خريطة الجماعات المتطرفة في سوريا

خريطة الجماعات المتطرفة في سوريا

خريطة الجماعات المتطرفة في سوريا


16/12/2024

قدم المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI دراسة واسعة لتوضيح خريطة الجماعات المتطرفة في سوريا ومناطق نفوذها.

وبحسب الدراسة فإنّ الجماعات المتطرفة العديدة متوزعة في عدة مناطق في سوريا، وذلك بسبب تعدد المصالح الإقليمية والدولية، ممّا أدى إلى تشكيل مشهد معقد، ويمكن تصنيف هذه الجماعات إلى عدة فئات رئيسية منها الجهادية والفصائل التي تدعمها إيران.

وأكد المركز أنّ عدد مقاتلي تنظيم داعش في سوريا والعراق يبلغ نحو (2500) شخص، و(10) آلاف مقاتل من داعش يعملون بشكل متخفٍّ. 

ينشط تنظيم داعش في المناطق النائية من البادية السورية، ويستغل طبيعة البيئة الصحراوية فيها، لا سيّما "الرصافة ومناطق أثريا والرهجان" المتصلة بريف حماة الشرقي، وبادية السخنة وتدمر بريف حمص الشرقي، وبادية دير الزور، وفي محيط جبل البشري بريف الرقة، كما يتحرك تنظيم داعش في سوريا ضمن خلايا صغيرة في صحراء شرق البلاد.

وقد اعتمد تنظيم داعش أساليب واستراتيجيات لعودته بعد خسارة معاقله في سوريا، منها الهجمات الخاطفة من خلال نصب الكمائن واستهداف الدوريات العسكرية، كذلك الاغتيالات ضد قادة محليين، أو أفراد من قوات الأمن أو المجتمع المدني. بالإضافة إلى زرع العبوات الناسفة على الطرق الرئيسية في المناطق التي ينشط فيها، واستهداف حقول النفط والغاز.

وأشار تقرير الأمين العام للأمم المتحدة في شباط (فبراير) 2024 إلى استمرار تناقص إيرادات داعش الأساسية، فقد أوردت الدول الأعضاء أنّ الاحتياطات المتاحة تتراوح بين (10 و25) مليون دولار. وظلت مصادر تمويل التنظيم والجماعات المنتسبة إليه تعتمد على جمع الأموال محلياً، عبر خلاياه النائمة في المناطق المتاخمة للرقة وحلب وحماة بشن هجمات واسعة النطاق للسرقة، كذلك ابتزاز المدنيين في شرق سوريا، وبيع النفط المسروق، واستخدام العملات المشفرة. 

 

ووجهت الولايات المتحدة ضربات جوية استهدفت عناصر في تنظيم داعش داخل سوريا، في كانون الأول (ديسمبر) 2024، وأعلنت القيادة المركزية الأمريكية تنفيذ عشرات الغارات الجوية الدقيقة ـ بإجمالي أكثر من (75) هدفاً ـ التي استهدفت معسكرات لتنظيم داعش وسط سوريا، وذلك بهدف منع التنظيم من القيام بعمليات خارجية وضمان عدم سعيه إلى الاستفادة من الوضع الحالي لإعادة تشكيل نفسه في وسط سوريا.

وحول علاقات "هيئة تحرير الشام" مع الأطراف الإقليمية والدولية أوضحت الدراسة أنّ  الجماعة الإسلاموية التي يقودها (أبو محمد الجولاني)، تأسست في البداية كجبهة النصرة عام 2011، وكانت فرعاً لتنظيم القاعدة. ثم قطع الجولاني علاقاته مع تنظيم القاعدة، وأعاد تسمية الجماعة "هيئة تحرير الشام"، ودمج معها لاحقاً عدة فصائل إسلاموية أصغر.

وتشير التقارير إلى أنّ عدد عناصر هيئة تحرير الشام يقدّر بنحو (10) آلاف مقاتل، وفقاً لتقرير صادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عام 2022.

وتعتمد هيئة تحرير الشام على عدة مصادر لتمويل أنشطتها، أبرزها إيرادات رسوم المعابر، إذ تُسيطر حالياً على معبرين رئيسيين هما (باب الهوى) الحدودي مع تركيا، ومعبر (الغزاوية) الفاصل بين ريف عفرين ومناطق ريف حلب الغربي، وتحتكر الهيئة قطاعات تجارية محددة مثل المحروقات، إلى جانب اعتماد تمويلها أيضاً على التبرعات.

الهيكل التنظيمي لـ "هيئة تحرير الشام" هو مجلس الشورى؛ ويتألف من هيئة إدارية عليا من قادة التنظيم وممثلين عن عدة فصائل انضمت للهيئة، وهي المسؤولة عن اتخاذ القرارات المهمة، والتحالفات والتكتيكات العسكرية والاستراتيجية الخاصة بالتنظيم.

والهيكل العسكري والأمني، ويتسم بالمركزية وفروع محلية لإدارة المناطق التي تسيطر عليها، كذلك امتلكت "هيئة تحرير الشام" جهازاً أمنياً يُسمّى "جهاز الأمن العام"، يُعنى بالتحقيقات والعمليات الأمنية.

والفتاوى والشؤون الشرعية، وهو "مجلس شرعي" يضم علماء دين ومفتين جهاديين يوجهون سياسات الجماعة بما يتماشى مع تفسيرهم للشريعة. و"الفتاوى" المسؤول عن إصدار فتاوى لتبرير العمليات العسكرية والهجمات على النظام السوري أو الخصوم الآخرين. وقد سعت الهيئة إلى التخفيف من حدة فتاواها المتشددة لتقديم صورة أكثر اعتدالاً. وأخيراً "القضاء الشرعي"، حيث تدير الهيئة محاكم شرعية في المناطق التي تسيطر عليها.

