جماعة الإخوان المسلمين في بريطانيا: منظماتها وأموالها وعلاقاتها

جماعة الإخوان المسلمين في بريطانيا... منظماتها وأموالها وعلاقاتها

جماعة الإخوان المسلمين في بريطانيا: منظماتها وأموالها وعلاقاتها


30/12/2023

ما تزال بريطانيا منذ عقود ملاذاً آمناً لعناصر جماعة الإخوان المسلمين، المصنفة في الكثير من الدول تنظيماً إرهابياً، وكانت منذ إنشاء أول فرع لها في لندن في نهاية خمسينات القرن الماضي محطة انطلاق نحو دول أوروبية أخرى.

ووفق دراسة نشرها المركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب والاستخبارات، يرتبط الإخوان المسلمون في بريطانيا بمنظومة مهمة للغاية من المصالح، التي ترتبط بأمور سياسية وأمنية واجتماعية، جعلت لهم أهمية كبرى لدى الحكومات المتعاقبة، ويتم ذلك من خلال نظام مؤسسي محكَم، يشمل منظومة من الجمعيات، وصلت إلى ما يقارب (60) منظمة داخل بريطانيا.

وتنامى حجم الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة لجماعة الإخوان في بريطانيا، وتشير التقديرات إلى أنّ تنظيم الإخوان المسلمين يمتلك ثروات مالية تتراوح بين (8 ـ 10) مليارات دولار. وقد حصلت شركات الإخوان المسلمين ومؤسساتها على الوضع القانوني، ويرجع ذلك إلى تخوف بريطانيا من أن تتحول أنشطة الجماعة إلى النشاط السري لضرب المصالح البريطانية وتهديد أمنها.

ومن أبرز قيادات الإخوان في بريطانيا: إبراهيم منير الذي شغل منصب القائم بعمل المرشد، وكان يشغل منصب المتحدث باسم الإخوان فى أوروبا منذ عام 1982، كما أنّه أحد مؤسسي منتدى الوحدة الإسلامية (IUF) ومقره لندن.

ومحمود الإبياري، الأمين العام المساعد للتنظيم الدولي للإخوان في لندن، الذي يتولى مسؤولية المجموعة البريدية للجماعة، وكان يشرف على نقل التعليمات والتكليفات الواردة من المرشد العام أو القائم بأعمال المرشد إلى باقي قيادات الإخوان عبر مجموعة بريدية خاصة تضم دائرة ضيقة ومحدودة من القادة، وتشير معلومات إلى أنّه يشغل منصب الأمين العام للتنظيم الدولي خلفاً لمنير.

إبراهيم منير

وعصام الحداد، وهو عضو سابق فى منظمة الإغاثة الإسلامية وشريك مؤسس للهيئة، ويُعدّ من أكبر مسؤولي وقيادات الإخوان، إلى جانب محمد سودان، أمين لجنة العلاقات الخارجية بجماعة الإخوان المقيم أيضاً في لندن.

ولفت المركز الأوروبي إلى أنّ الجماعة تمتلك (60) مؤسسة داخل بريطانيا، بينها منظمات خيرية وهيئات فكرية وقنوات تلفزيونية، أبرزها الرابطة الإسلامية في بريطانيا(MAB)  ومنظمة الإغاثة الإسلامية في بريطانيا، والمجلس الإسلامي في بريطانيا (MCB) والصندوق الفلسطيني للإغاثة والتنمية، ومؤسسة قرطبة  (TCF) ويديرها أنس التكريتي، المتحدث الرئيسي باسم لوبي جماعة الإخوان المسلمين في بريطانيا، رغم أنّه يدّعي أنّه ليس عضواً فيها. وفي شهر آب (أغسطس) 2014 أغلق بنك إتش إس بي سي (HSBC) الحساب المصرفي للتكريتي، فضلاً عن حسابات أقاربه ومؤسسة قرطبة، حسبما جاء في الـ (غارديان). 

(60) منظمة تابعة للإخوان داخل بريطانيا تتراوح ثروتها المالية بين (8 ـ 10) مليارات دولار

واستعرض المركز معلومات مهمّة تتعلق بجماعة الإخوان وردت في تقارير للاستخبارات البريطانية، وأكدت مراجعة مهمة لبرنامج (بريفينت) الحكومي (Prevent) لمكافحة التطرف في بريطانيا، في 29 كانون الأول (ديسمبر) 2022، أنّ أموال دافعي الضرائب البريطانيين استُخدمت "لتمويل جماعات تروّج للتطرف، بالكشف عن شخصيات بارزة تعمل في منظمات يموّلها البرنامج، يشتبه بأنّها دعمت حركة (طالبان)، ودافعت عن جماعات متشددة محظورة في المملكة المتحدة، واستضافت دعاة يروّجون لـ "خطاب الكراهية"، وفقاً لوثيقة مسربة نقلتها صحيفة الـ (غارديان).

ووفقاً لتصريحات منسق مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي جيل دي كريترشوف، يُقدّر عدد النشطاء الإسلاميين المقيمين في بريطانيا بنحو (25) ألفاً، ووجود الإسلاميين في المملكة المتحدة أعلى من أيّ دولة أخرى في القارة الأوروبية، إلى حدّ تسمية لندن من قبل خبراء المخابرات الفرنسية ومكافحة الإرهاب باسم "لندنستان"، وفق ما أورده المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات.

وتمتلك جماعة الإخوان المسلمين علاقة وثيقة مع عدد من الأحزاب البريطانية، من بينها حزب العمال واليساريين، وتشمل أيضاً حزب المحافظين، الذي يُصنف على أنّه يميني.

يُقدّر عدد النشطاء الإسلاميين المقيمين في بريطانيا بنحو (25) ألفاً، ووجودهم أعلى من أيّ دولة أخرى في أوروبا

وتشير تقارير صحفية بريطانية إلى أنّ حزب المحافظين لديه علاقات قوية مع جماعة الإخوان، التي ساعدت الحزب في العديد من الجولات الانتخابية من خلال حشد الناخبين المسلمين لانتخاب مرشحي الحزب.

وأشار المركز الأوروبي إلى أنّ التخوفات على مستقبل الجماعة دفعها إلى تبنّيها استراتيجية حشد مبنية على "استغلال الدين والعِرق"، من خلال تحفيز كافة المسلمين في بريطانيا ـوليس الإخوان فقطـ على المشاركة السياسية وتحقيق نسبة مشاركة كبيرة تعكس قوة الوجود الإسلامي في البلاد، وهذه الرؤية تبنّاها المجلس الإسلامي في بريطانيا الذي له علاقات مع جماعة الإخوان، وهو يُعدّ أكبر منظمة إسلامية في بريطانيا تضم أكثر من (500) منظمة إقليمية ومحلية تابعة، بما في ذلك المساجد والجمعيات الخيرية والمدارس.    

محمود الإبياري

وتُقدّر أعداد الجاليات المسلمة في بريطانيا بما يقارب (3) ملايين و(100) ألف مسلم، وعلى الرغم من أنّ المسلمين يشكّلون (5.6%) فقط من السكان، فإنّهم إذا صوّتوا كمجموعة سيكون لديهم القدرة على تحديد من سيصبح نائباً محلياً في (31) دائرة انتخابية تتركز فيها قوى انتخابية مسلمة، ويمكن للمسلمين أن يكون لهم تأثير كبير على نتيجة الانتخابات، وهو ما يفسر سرّ العلاقة بين الجماعة وحزب العمال والمحافظين، وقدرتها في التأثير عليهما.

ورغم رعاية جماعة الإخوان رسمياً في بريطانيا، إلا أنّها واجهت في الأعوام الأخيرة، وفق الدراسة، العديد من التحقيقات والتدقيق حول أنشطتها المتطرفة والإرهابية داخل أروقة البرلمان، لدفع الحكومة لاتخاذ قرار بحظر جماعات الإسلام السياسي وتنظيم الإخوان والمنظمات الخيرية التابعة له في البلاد، وذلك بعدما أثبتت تقارير اللجان المتخصصة والمعلومات الأمنية المخاطر التي تهدد البلاد من جرّاء هذا التنظيم الذي ينتهج أجندة سرّية تخدم الإرهاب والتطرف، لكن كان مصير هذه التحقيقات دائماً أن تظلّ حبيسة الأدراج، على الرغم من علم الحكومة البريطانية واستخباراتها بهذه النشاطات، بحكم علاقات الحكومة البريطانية الممتدة إلى الأيام الأولى لتكوين جماعة الإخوان المسلمين في مصر.

جماعة الإخوان المسلمين لديها علاقة وثيقة مع عدد من الأحزاب البريطانية، من بينها حزب العمال، وحزب اليساريين، وحزب المحافظين

ورغم انتقاد رئيس الوزراء البريطاني السابق  (بوريس جونسون) لسلوك جماعة الإخوان، واعتباره أنّها "أحد أكثر الأطراف دهاء من الناحية السياسية في العالم الإسلامي"، وأنّه من الخطأ تماماً أن يستغل الإسلاميون الحريات هنا في المملكة المتحدة، إلا أنّ الحكومات اللاحقة لم تحرّك أيّ ساكن للحدّ من نفوذ الإخوان في بريطانيا، وفق ما نقلت صحيفة الـ (غارديان).

أهمّ الجماعات المتطرفة في بريطانيا

يُذكر أنّ بريطانيا تضم، إلى جانب جماعة الإخوان المسلمين، عدداً من الجماعات "الإسلاموية" المتطرفة، أبرزها جماعة أنصار الشريعة التي يتزعمها مصطفى كمال مصطفى، وشهرته "أبو حمزة المصري"، والجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، وهي فرع من فروع الحركة الإسلامية المتطرفة العالمية التي تستقي أفكارها من تنظيم القاعدة، وتضم عبد الحكيم بلحاج وخالد الشريف (حاربا مع القاعدة في أفغانستان) وغيرهما، بالإضافة إلى جماعة المهاجرين البريطانية، ولجنة النصح والإصلاح، ومجموعة (مسلمون ضد الحملات الصليبية).

مواضيع ذات صلة:

بعد خطط بريطانيا بترحيلهم... هل تعيد أوروبا حساباتها تجاه المهاجرين؟

الإخوان في بريطانيا: علاقات متشعبة واستثمارات كبيرة واللعب على وتر الانتخابات

الشبكة الإخوانية في بريطانيا.. توسع رغم الحصار الأوروبي




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية