"الدواعش" المغاربة في مخيمات سوريا والعراق... برنامج مصالحة لا يلغي المحاذير الأمنية

"الدواعش" المغاربة في مخيمات سوريا والعراق... برنامج مصالحة لا يلغي المحاذير الأمنية

"الدواعش" المغاربة في مخيمات سوريا والعراق... برنامج مصالحة لا يلغي المحاذير الأمنية


07/11/2022

صغير الحيدري

أحيا تقرير لوزارة الداخلية المغربية صدر أخيراً الجدل في شأن مصير المقاتلين المغاربة الذين انضموا في وقت سابق إلى تنظيم "داعش" في سوريا والعراق ومصير أبنائهم الذين يتم احتجازهم في مخيمات.

وراهن المغرب منذ سنوات على مقاربات عدة من أجل معالجة ملف العائدين من بؤر التوتر فتم إطلاق برنامج مصالحة مع تأهيل المئات من هؤلاء، لكن لا يزال مصير كثيرين منهم مجهولاً.

تطور في السياسة الرسمية

وكشفت وزارة الداخلية المغربية في تقريرها أن "عدد المحتجزين في مخيمات سوريا والعراق ولدى الأكراد يبلغ 277 شخصاً، من بينهم 65 رجلاً و30 امرأة، إضافة إلى 182 طفلاً و17 طفلاً غير مرفقين بالوالدين".

وأطلق المغرب في العام 2017، برنامجاً للمصالحة تسهر عليه المندوبية العامة للسجون ومؤسسات رسمية أخرى وذلك بهدف قيام المتطرفين بمراجعات فكرية تتيح إعادة دمجهم في المجتمع.

واعتبر الباحث في العلوم السياسية عبد الحكيم بولوز في حديث مع "النهار العربي" أن ''السياسة المغربية في مواجهة "الدواعش" الذين ذهبوا إلى ميادين القتال في العراق وسوريا مرت بمرحلتين:

الأولى مرحلة التجاهل، حيث لم تعترف الدولة المغربية في البداية بأن مواطنيها يتورطون في هذه النزاعات المسلحة".

وأضاف: "كانت السياسة المغربية موجهة بالأساس لمواجهة الاعتداءات الإرهابية الداخلية في 2003، مثلاً في الدار البيضاء، ومن وقتها تبنت الدولة سياسة في مواجهة الإرهابيين من خلال التحري عنهم واعتقال العشرات لأن أحداث 16 أيار (مايو) وقتها فاجأتها". 

ولفت إلى أنه "باتت وقتها الدولة تعتقل كل من له علاقة بهذه الأحداث سواء كان التورط أدبياً أو بالاتصال بالمرجعيات المتطرفة، ومنذ ذلك الحين اهتمت الدولة بمتطرفي الداخل أكثر من متطرفي الخارج".

أما المرحلة الثانية فبدأت "عندما اعتقلت ما يقرب عن 3000 مشتبه بهم وحكمت عليهم بالسجن من 4 سنوات إلى 30 سنة، وبعد هذه المرحلة صارت للدولة استراتيجية في مواجهة هؤلاء".

وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس أصدر عفواً ملكياً لمناسبة ذكرى مولد النبي محمد أخيراً شمل 5 متشددين وخفْض عقوبة 4 آخرين.

وقال بولوز إنه "صدرت إعفاءات في شأن هؤلاء والملك لفت في أحد تصريحاته إلى أن هناك بعض المظلومين الذين يتعين إعادة النظر في ملفاتهم، وأصبحت المحاكم المغربية إثر هذه التصريحات تصدر أحكاماً مخففة".

وأوضح أنه بعد هذه المرحلة اهتمت الدولة المغربية بـ"دواعش الخارج"، و"الأذرع المخابراتية بدأت تتحرك من أجل مراقبة الحدود الوطنية ومجيء هؤلاء إلى المملكة، واستفاد هؤلاء عند رجوعهم بحكم المحكمة المغربية عليهم بالأحكام المعهودة حيث راوحت بين 4 و 5 سنوات واستفادوا من المقاربة الجديدة وخضعوا لبرامج مصالحة حيث تم إطلاق سراح العديد منهم مع إبقائهم رهن المتابعة".

