من تركيا إلى روسيا... دول تطمع بنفوذ باريس في أفريقيا

من تركيا إلى روسيا... دول تطمع بنفوذ باريس في أفريقيا


17/07/2021

لم يكن إعلان روسيا عن عقد اتفاق عسكري مع إثيوبيا، وما يمثله من دعم الموقف الأول الذي يعكس التوجه الروسي المكثف نحو أفريقيا بما تمثله من طموح اقتصادي، ومركز للصراع يكسب لاعبين جدداً كل يوم.

وبعدما كانت تركيا تمثل الخطر المتصاعد على النفوذ الروسي في أفريقيا والتغلغل، سواء بسلاح المساعدات الإنسانية أو الدينية أو العسكرية، قفزت روسيا على تلك المحاولات محققة نفوذاً أكبر متزايداً ومتسعاً، يكسب كل يوم رقعة جديدة.

اقرأ أيضاً: كيف تحاول تركيا تعزيز وجودها في غرب أفريقيا؟

روسيا كانت حاضرة من قبل بقوة وزخم في ليبيا، وكسبت نفوذاً متزايداً في الجزائر، وأخيراً اتجهت إلى دول الساحل الأفريقي، جنباً إلى جنب مع دعمها إثيوبيا بمشروعها الذي يراه البعض فرصة للاستثمار والنفوذ، ومن ضمنهم روسيا.

في المقابل، يزعج التغلغل الروسي في أفريقيا فرنسا صاحبة النفوذ الأكبر فيها بحكم التاريخ الاستعماري، والذي حاولت تدعيمه فيما بعد بمشاريع استثمارية أو بمعاونة تلك الدول في مواجهة الإرهاب، أي بتقديم الدعم العسكري.

والدعم العسكري هو المنفذ ذاته الذي تتغلغل منه روسيا إلى القارة، سواء باتفاقيات تدريب أو صفقات تسليح، حتى أنها استطاعت أن تسحب البساط من تحت أقدام فرنسا في مناطق كان النفوذ الفرنسي فيها راسخاً مثل الجزائر، التي تستورد حالياً نحو 60% من سلاحها من روسيا.

وفي تقرير سابق لمركز الأبحاث الأمريكي "المجلس الأطلسي"، لفت المركز إلى "الدور الروسي" في زحزحة باريس عن عرش نفوذها بالجزائر، ورأى التقرير أنّ بروز النفوذ الروسي في الجزائر يعود بالأساس إلى زيادة مشتريات الجزائر من الأسلحة الروسية خلال الفترة ذاتها.

وأوضح أنّ الجزائر "كانت دولة تقع تحت النفوذ الفرنسي وتحولت لتصبح منطقة نفوذ روسي بسبب العلاقات العسكرية التي تربط البلدين، خصوصاً أنّ الجزائر تُعتبر من أكبر زبائن الأسلحة الروسية في العالم".

روسيا كانت حاضرة من قبل بقوة وزخم في ليبيا، وكسبت نفوذاً متزايداً في الجزائر، وأخيراً اتجهت إلى دول الساحل الأفريقي، جنباً إلى جنب مع دعمها إثيوبيا

وأخيراً، شكلت دول مجموعة الساحل الأفريقي الـ5: موريتانيا وبوركينا فاسو ومالي وتشاد والنيجر، منطقة تنافس دولي، نظراً لموقعها الاستراتيجي، كونها نقطة تربط بين مختلف دول القارة السمراء وثرائها بالموارد الطبيعية، وفي هذا الإطار، وقعت روسيا اتفاقات عسكرية مع عدد من دول المجموعة، كان آخرها مع موريتانيا في 24 حزيران (يونيو) الماضي، بحسب ما أورده موقع "ميدل إيست أون لاين".

ووقع الاتفاق وزيرا دفاع البلدين، الموريتاني حننه ولد سيدي، والروسي ألكسندر فومين.

ووفق الموقع الإلكتروني للجيش الموريتاني، يهدف الاتفاق إلى تطوير التعاون العسكري بين الطرفين من أجل تعزيز الثقة المتبادلة وتأمين الأمن الدولي.

ويشمل الاتفاق أيضاً تبادل الآراء في القضايا العسكرية والسياسة الدولية والإقليمية في مجال تعزيز الأمن الدولي، بحسب المصدر ذاته، ويشمل أيضاً التعاون في مكافحة الإرهاب وتطوير العلاقات بمجال التدريب العسكري المتبادل، طبياً وهندسياً وثقافياً ورياضياً.

وكذلك تبادل الخبرة والتعاون في عمليات حفظ السلام، تحت رعاية الأمم المتحدة، وعمليات البحث والإنقاذ البحري ومكافحة القرصنة البحرية.

وقرر الطرفان إنشاء لجنة عمل مشتركة لمتابعة تنفيذ الاتفاق المذكور.

ووقعت روسيا أيضاً اتفاقيات عسكرية مشابهة مع مالي عام 2015 والنيجر في 2017.

ومن جانبه، يرى الباحث الموريتاني المتخصص في الشأن الأفريقي سيدي ولد عبد المالك أنّ "مساعي الحضور الروسي بمنطقة الساحل تدخل ضمن أجندة انفتاح موسكو على أفريقيا، التي اعتمدتها مؤخراً بعد قطيعة تاريخية مع القارة السمراء إثر انهيار الاتحاد السوفييتي وأفول التمدد الشيوعي بالعالم".

 

باحث: نظراً للأزمات الاقتصادية التي تلاحق موسكو مؤخراً، اضطرت للرهان على المدخل العسكري كإحدى أدواتها الرئيسية لغزو القارة السمراء

 

وأضاف المتحدث، بحسب ما أورده موقع "ميدل إيست أون لاين"، أنه "نظراً للأزمات الاقتصادية التي تلاحق موسكو مؤخراً، اضطرت للرهان على المدخل العسكري كإحدى أدواتها الرئيسية لغزو القارة السمراء، وذلك بالتركيز على بؤر ومناطق التوتر في القارة".

وتابع: "الناظر للحراك الروسي في منطقة الساحل مثلاً يلحظ اهتماماً متزايداً بالتعاون العسكري بين موسكو ودول هذا الفضاء"، ولم يستبعد ولد عبد المالك أن يتعزز الحضور الروسي خاصة في مجال التعاون العسكري بعد تراجع الدور الفرنسي بالمنطقة.

لكنه رجح أن تواجه موسكو "صعوبات لتعزيز حضورها بالمنطقة بفعل المنافسة الأمريكية ـ الأوروبية من جهة، وتراجع التيارات السياسية الأفريقية التي كانت تناصر روسيا وتتبنى الإيديولوجية الشيوعية واليسارية من جهة أخرى".

ومن قبل، شهدت دولة أفريقيا الوسطى فصلاً من فصول صراع النفوذ بين فرنسا وروسيا، فقد جمدت فرنسا مساعدتها وتعاونها العسكري مع مستعمرتها السابقة المتهمة بأنها "متواطئة" في حملة مناهضة لباريس مدبرة من قبل موسكو، وذلك في حزيران (يونيو) الماضي.

وقد عبّرت باريس وقتها عن "قلقها من النفوذ القوي جداً لروسيا منذ 2018 على نظام الرئيس فوستان أرشانج تواديرا، مع الوجود الدائم لمئات العناصر شبه العسكرية التي قدمت من موسكو، وهيمنة شركات روسية على الذهب والألماس في أفريقيا الوسطى"، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية. 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية