ألقى يلدز أيضاً خطباً نارية لمؤسسة شباب تركيا (TUGVA) التي تركز على أخونة الشباب.
وقد سافر يلدز إلى سوريا للقاء جماعات مسلحة، وكثيراً ما ألقى خطباً لدعم الحملات الجهادية العنيفة في مختلف أنحاء العالم. كما دعا إلى زواج الفتيات في سن السادسة، وأصدر فتوى تجيز الإعدام والشنق وقطع الأيدي والأذرع للأشخاص المنتمين إلى حركة غولن.
وحدد موقع (نورديك مونيتور) ضيوف يلدز في اجتماع شباط (فبراير)، حيث تواجد القيادي في جماعة الإخوان المسلمين المصرية الشيخ محمد الصغير، ورجل الدين الإسلامي السوداني عبد الحي يوسف، ورجل الدين الموريتاني محمد الحسن بن الددو الشنقيطي. وركز الاجتماع على تجميع الموارد للترويج للإسلام السياسي على نهج جماعة الإخوان المسلمين، في مختلف أنحاء الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا.
حشد إخواني
ويُعدّ معهد الدراسات الإسلامية أحد أبرز قيادات التنظيم الدولي، في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا وأوروبا. وقد تأسس المعهد بفضل حوالي (50) إسلاميّاً في تشرين الأول (أكتوبر) 2021، بدعم من حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، الذي كان مؤيداً قوياً لجماعة الإخوان المسلمين.
ويرأس الشيخ محمد الصغير منظمة IOSPI، ويحمل لقب الأمين العام. ويتمتع الصغير بإمكانية الوصول إلى الرئيس التركي، وقد أقام علاقات قوية مع الحكومة التركية، ويلقي خطباً بانتظام على أتباعه عبر منصات التواصل الاجتماعي ، ولديه (1.6) مليون متابع على موقع التواصل الاجتماعي (X).
ويؤكد تقرير (نورديك مونيتور) أنّ هذه المنظمة مسيسة إلى حد كبير، فهي تعمل على تقويض الحكومات العربية المعارضة لجماعة الإخوان المسلمين. وتتلقى المنظمة الدعم المالي والدعم اللوجستي والحماية السياسية من الحكومة التركية.
ومن بين مؤسسي المنظمة، ياسين أقطاي، الذي كان يشغل منصب نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا ومدير العلاقات الخارجية للحزب في ذلك الوقت. ويعتبر أقطاي أكبر داعمي الإخوان، ويرى في جماعة الإخوان المسلمين وكيلاً للدولة التركية.
كذلك فإنّ محمد جورمز، الرئيس السابق لهيئة الشؤون الدينية التركية (ديانت)، هو أحد مؤسسي هذه المنظمة. وقد نجح في تحويل ديانت، التي تمتلك مليارات الدولارات من الأموال، وتسيطر على نحو (90) ألف مسجد في تركيا والخارج، إلى معقل لشبكة الإخوان المسلمين.
أمّا التركي الثالث من بين المؤسسين، فهو أنور كيليشارلان، وهو مدان حُكِم عليه بالسجن مدة (4) أعوام ونصف في شباط (فبراير) 2002 بسبب عضويته في حزب الله، وقد تدرب كيليشارلان في إيران عام 1987، وكان مكلفاً بخدمة زعيم حزب الله التركي الراحل حسين فيلي أوغلو، الذي قُتل في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة خلال مداهمة منزل آمن في إسطنبول في كانون الثاني (يناير) 2000. وقد تمّت حماية كيليشارلان من العواقب القانونية من قبل أردوغان، الذي نجح في تأمين إطلاق سراح جميع أعضاء حزب الله المدانين من السجون التركية، كجزء من صفقة تم التوصل إليها مع حزب الله في عام 2014. وهو الآن يقود جماعة إسلامية تُسمّى اتحاد العلماء والمدارس الدينية.
كما يؤكد التقرير أنّ علي قره داغي، الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، هو أحد مؤسسي المنظمة الجديدة، وقد أقام قره داغي لفترة طويلة في تركيا، حيث حظي بمعاملة كبار الشخصيات في البروتوكولات الحكومية.
وهناك أيضاً عبد الوهاب إكينجي، وهو أيضاً مواطن تركي، وعضو مجلس إدارة في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ويعمل كحلقة وصل بين شبكة الإخوان المسلمين والحكومة التركية. ويدير إكينجي "الجمعية العالمية لعلماء المسلمين"، وهي مسجلة لدى وزارة الداخلية التركية.
وأنشأت منظمة IOSPI مركزاً أكاديمياً في إسطنبول في شباط (فبراير) 2023، كرّمت فيه رجل الدين اليمني الإخواني، عبد المجيد الزنداني، وقد سبق أن صنفت وزارة الخزانة الأمريكية الزنداني على أنّه "إرهابي عالمي". وذكرت الوزارة أنّ الزنداني لديه "تاريخ طويل في العمل مع أسامة بن لادن، ولا سيّما خدمته كواحد من قادته الروحيين.