وأكد بولوز أنه "عموماً لا توجد سياسة صريحة معلنة تجاه أبناء "الدواعش"، لكن الثابت أن الملف تحتكره الأجهزة المخابراتية ويعالج في إطار برنامج مصالحة". 

 وبالفعل شدد تقرير وزارة الداخلية على أن "عودة المقاتلين في صفوف التنظيمات الإرهابية في سوريا والعراق وفي الساحل تظل أحد أهم التحديات التي تواجهها بلادنا"، لافتاً إلى أن "هؤلاء المقاتلين يسعون إلى التسلل إلى بلدانهم الأصلية بغية تنفيذ عمليات إرهابية تساهم في استهداف الاستقرار وتعطيل الحركة الاقتصادية".

ويعكس ذلك إدراك السلطات المغربية الخطورة التي يمثلها العائدون من بؤر التوتر، ويطرح تساؤلات بشأن طريقة التعامل معهم. 

ردع وإدماج

أعاد الاعتداء الذي طاول سائحتَين اسكندينافيتين في إمليل في 15 كانون الأول (ديسمبر) من العام 2019 إحياء الجدل بشأن الإرهاب في المغرب ومدى نجاح السلطات في إحراز تقدم في مواجهته.

وتُشير الأرقام الرسمية التي تقدمها الأجهزة المغربية الى القبض على ما لا يقل عن 3500 شخص منذ العام 2003 وذلك بعد التفجيرات التي شهدتها الدار البيضاء، فيما تُقدر تلك الأجهزة عدد المغاربة الذين انضموا إلى تنظيمات متطرفة في سوريا، التي تشهد حرباً أهلية منذ العام 2012، بـ 1300 على الأقل.  

وقال أستاذ القانون العام في جامعة القاضي عياض في مراكش محمد الغالي، إن "المقاربة المغربية في هذا المجال قائمة على مجموعة من الإجراءات التي تراوح بين الردع والمواكبة الإيجابية المؤسسة على الإدماج وإعادة الإدماج، ففي هذا السياق قامت إدارة السجون وإعادة الإدماج المغربية بإعداد برنامج تأهيل وإعادة إدماج السجناء في قضايا الإرهاب منذ سنة 2017 حيث استفاد 239 سجيناً من هذا البرنامج". 

وأضاف الغالي في تصريح الى "النهار العربي": "تفيد مجموعة من التقارير المهتمة بتتبع جغرافية توزع المقاتلين وذويهم من المنتسبين إلى "داعش" بأن عدد الأسرى المغاربة يقدر بحوالي 277 معتقلاً، 65 رجلاً و30 امرأة و182 طفلاً بمثابة مقاتلين موالين لـ"داعش" في مخيمات بسوريا والعراق".

وأكد أنه "استفاد من برنامج مصالحة في للعام 2022، 32 سجيناً يمثلون مختلف التوجهات الفكرية المتطرفة"، مشيراً إلى أن "هذه البرامج للمواكبة والمصالحة تتوج بإمكان العفو الملكي بناء على تقييم لسلوك سجناء الإرهاب الذين يستطيعون تحقيق تحول على مستوى أفكارهم قبل وبعد الإفراج عنهم، وطريقة اندماجهم داخل المجتمع".

وفسر الغالي بالقول إن "من الإجراءات كذلك قرار المملكة المغربية إعادة زوجات وأطفال مقاتلي "داعش" المغاربة إلى بلدهم وهم نحو 700 امرأة وطفل عالقين في سوريا، بينهم 391 قاصراً". 

وشدد على أنه "تم اعتبار الزوجات مرافقات بنية مصاحبة أزواجهن وليس بنية القتال. وقد عملت في هذا السياق مجموعة من المنظمات الحقوقية المغربية التي اعتبرت هؤلاء ضحايا ولسن فاعلات في الفعل الإرهابي مع أطفالهن".

عن "النهار العربي"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية