حكومة باشاغا باتت أمراً واقعاً، فكيف سيتصرف الدبيبة؟

حكومة باشاغا باتت أمراً واقعاً، فكيف سيتصرف الدبيبة؟


02/03/2022

صغير الحيدري

منح البرلمان الليبي الثلاثاء الثقة لحكومة رئيس الوزراء المكلف فتحي باشاغا، في خطوة تعني أن حكومته باتت أمرا واقعا وأن التساؤلات تتمحور كلها حول الطرق التي سيسلكها رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة للتصدي لذلك.

وحصلت التشكيلة الوزارية المقترحة من باشاغا والتي تتألف من 35 حقيبة وزارية على تصويت 92 نائبا من أصل 101 كانوا حاضرين، بحسب تصويت بثه التلفزيون الليبي على الهواء.

وكان التصويت مقررا في الأصل الاثنين، غير أن أعضاء البرلمان لم يتمكنوا من الموافقة على قائمة حكومة باشاغا إلا الثلاثاء بعد مشاورات حول حقائب وزارية على غرار الدفاع والداخلية ونائب رئيس الوزراء عن إقليم فزان (الجنوب).

وقال باشاغا إن حكومته سوف تستلم مهامها من طرابلس بشكل سلمي وآمن، موضحا في كلمة مصورة نشرها عبر صفحته على فيسبوك، “باشرنا بإجراء التدابير القانونية والإدارية، واتصلنا بجميع الجهات الأمنية والعسكرية، ولدينا ترتيبات معهم، وستكون عملية التسليم بشكل سلس وآمنة ودون أي مشكلة”.

وباتت حكومة باشاغا بذلك أمرا واقعا، فيما يسود الترقب موقف الدبيبة النهائي إزاء هذا التصويت وما إذا كان سيسلم السلطة أم أنه سيتشبث بها بما يهدد بعودة حكومتين متنافستين في البلاد على غرار حكومة الوفاق السابقة عندما كانت في تنافس مع الحكومة المؤقتة المتمركزة شرق البلاد.

وترى أوساط سياسية ليبية أنه لم يعد أمام الدبيبة من خيار سوى تسليم السلطة لباشاغا من أجل تجنب البلاد دخول متاهات صراع مسلح آخر أو انقسام مؤسساتي وسياسي سيفاقم الأزمة الحالية.

وقال النائب في البرلمان علي التكبالي إن “البرلمان بتصويته الثلاثاء أنقذ البلاد من الانقسام، أحيي النواب الذين ركبوا فوق ذواتهم وحافظوا على بلدنا من الانقسام”.

وتابع التكبالي في اتصال هاتفي مع “العرب” أنه “يجب على الدبيبة أن يرضخ لهذا الحدث وأن يوافق على تسليم السلطة وإلا فإنه سيخسر كل شيء ولن يكتب التاريخ له غير أنه كان من المعرقلين، وليس له من بد إلا أن يترك هذا التعنت والحركات الصبيانية”.

وأوضح البرلماني الليبي أنه “إذا كان الدبيبة يريد البقاء معززا مكرما في بلده فعليه تسليم السلطة وإلا فإنه سيدخل في سجل أولئك الذين لا يريدون لهذا البلد أن يستقر، نتمنى أن يوفق الدبيبة إلى طريق الخير والصواب ويجلس مع باشاغا وينسى الخصومات ويقدم له التهنئة ليكون ساهم في إنقاذ ليبيا”.

وجاءت خطوة البرلمان في أعقاب تراجع من المجلس الأعلى للدولة الاستشاري على اتفاقه مع البرلمان حيث صوت في جلسة أخيرا على رفض قرارات مجلس النواب لتعيين باشاغا وتعديل الإعلان الدستوري.

ومؤخرا اعتبر رئيس مجلس الدولة، الذي يسيطر عليه الإسلاميون، خالد المشري أن التشكيلة الوزارية التي قدمها باشاغا تعتبر مكافأة لمن أسماهم بالمعتدين على العاصمة طرابلس دون أن يوضح أسماء هؤلاء. والثلاثاء قال رئيس مجلس الدولة السابق عبدالرحمن السويحلي إن كل ما صدر عن البرلمان في إشارة لتزكية حكومة باشاغا باطل.

وأضاف السويحلي في تغريدة عبر حسابه على تويتر “انتهت المسرحية الهزلية لبرلمان عقيلة بقفزة أخرى في الهواء هي والعدم سواء، فضلا عن التزوير والتلاعب الفاضح الذي شابها”، موضحا “كل ما صدر عن برلمان عقيلة بشأن صفقة خليفة حفتر – باشاغا هو باطل ومخالف للإعلان الدستوري والاتفاق السياسي، وبالتالي حكومة الوحدة الوطنية باقية حتى إجراء انتخابات يونيو القادم”.

وسارع الدبيبة إلى رفض تسليم السلطة، حيث اتهمت حكومته في بيان صدر بعد انتهاء الجلسة البرلمانية بأقل من ساعتين رئاسة البرلمان بالتزوير.

وقال البيان “تابع الليبيون التزوير في العدّ الذي كان واضحا بالدليل القطعي على الشاشة، حيث لم يبلغ العدّ النصاب المحدد من قبل المجلس لنيل الثقة، على الرغم من عدم وضوح صورة منح الثقة”.

ومن جهته، قال المحلل السياسي الليبي كمال المرعاش إن حكومة الاستقرار برئاسة باشاغا سوف تتسلم السلطة قريبا، وسوف تعمل من طرابلس، ولن يستطيع الدبيبة، القيام بالمزيد من التعنت للاستمرار في منصبه.

وشدد المرعاش لـ”العرب” على أن “الحكومة ستتسلم السلطة خصوصا بعد خسارة الدبيبة آخر ورقة لعب بها وهي محاولته “إفساد” والتشويش على جلسة منح الثقة والتي هدد بها قبل يوم من انعقاد الجلسة، وأعتقد أن هناك 3 أسباب رئيسية ستجبر الدبيبة على التسليم”.

وأوضح “أولا فقدانه (الدبيبة) للدعم الدولي والإقليمي، حيث تشير كل التحركات الأخيرة لمستشارة الأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني ويليامز والسفير/ المبعوث الأميركي ريتشارد نورلاند إلى دعم خيار البرلمان، ثانيا فشل الدبيبة في إحداث مظاهرات شعبية واسعة لتأييده، ثالثا في حالة اختياره للمواجهة العسكرية، فهو من سيكون الخاسر الأول فيها، لأن المجموعات المسلحة في مصراتة وفي الغرب الليبي والموالية لرئيس الحكومة الجديد، هي أكثر عددا وعتادا، ولن يجرؤ الدبيبة على جر مصراته مدينته إلى حرب بين مكوناتها”.

عن "العرب" اللندنية

الصفحة الرئيسية