وبحسب الدراسة، فإنّ "هيئة تحرير الشام" تمتلك علاقات معقدة ومتعددة الوجوه مع العديد من القوى الإقليمية والدولية، ومع العديد من الجماعات المتطرفة الأخرى والقوى الدولية، أبرزها القاعدة، وتركيا.

أمّا عن  الجماعات المتطرفة الأخرى في سوريا، فقد بينت الدراسة أنّ جماعة "حراس الدين"، تأسست في شباط (فبراير) 2018، بعد انفصالها عن "هيئة تحرير الشام"، وأعلنت عن تبعيتها لتنظيم القاعدة، وقد نشطت جماعة "حراس الدين" في المناطق الريفية والبلدات الصغيرة، بما فيها محافظة حلب وحماة وإدلب واللاذقية. وأشارت التقديرات إلى وجود ما بين (2000 و2500) مقاتل. وقد قتل القيادي البارز في تنظيم حراس الدين أبو عبد الرحمن المكي في آب (أغسطس) 2024 جنوب إدلب في الشمال السوري في غارة من التحالف الدولي.

وهناك  "أحرار الشام"، وقد تاسست في العام 2011، ووصلت ذروة قوتها عام 2014، وامتلكت نحو (25) ألف مقاتل، وانضمت أحرار الشام إلى صفوف الجيش الوطني السوري. ونشطت الحركة في إدلب وحلب، وتحديداً في تفتناز وجبل الزاوية وسراقب وأريحا وبنش وغيرها من قرى إدلب. وأبرز مصادر تمويلها عبر شبكات متطرفة عالمية وإقليمية، ومن القطع العسكرية التي استولت عليها أثناء المعارك واستثمار الموارد الحكومية والاستيلاءعلى ما يتراوح بين (4 و6) مليارات ليرة سورية من مقر البنك المركزي.

أمّا "جيش الإسلام"، فقد تأسس في عام 2013 عبر اتحاد أكثر من (45) فصيلاً من "الجيش الحر". ويتكون من مجلس قيادة ومكاتب إدارية مسؤولة عن مختلف جوانب نشاط الجماعة. وبلغ عدد مقاتليه ما بين (10 إلى 15) ألف مقاتل. واتخذ من مدينة دوما الواقعة في الغوطة الشرقية منطلقاً لعملياته العسكرية، وتمكن من توسيع رقعة عملياته والسيطرة خلال فترة قصيرة على عدد كبير من المواقع المهمة. 

مجموعة من قوات "أحرار الشام"

أضعف جيش الإسلام اغتيال قائده "زهران علوش"، كذلك فإنّ التدخل الروسي في معاقل جيش الإسلام ترك أثره على قدرات التنظيم وقوته ومناطق سيطرته، وقد انتقل إلى شمال سوريا.

وحول "وحدات حماية الشعب"، أكد المركز أنّ "الأبوجية أو البككا"، تنتشر في مناطق الأكراد بسوريا، وتحديداً في شمال وشمال شرق البلاد، وينظر إليها على أنّها الفرع العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، وهي موالية لحزب العمال الكردستاني، وقاتلت في عين العرب (كوباني) ضد داعش.

وتتبنى وحدات حماية الشعب التوجه اليساري، ولها تقارب عقائدي مع حزب العمال الكردستاني، وتشكل العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية  (SDF)المدعومة من التحالف الدولي. وتعتمد في مصادر تمويلها على الضرائب التي تجبيها في المناطق الكردية، وعلى دعم حزب العمال الكردستاني الذي يحظى بمساندة شبكة من الممولين في أوروبا وتركيا والجالية الكردية في مناطق أخرى من العالم.

وعن خياراتهم، يرى الخبراء أنّ "وحدات حماية الشعب" أمامها القليل من الخيارات، منها الانخراط في الصراع لمواجهة الجماعات الإسلاموية، أو أن تعيد الصراع مع الجانب التركي، أو الانسحاب من حلب. 

أمّا عن أبرز الفصائل الشيعية في سوريا، فهي "حزب الله" الذي انخرط في الصراع بسوريا لدعم النظام السوري منذ العام 2011 عبر تأمين خطوط نقل الأسلحة، وضمان استمرار التواصل اللوجستي مع إيران، إلى جانب لواء "فاطميون" أُسس عام 2013 من قبل "فيلق القدس"، الجناح الخارجي لـ "الحرس الثوري الإيراني"، ويتألف من مقاتلين أفغان، ولواء "زينبيون" الذي يتألف من مقاتلين باكستانيين يتمّ تجنيدهم بشكل رئيسي من بين المهاجرين الباكستانيين غير الشرعيين الذين يعيشون في إيران، لكن بعد سيطرة الجيش الحر على سوريا فإنّ أماكن  تواجد تلك الميليشيات وأعدادهم أصبحت غير معروفة.

وأكدت الدراسة أنّ خريطة الجماعات المتطرفة في سوريا متغيرة، ويرجع السبب إلى التحولات السياسية منذ بداية الصراع في سوريا منذ 2011، حتى الإطاحة بالنظام السوري في العام 2024.

وفي النهاية؛ فإنّه من المحتمل أن تسعى إيران للحفاظ على نفوذها في سوريا وبناء علاقات مع "هيئة تحرير الشام"، وقد تسعى تركيا لتعزيز نفوذها في شمال سوريا، وإنشاء مناطق آمنة تحت سيطرتها، وسوف تسعى روسيا لدعم الأطراف أو الجماعات التي تراها متوافقة مع مصالحها الاستراتيجية.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية