خوفاً من تشويهها.. داعمون لقيس سعيد يقاطعون الانتخابات

خوفاً من تشويهها.. داعمون لقيس سعيد يقاطعون الانتخابات

خوفاً من تشويهها.. داعمون لقيس سعيد يقاطعون الانتخابات


13/10/2022

برغم التعهّد بإجراء تعديلات بالقانون الانتخابي الجديد، وبرغم الدعم الشعبي الذي يلقاه الرئيس التونسي قيس سعيّد، تشهد دائرة مقاطعي الانتخابات البرلمانية المقرّر إجراؤها في 17 كانون الأول (ديسمبر) المقبل اتساعاً يوماً بعد يوم، وسط مخاوف من تأثير ذلك على نسب المشاركة في التصويت.

مقاطعة أججتها الشروط الانتخابية التي تضمنها القانون الانتخابي الجديد، خاصة المتعلقة بجمع التزكيات، حيث يفرض القانون على كل مترشح جمع (400) تزكية، وهو ما يعتبره شق واسع من السياسيين مدخلاً لتشويه العملية الانتخابية بالمال الفاسد الذي ساد المحطات الانتخابية السابقة، عبر شراء التزكيات.

وتُعدّ الانتخابات البرلمانية المرتقبة مطلب طيف سياسي واسع، خصوصاً من معارضي حركة النهضة الإخوانية سابقاً، وهي المحطّة الأخيرة من خارطة الطريق التي أعلن عنها الرئيس سعيّد منذ 25 تموز (يوليو) من العام الماضي، وبدأها بتنظيم استشارة إلكترونية شعبية حول الإصلاحات السياسية والدستورية.

حراك 25 تموز (يوليو) يلوّح بمقاطعة الانتخابات

دائرة المقاطعين امتدّت لتشمل داعمي سعيّد في مساره "الإصلاحي" أيضاً، فقد أعرب محمود بن مبروك رئيس المكتب السياسي لحراك 25 تموز (يوليو) "حركة شباب تونس الوطني" الداعم لسعيّد، أعرب عن الخشية من أن يكون البرلمان المرتقب على شاكلة برلمان ما قبل 25 تموز (يوليو)، ملوّحاً بمقاطعة هذه الانتخابات في صورة عدم صدور قرارات حازمة لإيقاف التجاوزات الحاصلة منذ انطلاق المسار الانتخابي.

محمود بن مبروك: التزكيات أصبحت باباً للمال الفاسد

وقال محمود بن مبروك خلال مؤتمر صحفي الأربعاء: إنّ التزكيات أصبحت باباً للمال الفاسد، وفق ما تم رصده من تجاوزات من قبل الحراك ومن النيابة العمومية ومن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، مضيفاً أنّ مسألة التعريف بالإمضاء فيها لبس كبير، خاصة بتدخل أعضاء من المجالس البلدية وممثلين على المعتمدين والولاة لفائدة شخص على حساب آخر.

وأشار محمود بن مبروك إلى أنّ العديد من المستشارين البلديين "يُرهبون الناس للضغط عليهم للقيام بالتزكيات لأطراف بعينهم"، إضافة إلى أنّ "دفاتر التعريف بالإمضاء تخرج من البلديات إلى منازل المستشارين البلديين، ويتم تضمينها أسماء المزكين حتى من الأموات".

الانتخابات البرلمانية المرتقبة تُعدّ مطلب طيف سياسي واسع، خصوصاً من معارضي حركة النهضة

وقال في هذا السياق: "نحن لا نقبل بأن نكون طرفاً في هذا المناخ السياسي الفاسد، ونحمّل هيئة الانتخابات مسؤولية هذه الإخلالات"، مبيناً أنّ الحراك رصد امتناع العديد من الأعوان في البلديات عن القيام بهذه الخدمة وتوجيه المواطنين إلى المعتمديات (حكم محلي) والبلديات التي تستعمل نفوذها وسيارات البلديات لجمع المواطنين للقيام بالتزكيات وترهيبهم وتهديدهم"، وفق تعبيره.

وأكد أنّ الحراك "يساند مسار 25 تموز (يوليو)، ولكنّ هذا المسار الانتخابي أرجع وجوهاً من العشرية السوداء مدعومين بالأحزاب الحاكمة خلال تلك الفترة، ومن المهربين وتجار المخدرات، وبالتالي فهو يشرّع لبرلمان أتعس من البرلمان السابق".

داعمو سعيّد.. هل يتخلون عنه؟

وكان ائتلاف صمود قد أعلن بداية الأسبوع الحالي عن "تخليه عن كلّ أشكال المساندة لمسار 25 تموز (يوليو)، إثر ما يعتبره "حياد رئيس الجمهورية عن مطالب هذا المسار وفرضه قرارات بشكل أحادي، لتركيز نظام سياسي رئاسويّ هجين"، داعياً إلى مقاطعة الانتخابات التشريعية ترشّحاً وتزكيةً وانتخاباً.

واعتبر الائتلاف في بيان له أنّ القانون الانتخابي الجديد سيفرض انتخابات تشريعية غير قانونية، وسينبثق عنها مجلس غير شرعيّ، معتبراً أنّ هذا المرسوم عمّق اختلال التوازن بين السّلط، وأقصى الأحزاب السياسية وشرائح واسعة من الشعب التونسي، خاصة المرأة والشباب وحاملي الجنسيات المزدوجة والكفاءات، ومن غيّروا مقرّات سكناهم لأسباب دراسية أو مهنية أو اجتماعية.

"ائتلاف صمود" هو ائتلاف مدني كان من أبرز داعمي مسار 25 تموز (يوليو)

وعبّر ائتلاف صمود عن مساندته ودعمه لكلّ التحركات السلمية الرافضة لعودة منظومة حكم الإسلام السياسي، والرامية للتصدي للمشروع السياسي الأحادي، الذي يسعى الرئيس لفرضه على التونسيات والتونسيين، مطالباً "المسؤولين الوطنيين والديمقراطيين"، بتحمّل مسؤولياتهم التاريخية، داعياً إياهم للعب دورهم التاريخي برفض كل الانحرافات التي من شأنها تهديد المصلحة العليا للوطن.

الانتخابات المقبلة هي المحطّة الأخيرة من خارطة الطريق التي أعلن عنها الرئيس سعيّد منذ 25 تموز (يوليو) 2021

و"ائتلاف صمود" هو ائتلاف مدني كان من أبرز داعمي مسار 25 تموز (يوليو)، ويتكون من شخصيات وطنية وجمعيات وخبراء، من بينهم أستاذ القانون الدستوري الصادق بلعيد، الذي عيّنه الرئيس قيس سعيد لترؤس لجنة الحوار الوطني لكتابة الدستور في أيار (مايو) العام الماضي، وأستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ الذي ساهم كذلك في كتابة مشروع الدستور.

ارتفاع عدد المقاطعين للانتخابات

وقبل ذلك أعلن (11) حزباً، بشكل متتالٍ، عن مقاطعتهم للانتخابات المقبلة، بينهم حركة "النهضة"، و"قلب تونس"، و"ائتلاف الكرامة"، و"حراك تونس الإرادة"، و"الأمل"، والجمهوري، والعمال، والقطب، والتيار الديمقراطي، والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات.

وتعتبر هذه الأحزاب المقاطعة أنّ القانون الانتخابي الذي أقره سعيّد يؤسّس لنظام حكم الفرد الواحد ولبرلمان من دون صلاحيات، ويعطي للأحزاب السياسية دوراً أقلّ، ويقلّص من تمثيليتها ومشاركتها في الحياة السياسية، إلى جانب إلغائه آليّة التناصف التي تضمن وصول أكبر عدد ممكن من النساء إلى السلطة التشريعية.

ائتلاف صمود يعلن عن تخليه عن كلّ أشكال المساندة لمسار 25 تموز (يوليو)

في المقابل، أطلق نشطاء ونواب سابقون وقيادات حزبية وشخصيات حقوقية مبادرة حملت اسم "لينتصر الشعب" لدعم الرئيس سعيّد، واعتبر الموقعون عليها أنّها "إطار وطني شعبي كفاحي أفقي ومفتوح لعموم الشعب التونسي ولكل قواه المتنوعة المؤمنة بعمق مسار 17 كانون الأول (ديسمبر) ـ 25 تموز (يوليو)، والقاطعة كليّاً مع منظومة ما قبل 2010 وما قبل2021، لإنجاز التغيير السياسي والاجتماعي والاقتصادي، والمضي في بناء الجمهورية الجديدة، ودعم وتوحيد وتقريب كل مناضلات ومناضلي هذا الخط الوطني السيادي".

سعيّد يُعدّل القانون الانتخابي... لكن

وردّاً على هذه الانتقادات، دافع سعيّد بشدة عن هذا القانون، نافياً محاولته إقصاء الأحزاب من البرلمان المقبل، وقال: إنّه "لن يقصي أيّ طرف أو أيّ شخص إذا توفرت فيه الشروط الموضوعية التي ينص عليها القانون"، واستبق الدعوات إلى مقاطعة الانتخابات بالتأكيد على حرية كلّ طرف في اتخاذ قرار المشاركة من عدمها.

وذلك قبل أن يتعهّد بإدخال تعديل جديد على القانون الانتخابي، وقال سعيّد في بيان صدر عن الرئاسة مساء الجمعة الماضية: إنّه سيجري تعديلاً جديداً على القانون الانتخابي، مؤكداً على وجود "تلاعب بالتزكيات" وتفشي "المال الفاسد"، معتبراً أنّ "الواجب الوطني المقدّس يقتضي تعديله للحدّ من هذه الظاهرة المشينة".

هذا، ومن المنتظر أن يتكوّن البرلمان الجديد من (161) نائباً، بعد أن كان مكوّناً من (217) نائباً، وستكون صلاحياته محدودة بموجب الدستور الجديد الذي تم إقراره في استفتاء نظّم يوم 25 تموز (يوليو) الماضي، وشارك فيه نحو (3) ملايين تونسي.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية