رأسماليّة الكوارث: كيف استفاد أصحاب المليارات من الحروب؟

رأسماليّة الكوارث: كيف استفاد أصحاب المليارات من الحروب؟


04/08/2022

ترجمة: محمد الدخاخني

آخر مرّة ارتفعت فيها الأسعار بهذه السّرعة كانت قبل 41 عاماً، وآخر مرّة حصلت فيها المملكة المتّحدة على هذا العدد من رؤساء الوزارات بهذه السّرعة كان في منتصف سبعينات القرن الماضي، وآخر مرّة نشبت فيها حربٌ مفتوحةٌ بين قوى أوروبيّة كبرى كانت عام 1945، وربما آخر مرّة كان فيها نصف الكرة الشّماليّ حارّاً بهذا الشّكل قبل 125 ألف عام.

ومع ذلك، فإنّ مؤشّر "الفاينانشيال تايمز للبورصة رقم 100" أعلى أكثر من أيّ وقت مضى، وأرباح الشّركات أعلى من أيّ وقت مضى، وهناك عدد أكبر من أصحاب المليارات البريطانيّين أكثر من أيّ وقت مضى، وشركات النّفط أغنى من أيّ وقت مضى.

صناعة البترول ستُفلس

إذا أخذنا تغيّر المناخ على محمل الجدّ؛ فإنّ صناعة البترول ستُفلس، هذه الشّركات تقترض المليارات مقابل القيمة المستقبليّة للاحتياطيّات التي لم يُنقّب عنها بعد، لكن فيزياء الغلاف الجويّ تتطلّب ألا نحرق هذا الكربون إذا كنّا نرغب في بقاء الحضارة، وإذا كانت مجتمعاتنا الحديثة ستستمرّ في الوجود في شكل يمكن التّعرّف عليه، فإنّ أصول شركات النّفط لا قيمة لها، وإذا لم يكن الوضع كذلك، ستظلّ بلا قيمة.

إذا أخذنا تغيّر المناخ على محمل الجدّ؛ فإنّ صناعة البترول ستُفلس، هذه الشّركات تقترض المليارات مقابل القيمة المستقبليّة للاحتياطيّات التي لم يُنقّب عنها بعد

لكن، في الواقع، يعمل عمالقة الوقود الأحفوريّ بشكل أفضل من أيّ وقت مضى. في الأسبوع الماضي، قالت شركة "شل" إنّها تتوقّع زيادة قيمة أصول النّفط والغاز التي كانت قد خفّضتها من قبل، ممّا تسبّب في ارتفاع أسعار أسهمها، وفي أيار (مايو)، تفوّقت شركة "أرامكو" السّعوديّة المصدّرة للنّفط على شركة "أبل" باعتبارها الشّركة الأكثر قيمة في العالم، والأكثر قيمة في تاريخ البشريّة.

في الوقت نفسه، مع ارتفاع درجات الحرارة في أنحاء إنجلترا كافّة فوق المستويات التي يمكن أن يتكيّف معها الاستتباب البشريّ، تصطدم الأزمة المناخيّة بالأزمة الصّحّيّة.

"خدمة الصّحة الوطنيّة"

بعد أن سحقتها، على مدار عشرات الأعوام، سياسات "حزب المحافظين" التّقشفيّة واستجابة الحكومة غير الكفؤة للـ "كوفيد"، وصلت قوائم انتظار "خدمة الصّحة الوطنيّة" في المملكة المتّحدة بالفعل إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق. وصارت وحدات الحوادث والطّوارئ "على حافة الانهيار"؛ حيث تصطفّ سيّارات الإسعاف خارج المستشفيات، غير قادرة على تسليم مرضاها، هذا يعني أنّه خلال الأيّام القليلة المقبلة، حيث يتوقّع الخبراء أنّنا سنشهد ما يصل إلى عشرة آلاف حالة وفاة زائدة نتيجة لموجة الحرّ، من المرجّح أن يقضي عدد كبير من النّاس وقتاً داخل سيّارات الإسعاف.

إذا أخذنا تغيّر المناخ على محمل الجدّ؛ فإنّ صناعة البترول ستُفلس

ومع اهتزاز الإمدادات الغذائيّة العالميّة بالفعل بسبب الحرب في أوكرانيا، فإنّ موجة الحرّ تعني تفاقم الجوع العالميّ أيضاً.

من المتوقّع أن يفقد المزارعون الإيطاليّون ثلث محاصيلهم الصّيفيّة من الأرز والذّرة، بينما اجتاح الجراد حقول سردينيا. في الصّين، تؤدّي درجات الحرارة المرتفعة إلى جفاف التّربة وتدمّر الزّراعة بأنواعها كافّة، ومنطقة شرق أفريقيا تشهد أحد مواسم الأمطار الأكثر جفافاً منذ 40 عاماً، وهو ما يترك، جنباً إلى جنب مع حقيقة أنّ 40 في المئة من القمح الأفريقيّ يأتي عادةً من روسيا أو أوكرانيا، عشرات الملايين في مواجهة الجوع.

من ناحية أخرى، رفع أصحاب المليارات في مجال الأغذية والزّراعة ثرواتهم الجماعيّة بنسبة 45 في المئة خلال العامين الماضيين، في حين سجّلت شركة الأغذية العالميّة العملاقة "كارغيل" زيادة بنسبة 63 في المئة في أرباحها للعام الماضي، وهو أفضل عائد في تاريخها الممتدّ لما يقرب من 160 عاماً.

بينما يخرج العالم من وضع الجائحة (إن لم يكن، في الواقع، يخرج من الجائحة نفسها)، فإنّنا ندخل مرحلة جديدة من الرّأسمالية العالميّة.

الأزمة الشّاملة

بالنّسبة إلى الشّركات الكبيرة وأصحاب المليارات، تقدّم "الأزمة الشّاملة" فرصة مثالية لـ "رأسماليّة الكوارث": استخدم الإحساس الغامر بأنّ كلّ شيء يحترق للنّهب؛ قم برفع الأسعار مع الحفاظ على الأجور منخفضة، واستغلّ، واستغلّ، واستغلّ، واستغلّ.

 

تقدّم "الأزمة الشّاملة" فرصة مثالية لـ "رأسماليّة الكوارث": استخدم الإحساس الغامر بأنّ كلّ شيء يحترق للنّهب؛ قم برفع الأسعار مع الحفاظ على الأجور منخفضة، واستغلّ، واستغلّ

لكن هذا ليس المستقبل المحتوم. ربما يكون الصّدى الضّعيف للوعود بـ "إعادة البناء بشكل أفضل" قد اختفى، وفي ظلّ الأزمة السّياسيّة، يدرك النّاس بشكل متزايد أنّه سيتعيّن عليهم القتال من أجل ذلك المستقبل.

في بريطانيا، تصوّت المزيد والمزيد من النّقابات للإضراب ضدّ النّهب، ومع تزايد القلق بشأن أزمة المناخ، ستزداد كذلك الإجراءات ضدّ أولئك الذين يقودونها. لقد تعمّق عدم الثّقة بسياستنا المعطوبة، ممّا أدّى إلى تقلّبات عميقة.

إنّ صراعاً سياسيّاً واسع النّطاق حول ما سيأتي بعد ذلك قد بدأ، تماماً كما تخلّى "حزب العمّال" عن الميدان، وفي الأشهر المقبلة، يمكننا أن نتوقّع شيئاً آخر يندفع إلى هذا الفضاء.

ومن ثمّ؟ الأمر متروك لك.

 

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

آدم رامسي، كومون دريمز، 24 تمّوز (يوليو) 2022

https://www.commondreams.org/views/2022/07/24/world-burns-and-richest-profit-it-doesnt-have-be-way




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية