داعش بيننا: الانحدار الى التوحش

داعش بيننا: الانحدار الى التوحش

داعش بيننا: الانحدار الى التوحش


28/01/2024

أحمد شهاب

عندما تكتشف أن الإرهابيين يسافرون معك، أو يتفاعلون معك، أو يترددون على موقعك، وأنك وأحبائك معرضون لخطر السلوك الإجرامي دون سبب واضح، فهو امر يدعو للقلق حقا.

بيان وزارة الداخلية الكويتي بشأن القبض على خلية تنتمي لداعش وتخطط لأعمال تخريبية في عدد من المجمعات التجارية ودور العبادة، امر لا يثير الخوف فقط وانما يستدعي التفكير في الشبكات المحتملة والخلايا النائمة التي لا تزال متوارية عن الانظار، وتتحرك في اوساطنا.

وهذه مهمة امنية بالدرجة الأولى. لكن ما يعنيني هنا هو ضرورة الاعتراف بان داعش تحمل هويتين متداخلتين يلزم فهمها معا: الاولى انها اداة دولية تستخدم لتهديد الحكومات العربية والاسلامية عند الضرورة، والهدف تنفيذ اجندات خارجية واجبار الحكومات على الخضوع لمقرراتها؛ والثانية انها صورة مشوهة للتراث الاسلامي وتسعى لمصادرة تفسير الدين.

اثبات ذلك لا يحتاج الى جهد كبير. لكن باختصار نحن امام صناعة "نموذج ديني مشوه" يمول بالمليارات من الدولارات ويتم خلاله تجنيد العشرات من المسلمين السطحيين وتحويلهم الى انموذج "مجرم ملتحي" ينفذ الفلم الهوليودي بكل تفاصيله البشعة داخل مجتمعاتنا.

وداعش باعتقادي هو منتج صنع في المختبرات الدولية وفقا لدراسات دقيقة لحال وطبيعة المجتمعات الاسلامية، واكتشاف ثغرات سوداء مكنتهم من الدخول في مهرجان العبث في الدين وتهديد المجتمعات العربية والاسلامية بأدوات تحظى بالقبول عندهم وهي تحديدا الوعظ والنصوص والمظاهر الدينية.

وبالمناسبة فان داعش هو المنتج الاخير ضمن مجموعة منتجات صدرت قبلها وهيأت لها، من قبيل الجماعات الاسلامية المتشددة والالغائية، مثل طالبان والقاعدة وجبهة النصرة وجيش الاسلام وغيرها، حيث يتم التعديل على النموذج واعادة انتاجه بصورة وحش اكثر خطورة.

من هذه الثغرات: عشوائية الخطاب الديني، واستغلال المنبر من المتطفلين على الدين، والنهل من تراث متراكم بالغث والسمين، وتمجيد العنف التاريخي، حتى اصبح كل من يخرج بالتيك توك او الإنستغرام او غيرها من وسائل التواصل الاجتماعي، ويتحدث بقال الله وقال رسوله مصدق، حتى وان كان يبث السموم ويكفر المجتمع ويغذي العنف والكراهية.

ومن هذه الثغرات: تسطيح المفاهيم الدينية وتداولها بطريقة التوجيه المباشر نحو تهديد امن المجتمع وتفكيك تماسكه، من قبيل مفهوم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومفهوم الولاء والبراء، ومفهوم الجهاد، وتعريف البدعة، واعتبار ان الاختلاف حول هذه المفاهيم يبرر قتل الاخرين والاساءة لهم.

لذا فان المهمة الاولى لتفكيك داعش هو تمشيط الارض التي تنمو فيها عبر تنقية التراث الذي تعتاش عليه هذه الجماعات المنحرفة، وحث المرجعيات الدينية عند كل الاطراف لوضع إجابات صريحة على الاسئلة الكبرى المتعلقة في الامة. وتحديدا بيان الموقف الشرعي من شركاء الوطن، حتى لا يتمكن الهواة أو المرضى النفسيون او المتحمسون من تقديم اجابات مرعبة.

عن "ميدل إيست أونلاين"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية