"العدالة والتنمية" المغربي ونهج المزايدة باستخدام الخطاب الديني.. ما جديد بنكيران؟

"العدالة والتنمية" المغربي ونهج المزايدة باستخدام الخطاب الديني.. ما جديد بنكيران؟


14/07/2022

عاد عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية (المصباح)، الذراع السياسيّة للإخوان في المغرب، إلى تصريحاته المثيرة للجدل، حيث انتقد بنكيران ما وصفه بــ "مظاهر الاستهداف الممنهج للمرجعية الإسلامية". والذي زعم اعتناق بعض الجهات في البلاد له كإستراتيجيّة. وفيما يبدو فإنّ بنكيران كان يتحدث بشكل غير مباشر عن دعوات المساواة في الإرث.

بنكيران تعهد، بشكل دعائي، بــ"مواصلة الدفاع عن أركان الهوية المغربية الأصيلة، التي يمثل الإسلام عمودها الأساسي".

وأوضح الأمين العام لـ(المصباح)، في كلمة افتتاحية لأشغال الاجتماع الذي عقدته الأمانة العامة للحزب، يوم السبت 2 تمّوز (يوليو) بالعاصمة الرباط، أنّ الفلسفة التي تميز الأداء السياسي لحزب العدالة والتنمية من موقع المعارضة، قائمة على التنبيه للاختلالات بشكل موضوعي، والنصح للحكومة، وتقديم الاقتراحات لها مع التصدي لمظاهر الفساد والريع، وتضارب المصالح والتلاعب بالمال العام".

الخطاب الديني وسيلة بنكيران للعودة إلى الحكم

منذ عودته إلى قيادة الحزب، يحرص بنكيران، إلى تقديم نفسه في إطار الداعية، ففي المؤتمر الأخير للحزب، استعمل رئيس الوزراء السابق مفردات دينية، بزخم شديد، حتى أنّه طالب النظام الجزائري بالرجوع إلى الله، في سياق حديثه عن الخلاف بين البلدين، حيث قال: "عليكم الرجوع إلى الله، كلكم عجزة، وستذهبون للقاء الله". الأمر الذي علّق عليه المحلل السياسي المغربي حسن بلوان لصحيفة "العين" قائلاً إنّ بنكيران، "قدم نفسه في المؤتمر الأخير للحزب، بوصفه المنقذ الذي سيُعيده إلى الواجهة، بغض الطرف عن المشاكل الجمة التي يُعاني منها الحزب، على المستوى الداخلي، ويمضي نحو الركوب على مواضيع معينة؛ لترقيع ما مزقته سنوات التدبير الكارثي للشأن الحكومي". وربما كان من ضمن ذلك استخدام مفردات القاموس الديني.

سعيد ناشيد: الحواضن الاجتماعية للحزب، وكذا الحواضن الدينية النشطة خلقت ظهيراً خلفياً مهماً يحاول الإخوان استقطابه من جديد برفع شعارات دينية ومهاجمة السياسة الاقتصادية للحكومة

كانت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، قد أكدت في بيان سابق، الشهر الماضي، أنّها "تتابع بقلق كبير، المساعي الجارية من طرف بعض الجهات، للمساس بنظام الإرث الجاري به العمل، والذي يستمد مرجعيته من الشريعة الإسلامية". واستنكر الحزب "التصريحات المعبر عنها من طرف رئيسة مؤسسة وطنية، يفترض فيها الالتزام بالقانون والحرص على احترامه"، داعياً إياها إلى "الكف عن الإساءة إلى الثوابت الدينية للمغاربة". وأضاف البيان: "الأمانة العامة تعتبر أنّ تقييم حوالي عقدين من تطبيق مدونة الأسرة، ينبغي أن يتمّ على ضوء نقاش علمي رصين وموضوعي وهادئ، من طرف ذوي الأهلية والاختصاص، بعيداً عن بعض المقولات الإيديولوجية المعادية للقيم الدينية؛ وهو النقاش الذي ينبغي أن يشارك فيه جميع الفاعلين؛ من علماء وقضاة وقانونيين ومجتمع مدني مسؤول، في ظل المرجعيات والثوابت الوطنية الراسخة في هذا الباب، والمتمثلة في الأخذ بالشريعة الإسلامية".

منذ عودته إلى قيادة الحزب يحرص عبد الإله بنكيران إلى تقديم نفسه في إطار الداعية، ففي المؤتمر الأخير للحزب، استعمل رئيس الوزراء السابق مفردات دينية بزخم شديد

وفي لغة تحريضيّة، استدعت الأمانة العامة لـ (المصباح)، تصريحات سابقة للملك، تحدث فيها عن المرجعيات المؤطرة للقوانين، والتي قال فيها: "لا يمكنني بصفتي أميراً للمؤمنين، أن أحل ما حرم الله وأحرم ما أحله".

تكثيف مفردات القاموس الديني

من جهة أخرى، وفي السياق الدعائي نفسه، أفرد الموقع الرسمي لحزب العدالة والتنمية، مساحة واسعة للمفكر الإخواني أبوزيد المقرئ الإدريسي، والتي هاجم فيها اللغة الفرنسية، بزعم أنّ تعلمها وممارستها، يشكل "خطراً على أبناء المغاربة، وعلى مستقبلهم الدراسي والمهني". مطالباً بالتركيز على لغة القرآن وحدها، زاعماً أنّ علماء الاجتماع اللغوي "أجمعوا على أنّ الفرنكفونية أصبحت حاجزاً حقيقياً أمام أبناء الشعب؛ للوصول إلى المواقع الاجتماعية والمهنية اللائقة".

وفي إطار مغازلة المشاعر الدينية أيضاً، انخرط حزب العدالة والتنمية، في معركة جانبية مع إدارة فيسبوك، رغبة في توظيف الخطاب الديني ومفرداته، لجني مكاسب سياسيّة، حيث أعلن الحزب دعمه لحملة "فطرة" المناهضة للمثلية، بعد أن أغلق موقع فيسبوك صفحتها، و"فطرة" هي حملة أطلقها ناشطون مصريون؛ للتحذير من المثلية في العالم العربي.

شنّ زعيم حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المغربي هجوماً ضارياً على بنكيران في كلمة له خلال افتتاح أشغال مؤتمر النساء الاشتراكيات متهماً الأخير بالمتاجرة بالإيمان بالله، واستعمال الدين لضرب معارضيه

كما واصل الحزب الإخواني دعمه لحركة النهضة التونسيّة، متضامناً مع تصريحات، عماد الخميري، الناطق الرسمي باسم الحركة، والتي أعلن فيها أنّ الحركة ترفض مشروع الدستور التونسي الجديد، بزعم أنّه "يشرع لبناء نظام تسلطي استبدادي".

وكان إدريس لشكر، زعيم حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المغربي، قد شنّ هجوماً ضارياً على بنكيران، في كلمة له خلال افتتاح أشغال مؤتمر النساء الاشتراكيات، متهماً الأخير بـ "المتاجرة بالإيمان بالله، واستعمال الدين لضرب معارضيه والمعارضة، رغم أنّه جزء من المعارضة البرلمانية". لافتاً إلى أنّ أساليب  الأمين العام حزب العدالة والتنمية "غير مفهومة، ولا تمت للممارسة السياسية بصلة". متهماً إياه بحشد وتجييش "الشارع والمساجد والجمعيات الإحسانية، ضد معارضيه".

واصل الحزب الإخواني دعمه لحركة النهضة التونسيّة

المفكر المغربي سعيد ناشيد، خصّ "حفريات" بتصريحات، علّق فيها على تكثيف بنكيران لحضور مفرادت القاموس الديني، في خطابه السياسي، لافتاً إلى أنّ الحزب الذي خسر كلّ شيء في الانتخابات الماضية، ينشط الآن بين قواعده، ويحاول جذب التيارات السلفية والأصولية، بهدف استعادة جزء مما فقده الحزب، الذي أصبح الآن على هامش المشهد السياسي في المغرب.

وتشهد الحملة الانتخابية، للاستحقاقات التشريعية الجزئية بدائرة الحسيمة، والتي من المقرر إجراؤها يوم 21 تمّوز (يوليو) الجاري، زخماً كبيراً في استخدام وتوظيف الخطاب الديني، في الحملة الخاصّة بمرشح حزب العدالة والتنمية، نبيل الأندلوسي، ويقوم فرع حزب العدالة والتنمية بالحسيمة الآن، بالاستعداد لاستقبال عبد الإله بنكيران، الأسبوع المقبل من أجل تنظيم لقاء جماهيري؛ لدعم مرشح (المصباح).

ويرى ناشيد أنّ الحواضن الاجتماعية للحزب، وكذا الحواضن الدينية النشطة، والمتمثلة في جماعة العدل والإحسان، خلقت ظهيراً خلفياً مهماً، يحاول الإخوان استقطابه من جديد، برفع شعارات دينية، ومهاجمة السياسة الاقتصادية للحكومة، مع استغلال الأزمة العالمية، الناتجة عن حرب أوكرانيا، وأيضاً وضع قضية فلسطين في صدارة المشهد، وكلّ هذا يهدف في النهاية إلى استعادة الحكم، والعودة من جديد، عبر الخطاب الديني المؤدلج، إلى الحكم.

 

مواضيع ذات صلة:

بنكيران يراجع أخطاء الإسلاميين: نقد ذاتي أم مناورة سياسية؟

بنكيران الباحث عن دور جديد يصطدم باليسار المغربي

بنكيران يوحّد إخوان المغرب بالشعوذة: لهذا خسرنا الانتخابات




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية