"داعش في أفريقيا": سرد شامل عن 9 جماعات إسلامويّة مسلّحة

"داعش في أفريقيا": سرد شامل عن 9 جماعات إسلامويّة مسلّحة

"داعش في أفريقيا": سرد شامل عن 9 جماعات إسلامويّة مسلّحة


19/07/2022

ترجمة: محمد الدخاخني

بالنّسبة إلى العديد من البلدان الأفريقيّة، يُعتبر العنف المرتبط بالجماعات الإسلامويّة المسلّحة تهديداً أمنيّاً ملحّاً. تُضخّم هذه الجماعات المتطرّفة المسلّحة المظالم والخلافات بين أبناء المجتمع الواحد لتجنيد أعضاء جدد وتعزيز المشاعر المناهضة للحكومات. غالباً ما تتحمّل المجتمعات المدنيّة الوطأة العظمى لهذا العنف، حيث لا تتمتّع أيّ من هذه الجماعات تقريباً بدعم شعبيّ واسع النّطاق.

بلغ العنف الإسلامويّ المسلّح في أفريقيا منسوبات جديدة في عام 2021، مع الحفاظ على اتّجاه استمرّ لعقد من الزّمان. لكن النّمط ليس موحّداً عبر القارّة. في شمال أفريقيا، وموزمبيق، وحوض بحيرة تشاد- وهي منطقة تضمّ أجزاء من نيجيريا، وشرق النّيجر، وتشاد، والكاميرون- تراجع العنف في عام 2021، لكنّ العنف الإسلامويّ المسلّح في منطقة السّاحل- التي تضمّ أجزاء من مالي، وبوركينا فاسو، وغرب النّيجر- تضاعف تقريباً.

أين تنشط جماعات "الدّولة الإسلاميّة"؟

في كتاب "الدّولة الإسلاميّة في أفريقيا"، يقدّم جيسون وارنر، وريان أوفاريل، وهني نسيبيا، وريان كامينغز، أوّل سرد شامل عن تسع جماعات إسلامويّة أفريقيّة مسلّحة. تُعلن كلّ جماعة منها صلاتها بتنظيم "الدّولة الإسلاميّة". يتساءل المؤلّفون عن سبب استمرار الولاء لـ"الدّولة الإسلاميّة" في أفريقيا على الرّغم من تراجع التّنظيم في كلّ من العراق وسوريا، لا سيما بعد موت الزّعيم المؤسّس، أبو بكر البغداديّ، عام 2019. لمعالجة هذا اللغز، يحقّق المؤلّفون في ظهور وتطوّر جماعات "الدّولة الإسلاميّة" في أفريقيا.

 يُعتبر العنف المرتبط بالجماعات الإسلامويّة المسلّحة تهديداً أمنيّاً ملحّاً

سيتعرّف القرّاء على خلفيّة الجماعة قبل القفز بشكل أعمق. وتقدّم تسع دراسات حالة نظرة فاحصة على فروع تنظيم "الدّولة الإسلاميّة" في ليبيا، والجزائر، ومصر، وتونس، وحوض بحيرة تشاد، ومنطقة السّاحل، والصّومال، والكونغو، وموزمبيق. تستكشف هذه الحالات المسارات المتباينة لفروع "الدّولة الإسلاميّة". يعرّف التّنظيم فروعه في ليبيا، والجزائر، ومصر، ونيجيريا، والصّومال على أنّها "ولايات" تابعة لـ"الدّولة الإسلاميّة". الجماعات الأخرى- في منطقة السّاحل، والكونغو، وموزمبيق- عبارة عن "أجنحة" أو "فروع". ولم يمنح التّنظيم قطّ المسلّحين الإسلامويّين في تونس مكانة الفرع، واكتفى بالإشارة إليهم بشكل تجريديّ باسم "جُند الخليفة".

كيف تُحلّل جماعات متباينة؟

تُشكّل ملاءمة هذه الحالات المتنوّعة ضمن إطار تحليليّ واحد تحدّيّاً. للقيام بذلك، حدّد المؤلّفون ثلاث فترات تاريخيّة مميّزة تتعلّق بالوقت الذي بايعت فيه جماعةٌ معيّنةٌ تنظيمَ "الدّولة الإسلاميّة". يُقارنون أنشطة الجماعة قبل البيعة، ثمّ الفترة التي أعقبت البيعة لكن لم يُعترف بها بعد، وفي النّهاية، الفترة التي تلت اعتراف "الدّولة الإسلاميّة" بالبيعة. ثم نشر المؤلفون ثلاثة أطر تحليليّة منفصلة لكلّ فترة لاستكشاف الجماعات مقابل تنظيم "الدّولة الإسلاميّة".

المصطلحات تُشكّل تحدّيّاً

في بعض الأحيان، تَصرِفنا هذه المفاهيم عن المساهمات الرّئيسة للكتاب. يتطلّب أوّل هذه الأطر، "دمقرطة الجهاد"، من المؤلّفين معالجة الاختيار المربك للـ"دمقرطة" كمصطلح. يوضّحون أنّ الأمر لا يتعلّق بدرجة أكبر من الدّيمقراطيّة أو سلطة اتّخاذ القرار داخل الجماعات. بالأحرى، عندما ظهر تنظيم "الدّولة الإسلاميّة" على نطاق عالميّ، قدّم بديلاً للجماعات الإسلامويّة المسلّحة. وفقاً للمؤلّفين، فإنّ وجود شبكتين إسلامويّتين مسلّحتين عالميّتين يمكن الانضمام إليهما "أضفى الطّابع الدّيمقراطيّ" على الجهاد.

ربما يكون المثال الأكثر وضوحاً هو عنوان الكتاب، الذي يستحضر صورة لدولة إسلاميّة مركزيّة ووحدانيّة قادمة إلى أفريقيا، ممّا يمثّل جبهة جديدة في الحرب العالميّة على الإرهاب

في بعض الحالات، يبدو هذا مهمّاً. في كلّ من الجزائر والصّومال، انفصل المسلّحون عن تنظيم "القاعدة" لتشكيل بديل. السّرد أقلّ وضوحاً في حالات أخرى. على سبيل المثال، اتّبعت جماعة "بوكو حرام" في نيجيريا مساراً مدفوعاً بالانقسامات الدّاخليّة أكثر من التّحالفات العالميّة.

في منطقة السّاحل، هناك بالفعل العديد من الجماعات المختلفة من المسلّحين الإسلامويّين الطّامحين. في أماكن أخرى، بما في ذلك موزمبيق والكونغو، تنظيم "القاعدة" غائب. في ليبيا وتونس، يبدو أنّ الصّلات المباشرة وتجارب المقاتلين في العراق وسوريا قد أثّرت على قرار مبايعة "الدّولة الإسلاميّة" - كما فعلت الجهود المباشرة التي بذلها قادة الجماعة لإنشاء "ولاية" في ليبيا.

بالنّظر إلى هذا التّنوّع في الدّوافع، والسّياق، والصّلات، من غير الواضح كيف ظهر "الدّمقرطة" كأفضل مصطلح لالتقاط هذه الدّيناميكيّات. ربما كانت مصطلحات من قبيل "التّنويع" أو "التّضاعُف" لتُقدّم صورة أوضح.

بالنّظر إلى التّنوّع في الدّوافع، والسّياق، والصّلات، من غير الواضح كيف ظهر "الدّمقرطة" كأفضل مصطلح لالتقاط هذه الدّيناميكيّات. ربما كانت مصطلحات من قبيل "التّنويع" أو "التّضاعُف" لتُقدّم صورة أوضح

يشير إطار ثان، "التّحقّق من منفعة الفروع"، ببساطة، إلى الكيفيّة التي ينظر بها تنظيم "الدّولة الإسلاميّة" إلى الجماعة التي تبايع البغداديّ وإسهامها في أهداف "الدّولة الإسلاميّة". ومع ذلك، فقد تغيّرت أهداف "الدّولة الإسلاميّة" بمرور الوقت، ممّا تسبّب في تغيير التّصوّرات فيما يتعلّق بفائدة جماعة معيّنة لقضيّة التّنظيم. يُتيح هذا للمؤلّفين تحديد مجموعة واسعة من مبرّرات التّنظيم للاعتراف بجماعة ما كفرع، اعتماداً على الدّوافع الإستراتيجيّة في ذلك الوقت.

هل هذه جماعات محلّيّة أم عالميّة؟

هل المتطرّفون الإسلامويّون الأفارقة يعملون محلّيّاً في المقام الأوّل؟ أم أنّهم يعملون بأمر من شبكات مسلّحة عالميّة أكبر؟ يوظّف المؤلّفون مفهوم "الأتباع أصحاب السّيّادة" كإطار ثان للتّنقّل في هذا النّقاش. يُحاججون أنّ فروع "الدّولة الإسلاميّة" تابعة للتّنظيم من حيث المبدأ، لكنّ كلّ فرع منها يتّخذ قرارات سياديّة بشأن الكثير من أنشطته وأقاليمه. تضع صدارة السّيّادة المؤلّفين إلى حدّ كبير في الجانب المحلّيّ من هذا النقاش. ومع ذلك، فإنّ بعض القرارات التّحريريّة والأسلوبيّة تحجب هذا الموقف.

في منطقة السّاحل، هناك بالفعل العديد من الجماعات المختلفة من المسلّحين الإسلامويّين الطّامحين

ربما يكون المثال الأكثر وضوحاً هو عنوان الكتاب، الذي يستحضر صورة لدولة إسلاميّة مركزيّة ووحدانيّة قادمة إلى أفريقيا، ممّا يمثّل جبهة جديدة في الحرب العالميّة على الإرهاب. قد تؤدّي وجهة النّظر هذه إلى إساءة تصنيف الجماعات - وفي نهاية المطاف، إساءة تشخيص الوصفات السّياسيّة الفعّالة لأولئك المنخرطين في جهود مكافحة الإرهاب.

يبدو أنّ المؤلّفين أدركوا هذه المخاطرة، محاججين، في الاستنتاج، بالحاجة إلى وضع مكافحة الإرهاب في سياق الظّروف المحلّيّة. يقولون: "على الرّغم من تركيز هذا الكتاب، لا ندعو إلى محاولة التّعاطي مع هذه الأفرع بعينها في المقام الأوّل من خلال عدسة انتمائها إلى "الدّولة الإسلاميّة"". يتساءل المرء، إذاً، كيف يمكن أن يكون للتّرويج الضّمنيّ لعدسة "الدّولة الإسلاميّة" تأثير على الجهود المبذولة للحدّ من عنف المتطرّفين.

جماهير مختلفة سوف تقدّر هذا المورد

بشكل عامّ، يقدّم الكتاب ثروة من المعلومات، ويُسهم بشكل كبير في مجموعة الأعمال العلميّة التي تركّز على الجماعات الإسلامويّة المسلّحة في أفريقيا. ستجذب الخلاصة الجديرة بالثّناء لدراسات الحالة التّفصيليّة أيَّ شخص يتطلّع إلى استكشاف هذه السّياقات. تنظيم المجلّد واضح، ويوفّر فرصاً لاستخدام الكتاب في الفصول الدّراسيّة. وستكون دراسات الحالة بلا شكّ مفيدة لصانعي السّياسات في أفريقيا وخارجها. يقدّم هذا الكتاب المهمّ روايات قابلة للفهم عن الجماعات الإسلامويّة المسلّحة وسياقاتها الأفريقيّة، والتي هي لغز معقّد قد يكون غير مألوف لقطاع كبير من الجمهور العامّ.

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

دان إيزنغا، الواشنطن بوست، 15 تمّوز (يوليو) 2022

https://www.washingtonpost.com/politics/2022/07/15/islamic-state-africa-is-alqaeda/

 

مواضيع ذات صلة:

هل يوفر انسحاب فرنسا وأمريكا من أفريقيا فرصة لصعود "داعش"؟

هل تكون الجزائر بوابة أردوغان لاستعادة النفوذ في شمال أفريقيا؟

من تركيا إلى روسيا... دول تطمع بنفوذ باريس في أفريقيا




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية